لقد
آن الأوان لترشيد استهلاك المياه وخفض الفاقد من المياه في شبكة المياه واتخاذ
إجراءَات رادعة، مثل إنذار ومخالفة من يسرف في
استخدام المياه كما تفعل الكثير من
الدول الأوروبية وكما شرعت في ذلك شركة "مياهنا" في الأردن مؤخراً، ولكن
بحياء، وأيضاً منع استيراد صناديق طرد مقاعد الحمام الإفرنجي ذات السعة الكبيرة،
علماً بأن استهلاك هذه الأدوات في المنازل الحديثة يكافئ 40 % من استهلاك المنازل(11). إذ ينبغي تحديد
الحد الأعلى لسعة الخزان، ومراقبة هذه الثروة الوطنية وحمايتها. كما ينبغي النظر
في استيراد الأنظمة التي تعمل على ضغط الهواء بطرد الفضلات.
إن
مجموع هذه الإجراءَات المتمثلة في تحديث شبكة المياه الوطنية التي كان ينبغي أن
تشرع بها شركة ليما في السابق، ولكنها لم تفعل، والأمل معقود اليوم على شركة
"مياهنا"، فضلاً عن التحضير لمشروع وطني لترشيد استهلاك المياه على نحو
ما نفعل اليوم في ترشيد استهلاك الطاقة، وكذلك إعادة استخدام المياه العادمة
للزراعة وتوسيع نطاق مشروعات إعادة استخدام المياه الرمادية من نواتج الاستحمام
والمغاسل والمطابخ في الزراعة، وكذلك استخدام مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة
الشمسية في تحلية المياه السطحية المالحة، أو مياه البحار، كحال العقبة مثلاً التي
يتوافر فيها الغاز الطبيعي اليوم من مصر ويمكنها أن تقوم بتحلية مياه البحر الأحمر
بالطاقة الكهربائية بدلاً من سحب مياه الديسي؛ كل هذه الإجراءَات من شأنها أن تحقق
وفراً في المياه لا تقل في مجموعها سنوياً عن الكمية التي سنحضرها من حوض الديسي
بكلفة حوالى 800 مليون دينار أو أكثر، وذلك تحقيقاً للأمن المائي واستدامة مواردنا
الوطنية للأجيال القادمة.
إن
أحد شروط النجاح هو البدء باعتدال، أي وضع الخطط وإنشاء مكاتب ترشيد للطاقة بطاقم
صغير جداً، ربما لا يزيد عن اثنين من الموظفين في البداية، ونضع لهم خططاً بسيطة
في البداية، وبمرور الوقت يمكن أن يتضخم
عدد المشاركين وتزداد مهماتهم تعقيداً بالتعاون مع لجان فنية عليا متخصصة.
مجابهة
الأسعار المرتفعة لمشتقات النفط والكهرباء والمياه للأبنية القائمة، ولكن التحدي
الأكبر هو التأسيس المنهجي للأبنية الحكومية بحيث لا يسمح رئيس الوزراء باستئجار
أي بناء أو إنشاء أي مشروع
لا يتوافر فيه الحد الأدنى المطلوب من شروط ترشيد
الطاقة. وهذا يستدعي إصدار شهادات للكفاءَة الحرارية للأبنية، كما تفعل ألمانيا،
مثلاً، فتصبح الكفاءَة الحرارية للبناء سمة مهمة من سماته ترفع من قيمته العقارية
أو تخفضها.
إرسال تعليق