هل يجوز التعويض عن الضرر في حال تأخر المدين في السداد سواء كان الدين بين النقدية أو كان دينًا سلعيًا لو كان الاتفاق على أن المدين يسدد بعد ثلاث سنوات مبلغ مائة ألف ريال لكن تأخر في السداد أو كان الاتفاق على أن يورد بضاعة للدائن بعد ثلاث سنوات لكن المدين تأخر في سداده ذلك الدين أو لتلك البضاعة في حينها وتضرر الدائن لذلك فهل يجوز أن يحمل المدين هذا الضرر نقول الضرر لا يخلو من أمرين.
الأمر الأول: ضرر محقق فعلي يعني تبين أنه بالفعل قد ضرر الدائن بتأخر المدين إما أنه تحمل مثلًا رسوم محاماة ومطالبات لدى المحكمة ودفع رسومًا نتيجة ذلك اتصالات بهذا المدين حمل هذا الشخص نفرض أن هذا عقد مقاولة من الباطن وهذا الدائن حمل غرامات من قبل الدولة أو الجهة التي تعاقد معها ابتداءً فهنا نقول هذه الغرامات وتلك الرسوم والمصروفات التي تكبدها بسبب تأخر المدين سواء كان المدين مدين بمبلغ مالي أو كان مدينًا بدين صناعي فلا مانع من أن تحمل هذه الأضرار على المدين لأنها أضرار فعلية حقيقة أما الاحتمال الثاني وهو أن يكون الضرر تقديري وهو ما يعبر عنه الربح الفائت لو كانت هذه الأموال عنده لأخذ هذه الأرباح أو استحق هذه الأرباح فمثل هذا الربح التقليدي لا يلتف إليه ولا يعوض عن الربح الفائت ولا على ما يسمى بالفرصة الضائعة لأنه هذا أمر احتمالي من المحتمل أنه لو جاءته النقود في ذلك الوقت واستثمارها لربما أنه ربح ولربما أنه خسر فلماذا نفترض دومًا أنه أخذ هذه الأموال أو تحصل على هذه البضاعة لربح فيها فمقتضى العدل في مثل هذه الحالات أن ينظر إلى الأضرار الفعلية التي لحقت البائع أو الدائن بسبب تأخر المدين من الأضرار التقديرية هنا الأضرار الفعلية إنما يتحملها المدين أو المتعهد إنما يتحملها إذا كان التأخر بسببه إذا كان التأخر بسببه التزم بأن يسدد الدين في وقت ٍ معين لكن حصل ظرف خارج عن إرادته مثل الأسباب الأجنبية مما يعبر عنه في لغة القانون بالأسباب بالسبب الأجنبي أو قوة قاهرة مثل وقوع مثلًا كوارث طبيعية ونحو ذلك أدت إلى هذا التأخر فمثل هذا النوع من التأخر لا يعد إخلالًا من قبل المدين وإنما هو لظروف خارجة عن قدرته وإرادته فلا يلزمه التعويض في هذه الحال وهذا ما يسمى بمانع المسؤولية العقلية لأن المسؤولية العقلية تقتضي أن الشخص العاقد يلتزم بشروط وأحكام والتعهدات والالتزامات التي في العقد أن يلتزم بها في حينها وهذه المسؤولية العقلية توجب على المتعهد في عدم إلزامه أن يتحمل الأضرار الفعلية لكن الذي يمنع من تحمل الأضرار الفعلية ما إذا كان الإخلال أو عدم الالتزام بالشيء في حينه بسببٍ قهريٍ خارج عن قدرته فلا ضمان عليه في هذه الحال ولا يدخل ذلك ضمن المسؤولية العقلية ولا يجوز للدائن أن يطالبه بالتعويض عن هذا الضرر الذي لحقه بسبب إخلاله بذلك.
 إذًا الخلاصة في مسألة التعويض عن الضرر ينقسم إلى قسمين القسم الأول التعويض عن الأضرار الفعلية التي لحقت الدائن فهذه لا مانع من المطالبة بها ويتحملها المشتري أو المدين بشرط أن لا يكون الإخلال بسبب منه وإنما بشرط أن يكون الإخلال بسبب منه أما إذا كان الإخلال بغير سبب أو لأمر خارج فإنه ليس عليه تعويض في هذه الحال ويدخل ضمن هذه المسألة ما إذا كان المدين معسرًا وصل إلى حد الإعسار بمعنى أنه افتقر ولا يستطيع أن يسدد الدين الذي عليه فالله سبحانه وتعالى أوجب في هذه الحال الإنظار لقول تعالى { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ }[البقرة:280]. ولا يجوز للدائن في هذه الحال أن يطالبه أو أن يحمله فوائد أو غرامات بسبب هذا التأخر لأن هذا يدخل ضمن موانع المسؤولية لكون هذا التأخر ليس بسببه وليس بتقصير منه النوع الثاني من التعويض التعويض عن الأضرار التقديرية أو الربح الفائت أو الفرصة الضائعة فهذا لا يجوز فيه التعويض وإنما يعني التأخر في هذه الحال يجبر بالتعويض عن الأضرار الفعلية فقط  إذًا هذه هي الخلاصة في انتهاء عقود المرابحات أنها تنتهي إما بسداد المبلغ في حينه أو بالسداد المبكر قبل حينه لو حصل تأخر في السداد بينا أحكام هذا التأخر وأنه يوجب التعويض عن الأضرار الفعلية دون الأضرار التقديرية وأن الأضرار الفعلية إنما يجب التعويض عنها إذا كان الإخلال بسبب من المدين لتقصيره بمطالته ونحو ذلك أما إذا كان لسبب أجنبي أو لإعسار فإنه لا تعويض فيه وبهذا نكون قد أنهينا الحديث عن انتهاء عقود التمويل سواء المرابحات أو المشاركات أو الإيجارات.

Post a Comment

أحدث أقدم