مناهج النفس في العقيدة التثبيت  والتدعيم
وهذا ما تقول به المدرسة السلوكية، فإن علماء النفس إذا تحققوا من نجاح المعالجة السلوكية، فإنهم يعملون على تدعيمها وتثبيتها بالمفاهيم السلوكية، بالمداومة والتكرار وقد يكون الترهيب والترغيب والمكافأة والجزاء من أسباب التدعيم في النفس البشرية.
 التثبيت والتدعيم النفسي هو من أصول منهج القرآن، في علاج النفس البشرية، وأسبابه كله بيد الله سبحانه،وهذا ما يؤكده قول الله سبحانه:
(يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)(إبراهيم:27)
ويعتبر هذا المنهج من الأسس السلوكية في تدعيم الاطمئنان في النفس البشرية بالقرآن نفسه:
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(الرعد:28)
والقرآن الكريم من أسمى غاياته تثبيت الإيمان وتدعيم الاطمئنان ومن أراد أن يحيط بهذا المعنى وهذا المنهج فليسترجع القرآن كله، حتى يحيط ببعض ما يصل إلى النفوس من تثبيت وتدعيم بمنهج الخالق سبحانه.
ولعل أوضح تثبيت للإيمان في النفس، هو تثبيت الإيمان في نفوس شباب أهل الكهف، هؤلاء الذين هربوا بدينهم من تعسف حكامهم فكانت عناية الله بهم وتثبيته لهم، وتدعيم نفوسهم حتى قبضهم إليه يقول سبحانه :
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى {13} وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَا مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً)(الكهف:13-14)
ومن الأمثلة المماثلة تثبيت المؤمنين في غزوة بدر، وكانوا أحوج ما يكونون إلى هذا التدعيم الرباني، بعد أن ملأ الخوف قلوبهم على الدعوة وعلى نبيهم ، وبعد أن رأوا تفوق جيش الكفار من أهل مكة يقول سبحانه:
(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ)(الأنفال:11)
ويقول سبحانه :
(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الملائكة أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ)(الأنفال:12)
ويقول سبحانه:
(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الملائكة مُرْدِفِينَ {9} وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(الأنفال:9-10)
والحقيقة أن أمثلة التدعيم والتثبيت كثيرة ووفيرة في المنهج القرآني وإذا أخذ علماء المدرسة السلوكية بعض ما يحتاجون إليه منه  فيبقى منهج الخالق هو الأساس الثابت، والعلم كله لله سبحانه:
(وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)(الإسراء:85)
لأن المنهج السلوكي كما قلت أبعد مدى من علوم البشر وإذا كنا نشير إليه، فإنما هي تذكرة لمن يريد أن يتدبر آيات الكتاب فهي تحتوي أساس العلم وكنوزه الأصيلة وربنا سبحنه يعطي كل متدبر على قدره، لا يحرم أحداً من فضله ولا من فضل عطائه يقول سبحانه:
(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)(القمر:17)

Post a Comment

Previous Post Next Post