ظهور القصص
العلمية
تطلع
الانسان منذ ازمان بعيدة الى الظواهر الكونية من حوله حيث الكواكب والاجرام
السماوية وغيرها واطلق لخياله العنان يسبر غور هذه الاجواء البعيدة محاولا معرفة
اسرار الطبيعة ولما لم يستطع معرفة تلك الاسرار راح ينسج حولها الخرافات والاساطير
محاولا كشف الغوامض من حوله والوقوف على الاسرار التي تجري في محيطه، واحتواء
الطبيعة، ولكن منذ القرن اتاسع عشر وبعد النهضة العلمية التي شهدها العالم في جميع
المجالات بدأت الحقائق العلمية دورها في تفسير الظواهر الطبيعية وبرز الى الوجود
ادب جديد هو الادب العلمي الخيالي، الذي يتخذ من الظاهر العلمية ارهاصات نحو
الاكتشافات العلمية الجديدة والتنبؤ بها وانعكاسات ذلك كله على عالم المستقبل
ومصير لانسان كأساس ترتكز عليه الحوادث حيث انه درب من الخيال يصور المستقبل من
وجهات نظر علمية مختلفة[1].
وهكذا
ظهرت الحاجة الى هذا اللون من القصص في زمن تصارعت فيه العقول لتصل الى ما في
الكون من حقائق. واتجه المؤلفون الى القصص العلمي ليتحققوا التلاؤم ما بين ما
يقدمون واتجاهات العصر وليمهدوا سبيل العلم امام الناشئين حتى يتابعوا في المستقبل
مسيرة الكشف والاختراع ويحققوا للانسان سعادته[2].
ولقد
اتجهت موضوعات هذا النوع من القصص الى استخدام الرمز لعرض مظاهر من الطبيعة
والتاريخ الطبيعي او الحقائق الجغرافية او سمات النباتات لاثارة اهتمام الاطفال
العلمي وتزويدهم بالثقافة العلمية بطريقة شيقة[3].
وفي
هذه القصص نجد الانسان الآلي يخضع لانسان خارق من سكان الارض او احد الكواكب
كالمريخ او غيره فيؤدي كثيرا من الاعمال التي لا يقوى عليها الانسان البشري وربما
انطلقت جيوش الآليات لتحارب سكان الارض او سكان الكواكب الاخرى او تتصدى للدفاع عن
اهل الكواكب التي تنتمي اليه[4].
ولقد
كتب الروائي الفرنسي جيون فيرن (1928-1905)،
عدد في الروايات عن رحلات خيالية ضمن اطار علمي في جو من التنبؤات تخطى بها حدود
العلوم المعروفة في عصره، منها: خمسة اسابيع في بالون، رحلة الى باطن الارض، رحلة
من الارض الى القمر، اعماق المحيط، كما كتب اكثر من مائة المؤلفات التي يتخيل فيها
مشاهد من بعض الرحلات برا وبحرا وجوا وفي جوف الارض وتحت سطح الماء وفي اعماق
الفضاء، وتبدأ بكثير من المخترعات الحديثة مثل الطائرة والعوامة والمدفع الذري
والسينما والتلفزيون. وكثير غيرها من تنبؤات هذا الكاتب التي اصبحت امرا واقعا في
يومنا هذا.
وفي
عام 1986 اصدر الكاتب الروسي فيدروف كتابا عن الملاحة بين
الكواكب واصدر (تسيولونسكي 1857-1935) عدة مؤلفات من هذا النوع منها كتاب "فوق
القمر"، وقصة "خارج الارض" وفيها يسافر
ابطاله على ظهر سفينة
صاروخية الى الفضاء.
وشهد
منتصف هذا القرن ازدهار الخيال العلمي واسهم في ذلك عدد ممن تهيأ لهم نصيب من
الثقافة العلمية وبعضهم من العلماء والاساتذة واكثر تلك القصص تتناول المستقبل و
تصورات العلماء عن المستقبل في عصر العلم وابتكاراته المختلفة[5].
اذا
لقد شهد ادب الخيال العلمي خلال عمره القصير نسبيا ثلاث احقاب متمايزة[6].
الاولى
منها تشمل الطلائع او الاجداد الذين ظهروا قبل القرن العشرين ثم الكلاسيكيين الذين
برزوا مع اوائل القرن الحالي وتمثل هذه الحقبة ظهور التجارب الاولى في ادب النوع
ولعل جول فيرن وويلز هما ابرز ادبائها.
اما الحقبة
الثانية فقد ولدت في الولايات المتحدة الامريكية في الثلاثينات ولم يتخل الكتاب في
هذه المرحلة عن العوالم التي صنعها كلاسيكيو هذا النوع لكن المعالجة هي التي تغيرت،
فهذا يعني ان الخيال العلمي دخل مرحلة الصبا فهو قد مكن انسان القرن التاسع عشر من
قبول المتغيرات الفخمة التي سيجلبها معه العالم الجديد.
ومن
هذه المرحلة فصاعدا اصبح هذا الجانب اكثرهم اصالة في تيار الافكار واكثرهم اثارة
للعقل ومن ابرز كتاب هذه المرحلة الدوس هكسلي، جون كامبل، كارك تشابك.
اما الحقبة
الثالثة للخيال العلمي فسوف تنبع من هذا التيار وبها يدخل هذا الادب مرحلة النضج
ونجد الكتاب يحلقون بخيالاتهم الى آفاق من الصعب تخيلها من قبل الجهلاء باسراره
وقد سعى الادباء في العثور على ارض للتأمل العلمي والايدولوجي والسياسي والثقافي
في آن واحد تتلاقى او تتقاطع في غالبيتها بالرغم من ظاهرها مع الاهتمامات المعاصرة
العظمى وهذه المرحلة قد وجدت المئات من الفرسان الذين غيروا تماما مسيرة الخيال
العلمي.
ومن
اهم هؤلاء الادباء ارثر كلارك، اسحاق ازيموف، برادبوري، هارى هاريسون واخرون[7].
بعض
الشروط التي يجب مراعاتها عند كتابة هذا اللون من القصص:
- يجب ان يراعي المؤلفون في هذا اللون من القصص
الاقتصار على الحقائق التي لا جدال حولها او حول صحتها وهذا الامر ليس هينا فكثير
من حقائق العلم قد يصبحها تقدم او نمو وربما تغير شامل[8].
- ان يلاحظ المربون ان هذا اللون من القصص لا
يلائم الاطفال الا بعد ان يصلوا الى مرحلة في النمو والمعرفة يهيىء لهم ادراك ما
تتضمنه هذه القصص من حقائق العلوم وربما لا يتسنى لهم ذلك الا في الطفولة المتأخرة[9].
إرسال تعليق