كما أثر ترشيد النفقات على التعليم بشكل سيء حيث لاتستطيع المؤسسات التعليمية تسيير نفسها بنفسها لانعدام الإمكانيات المادية والمالية والبشرية، فحتى التسيير في إطار نظام Sigma لم يتحقق على مستوى الميدان وأصبح شعارا نظريا طموحا ينتظر التفعيل الميداني. ولقد قدمت المغادرة الطوعية في مجال التربية والتعليم تصورا سيئا عن سياسة الترقيع والمحسوبية والارتجال العشوائي والتفريط في الكفاءات الوطنية ولاسيما الجامعية منها استجابة لقرارات البنك الدولي الذي يستهدف تركيع المغرب وإذلاله وإفقاره من الكوادر والأطر الوطنية لأسباب في نفس يعقوب من أجل منحه حفنة من القروض لتدبير أموره الاستعجالية، وهذه السياسة لاتتلاءم أصلا مع مبادئ الميثاق الوطني وتوجيهاته في الشفافية و الديمقراطية وترشيد النفقات والتأهيل الجيد والتسلح بالروح الوطنية والأخلاقية وتحقيق الجودة. وأخاف كثيرا من تحول الميثاق الوطني إلى شعارات موسمية ومناسباتية وسياسية إيديولوجية وشكليات بيروقراطية لاعلاقة لها بالواقع العملي والتنفيذي و لاصلة له بجوهر الإصلاح كما يظهر لنا ذلك جليا من خلال الواقع العملي وواقع المنتديات التربوية الإصلاحية التي تسهر الوزارة المعنية على تفعيلها مركزيا وجهويا ومحليا وعلى صعيد المؤسسات ولكن بدون أهداف تذكر( مشروع الإصلاح- مشروع المؤسسة- مفهوم الجودة والارتقاء- الشراكة التربوية....)، كما أن هذه المنتديات الإصلاحية النظرية تتغير مفاهيمها الإصلاحية من سنة إلى أخرى بشكل عشوائي و ارتجالي سريع دون التأكد منها تطبيقيا وعمليا. وحتى إن خرجت هذه المنتديات- التي تشتغل على هامش الميثاق الوطني- بقرارات ومذكرات ومنشورات وزارية ومطبوعات فإنها تبقى حبرا على ورق لانعدام الموارد المادية والمالية والبشرية وتعقيد المساطير الإدارية والقوانين التشريعية والتنظيمية كما يبدو واضحا في تطبيق مشروع المؤسسة والشراكة التربوية وتحقيق الجودة البيداغوجية.وأتمنى في الأخير ألا يبقى الميثاق الوطني ميثاقا نظريا مسطرا في المذكرات والمنشورات الوزارية و ملخصات المنتديات واللقاءات التربوية وموضوعا بين دفتي الكتب والدراسات التربوية النقدية والإصلاحية و مطروحا فوق رفوف المكتبات وأرشيف المكاتب الإدارية والتربوية، بل لابد أن يفعل ميدانيا ويتم إنجازه عمليا وتنفيذه إجرائيا والتحقق منه تقويما وتتبعا من دعامة إلى دعامة ومن مجال إلى آخر.

Post a Comment

أحدث أقدم