شروط قبول راوي الحديث
بما أن حديث رسول
الله صلي الله عليه وسلم يصلنا عن طريق الرواة فهم الركيزة الأولي في معرفة صحة الحديث
أو عدم صحته ، لذلك اهتم علماء الحديث بالرواة ،وشرطوا لقبول روايتهم شروطاً دقيقة
محكمة تدل على بعد نظرهم وسداد تفكيرهم ، وجودة طريقتهم .
وهذه الشروط التي
اشترطوها في الراوي ،والشروط الأخرى التي اشترطوها لقبول الحديث والأخبار، لم تتوصل
إليها أي ملة من الملل حتى في هذا العصر الذي يصفه أصحابه بالمنهجية والدقة ، فإنهم
لم يشترطوا في نقلة الأخبار الشروط التي اشترطها علماء المصطلح في الراوي ، بل ولا
أقل منها ، فكثير من الأخبار التي تتناقلها وكالات الأنباء الرسمية لا يوثق بها ولا
يركن إلى صدقها . وذلك بسبب رواتها المجهولين " وما آفة الأخبار إلا رواتها وكثيراً
ما يظهر عدم صحة تلك الأخبار بعد قليل.
2- شروط قبول الراوي:
أجمع الجماهير من
أئمة الحديث والفقه أنه يشترط في الراوي شرطان أساسيان هما:
أ) العدالة: ويعنون بها أن يكون الراوي : مسلماً
ـ بالغاً ـ عاقلاً ـ سليماً من أسباب الفسق ـ سليماً من خوارم المروءة .
ب) الضبط : ويعنون به أن يكون الراوي ، غير مخالف
للثقات ولا سيء الحفظ ـ ولا فاحش الغلط ـ ولا مغفلاً ـ ولا كثير الأوهام .
3- بم تثبت العدالة ؟
تثبت العدالة بأحد
أمرين .
أ) إما بتنصيص مُعَدِّليْن عليها، أي أن ينص علماء
التعديل أو واحد منهم عليها .
ب) وأما بالاستضافة والشهرة ، فمن اشتهرت عدالته
بين أهل العلم ، وشاع الثناء عليه كفى ، ولا يحتاج بعد ذلك إلى مُعَدَّل ينص عليها
، وذلك مثل الأئمة المشهورين كالأئمة الأربعة والسفيانين والأوزاعي وغيرهم .
4- كيف يُعْرَف ضبط الراوي ؟
يعرف ضبط الراوي
بموافقته الثقات المتقنين في الراوية ، فان وافقهم في روايتهم غالباً فهو ضابط ، ولا
تضر مخالفته النادرة لهم ، فان كثرت مخالفته لهم اختل ضبطه ، ولم يُحْتَجَّ به.
5- هل يُقبل الجرح والتعديل من غير بيان ؟
أ) أما التعديل فيقبل
من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور، لأن أسبابه كثيرة يصعب حصرها، إذ يحتاج المُعَدِّل
أن يقول مثلا: لم يفعل كذا، لم يرتكب كذا، أو يقول: هو يفعل كذا، ويفعل كذا وهكذا....
ب) أما الجرح فلا
يقبل إلا مفسَّراً لأنه لا يصعب ذكره لأن الناس يختلفون في أسباب الجرح، فقد يجرح أحدهم
بما ليس بجارح ، قال ابن الصلاح " وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله ، وذكر الخطيب
الحافظ أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده مثل البخاري ومسلم وغيرهما ، ولذلك احتج
البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة وعمرو بن مرزوق واحتج مسلم بسُوَيْد بن
سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم ، وهكذا فعل أبو داود . وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى
أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه "
6- هل يثبت الجرح والتعديل بواحد ؟
أ) الصحيح أنه يثبت
الجرح والتعديل بواحد.
ب) وقيل لا بد من
اثنين .
7- اجتماع الجرح والتعديل في راو واحد :
إذا اجتمع في راو
الجرح والتعديل.
أ) فالمعتمد أنه يقدم الجرح إذا كان مفسَّرا.
أ) وقيل إن زاد عدد المُعَدِّلِيْنَ على الجارحين
قُدّمَ التعديل وهو ضعيف غير معتمد .
8- حكم رواية العَدْل عن شخص :
أ) راوية العدل عن
شخص لا تعتبر تعديلا له عند الأكثرين وهو الصحيح ، وقيل هو تعديل.
ب) وعمل العالم وفُتْيَاهُ
على وفق حديث ليس حكماً بصحته ، وليس مخالفته له قدحاً في صحته ، ولا في روايته ، وقيل
بل هو حكم بصحته ، وصححه الآمدي وغيره من الأصوليين، وفي المسألة كلام طويل .
9 - حكم رواية التائب من الفسق :
أ) تقبل رواية التائب
من الفسق .
ب) ولا تقبل رواية
التائب من الكذب في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم.
11- حكم رواية من عُرِفَ بالتساهل أو بقبول التلقين
أو كثرة السهو.
أ) لا تقبل رواية
من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه كمن لا يبالي بالنوم وقت السماع، أو يحدث من أصل
غير مُقَابَل.
ب) ولا تقبل رواية
من عرف بقبول التلقين في الحديث، بأن يُلَقَّنَ الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه
من حديثه.
ج) ولا تقبل رواية
من عُرف بكثرة السهو في روايته.
12- حكم رواية من حَدَّثَ ونَسِيَ :
أ) تعريف من حدث
ونسي: هو أن لا يَذْكُرَ الشيخ رواية ما حدث به تلميذُه عنه.
ب) حكم روايته :
1- الردُّ : إن نفاه نفياً جازماًَ ، بأن قال :
ما رويتُه ، أو هو يكذب عليَّ ، ونحو ذلك.
2- القبول : إن تردد في نفيه ، كأن يقول : لا أعرفه
أو لا أذكره ، ونحو ذلك .
ج) هل يعتبر رد الحديث
قادحاً في واحد منهما ؟ لا يعتبر رد الحديث قادحاً في واحد منهما، لأنه ليس أحدهما
أولي بالطعن من الآخر.
د) مثاله : ما رواه
أبو داود والترمذي وابن ماجة من رواية ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن سُهَيل بن أبي صالح
عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قضي باليمين مع الشاهد
" قال عبدالعزيز بن محمد الدَّراوَرْدي : حدثني ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن سهيل
، فلقيتُ سُهيلاً فسألته عنه، فلم يعرفه ، فقلت حدثني ربيعة عنك بكذا ، فصار سهيل بعد
ذلك يقول حدثني عبدالعزيز عن ربيعة عني أني حدثته عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً
بكذا ......
هـ) أشهر المصنفات
فيه: كتاب أخبار من حَدَّثَ ونَسِيَ، للخطيب.
فكرة عامة
عن كتب الجرح والتعديل
بما أن الحكم على
الحديث صحة وضعفاً مبني على أمور منها عدالة الرواة وضبطهم ، أو الطعن في عدالتهم وضبطهم
، لذلك قام العلماء بتصنيف الكتب التي فيها بيان عدالة الرواة وضبطهم منقولة عن الأئمة
المُعَدِّلين الموثوقين ، وهذا ما يسمى بـ " التعديل " كما أن في تلك الكتب
بيان الطعون الموجهة إلى عدالة بعض الرواة أو إلى ضبطهم وحفظهم كذلك منقوله عن الأئمة
غير المتعصبين وهذا ما يسمى بـ " الجَرْح " ومن هنا أُطلق على تلك الكتب
" كتب الجرح والتعديل "
وهذا الكتب كثيرة
ومتنوعة ، فمنها المُفْرَدَة لبيان الرواة الثقات ، ومنها المفردة لبيان الضعفاء والمجروحين
، ومنها كتب لبيان الرواة الثقات والضعفاء ، ومن جهة أخري فان بعض هذه الكتب عام لذكر
رواة الحديث بغض النظر عن رجال كتاب أو كتب خاصة من كتب الحديث، ومنها ما هو خاص بتراجم
رواة كتاب خاص أو كتب معينة من كتب الحديث .
هذا ويعتبر عمل علماء
الجرح والتعديل في تصنيف هذه الكتب عملا رائعا مهما جبارا إذ قاموا بمسح دقيق لتراجم
جميع رواة الحديث وبيان الجرح أو التعديل الموجه إليهم أولاً ثم بيان من أخذوا عنه
ومن أخذ عنهم ، وأين رحلوا ، ومتى التقوا ببعض الشيوخ ، وما إلى ذلك من تحديد زمنهم
الذي عاشوا فيه بشكل لم يُسْبَقوا إليه ، بل ولم تصل الأمم المتحضرة في هذا العصر إلى
القريب مما صنفه علماء الحديث من وضع هذه الموسوعات الضخمة في تراجم الرجال ورواة الحديث
، فحفظوا على مدى الأيام التعريف الكامل برواة الحديث ونقلته فجزاهم الله عنا خيراً
وإليك بعض الأسماء لهذه الكتب :
1)
التاريخ الكبير للبخاري ، وهو عام للرواة الثقات والضعفاء .
2)
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ، كذلك هو عام للرواة الثقات والضعفاء ويشبه الذي
قبله .
3)
الثقات لابن حِبَّان ، كتاب خاص بالثقات .
4)
الكامل في الضعفاء لابن عدي، وهو خاص بتراجم الضعفاء كما هو ظاهر من اسمه.
5)
الكمال في أسماء الرجال لعبد الغني المقدسي، كتاب عام، إلا أنه خاص برجال الكتب
الستة.
6)
ميزان الاعتدال للذهبي، كتاب خاص بالضعفاء والمتروكين ( أي كل من جُرح وإن لم
يُقْبَل الجَرْحًُ فيه )
7)
تهذيب التهذيب لان حجر ، يعتبر من تهذيبات ومختصرات كتاب ( الكمال في أسماء
الرجال ) .
إرسال تعليق