صفة رواية الحديث
1- المراد بهذه التسمية:
المراد بهذا العنوان بيان الكيفية التي يًرْوَي بها الحديث والآداب التي ينبغي التحلي بها وما يتعلق بذلك ،وقد تقدم شيء من ذلك في المباحث السابقة ، وإليك ما بقي :
2-      هل تجوز رواية الراوي من كتابه إذا لم يحفظ ما فيه ؟
هذا أمر اختلف فيه العلماء، فمنهم من شدد فأفرط، ومنه من تساهل ففرَّط ومنهم من اعتدل فتوسط .
‌أ)       فأما المتشددون: فقالوا: " لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه " روى ذلك عن مالك وأبي حنيفة وأبي بكر الصيدلاني الشافعي.
‌ب)     وأما المتساهلون : فقوم رووا من نُسَخ غير مقابلة بأصولها ، منهم ابن لَهيعة .
‌ج)      وأما المعتدلون المتوسطون : ( وهم الجمهور ) فقالوا : إذا قام الراوي في التحمل والمقابلة بما تقدم من الشروط جازت الرواية من الكتاب ، وان غاب عنه الكتاب ، إذا كان الغالب على الظن سلامته من التغيير والتبديل لاسيما إن كان ممن لا يخفي عليه التغيير غالباً .
 3- حكم رواية الضرير الذي لا يحفظ ما سمعه:
إذا استعان الضرير الذي لا يحفظ ما سمعه بثقة في كتابه الحديث الذي سمعه وضبطه والمحافظة على الكتاب ، واحتاط عند القراءة عليه بحيث يغلب على ظنه سلامته من التغيير، صحت روايته عند الأكثر ، ويكون كالبصير الأمِّي الذي لا يحفظ .
4- رواية الحديث بالمعنى وشروطها :
اختلف السلف في رواية الحديث بالمعني، فمنهم من منعها ومنهم من جوزها.
أ‌)       فمنعها طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول ، منهم ابن سيرين وأبو بكر الرازي .
ب‌)     وأجازها جمهور السلف والخلف من المحدثين وأصحاب الفقه والأصول، منهم الأئمة الأربعة لكن إذا قطع الراوي بأداء المعني.
ثم إن مَن أجاز الراوية بالمعنى اشترط لها شروطا وهي:
1-      أن يكون الراوي عالماً بالألفاظ ومقاصدها .
2-      أن يكون خبيراً بما يُحيل معانيها .
هذا كله في غير المصنَّفات ، أما الكتب المصنَّفة فلا يجوز رواية شيء منها بالمعني ، وتغيير الألفاظ التي فيها , وإن كان بمعناها لأن جواز الرواية بالمعنى كان للضرورة إذا غابت عن الراوي كلمة من الكلمات ، أما بعد تثبيت الأحاديث في الكتب فليس هناك ضرورة لرواية ما فيها بالمعني .
هذا وينبغي للراوي بالمعنى أن يقول بعد روايته الحديث " أو كما قال " أو " أو نحوه " أو " أو شبهه ".
5- اللحن في الحديث وسببه :
اللحن في الحديث، أي الخطأ في قراءته، وأبرز أسباب اللحن:
أ ) عدم تعلم النحو واللغة : فعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف ، فقد روي الخطيب عن حماد بن سلمه قال " مَثَلُ الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحِمَار عليه مِخّلاة لا شعير فيها "
ت‌)     الأخذ من الكتب والصحف ، وعدم التلقي عن الشيوخ : مر بنا أن لتلقي الحديث وتحمله عن الشيوخ طرقاً بعضها أقوي من بعض ، وأن أقوي تلك الطرق السماع من لفظ الشيخ أو القراءة عليه ، فعلى المشتغل بالحديث أن يتلقي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، من أفواه أهل المعرفة والتحقيق حتى يسلم من التصحيف والخطأ ،ولا يليق بطالب الحديث أن يعمد إلى الكتب والصحف فيأخذ منها ويروي عنها ويجعلهَا شيوخَهُ ، فانه تكثر أخطاؤه وتصحيفاته، لذا قال العلماء قديماً : " لا تأخذ القرآن من مُصْحَفِيّ ولا الحديث من صَحَفِيّ "

Post a Comment

أحدث أقدم