اهمية الأخلاق
الأخلاق الكريمة
تدعو إليها الشرائع الإلهية والفطر السليمة، فالبشر كانوا ولا يزالون يعدون الصبر والعفة
والشجاعة والعدل والصدق أخلاقاً فاضلة يُحمد صاحبها وينبذون نقيضها من الصفات القبيحة،
وجاءت الشرائع الإلهية إلى الدعوة إلى مكارم الأخلاق مع التحذير من التـخلق بالأخلاق
الذميمة.
وللأخلاق في الإسلام
مكانة عظيمة جليلة، ويظهر ذلك من خلال تلك النصوص الكثيرة من كتاب الله وسنة رسوله
^ الداعية إلى مكارم الأخلاق والمحذرة من مساوئها([291]).
وكيف لا تكون للأخلاق
الحميدة تلك المنزلة إذ كانت مقصداً من مقاصد بعثته عندما قال ^: «بعثت لأتمم حسن الأخلاق»([292])،
وفي رواية: «مكارم الأخلاق»، وكأن جوهر الإسلام جمع في هذا المقصد العظيم ولا شك أن
خلق المسلم لا يستقيم ولا يثاب عليه إن لم يكن قائماً على أصل توحيد الله تعالى وقد
بلغ بها الإسلام من المكانة أن قال ^: «إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً»([293]).
وقال عليه الصلاة
والسلام: «إن من أحبكم إليَّ أحسنكم أخلاقاً»([294]).
وقال ^: «أكمل المؤمنين
إيماناً أحسنهم خلقاً» فجاء الارتقاء في مراتب الإيمان مقروناً بالارتقاء في درجات
حسن الخلق. وبين النبي ^ مكان حسن الخلق في ميزان العبد، قال ^: «ما من شيء أثقل في
الميزان من حسن الخلق وإن الله يبغض الفاحش البذيء»([295]).
وبالأخلاق الفاضلة
يتنزل المسلم منزلة لا يتنزلها غيره قال ^: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم
القائم»([296]).
على أن حسن الخلق
لا يغني عن توحيد الله تعالى وفروض العبادات، لأنه لا يتحقق الإيمان المذكور في الحديث
إذا لم يكن صاحبه مؤدياً للفرائض التي أمر الله بها.
وقد وصف النبي ^
حسن الخلق بجماع أفعال الخير قال ^: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت
أن يطلع عليه الناس»([297]).
وهذا يدل على أن
حسن الخلق يشتمل على جماع أفعال الخير وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة داعية إلى التـخلق
بالأخلاق الفاضلة وحذرت من مساوئ الأخلاق، قال رسول الله ^: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع
السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن»([298]).
ولا غرو أن تكون
للأخلاق الحميدة تلك المنزلة في الإسلام، وقد جاءت الشريعة الإسلامية لتحقيق المصالح
ودرء المفاسد، فجاءت للدعوة إلى كل خلق فاضل، واجتناب نقائص الأخلاق، وبالأخلاق الفاضلة
تتحقق مرضاة الله تعالى، والأخلاق مطلب غالٍ في حياة الإنسان بصفة عامة، وفي حياة المسلم
بصفة خاصة، يقول محمد عبدالله دراز: «قد يكون في وسع الإنسان أن يستغني طول حياته عن
بعض مسائل العلم والمعرفة فلا تـخطر له ببال، ولكن أحداً لن يستطيع أن يخلي همه من
المسألة الأخلاقية طرف عين»([299]).
ومن مكانة الأخلاق
في الإسلام أن العبادات لا تنفع صاحبها إن كان في سلوكه وأخلاقه ومعاملاته مع الناس
سيئاً ظالماً كما ورد في الحديث، قال ^: «أتدرون من المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من
لا درهم له ولا متاع، قال: «إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي
وقد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته،
فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار»([300]).
وفي الحديث دلالة
على قبولها، وإنما ذهبت عن يوم القيامة جزاء إساءته مع الناس والله أعلم.
إرسال تعليق