فتح إسطانبول او اسلام بول
انتقل الحكم العثماني
إلى السلطان محمد الفاتح، عام 855هـ (1451م). وكان فتح إستانبول يراود أحلامه، حتى
تكون أملاك الدولة متصلة، لا يتخللها عدو مهاجم، وحتى يتسنى له، منذ الأيام الأولى
من حكمه، حسم مشكلة القسطنطينية، التي كانت تمثل وكراً للمؤامرات ضد الدولة العثمانية.
غير أنه قبل أن يفتحها أراد أن يحصن البوسفور، حتى لا يأتي لها مدد من مملكة طرابزون.
وفي الوقت نفسه، كان عليه إتمام عملية الفتح، قبل وصول المساعدات من الغرب وتوحد قوات
الدول الصليبية. بدأ السلطان محمد الفاتح بتنفيذ خططه العسكرية، على الرغم من معارضة
خليل باشا جاندارلي. واستمر الحصار ثلاثة وخمسين يوماً. تيسر بعدها فتح المدينة عام
857هـ (1453م)، التي أصبحت عاصمة للدولة العثمانية إلى سقوطها في عام 1342هـ (1922م).
وقد ابتدأ بذلك الفتح
العظيم عصر جديد؛ حيث أصبحت الدولة العثمانية دولة عالمية، وكان ذلك الفتح بداية للقيام
بحروب طويلة، شنها السلطان محمد الفاتح على بلاد الصرب، والبوسنة، والهرسك، والمورة،
وألبانيا، وجمهوريتي جنوا والبندقية، ومملكة نابولي. وقد استولى عليها. على الرغم من
فشله في الاستيلاء على بلغراد التي تعد مفتاحاً لأوروبا الوسطى.
توجه السلطان محمد
الفاتح، من جهة أخرى، إلى الأناضول لإزالة خطر إمارة بني قارامان، التي سعت للاجتماع
تحت راية أوزون حسن، وذلك حتى لا تتكرر حادثة تيمورلنك للمرة الثانية. وقد تمكن من
دفِع ذلك الخطر بالقضاء على البقية الباقية من تلك الإمارة، عام 879هـ (1474م
).
أجرى السلطان محمد
الفاتح العديد من الإصلاحات الإدارية، والمالية، والعسكرية، مما جعل من الدولة العثمانية
دولة مركزية قوية. ظهرت آثارها في عهد ابنه بايزيد، الذي تولى حكم الدولة بعد وفاة
والده، عام 886هـ ( 1481م). إلاّ أن أخاه الأمير جم نازعه العرش، ودارت الحروب بينهما،
وبادر جم بالفرار إلى مصر بعد انهزام قواته أمام قوات أخيه، ثم اتصل بفرسان القديس
يوحنا في جزيرة رودس عام 885هـ (1480م)، ولجأ إليهم، فأُلقي به في السجن إلى أن بيع
للبابا أنوسنت الثامن. فلما مات هذا البابا ترك جم لخلفه إسكندر السادس، فلم يبق على
جم طويلاً، بل دس السم له مقابل مبلغ مالي من السلطان بايزيد. الذي كان وجود الأمير
جم بيد البابا في أوروبا قد جعله يتريث قليلاً فيما يزمع القيام به من فتوح. إلاّ أن
وفاته عام 890هـ (1495م)، أعادت الحماسة إلى الفتوح في سياسة السلطان بايزيد الخارجية.
ومن جهة أخرى وجه
السلطان بايزيد كل همه لإنشاء المباني العامة من مساجد، ومدارس، وعمارات، ودور الضيافة،
والتكايا، والزوايا، والخانقاهات، والمستشفيات، والحمامات، والجسور. كما رمم شبكة الطرق،
والجسور التي أقامها أسلافه، مستعيناً في ذلك بالعمال والصناع المهرة من اليونان والبلغار؛
فاستفادت الدولة، فيما بعد، من تلك الطرق في الأغراض العسكرية، وعلى وجه الخصوص في
نقل الجنود وتسهيل حركتهم من مكان إلى آخر للدفاع عن الدولة.
نجح بايزيد من جهة
ثالثة في صد غارات البولنديين الذين حاولوا غزو مولدافيا، ثم أتم الاستيلاء على إقليم
البوسنة، واتخذه قاعدة لشن الهجوم على ممتلكات البندقية في دالماشيا. وعقد صلحاً مع
المجر واتفق معهم على هدنة لمدة سبع سنوات. فنعمت البلاد في عهده بفترة من السلم والهدوء.
إرسال تعليق