نقد نظرية الغاية تبرر الوسيلة
1 جاء الإسلام بتشريع حقوق الراعي والرعية ووردت النصوص المتكاثرة من الكتاب والسنة التي تحذر من التفريط في حقوق الرعية وإضاعة حقوقهم ووجوب إقامة العدل، والسعي إلى تحقيق مصالحهم. وقال (ص) «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».
وقال عليه الصلاة والسلام: «...ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة».
وأخبر النبي ^ أن من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: «ملك كذاب».أما الإمام العادل فهو من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
2- من القواعد المقررة في أصول الفقه أن الوسائل تأخذ حكم المقاصد وهذا بخلاف قاعدة (مكيافيلي). أن الغاية تبرر الوسيلة.
وفي باب الرد على قاعدة أو نظرية: «الغاية تبرر الوسيلة» عند مكيافيلي فإن الإسلام قد وضع ضوابط للغايات والوسائل فمن ذلك:
‌أ- أنه يجب أولاً أن تكون غايات الإنسان في حياته مقيدة بما أذن الله به في شريعته لعباده.
‌ب) يجب أن يكون سعي الإنسان إلى غايته المأذون بها شرعاً ضمن الوسائل التي ليس فيها إهدار لحق أو عدل أو فضيلة أو واجب وليس فيها ارتكاب لمحرم من المحرمات الشرعية وليس فيها إسراف ولا تبذير.
وغيرها من الضوابط التي تدخل تحت مقاصد الشريعة الإسلامية في درء المفاسد وجلب المصالح.
3- يتضح الخطأ في الفكرة الباطلة التي انتهى إليها مكيا فيلي في السياسة، إلى اعتبار النسبة الغالبة من السلوك الإنساني هي المقياس الذي يبرر به السلوك، وإلى إهمال جانب الحق والعدل والخير، وإغضاء النظر عن الشر الذي يشتمل عليه السلوك، وإلى اعتبار السلوك مع الناس ذوي المشاعر والآلام..والحقوق المساوية لحقوق صاحب السلوك..، كالسلوك مع الأشياء غير ذات الحياة.
مع أنّ الواجب يقضي بأن تراعى حقوق الناس ومشاعرهم الإنسانية، ومنها آلامهم.
4- إن اعتبار تفوق المستهينين بفضائل الأخلاق، والمرتكبين لرذائلها، في الوصول إلى الحكم وفي تثبيته، على الملتزمين بفضائل الأخلاق المجتنبين لرذائلها، هو المبرر العلمي لاتـخاذ وسائل غير أخلاقية من أجل الوصول إلى الحكم وتثبيته، مطابق تمامًا لاعتبار وسائل الغش، والخديعة، وأكل أموال الناس بالباطل، هي الوسائل المفضلة للوصول إلى الثراء الفاحش، والاستمتاع بلذات الحياة، وتدعيم الرأسمالية المفرطة.
5- يتساءل كل من له عقل، بل كل من لديه مقدار يسير منه، عن التفسير المنطقي لهذا الرأي المنحرف الذي يعبر عنه بأن الغاية تبرر الوسيلة، والذي لا يستطيع إنسان في الدنيا أن يقبله على إطلاقه، مهما بلغت به الجريمة، ومهما بلغ به الشذوذ الفكري والنفسي.

Post a Comment

أحدث أقدم