بواس والمفهوم الذاتي
س4/ كيف توجهت اهتمامات بواس إلى الأنثروبولوجيا بعد أن كان باحثا ً جغرافيا ً ؟ .
ج/ كان ذلك حين شارك شارك في بعثة إلى أرض بافن في بلاد الإسكيمو، باعتباره جغرافيّاً مثقلاً باهتمامات رجل الجغرافيا(كان الموضوع المطلوب هو دراسة أثر الوسط المادي على مجتمع الإسكيمو)، فلاحظ أن تأثير الثقافة على ذلك المجتمع أكثر بكثير من تأثير الوسط المادي الذي قد ذهب لدراسته أصلا ً ، وبالتالي عاد إلى ألمانيا عازماً على تكريس بحوثه،  من الآن فصاعداً، للأنثروبولوجيا بشكل أساسي. ومن هنا كانت بداية بواس بقيامه باستطلاعات ميدانية لوصف المجتمعات البدائية .
س5/ كيف كان بواس ينظر إلى الاختلافات القائمة بين الجماعات البشرية ؟.
ج/ كان يعتبر أن الاختلاف الأساسي القائم بين الجماعات البشرية هو اختلاف ثقافي وليس اختلافاً عرقيّاً ، لا سيما أنه قد واجه ما يمكن تسميته بالاضطهاد العرقي أو التمييز العنصري باعتباره يهوديا ً .

س6/ ماهي أهم الأفكار التي تصدى بواس لمهاجمتها ؟.
ج/ أولى تلك الأفكار :
1.   فكرة العرق – وقد بينا قبل قليل سبب ذلك - .
2.   فكرة وجود علاقة بين السمات الفيزيائية (الشكلية أو الجسدية ) والسمات العقلية ، وهي امتداد لفكرة العرق كما هو واضح .
3.   مهاجمة الاتجاه التطوري وحيد الاتجاه وما يتبعه من مصطلح " التحقيب " – أي تقسيم التاريخ إلى حقب زمنية تمثل كل منها مرحلة منن مراحل التطور - .
4.   حذره من من الأطروحات الانتشارية المزعومة القائمة على إعادة البناء التاريخية .
وهكذا نلاحظ أن بواس يتحدث عن "ثقافات " ، بخلاف تايلور فهو يتحدث عن " ثقافة " واحدة تسعى كل الثقافات عبر مراحل التطور إلى التماهي معها ، إلى جانب أن بواس كان يرفض أي تعميم يخرج عن إطار ما يمكن توضيحه تجريبياً فلقد كان بواس شكاكاً ومحللاً أكثر منه منظّراً،  ولم يطمح أبداً إلى تأسيس مدرسة فكرية.
س7 / ماذا تعني " النسبية الثقافية " عند بواس ؟.
ج/ ربما يكون من أفضل إسهامات بواس ذلك المفهوم الأنثروبولوجي للنسبية الثقافية ، حيث إنها تضم عند بواس ثلاثة أوجه :
1.   مبدأ منهجي : للإفلات من كل أشكال العرقية المركزية [1]وذلك يعني أن تدرس الثقافة دون النظر إلى الأفكار المسبقة عنها أو مقارنتها بغيرها .
2.   مبدأ إبستولوجي –معرفي - : بمعنى أنه لا يمكن فهم ظاهرة ثقافية معينة أو جانب من جوانب الثقافة (اللغة –أشكال الزواج) إلا بردها إلى السياق الثقافي العام الذي تظهر فيه أي إعادة وصلها بالمجموع الذي ترتبط به .
3.   مبدأ أخلاقي : يؤكد قيمة كل ثقافة وينادي بالاحترام والتسامح إزاء الثقافات المختلفة .
نخلص من كل ما سبق : إلى أن تايلور (البريطاني ) كان صاحب التعريف العالمي للثقافة ، أما بواس (الألماني )فكان صاحب التعريف الذاتي للثقافة [2]، ولكن ماذا عن فرنسا واختراع المفهوم العلمي للثقافة ؟ . لقد كان ذلك على يد اثنين من علمائها الأنثروبولوجيين وهما :
1.   دوركايم – صاحب التعريف الواحدي - .
2.   لوسيان ليفي – صاحب التعريف التفاضلي - .


[1] العرقية المركزية : هي أن تنظر الجماعة (أو الفرد) إلى ثقافتها باعتبارها الأفضل بينما تنظر للاخرين بعين الاحتقار ، فهي بذلك تكتسي أشكالاً مفرطة في عدم التسامح الثقافي والديني وحتى السياسي ، ولكنها أحيانا ً قد تتخذ أشكالا ً دقيقة وعقلانية وتصبح مبدأً منهجيا وضرورة اجتماعية لبقاء أي مجموعة – مزيد من التفصيل سيأتي في الخاتمة - .
[2] لا يعني ذلك أن هناك تعريفا مصوغا من قبل بواس يُعرف بـ"التعريف الذاتي" خاصة إذا علمنا أن بواس لم يكن مهتما ً بالتنظير ، إنما نعني أن بواس كان صاحب نظرة أو مقاربة ذاتية للثقافة ، وعلى هذا يقاس دوركايم ، ولوسيان ليفي .

Post a Comment

Previous Post Next Post