استخدام المكتبة وسبل تفعيلها
إن
للمكتبة الجامعية مهام كثيرة منها بث المعلومات، ونشر الثقافة بين مختلف فئات
المجتمع الجامعي من الطلاب والباحثين وأعضاء هيئة التدريس، حيث تسهم المكتبة بدور
كبير في الارتقاء بمستوى الأداء الجامعي، وزيادة قدرة الجامعة على تحقيق أهدافها
التعليمية والثقافية.
ومما
يزيد من أهمية المكتبة حدوث تلك التغيرات والطفرات الحادثة في مجال المعلومات،
والتي تؤدي إلى زيادة معدل إنتاجها بصورة كبيرة، وتعدد صورها ومصادرها، وهو ما
أطلق عليه عصر "الانفجار المعرفي" أو "ثورة المعلومات"، والتي
تعني تضخم حجم المعلومات وتضاعفها بشكل مذهل في أقل زمن ممكن. ومما لا شك فيه أن
هذه الثورة المعرفية قد أحدثت تطورات وفرضت تحديات على كافة قطاعات المجتمع وفي
مقدمتها الجامعة باعتبارها معقل الفكر والعلم والثقافة. لذلك كان لزامًا على
الجامعة أن تلاحق وتساير هذه الثورة المعرفية بل والإسهام فيها ([1])،
ومن ثّم ظهرت حاجتها الشديدة إلى تنظيم هذه المعلومات واختزانها واستردادها
وتوصيلها بسرعة متناهية؛ ليسهل الاستفادة منها من قبل فئات المجتمع الجامعي من
الطلاب والباحثين وغيرهم.
لذا
اتجهت الأنظار نحو المكتبة الجامعية كوسيلة أساسية تقوم بمهمة "تجميع
المعلومات، وكافة أنواع المعارف البشرية، ومصادرها المختلفة، كما تقوم بمهمة تصنيف
هذه المعلومات وترتيبها وتحليلها، ثم إعادة بثها واسترجاعها عن طريق خدماتها
ووسائلها التعليمية والتكنولوجية الحديثة" ([2]).
وبذلك أصبحت تلك المكتبة مصدرًا رئيسًا للعلم والثقافة بالجامعة، وقاعدة أساسية
لمختلف الجهود الثقافية والتربوية بها، كما أصبحت إحدى الركائز الأساسية لتحقيق
تقدم الجامعة ومواجهتها للتحديات التربوية والتعليمية المعاصرة بمختلف صورها.
"وتعد
المكتبة الجامعية من المكتبات المتخصصة التي تهتم بالإنتاج الفكري في تخصص معين
وعدة تخصصات متقاربة، وهي تُلحق بالجامعة وكلياتها لتلبية احتياجات مستفيديها داخل
مجتمع الجامعة، وكذلك روادها من خارج الجامعة" ([3])،
ويقاس رقي الجامعة بمستوى رقي مكتباتها، ولذلك تهتم الجامعة بمكتباتها كمركز
للإشعاع الثقافي الذي يؤثر تأثيرًا مباشرًا في رفع مستوى التعليم الجامعي وتخريج
أفراد يمتلكون القدرة على الإبداع والتجديد، ومن ثَّم تسهم المكتبة في تحقيق أهداف
الدراسة بالجامعة، "حيث تقوم بتوفير بيئة تعليمية متكاملة يستطيع الطالب من
خلالها القيام بعملية التعلم الذاتي الإيجابي والذي يعتبر القاعدة الرئيسة للتنمية
البشرية" ([4]).
وهناك
بعض العوامل التي أسهمت وتسهم في تزايد أهمية الدور التربوي والثقافي للمكتبة
الجامعية، أهمها ([5]):
التوسع في التعليم الجامعي، وظهور أنماط ونظم حديثة منه، والانفجار المعرفي،
وانتشار مفهوم التعليم الذاتي والمستمر، والتنوع في طرق التدريس وأساليبه، وتطور
تكنولوجيا التعليم.
ومكتبة
كلية التربية لا تقل أهمية عن المكتبة الجامعية بصفة عامة لما لها من دور كبير في
الإسهام في تحقيق أهداف كلية التربية، والتي من أهمها: "إعداد الطلاب
المعلمين الإعداد الشامل المتكامل المتوازن في جميع جوانبه، حيث تهدف كلية التربية
إلى تأهيل المعلم علميًا وعمليًا وثقافيًا للقيام بعملية التدريس والتوجيه
والإشراف العلمي والإداري في المؤسسة التعليمية والتربوية التي سيعمل بها" ([6])،
كما أنها مسؤولة أيضًا عن تدعيم البحث العلمي والدراسات التجريبية
والميدانية في المجالات التربوية والنفسية وباقي التخصصات العلمية الأخرى، وذلك
إسهامًا منها في تقدم وتطوير العلم والمعرفة من جهة، وفي رفع المستوى التربوي
والتعليمي في الكلية والجامعة من جهة أخرى([7]).
وتختص
كلية التربية عن باقي كليات الجامعة بقيامها بإعداد طلابها في العديد من الجوانب
أهمها: الأكاديمي، والتربوي، والثقافي، وهذا التعدد في جوانب الإعداد ناتج من تعدد
الأدوار التي يقوم بها المعلم في العملية التعليمية، مما أدى إلى زيادة العبء
والمسئولية الواقعة على كلية التربية حتى تؤدي وظيفتها في إعداد طلابها إعدادًا
شاملاً.
"ولا
تستطيع كلية التربية أن تقوم بهذه الوظيفة على الوجه الأكمل بدون مكتبة قوية
معتمدة في بنائها على أحدث المعايير الدولية، وفي خدماتها على أحدث الوسائل
التكنولوجية، كما تكون إدارتها قوية ومؤمنة بأهدافها، وتعمل دائمًا على الارتقاء
بها" ([8]).
ومما
يزيد من أهمية مكتبة كلية التربية لطلابها، أنها تسهم بدور كبير في عملية إعدادهم
كمعلمين.
ومن
هنا تأتي أهمية استخدام المكتبة بالنسبة لطلاب الجامعة بصفة عامة، ولطلاب كلية
التربية بصفة خاصة، حيث تساعد المكتبة في رفع المستوى التعليمي والثقافي لطلاب
كلية التربية، وبالتالي ارتفاع نوعية خريجيها، ومن ثم ارتفاع كفاءة وفعالية
التعلم، حيث تتوقف هذه الكفاءة والفعالية بدرجة كبيرة على مستوى أداء الأفراد العاملين
في العملية التعليمية.
ورغم
هذه الأهمية الكبيرة لمكتبة كلية التربية الأساسية، إلا أن هناك عزوفًا من جانب
الطلاب عن استخدامها، هو ما ظهر في تدني نسبة الطلاب المترددين عليها، وهذا ما
أكدته الملاحظة المباشرة للباحث، والمقابلات الشخصية التي قام بها مع أمناء
المكتبة، وكذا السجلات الخاصة بتردد الطلاب على المكتبة، وبعض الدراسات السابقة في
هذا المجال التي أكدت على ذلك ([9]).
مما يؤكد عزوفهم عن استخدام المكتبة مما أسهم في خفض المستوى التعليمي والثقافي
للطلاب، وضعف دور المكتبة في تحقيق أهدافها التعليمية والتربوية.
لذلك
يجب تناول تلك المشكلة بالبحث والدراسة؛ لتعرف المشكلات والمعوقات التي تواجهها
وتقلل من تردد الطلاب عليها، ووضع التوصيات والمقترحات التي من شأنها النهوض بها ،
مما يساعدها على القيام بوظائفها وتحقيق أهدافها، ومن ثم الإسهام في تدعيم وتحقيق
أهداف كلية التربية الأساسية ذاتها.
تساؤلات
في ضوء ما سبق تطرح الدراسة التساؤل التالي:
ما آراء هيئة التدريس والطلبة بالتعليم التطبيقي للدور التربوي لمكتبة كلية
التربية، وما سبل تفعيله؟
وللإجابة
عن السؤال تطرح الدراسة الأسئلة الفرعية التالية:
1-
ما الدور الحالي الذي
تؤديه مكتبة كلية التربية الأساسية ؟
2-
ما الأسباب التي تدفع
الطلبة لاستخدام المكتبة؟
3-
ما العوامل التي تحول
دون إقبال الطلبة على المكتبة؟
4-
هل توجد فروق دالة
إحصائيا بين متغيرات الدراسة؟
5-
كيف يمكن تفعيل دور
المكتبة والنهوض بها؟
أهداف
تهدف
الدراسة الحالية إلى تعرف:
1-
أهمية المكتبة في تحقيق
أهداف التعليم الجامعي.
2-
واقع الدور الذي تسهم
به المكتبة في العملية التربوية بالكلية.
3-
الأسباب التي تدفع
الطلبة للتردد على المكتبة.
4-
العوامل التي قد تؤدي
إلى عزوف طلاب كلية التربية عن استخدام المكتبة.
5-
السبل المقترحة لتطوير
المكتبة وتفعيل دورها والارتفاع بمستوى خدماتها، وذلك من وجهة نظر كل من أعضاء
هيئة التدريس والطلاب.
أهمية
الدراسة:
يمكن أن تفيد الدراسة الحالية فيما يلي:
1-
تزويد المسئولين بكلية
التربية الأساسية بسبل تطوير المكتبة والنهوض بها، عن طريق ما يقدمه أعضاء هيئة
التدريس والطلاب المترددين عليها من مقترحات وآراء بناءة.
2-
إفادة المسئولين عن
المكتبات بدراسة المكتبات والمعلومات فكرًا وبحثًا. والمهتمين بتخطيط وتطوير
المكتبات، والمستفيدين منها طلابًا وباحثين وأساتذة.
3-
سد بعض أوجه النقص في
الدراسات المتعلقة بمكتبات كليات التربية من حيث كونها تقدم مقترحات للقضاء على
ظاهرة العزوف من جانب الطلاب عن استخدام هذه المكتبات.
4- تحاول الدراسة الحالية بحث مشكلة على جانب كبير
من الأهمية؛ لأنها تتعلق بإعداد طلاب كلية التربية، وهم معلمو المستقبل وقادة
المسيرة التعليمية، وهي مشكلة عزوف هؤلاء الطلاب عن استخدام المكتبة.
5- تطوير أداء كليات التربية من حيث إعداد الطلاب
بها – أكاديميًا وثقافيًا وتربويًا ونفسيا، كل ذلك يؤدي إلى تعظيم دورها، وزيادة
العبء الواقع عليها وعلى مكتبتها لتحقيق هذا الإعداد المتكامل لطلابها.
- عبد الناصر سعيد عطايا: الدور التربوي
للمكتبات بكليات جامعة الأزهر – دراسة تقويمية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية
التربية، جامعة الأزهر، 1990، ص185.
- محمود محمد بخيت عبد العال: مكتبات كليات
جامعة الأزهر فرع أسيوط – دراسة ميدانية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية اللغة
العربية (فرع أسيوط)، جامعة الأزهر، 2002، ص175.
Post a Comment