نظام النقل تجربة مدينة الرياض
           لقد تم إختيار مدينة الرياض لدراسة نظام النقل بشكل عام والنقل العام بشكل خاص لإبراز أهمية دور النقل في العمل التخطيطي ككل وذلك لعدة أسباب:
·  تعتبر مدينة الرياض من أسرع مدن العالم نموا حيث بلغ النمو في سنة 2004 8%.
·  تعتبر مدينة الرياض مقصدا للعديد من الأنشطة الإقتصادية .
·  تعتبر مدينة الرياض من المدن المتطوره على مستوى الوطن العربي.
·  يعتبر عدد السكان لمدينة الرياض من أكثر المدن على مستوى دول الخليج العربي.
إن أنظمة النقل العام مهمة جدا في أي مدينة وهي عادة تكون دليلا على تخطيط المدينه تحت منظومة تخطيط ناجحه يكون نظام النقل عنصرا هاما في تلك المنظومه. والمملكة العربية السعودية هي إحدى دول الخليج، وهي أيضا عضو في مجلس التعاون الخليجي. والأعضاء الآخرون في مجلس التعاون الخليجي هم دول قطر وعمان والإمارات العربية المتحدة ، والكويت، ومملكة البحرين . وتعتبر المواصلات من أهم المجالات الحيوية  التي تقوي الوحدة بين دول الخليج. ومن الضروري أن يكون في كل دولة من دول الخليج شبكة مواصلات داخلية جيدة وشبكة جيدة بين الدول مجلس التعاون. ولسوء الحظ  فإن المملكة العربية السعودية لا يوجد بها نظام نقل عام فعال مع أن المملكة العربية السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط الذي يوفر الدعم المالي الذي يحتاجه أي نظام فعال للنقل العام. ومدينة الرياض هي عاصمة المملكة العربية السعودية.
كان النمو السريع لمدينة الرياض هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى زيادة احتياجات النقل في المدينة و هذه الزيادة توضح لنا مدى الحاجة لتحسين نظام النقل وبالتالي فإن المشاكل مثل الاختناق المروري يمكن حلها بشكل ملائم وفعال.



          وتعد شبكة الطرق من أهم عناصر نظام النقل في أي مدينه . وقد ثبت أن تحسين شبكة الطرق صعب جدا لعدة أسباب مثل التكلفة ، وملكية الأراضي، والعقبات أثناء فترة الإصلاحات. وقد أظهر مسح قامت به مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا في سنة 1999 أن 73% من المخططين ومهندسي المرور قالوا " أنه من المهم جدا أن يتم تطوير وتحسين نظام النقل العام بينما قال الباقون أنه مهم فقط "
             وفي الفترة من سنة 1974 إلى سنة 1999 تم تسجيل معدل نمو سنوي يزيد عن 8% وهذا يمثل واحدا من أعلى معدلات نمو السكان في المنطقة. وهناك عدة عوامل تؤثر في معدل النمو هذا وتشمل المعدلات العالية للولادات الطبيعية للمواطنين السعوديين والهجرة من داخل المملكة إلى الرياض وهجرة الأجانب أيضا إلى المدينة.
· نظام النقل:
         كما يلاحظ من  الجدول-1 فإن النمو السكاني وملكية السيارات في الرياض تعتبر من أعلى المعدلات في العالم. ومعدلات الدخل عالية أيضا ويعتبر هذا السبب هو السبب الرئيسئ وراء الزيادة المتواصلة والسريعة في ملكية السيارات.







جدول-1 : معدلات النمو السنوية لأعداد السكان وملكية السيارات والتوسع المدني لبعض المدن المختارة.

 

المدينة

معدلات النمو السنوي
70-80 (%)
ملكية السيارات
معدل نمو سكاني سنوي  70-80 (%)
إجمالي الناتج الوطني/للفرد 1980
(دولار أمريكي)
أنقرة
4.4
14.2
1.470
بانكوك
9.1
7.9
670
القاهرة
3.1
17.0
580
ريو
2.4
12.1
2.00
الرياض
10.3
37.5
11.260
الكويت
6.3
13.8
13.200
لندن
0.9-
2.6
7.920
نيويورك
1.0-
-
11.360
طوكيو
5.6-
2.5
9.890
     المصدر : المسيند (2001)
·   النقل العام:
              بدأ نظام النقل العام في الرياض في فترة الستينات (1960) عندما قام عدد من مالكي الحافلات الصغيرة باستخدامها كوسائط نقل عامة. وكانت تعرف هذه الحافلات باسم الجوابة (كوستر) وكانت الخدمات غير منتظمة وغير منظمة. وكانت تلك الخدمات تقدم بحسب الطلب عليها ولم تكن أهدافها هي تكوين نظام نقل عام ولكنها كانت وسيلة لزيادة دخل مالكي الحافلات الصغيرة.
واستمرت هذه الخدمات في التواجد كوسيلة وحيدة للنقل حتى سنة 1979 عندما تأسست شركة النقل الجماعي (سابتكو) لتقديم خدماتها داخل مدن المملكة وفيما بينها. ولم تكن في ذلك الوقت دراسات تؤكد حاجة مدن المملكه آنذاك الى قيام مثل هذه الشركة. ومنحت الشركة امتياز حصري لهذه الخدمات ما عدا النقل الدولي وكانت الشركة تدار تحت إشراف وزارة النقل.
           وبعد إنشاء سابتكو كان يؤمل أن خدمات الحافلات الصغيرة سوف تخرج من الخدمة تدريجيا ولكن ذلك لم يحدث. وارتفعت أعداد الحافلات الصغيرة لتصبح 7 أضعاف حافلات سابتكو. وأدى ذلك إلى أن تصبح فترة انتظار الخدمة للحافلات الصغيرة دقيقتين فقط مقابل 16 دقيقة لحافلات سابتكو. والسبب الرئيسي لهذه النتيجة كان زيادة أسعار التذاكر من ريال واحد إلى ريالين. وتجدر الإشارة هنا إلى أن سابتكو تحصل على معونات وتخضع لتنظيم من قبل الحكومة التي تضع الكثير من الضوابط والقيود على حافلاتها بينما تخضع الحافلات الصغيرة لقيود وضابط أقل بكثير. وقد أدى ذلك بالطبع إلى زيادة المرونة لدى الحافلات الصغيرة ووفرت لها ميزة هامة على حافلات سابتكو.
·  شركة النقل الجماعي العربية السعودية (سابتكو) :
           عند تأسيسها سنة 1979م بدأت الشركة تسير حافلاتها على خط واحد فقط من وسط مدينة الرياض إلى المطار. وبعد هذه البداية المتواضعة زاد عدد الخطوط وتضاعف عدة مرات وبلغ عدد المسافربن الذين نقلتهم سابتكو في السنة الأولى 7874000. وفي السنوات الأربع التالية حدثت زيادة كبيره في أعداد المسافرين حيث وصلت إلى 35140000 في السنة. ووصل عدد الخطوط الرئيسية في الوقت الحالي إلى 13 خطاً تبلغ مسافتها الإجمالية 578كم.
          وحسب ما أورده القاضي (1992) فإن النقص الحاد في ركاب حافلات سابتكو (30% في سنة واحدة فقط) كان يرجع في جزء منه إلى مضاعفة الأسعار سنة 1983. والسبب الهام الآخر لهذا النقص الشديد في أعداد المسافرين لدى سابتكو بعد سنة الذروة (1982) كان مغادرة أعداد كبيرة من العمال للملكة خلال منتصف الثمانينات.
جدول-2 : إحصائيات الإركاب اليومي في وسائط النقل العام لشهر مايو  سنة1992 (في اليوم)
الفترة
سابتكو
الحافلات الصغيرة
أجمالي اعداد المسافرين
أيام الأسبوع

15800

74300
90100
عطلة نهاية الأسبوع
16700
94600
111300
     المصدر : القاضي (1992)
             الجدول 2 يبين الفرق الكبير بين أعداد الركاب الذين نقلتهم سابتكو والركاب الذين نقلتهم الحافلات الصغيرة. وقد ذكرت سابتكو أنه كانت هناك أوقات لم تتواجد فيها سوى نسبة 8% من حافلاتها التي تعمل. وقد أدى ذلك إلى استغلال أصحاب الحافلات الصغيرة لهذا الوضع وملء الفجوة التي أحدثها هذا النقص من قبل سابتكو. وكانت جداول رحلات حافلات سابتكو أطول بكثير من جداول الحافلات الصغيرة مما جعل سابتكو تفقد الكثير من الركاب.
جدول-3 : أداء سابتكو بين سنة 1985 وسنة 1995

السنة

1985
1995
الطول الإجمالي لجميع الخطوط
668
505
عدد الرحلات
1682000
873000
المسافة المقطوعة بالكيلومترات
13540000
8760000
عدد الركاب
11510000
6120000
    المصدر : التقرير السنوي لسابتكو (1998)
           وحسب ما أوردته سابتكو سنة 1990 فإن عدد الركاب اليومي لديها كان 13000 راكبا ونقص هذا العدد بشكل حاد إلى 8800 راكب سنة 1992. وفي محاولة للتغلب على تلك المصاعب أبرمت سابتكو بعض عقود الخدمات الخاصة حيث تعاقدت مع مقدمي الخدمات بحافلاتهم وسائقيهم أو استأجرتهم لخدمة عملائها.  وشملت قائمة العملاء الحكومة والمدارس والشركات والمنظمات الخاصة. ومن بين 440 حافلة مملوكة لسابتكو تم تخصيصها لمدينة الرياض استخدمت 315 حافلة لهذا البرنامج أي 71% من إجمالي الحافلات. وظل هذا البرنامج في نمو مستمر حيث تبين أنه مربح جدا وتستخدم أرباح البرنامج في دعم الخدمات داخل المدن. وقد أوردت سابتكو في تقاريرها أن الدعم الحكومي لها قد توقف في سنة1999.

·  الحافلات الصغيرة (الكوستر) :
            تواجدت الحافلات الصغيرة قبل إنشاء سابتكو ونتيجة لذلك فقد كانت لدى أصحابها خبرات أكبر مما أعطاهم ميزة في هذا المجال. وكانت الحافلات صغيرة الحجم (تتسع الواحدة لـ26 راكب فقط) وكانت تسير رحلات غير منتظمة ولكنها كثيرة العدد مما أعطاها حرية ومرونة في الحركة وكان السائقون يتخذون قرارات فردية بخصوص ساعات العمل والخطوط التي يسلكونها. وإضافة لذلك فإن السائق كان يستطيع التوقف في أي مكان ولم يكن هناك أي تنسيق أو ترابط بين هذه الحافلات. وجدير بالذكر هنا أنه يسمح للرجال فقط بركوب الحافلات الخاصة حيث لا توجد فيها أماكن مخصصة للنساء.
          وبحسب ماأورده القاضي سنة 1992 بلغت أعداد الحافلات الخاصة في مدينة الرياض حوالي 1200حافلة ويستخدمها بشكل رئيسي غير السعوديين حيث يشكل الركاب السعوديون8.1% فقط من إجمالي الركاب  ومعظم الناس في المملكة العربية السعودية لا يحبون هذه الخدمة حيث أن 90% من هذه الحافلات يبلغ عمرها 22 عاما على الأقل وهذا ينعكس على جودة الخدمة التي تقدمها.
·  تكامل خدمات النقل العام:
             وقد أثبت سيمسون سنة 1994 إن من أكبر فوائد المركبة الخاصة أنه إذا توفرت لها المواقف المناسبة والكافية فإنها تقدم خدمة من الباب إلى الباب. ووسائل النقل العام لا يمكن أن تجاريها في ذلك ولكن مع تكامل وسائل النقل العام مع بعضها البعض يمكن الرفع من كفاءة خدمة النقل العام بشكل عام ومجاراتها للمركبة.
         وفي بعض الحالات قد يكون هناك سيطرة لنوع واحد من النقل العام مما يؤدي إلى نتائج سلبية على الأنواع الأخرى ولهذا السبب فإن تدخل الحكومة أو المنظمين يصبح أحيانا ضروريا لتحقيق تكامل النقل العام.
              ووفقا للمسيند (2001) فإن مدينة الرياض  تقوم بتسيير 3.5 مليون رحلة بالمركبات يوميا. وهذا يعني أن هناك 5 ملايين شخص يسافرون يوميا داخل المدينة. ويقدر عدد الكيلو مترات التي تقطعها المركبات في المدينة كل يوم بحوالي40 مليون كم. ومع  أن قل أعداد الرحلات و الكيلومترات التي تقطعها المركبات في المدينة يمكن أن تزيد بنسبة تتراوح ما بين 30-40% في الخمس سنوات القادمة إلا أن  عدد ساعات تشغيل السيارات يمكن أن يتضاعف في نفس الفترة وربما يزداد من 4-5 أضعاف خلال 10 سنوات نتيجة  للزيادة المتوقعة للازدحام في المدينة.
          لقد ظهر بوضوح في كثير من مدن العالم أن نظام النقل الجيد يلعب دورا رئيسيا في تقليل عدد رحلات المركبات وبالتالي فإنه يعزز مستوى الخدمة. وهذا بدوره يقلل التأثير السلبي للمرور  وقد تم استغلاله في كثير في كثير من المدن الحديثة لتنشيط مراكز المدينة والتي مرت بتجربة انخفاض أنشطتها التجارية والاجتماعية.

Post a Comment

Previous Post Next Post