المرأة الإماراتية وسوق العمل
كغيرها من المجتمعات التقليدية فأن للمرأة الإمارتية دورها في العمل. وفي
ظل التحديث المستمر للمجتمع واقتصاده يتطلب عمل المرأة تزويدها بالمعارف والمهارات
اللازمة وهو ما استهدفته استراتيجيات وبرامج التعليم التي اطلعت بها الدولة.
شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة ملحوظة في مشاركة الإناث في قوة العمل
المواطنة من 13.0% في عام 1995، إلى نحو 34.1% في 2008، الأمر الذي أسهم في زيادة
نصيب المواطنين في إجمالي قوة العمل بالبلاد من 8.9% في عام 2006، إلى 9.0% في
2007 و9.1% في 2008، حسب تقديرات تنمية. ولا شك أن هذه المشاركة المتزايد
للنساء المواطنات في سوق العمل، تؤكد على أهمية الجهود الرامية إلى استحداث وتوفير
فرص عمل مناسبة لهن.
إن دور المراة
الإماراتية في سوق العمل يمكن النظر إليه من خلال دورها في ثلاث محاور أساسية لتطورات
سوق العمل بالدولة . هذه المحاور تشمل :التطورات الإجمالية للقوى العاملة بالدولة،
حجم وتطورات القوى العاملة المواطنة ، القوة العاملة المواطنة وتوزيعاتها حسب
الجنس والفئات العمرية والحالة التعليمية. وفيما يلي نستعرض بعض أبرز سمات هذه
المحاور ودور المراة الإماراتية في كل منها.
التطورات الإجمالية
للقوى العمالة بالدولة:
إن السمات الأساسية لإجمالي القوى العاملة بالدولة يمكن تلخيصها في النقاط
التالية:
§
تشير التقديرات إلى تزايد إجمالي القوى العاملة (الموطواطنون وغير المواطنون)
من 1,335,260 إلى 3,239,390 فرداً ما بين 1995 و2006 (أي بزيادة إجمالية تبلغ
142.6%) ويتوقع أن يصل حجمها 4,289,228 بحلول عام 2010.
§
سوف ترتفع مساهمة المواطنين قليلاً في إجمالي القوى العاملة من 8.1% في عام
2006 إلى 9.8% عام 2010. وربما يُفسَّر هذا الارتفاع بصفة أساسية بالزيادة
الكبيرة في مشاركة النساء المواطنات (من 10.1% إلى 25.15%، ثم إلى 31.8% في
أعوام 1995، 2006 و2010 على التوالي).
§ كان المتوسط السنوي لنمو إجمالي القوى العاملة في حدود
8.4%، مع وجود شبه تماثل في معدلات النمو المقدرة لكل من مجموعتي القوى العاملة (المواطنون
وغير المواطنين): 8.2% و8.4% على التوالي. مرة أخرى، يتضح جلياً أثر المعدلات
السنوية العالية لنمو العمالة النسوية البالغ قدرها 16.9%، مقارنة بمعدل 6.0%
للذكور، في ارتفاع مساهمة العمالة المواطنة في سوق العمل
القوى
العاملة المواطنة:
يعتبر الأفراد ذوي
النشاط الاقتصادي ضمن سكان دولة الإمارات، أي السكان مصدر القوى العاملة من
الجنسين في عمر 15 سنة فما فوق، هم الذين يرفدون سوق العمل بالقوى العاملة
المواطنة لإنتاج السلع والخدمات. ويتم تحديد علاقة السكان بالقوى العاملة بعاملين
أو مؤشرين هما المساهمة النسبية للسكان في سن العمل ضمن إجمالي السكان، ومعدل
المشاركة الكلية للقوى العاملة.
تعتمد تقديرات حجم
القوى العاملة المواطنة على أثر ثلاثة عوامل وهي: التحول الديموغرافي، التركيبة
التعليمية ،ومعدلات المشاركة في النشاط الاقتصادي. آخذين في الاعتبار أثر هذه
العوامل، يمكن تلخيص السمات الأساسية للقوى العاملة المواطنة ودور المراة
الإماراتية على النحو التالي:
§
ارتفع حجم إجمالي القوى العاملة المواطنة خلال الفترة 1995-2006 من 120,656
عام 1995 إلى 287,436 في 2006( بزيادة إجمالية تبلغ 138.2%) ويُتوقع أن يشارف 421,658
بحلول عام 2010. وتشير التقديرات إلى أنه ينمو بمتوسط معدل سنوي يبلغ نحو 8.2%،
مقارنة بنحو 4.9% لمجمل السكان في سن العمل، ويعزى ذلك أساساً إلى ارتفاع معدل
المشاركة الكلية من 37.4% إلى 52.6% خلال تلك الفترة.
§
يكشف توزيع القوى العاملة المواطنة حسب المجموعة العمرية عن زيادة في
المساهمة النسبية للعاملين الذين هم في أوج سن العمل (25-54) من نحو 63.1 % إلى
65.3% في عامي 1995 و2006 على التوالي، ويتوقع حسب التقديرات أن يصل معدل النمو
السنوي للقوى العاملة في قمة سن العمل هذه إلى 8.5% كمتوسط مرجح قدره 5.5% للذكور
و17.9% للإناث وتعود أسباب هذه الزيادة
إلى نمو عدد الأشخاص الذين يقتربون من ذروة سن العمل من جهة، والمعدلات العالية
نسبياً لمشاركة هذه المجموعة تحديداً، من جهة أخرى. يتوقع كذلك حدوث زيادة
كبيرة في معدل مشاركة الخريجات اللائي يشارفن ذروة سن العمل (من 15.4% فقط عام
1995 إلى نحو 43.6% في 2006).
§
تؤكد التقديرات، بصفة عامة، ارتفاع المساهمة النسبية للخريجين
والخريجات، من جميع مراحل التعليم، ضمن إجمالي قوة العمل الوطنية من 78.7% في
عام 1995 إلى 92.0% في 2006، ثم نحو 94.8% بحلول 2010 . وتعزى هذه الزيادة
المتواترة إلى نمط نمو السكان حسب التحصيل التعليمي من ناحية، وإلى الزيادة
الملحوظة في معدلات المشاركة الكلية للخريجين من ناحية ثانية، حيث تصاعدت من نحو
42.2% في عام 1995 إلى 56.9% في 2006، والتي اكتسبت بدورها زخماً من الطفرة غير
المسبوقة في معدلات مشاركة الخريجات المواطنات من 14.7%إلى 38.6%خلال نفس الفترة.
ويعتبر هذا التطور مؤشراً واضحاً على تدفق الخريجين الجدد من الجنسين بأعداد كبيرة
لرفد رصيد قوة العمل الوطنية، كما يؤكد دور التعليم باعتباره أحد أهم محددات
المشاركة في قوة العمل، خصوصاً بين النساء.
§
انطلاقاً من حقيقة أن الإناث كن يمثلن 3.4% فقط من إجمالي قوة العمل
الوطنية عام 1985، يتضح بجلاء من التركيبة النوعية (ذكور-إناث) للقوى العاملة في
السنوات الأخيرة، مدى الإنجازات الضخمة التي تحققت في أحد أهم مجالات تمكين المرأة
بالدولة. فقد ظلت أعداد النساء المواطنات اللائي يدخلن سوق العمل تنمو بمعدل سنوي
في حدود 16.9% خلال الفترة 1995-2006، حيث بلغت تقديرات العدد المطلق 71,565
مواطنة خلال تلك الفترة، تخرجت نحو 94.2% منهن من المرحلة الثانوية والمراحل
التعليمية ما بعد الثانوية (الجدول 3).
كما يتضح من الجدول رقم (4) والذى يوضح التغيير فى فجوة النوع ، لكل من
إجمالى السكان والسكان فى قوة العمل حسب الفئات العمرية ، فان إرتفاع معدلات
مشاركة الإناث فى قوة العمل ساهمت فى تضييق فجوة النوع فى قوة العمل بشكل ملحوظ
ومن ناحية أخرى ، فان التغيير فى التركيب التعليمى لكل من إجمالى السكان فى سن
العمل و السكان فى قوة العمل (الجدول 5) يشير الى إنحسار فجوة النوع و ذلك بالنسبة
لكل المراحل التعليمية ، وبصفة خاصة المرحلة ما بعد الثانوية.
النساء في سوق العمل:التحديات:
إذا
كان تعليم المرأة قد أصبح مسألة مقبولة مجتمعياً، وربما مفروغا منها، لا تستدعي
النقاش والجدل، فإن عمل المرأة وخروجها لسوق العمل وحصولها على المناصب القيادية
المختلفة لم يتحقق بذات السهولة التي تحقق بها التعليم. فمازالت هناك العديد من
الصعوبات البنيوية من ناحية، والصعوبات المرتبطة بالمرأة نفسها وتصورها لذاتها من
ناحية أخرى.
فعلى
المستوى البنيوي ما زالت المرأة تواجه تلك التحيزات المستترة ضدها في سوق العمل.
فهناك مساحة كبيرة من رفض الدور القيادي للمرأة من جانب الرجل، وهى مسألة تحكمها
تلك التصورات الذكورية الحاكمة لبنية التفكيرولا يقتصرالأمر هنا على دولة الإمارات
فحسب بل
يتعداها إلى المنطقة بأسرها.
ورغم
الزيادة الكبيرة في أعداد النساء الداخلات لسوق العمل إلا أن نسبة مشاركة المرأة
في سوق العمل مازالت متدنية ولا تعكس مخرجات العملية التعليمية، وهذا يعني أن هناك
خللاً ما، هناك نساء قد تخرجن بشهادات تعليمية عالية لكن لا يذهبن إلى سوق العمل،
ما يعني وجود بطالة مرتفعة نسبياً بين النساء، ويعزى هذا الخلل إلى العديد من
الأسباب ومنها: أن التخصصات التي تتجه إليها المرأة قد لا تكون مطلوبة في سوق
العمل نتيجة القيود الاجتماعية والثقافية المفروضة عليها والتي تحصر دورها في
مجالات محددة، إضافة إلى عزوف القطاع الخاص عن توظيف المرأة، لأنه عادة ما ينظر
إليها باعتبارها تمثل عبئاً عليه، بالنظر إلى الاستثناءات التي تتمتع بها من
إجازات الوضع الطويلة مثلاً، وبالتالي يميل إلى توظيف الرجل، وبما أن الرجل
المواطن غير متوافر بصورة كبيرة، فإنه سيلجأ في الغالب إلى توظيف الرجال الوافدين.
كما تمثل المنظومة الاجتماعية بعاداتها وتقاليدها قيداً آخر مهماً على دور المرأة،
فالمرأة مثلاً ممنوعة من التنقل، بمعنى أن المرأة في الامارات الشمالية لا يمكنها
الانتقال بمفردها والعمل في الامارات المتوفرة فيها فرص العمل . ويجب أن تتضافر
مختلف الجهود لتغيير هذه المنظومة الاجتماعية، مشيرة إلى أن الإعلام له دور مهم في
تغيير بعض العادات التي مازالت تفرض قيوداً على عمل المرأة، كما أن الجمعيات
النسائية لها أيضاً دور مهم في تغيير النظرة المجتمعية إلى المرأة ودورها المهم في
بناء وتطوير المجتمع.
ولكن
أيضاً على مستوى العالم العربي ككل. وهى صورة تتسم بقدر كبير من التحيز محورها
الرئيسي صعوبة تصور أن تتساوى المرأة بالرجل، ناهيك عن أن تسبقه، قياديا ومجتمعيا.
إلى جانب الوظائف
والمهن التي اعتدن عليها تقليديا في السابق، نجد النساء المواطنات اليوم في مختلف
أنشطة وميادين العمل مثل الهندسة، العلوم، الإعلام والاتصالات، تقنية الكمبيوتر،
القانون، التجارة، الخ.
رغم النجاحات التي
حققتها المرأة المواطنة في سوق العمل، إلا أنها لا تزال تعاني من بعض الحواجز
الاجتماعية والثقافية والتنظيمية. وتشمل هذه الحواجز والمعوقات، ضمن أشياء أخرى،
التمييز النوعي والانطباعات الخاطئة عن مقدراتها في مواقع العمل، بعض السياسات
والممارسات التنظيمية غير المواتية، محدودية فرص التوظيف المتاحة للإناث مقارنة
بالذكور، والعقبات التي تعترض طريق النساء الراغبات في إقامة أعمال ومشروعات
استثمارية صغيرة.
وعلى
مستوى المرأة نفسها، فإن هناك العديد من التحديات التي يجب أن تتجاوزها المرأة
وتعمل على مواجهة العالم المحيط بها برؤى تقدمية جديدة. صحيح أن البنى الاجتماعية
التقليدية تلعب دوراً كبيراً في الضغط على المرأة، وصياغة العالم المحيط بها
والمشكل لها، لكن الغريب في الأمر أن تستسلم لذلك التصورات وتصبح بالنسبة لها
مكونا أساسيا في سلوكها الإجتماعي.
بعض
السيدات أشرن إلى ضرورة تهيئة مكان العمل من أجل استيعاب المرأة العاملة، وكأن
المرأة تفصِّل سوق العمل على مزاجها وفقاً لتوجهاتها الأيديولوجية المختلفة. من
الممكن الحديث عن توفير بعض الخدمات اللازمة لعمل المرأة مثل دور الحضانة ورعاية
الأطفال.
لكن
المرأة يجب أن تقبل بشروط العمل الذي تلتحق به طالما أنها تحصل على مستحقاتها
المادية بشكلٍ عادل مثلها مثل الذكر.
كما
أن المرأة يجب عليها أن تعمل بجد وبحزم في الوقت نفسه، ولا تستخدم طبيعتها
الأنثوية كذريعة للتقاعس عن العمل، أو كذريعة للقيام بالعمل السهل غير المقنع
للمجتمع بشكلٍ عام وللرجال بشكلٍ خاص.
ولا
يبقى سوى أن تواصل المرأة الإماراتية تحسين صور مشاركتها وأدائها في شتى المجالات،
وأن تفرز الحركة النسوية الإماراتية رائدات قادرات على تحمل عبء مسؤولية المشاركة
في إدارة العمل الوطني وتوجيهه.
دور وجهود هيئة تنمية
في تعزيز فرص توظيف المرأة المواطنة:
توصف المجتمعات
العربية عامة بأنها مجتمعات شابة، ويعوّل كثيراً على هذا الوصف باعتباره عنصر قوة
وتميّز يضاف لصالح الدول، فالشباب لهم دور مهم في صنع المستقبل وتطوير المجتمع
والرقي بنوعية الحياة؛ ولذلك، سعت العديد من الحكومات إلى تطوير مستوى نوعية
المهارات والخبرات التي يكتسبها الشباب في بلدانهم كنوعية التعليم والصحة والتدريب
والإعداد الجيد للعمل.
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من السبّاقين إلى منح الشباب فرص التفاعل الإيجابي مع وتيرة التغيرات المتسارعة التي طالت بنية المجتمع ومؤسساته المختلفة في العقود الثلاثة الماضية، بما جعل منه مجتمعا منفتحاً ومتفاعلاً مع معطيات دوائر تجاوزت محيطه الجغرافي والثقافي، وذلك بالسعي الدائم للوصول إلى أفضل ما هو ممكن من متطلبات وخدمات أساسية وترفيهية وبدنية، وإمكانات تعليمية وتدريبية ومهنية دون تمييز بين الذكور والإناث.
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من السبّاقين إلى منح الشباب فرص التفاعل الإيجابي مع وتيرة التغيرات المتسارعة التي طالت بنية المجتمع ومؤسساته المختلفة في العقود الثلاثة الماضية، بما جعل منه مجتمعا منفتحاً ومتفاعلاً مع معطيات دوائر تجاوزت محيطه الجغرافي والثقافي، وذلك بالسعي الدائم للوصول إلى أفضل ما هو ممكن من متطلبات وخدمات أساسية وترفيهية وبدنية، وإمكانات تعليمية وتدريبية ومهنية دون تمييز بين الذكور والإناث.
ظلت هيئة تنمية
منذ إنشائها في عام 1999، تولي قضايا المرأة في سوق العمل جل اهتمامها، كما قامت
بتطبيق برامج عديدة لمساعدة المرأة المواطنة، سواء كانت باحثة عن عمل أو سيدة
أعمال.
تشكل الإناث غالبية
المواطنين الباحثين عن العمل المسجلين لدى تنمية للحصول عن فرص توظيف
مناسبة. فعلى سبيل المثال، كان ما يقارب ثلثي إجمالي الباحثين عن العمل المسجلين
لدى تنمية في عام 2008، من الإناث. ويكشف توزيع الباحثين عن العمل حسب
المؤهلات التعليمية والنوع، الغلبة العددية الملحوظة للإناث على زملائهن الذكور
ضمن حملة "الدبلوم" و"البكالوريوس فما فوق"، حيث شكلن 74.0%
و79.1% على التوالي في 2008. وتشير هذه الأرقام إلى أن الإناث يجدن صعوبات أكبر في
الحصول على فرص في سوق العمل وبالتالي يتعرضن لمخاطر البطالة أكثر من الذكور.
يعمل مركز التوظيف
وتنمية المهارات التابع لهيئة تنمية حالياً على تطبيق حزمة من البرامج
لتوفير مختلف أشكال الخدمات الكفيلة بمساعدة النساء المواطنات.
Post a Comment