الكشافة اصطلاحاً في اللغة:
كشف الشيء وعنه كشفاً: رفع عنه ما يواريه ويغطيه، ويقال كشف الأمر، وعنه: أظهره، وكشف الله غمه: أزاله، وفي القران الكريم " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد". سورة ق آية 22.
"ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون" سورة الدخان آية 12.
كاشفه بالأمر: أفضى به إليه.
تكاشف القوم: أبدى كل ما في نفسه لصاحبه.
ولأمر ما كان الكشف أو الكشافة والكشاف والتكاشف هي لغة حركة الكشافة: فالكشف هو نظام تهذيبي يراد به تكوين الشخصية المتكاملة، والكشاف لفظ مأخوذ من الكشف، وهو الفتى الذي أدى وعد الكشافة ليصبح كشافاً، والتكاشف يراد به إصلاح ما نفس الكشاف لصاحبه عن طريق نظام الطلائع والأنشطة ([1]).
الأصول الفلسفية للحركة الكشفية:
تعتمد الحركة الكشفية على الأصول الثقافية والفلسفية عربية المصدر، حيث كان الإنسان العربي يربي أبناءه على الحياة المنشئة الجادة التي تتميز بالبساطة والسهولة من خلال الاعتماد على النفس والاستخفاف بالمخاطر والصعاب التي تحيط به في الطبيعية والخلاء عن طريق التجربة والاستكشاف، واضعاً نصب عينيه التمسك بصفات الشجاعة والمروءة، ومساعدة الضعيف ومدّ يد العون للمحتاج، وإكرام الضيف والاحترام، والاعتزاز بالعشيرة والوطن والتضحية من أجله. وقد انتقلت هذه التقاليد وأساليب الحياة ومجموع القيم والمثل من المنطقة العربية إلى مناطق إفريقيا وآسيا وكانت أحد الأصول التي اكتسب منها ((بادن باول)) خبرته ووجهت فكره إلى الكثير من الأسس الكشفية. ويؤكد الشيخ أحمد الشرباصي، بأن العرب من أسبق الشعوب في العناية بأبنائهم وتنشئتهم التنشئة السليمة حيث يقول: منذ فجر التاريخ كان العربي في أغلب حياته يحيا حياة كشفية، فهو يقيم بين الجبال ويسعى فوق رمال الصحراء، ويتتبع منابع المياه، ومنابت الكلأ، وينظر النجوم والكواكب، ويلاحظها ويدرسها، ويساير تحركات الشمس والقمر، ويعرف العلاقات بينهما، ويحس بظاهرة الطبيعة كحركات الرياح والأمطار، وينتبه إلى ما حوله من حيوانات وطيور ونباتات، ويدرس طبائعها ويتفهم طبيعة الأرض وأماكن الكهوف والمغارات، وهو ينصب خيمته بنفسه ويجمع طعامه بيديه، وإذا ما جاء داعي الرحيل والانتقال، طوى خيمته، وجمع متاعه وجاب الصحراء على قدميه أو راكباً ناقته، وما يزال يعلو ربوة، ويهبط وادياً حتى يستقر ويعود إلى تكوين حياته من جديد([2]). إلى أسلوبه في اقتفاء الأثر وتحديد أوقات المد والجزر البحري، اتجاه وسرعة الرياح ... إلخ من الأمور التي يتم التعرف عليها الآن بواسطة الأجهزة الحديثة.

الحركة الكشفية في دولة الإمارات العربية المتحدة:
يعد عام 1954م عام تأسيس الحركة الكشفية بإنشاء أول فرقة كشفية في مدرسة القاسمية بالشارقة على يد الأستاذ محمد ذياب الموسى، وكان عريف الفرقة سلطان بن محمد القاسمي (صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حالياً) وفي عام 1955 تم تأسيس أول فرقة أشبال. وقد شاركت كشافة الشارقة في المخيم الكشفي العاشر في الكويت في مارس 1956م.
وبعد قيام الاتحاد تم إشهار جمعية كشافة الإمارات من خلال المجلس الأعلى للشباب والرياضة في عام 1972م، وتم تسجيل عضوية كشافة الإمارات في المكتب الكشفي العربي عام (1974م) ( المنظمة الكشفية العربية حاليا). وكانت أول مشاركة عربية لكشافة الإمارات في المخيم الكشفي العربي الحادي عشر في لبنان 1974م، وأول مشاركة عالمية في المؤتمر الكشفي العالمي في نيروبي 1977م، حيث تم الاعتراف الدولي لكشافة الإمارات أثناء انعقاد المؤتمر الكشفي العالمي بمونتريال – كندا – وتم في عام 1980م انتخاب أول مجلس إدارة لجمعية كشافة الإمارات، حيث تأسست الجمعية في 18/6/1980م باسم جمعية كشافة الإمارات العربية المتحدة، تستمد أنظمتها وتعاليمها من المبادئ الكشفية، وكذلك من القوانين والأنظمة في الدولة ومن القرارات التي يصدرها المكتب الكشفي العالمي والمنظمة الكشفية العربية([3])، وكشافة دول مجلس التعاون الخليجي والكشاف المسلم، ومن الحاجات الاجتماعية والثقافية والوطنية.
ويتبع جمعية كشافة الإمارات (6) مفوضيات هي مفوضيات أبوظبي والعين ودبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة . ويذكر أن لكل مفوضية مجلس إدارة مكون من (9) أعضاء . حيث بلغ في أكتوبر 2009م إجمالي عدد الفرق بالدولة (   ) وإجمالي عدد الأشبال (   ) وإجمالي عدد الكشافين (   ) وإجمالي عدد الجوالة (   ) وإجمالي القادة (   ) (3) .

الدور التربوي للحركة الكشفية:
الحركة الكشفية وسيلة تربوية تعد الفتية والشباب إعدادا سليماً للحياة، وتدربه تدريباً صحيحاً كي يتحمل تبعات مستقبله. ففلسفتها تهدف إلى خلق مواطن صالح، وأصولها ترتكز على التعرف على مقومات المجتمع المتوثب الناهض الذي تنتشر فيه، وبرامجها تتصل بالبيئة المحلية اتصالاً وثيقاً، وخططها تتبع مراحل نمو الفتية والشباب وقدراتهم وإمكاناتهم الفكرية والبدنية، وأساليبها تتمشى مع رغباتهم وميولهم، لأنها مبنية على مشاهداتهم وفاعليتهم وجهودهم، وطرقها تستند إلى أصول التربية وعلم النفس والاجتماع.
وحركة الكشف نظام يعّود النشء في مراحل النمو المبكرة على الاعتماد على النفس، كما يدربه في هوادة ورفق على خدمة المجتمع الذي يعيش فيه، ويبث فيه منذ نعومة أظفاره بذل الجهد والتضحية، ويبعث في نفسه حب الخير، وينشئه على خدمة وطنه والبذل في سبيل رفعته ونموه.
وبذلك تتميز الحركة الكشفية عن أي حركة ترويحية أخرى، فبالرغم من أهمية الترويح في الكشفية إلا أنها تعدّ وسيلة للوصول لغاية ولكنها ليست غاية في حد ذاتها.
وحركة الكشف من ناحية أخرى ترعاها منظمة دولية تضم شباب العالم تحت لوائها، وتنادي بأخوة البشر، وتعمل بالمبادئ الإنسانية في أرفع صورها، فهي من جهة أسلوب تربوي قومي يعرف الفتى بواجباته نحو وطنه، ويطلب منه الاستعداد لخدمته في كل وقت وتحت أي ظرف،  وهي من جهة أخرى وسيلة في التربية الاجتماعية، ومن جهة ثالثة طريقة لتعارف نشء وشباب العالم بعضه بالبعض الآخر، وتوثيق عرى المحبة بينه. وأكبر مظاهر الحركة حث المرء على البساطة والقناعة والجلد ومساعدة الضعيف وخدمة الجماعة. وطريقتها أن تضع الفتى في ظروف تدفعه لأن يتبسط في معاشه ويقنع، ويتحمل الصعب ويعمل، ويساعد غيره، ويخدم الجماعة التي يعيش فيها برغبة وأمانة، محققاً العهد الذي أخذه على نفسه، ومعتزاً بالثقة التي يضعها فيه قائده.
وهي في مظاهرها وأساليبها تشبه نظام تنشئة الفتية والشباب في الأمة العربية المجيدة حيث يعود المربي ابنه على الاعتماد على النفس والحميّة والكرم والشجاعة والإخاء، والعطف على المسكين، وإغاثة الملهوف، ونصرة الضعيف.
كما تشبه نظام الفروسية الذي ساد أوربا في القرون الوسطى، حيث كان أبناء الأشراف يلتفون حول فارس معروف بينهم، يتعلمون على يديه ضروب المبارزة وآداب الحديث والمائدة وغير ذلك من عادات المجتمع، ويتعهدون أمامه في حفل مهيب بالعمل بقانون الفروسية الذي يحض على التمسك بالشرف، ويأمر بطاعة الله، وبالتفاني في خدمة الوطن.
ويتضمن وعد الكشافة وقانونها هذه المبادئ وتلك المثل العليا، مضافاً إليها وعد الفتى أن يبذل جهده في أداء تلك الواجبات بصدق وعزيمة، مطمئناً إلى القاعدة التي تقول: إن شرف الكشاف موثوق به. ووسائل حركة الكشف في التربية والتدريب قريبة لعقل الناشئ وقلبه، لأنها تشبع ميله للحركة، وتثير حبه للمغامرة وتدفعه للبحث والاستقصاء، وتهز أحاسيسه الطيبة نحو أهله وبلاده، فضلاًً عن أنها تعوده التربية الاستقلالية حيث يعيش الفتى بين أفراد طليعته فيتعلم منهم الحياة ويتعلمون منه، وحيث يبحث بنفسه عن المعلومات وينقب عنها، وتقابله المشكلات فيعالجها إما بمفرده أو بمعاونة أفراد متماثلين معه في السن والميول، فإذا ما عجزوا أو ضعفت حيلتهم لجؤوا إلى أخيهم الأكبر ورائدهم وقائدهم للتوجيه والإرشاد.
والشبل أو الكشاف يؤدي فرائضه الدينية مع أفراد الطليعة، ثم يجلس معهم ليعمل شيئاً بيديه، ثم يستمع لقصة تتضمن أنواع البطولة، وتنهى بمغزى يصل إليه بتفكيره، ثم يتعلم مهارة كشفية تفيده في حياته العامة، ثم يلعب أو يسبح أو يتجول بعد أن اكتسب علماً وخبرة.
والتربية الكشفية لا تعني مجرد اكتساب بعض المعارف أو المهارات ، ولكنها تتضمن تنمية القدرات العقلية ( التعلم للمعرفة). وتنمية الاتجاهات ( التعلم للإعداد للحياة) واكتساب المعارف والمهارات ( التعلم للأداء ) وفي حين يعد ( التعلم للمعرفة، التعلم للإعداد للحياة ) ركيزتين أساسيتين للحركة، فان اكتساب المعارف والمهارات ( التعلم للأداء ) يعد وسيلة لاغاية، والمحصلة النهائية تؤدي إلى التربية.
ومما قاله مؤسس الحركة عن التربية الكشفية: " تكمن أهم أهداف تدريب فتيان الكشافة في ( التربية لا التعلم ) حيث إن التربية تعني أن نأخذ بيد الفتى كي يتعلم بنفسه – ووفق رغبته – ( الأشياء التي تعمل على بناء شخصيته الذاتية ).
وتتميز الحركة الكشفية كحركة تربوية بما يلي:
·   تهتم بتنشئة أعداد كبيرة من أبناء المجتمع – الفقراء والأغنياء على حد سواء تنشئة تربوية متكاملة بدنياً وروحياً وعقلياً واجتماعياً.
·        تعتمد في الانتساب إليها على الرغبة المطلقة والدافعية الذاتية لمن يرغبون في الانتماء إليها.
·   تعتمد في مبادئها وممارستها على عدة محاور رئيسية ترتبط ارتباطاً مباشراً باحتياجات التنشئة الأساسية للإنسان، سواء فيما يتعلق بالحاجة إلى الإيمان بالله والانتماء لوطن معين ولأمة معينة وللإنسانية جمعاء، أو فيما يتعلق بالحاجة للحياة مع جماعة باعتباره اجتماعيا بطبعه، أو فيما يتعلق ببيئة معينة يسعى لاكتشاف عناصرها ويحافظ عليها ويستثمرها، كما يسعى لتطويرها وزيادة مواردها.
·   تعتمد في طريقتها بصفة أساسية على النواحي التطبيقية والعملية، فهي ليست تربية نظرية، ولكنها تربية من خلال الممارسة والعمل متخذة من أسلوب الاستكشاف ركيزة لها.
·        تؤكد على تنمية الجوانب الإنسانية والتفاهم الدولي باعتبار أن الحركة الكشفية حركة إنسانية عربية عالمية([4]).


[1] - كمال رجب سليمان، الكشافة صدق في القول واخلاص في العمل، دار الوفاء، الاسكندرية، 2008م، ص23.
[2] - جمال الدين الشافعي، تربية الخلاء والحركة الكشفية، دار الفكر العربي، القاهرة ط1، 2003م، ص 154.
[3] - سعد بن إبراهيم العلي، التربية الكشفية في دول الخليج العربي، الرياض، 1993م، ص26.
3- انظر الملحق رقم 2 .
[4] - فوزي محمود فرغلي، الدور التربوي للحركة الكشفية، المنظمة الكشفية العربية الأمانة العامة، ص 23- 28.

Post a Comment

Previous Post Next Post