الوقاية من الجريمة أو منع وقوعها
تقوم الدولة الحديثة في سبيل أداء مهامها لحفظ كيان الدولة والبقاء عليه بوظيفتين رئيسيتين : الأولى، هي وظيفة الضبط الإداري ، أما الثانية ، فهي وظيفة الضبط القضائي، وجوهر الوظيفة الأولى هو الوقاية من الجريمة أو منع وقوعها، وذلك عن طريق الحفاظ على الأمن العام بإتخاذ الإحتياطات اللازمة لتنفيذ القوانين واللوائح ، وعمل التدابير التي من شأنها منع الجريمة قبل وقوعها، ويعتبر جميع رجال الشرطة من رجال الضبط الإداري.
أما الوظيفة الثانية ، فهي الضبط القضائي ، وتنشأ بعد ارتكاب الجريمة ومضمونها الاستقصاء عن الجرائم ، والبحث عن مرتكبيها وتعقبهم ومعنى ذلك أن جهاز الضبط الإداري قد فشل في دوره الوقائي ولم يستطع منع وقوع الجريمة ، وفي هذه اللحظة تبدأ وظيفة الضبط  القضائي ، معنى ذلك أيضاً أن مهمة مأمور الضبط القضائي تبدأ حيث تنتهي مهمة رجل الضبط الإداري، وقد أشار التشريع الاجرائي الاتحادي إلى فئتين من مأموري الضبط  القضائي :
الفئة الأولى : ذات الاختصاص العام
وهي الفئة التي خولها المشرع صفة الضبطية القضائية في جميع الجرائم الواقعة في دوائر اختصاصها دون تحديد جرائم معينة .
وقد حددت هذه الفئة المادة (33) من قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي المعدلة بالقانون الاتحادي رقم (29) لسنة 2005 بنصها على أن : " يكون من مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم" :
1- أعضاء النيابة العامة
2- ضباط الشرطة وصف ضباطها وأفرادها.
3-         ضباط وصف وأفراد حرس الحدود والسواحل
4-         ضباط الجوازات
5-         ضباط الموانئ البحرية الجوية من رجال الشرطة أو القوات المسلحة.
1-              ضباط وصف ضباط الدفاع المدني
2-              مفتشو البلديات
3-              مفتشو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية
4-              مفتشو وزارة الصحة
5-      الموظفون المخولون صفة مأموري الضبط القضائي بمقتضى القانون والمراسيم والقرارات المعمل بها ".

الفئة الثانية : ذات الاختصاص الخاص:
أشارت إليها المادة (34) من قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي بقولها " يجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص أو السلطة المختصة تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم"
والواضح من هذا النص أن هذه الفئة من مأموري الضبط القضائي قد حصر الشارع الاختصاص النوعي لأعضائهم في جرائم معينة تقع في دائرة اختصاصها أو تكون متعلقة بأعمال وظائفها ، ومن أمثلة هؤلاء : مهندسو التنظيم ومفتشو الصحة ، والموظفون الذين يعينهم وزير العدل بالاتفاق مع وزير الشؤون الاجتماعية فيما يختص بالجرائم التي تقع من الاحداث الجانحين أو المشردين.
وفي حقيقة الأمر لنا على خطة المشرع الاجرائي الاماراتي في تحديد من يصدق عليه وصف مأمور الضبط القضائي الملاحظات التالية :
أولاً : جعل المشرع الاتحادي النيابة العامة على رأس مأموري الضبط القضائي ، وان كانت نادراً ما تمارس وظائف الضبط القضائي حيث يكون ذلك عن طريق أعضاء الضبط القضائي من غير أعضاء النيابة العامة، فهؤلاء هم أول من يتلقون نبأ وقوع الجريمة ، وعملهم الذي يباشرونهم يعد بمثابة الشعاع الذي ينير الطريق لجهات التحقيق والإتهام .
ثانياً : بنص المشرع الاتحادي في المادة 33/2 من قانون الاجراءات الجزائية على ان " يكون من مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم ضباط الشرطة وصف ضباطها وأفرادها" يكون قد اعتبر جميع رجال الشرطة من مأموري الضبط القضائي ، وهو ما أكدته المادة السابعة من قانون قوة الشرطة والأمن رقم 12 لسنة 1976 المعدلة بالقانون رقم (6) لسنة 1989.
والمادة (34) من القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 2006 في شأن الدفاع المدني بنصها على أن " يكون لضباط وصف ضباط وأفراد الدفاع المدني صفة الضبطية القضائية في تطبيق أحكام هذا القانون"
وان كان من الأفضل حصر صفة مأموري الضبط القضائي في الضباط وصف الضباط دون الأفراد ، على أساس أن كفاءة هذه الفئة خير ضمان لاحترام الحقوق والحريات الفردية في مرحلة التقصي عن الجرائم وجمع أدلتها ، ولن يتأتي ذلك إلا عن طريق توفير الخبرة ودرجة معينة من الناحية العلمية.
ثالثاً : كان حدياً بالمشرع الاتحادي عدم ذكر مفتشو البلديات ومفتشو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، ومفتشو وزارة الصحة ضمن فئات مأموري الضبط القضائي ذو الاختصاص العام والمنصوص عليهم في المادة (33) من قانون الاجراءات الجزائية ذلك لان نص المادة (34) الخاص بمأموري الضبط القضائي ذو الاختصاص الخاص كان من الممكن أن يغني عن ذكرهم وخاصة أن ذكرهم في المادة (33) قد يوحي – على خلاف الحقيقة – ان اختصاصهم يشمل جميع أنواع الجرائم ، في حين ان اختصاصهم محدود بجرائم معينة متعلقة بأعمال وظائفهم ، وتقع في دوائر عملهم.
المطلب الثاني
تبعية الضبطية القضائية

تنص المادة (31) من قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي على ان " يكون مأمور والضبط القضائي تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظائفهم".
كذلك تنص المادة (32) من ذات القانون على أنه " للنائب العام أن يطلب إلى الجهة المختصة التي يتبعها مأمور الضبط القضائي النظر في أمره إذا وقعت منه مخالفة لواجباته أو قصر في عمله ولــــه أن يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه ، وذلك كله بغير إخلال في رفع الدعوى الجزائية ".
والمستفاد من هذين النصين أن أعضاء الضبط القضائي يتبعون النيابة العامة فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم ، ولها ان تطلب من الجهة المختصة التي يتبعها مأمور الضبط القضائي توقيع جزاء عليه إذا وقعت منه مخالفة لواجباته أو قصر في عمله ، ولها أن تطلب رفع الدعوى التأديبية عليه، وهذا كله لا يمنع من رفع الدعوى الجزائية عليه إذا كان ما وقع منه يعتبر جريمة جنائية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاشراف القضائي هو بحضور اشراف فني على أعمال مأموري الضبط القضائي المتعلقة بوظيفتهم، أما الإشراف الاداري فيظل للجهات التي ينتمون إليها ، فهم تابعون إدارياً لرئاساتهم الإدراية ، ويكون لرجال النيابة العامة حق الاشراف ومساءلتهم فقط عما يقع منهم من إخلال أو إهمال في أداء أعمال الضبط القضائي.
ولعل هذه النتيجة هي المناداة بضرورة الفصل الكامل بين أفراد الضبط القضائي وأفراد الضبط الإداري ، تأسيساً على أن أفراد الضبط القضائي يتبعون سلطة التحقيق فهم بهذه الصفة جزء من العدالة ويلحقون بها ، ومادام عملهم يتصل بالتحقيق فإنه يجب فصل سلطتهم عن وظائف الشرطة الإدارية ، ويعهد بذلك إلى سلطة قضائية صرفه ، فيكون تعيينهم والإشراف عليهم لوزارة العدل باعتبارها  الجهة المختصة بشؤون رجال السلطة القضائية فتضمن لأعضاء الضبطية القضائية الاستقلال عن السلطة التنفيذية وعدم التأثر بانتمائهم للسلطات الأخرى .
ولا شك أن هذا الاتجاه جدير بالتأييد حتى تتوافر الضمانات لأعضاء الضبطية القضائية ، حيث لم يرد في التشريع الإجرائي الاتحادي ما يشير إلى توفير ضمانات لهم خلاف ما يستمرون من وظائفهم الأصلية من ضمانات يتساوون فيها مع غيرهم ممن لا يحمل على كاهله عبء الضبطية القضائية .

Post a Comment

Previous Post Next Post