سلطات مأمور الضبط القضائي

تمهيد وتقسيم :
فيما يتعلق بالسلطة المختصة بالاستقصاء عن الجرائم وجمع أدلتها توجد ثلاث اتجاهات .
الاتجاه الأول : جمع سلطة الاستقصاء والتحقيق والاتهام في يد هيئة الشرطة ، ولقد طبق هذا الاتجاه في تشريعات بعض الدول العربية ، كما كان معملاً به في قانون الاجراءات الجزائية الخاص بإمارة دبي سنة 1971 ، والذي ظل العمل به حتي صدور قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي رقم 35 لسنة 1992.
الاتجاه الثاني : يقوم على اسناد سلطة الاستقصاء لرجال الشرطة وسلطة التحقيق لقاضي التحقيق ، وسلطة الاتهام للنيابة العامة، ومن وجهة نظر أصحاب هذا الاتجاه أن جمع النيابة بين التحقيق والاتهام يجعلها خصماً وحكماًُ في وقت واحد ، الأمر الذي يخشى معه ان تؤثر صفة الخصم على صفة الحكم ، ولقد أخذت بعض التشريعات الاجرائية بهذا الاتجاه منها التشريع اللبناني والجزائري.
الاتجاه الثالث : فضل أصحابه جعل مسألة التقصي وبعض اجراءات التحقيق لرجال الشرطة على أن تتولى النيابة العامة سلطتي التحقيق والاتهام ومن القوانين الاجرائية التي أخذت بهذا النظام القانون المصري ، وقانون الاجراءات الجزائية الاماراتي رقم 35 لسنة 1992م.
الامر الذي يدفعنا إلى القول بأن مأموري الضبط القضائي الذين ورد النص عليهم في قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي لهم سلطات عامة تتعلق بأعمال الاستدلال وسلطات خاصة تتعلق  - استثناء – بأعمال التحقيق الابتدائي في الدعوى الجنائية.
ونرى بحث هذه السلطات في مطلبين نسبقهما بمطلب نستعرض من خلاله النطاق المكاني والزماني لسلطات مأمور الضبط القضائي ، وترتيباً على ذلك نقسم الدراسة في هذا المبحث إلى مطالب ثلاثة :
المطلب الأول : النطاق المكاني والزماني لسلطات مأمور الضبط القضائي
المطلب الثاني : سلطات مأمور الضبط القضائي المتعلقة بالاستدلالات.
المطلب الثالث : سلطات مأمور الضبط القضائي المتعلق بالتحقيق.





النطاق المكاني والزماني لسلطات مأمور
الضبط القضائي
لكي يكون عمل مأمور الضبط القضائي منتجاً في الدعوى الجزائية ينبغي أن يراعى قواعد الاختصاص المكاني والزماني وذلك على التفصيل التالي :
أولاً : الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي :
القاعدة في هذه الصدد أن مأمور الضبط القضائي يجب أن يتقيد عند مباشرته الاجراءات التي تخولها له صفته بحدود إختصاصه المكاني ، ويعد ذلك شرطاً لصحة إجراءاته .
ويتحقق اختصاص مأمور الضبط القضائي – وفقاً للسائد في القوانين الاجرائية المقارنة – بأحد معايير ثلاثة هي ، مكان وقوع الجريمة ، أو محل إقامة المتهم ، أو مكان ضبط المتهم ، إلا أن المشرع الاجرائي في دولة الإمارات العربية المتحدة رأي أن يقتصر على معيار المكان الذي وقعت فيه الجريمة لتحديد الاختصاص المكاني ، ولعل ذلك هو أكثر المعايير ملاءمة لطبيعة النظام الاتحادي الذي تقوم عليه الدولة .
وفي هذا الصدد تقضي المادة (142) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي بأن " يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة " ، وطبقاً للمادة (143) من ذات القانون " في حالة الشروع تعتبر الجريمة قد وقعت في كل محل وقع فيه عمل من أعمال البدء في التنفيذ ، وفي الجرائم المستمرة يعتبر مكاناً للجريمة كل محل تقوم فيه حالة الاستمرار وفي جرائم الاعتياد والجرائم المتتابعة يعتبر مكاناً للجريمة كل محل يقع فيه أحد الافعال الداخلة فيها ".
هذا وإذا تجاوز مأمور الضبط القضائي حدود اختصاص المكاني ، فإن اجراءاته تكون باطلة من الوجهة الاجرائية ، غير أنه لما كان الأصل في الإجراءات الصحة ، فإن عبء الإثبات في هذه الحالة يقع على من يدفع بعدم اختصاص مأمور الضبط ، وهو من الدفوع الإجرائية التي لا يجوز أثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
ويبقى التساؤل .. إلى أي مدى يمكن لمأمور الضبط القضائي أن يتجاوز حدود دائرة اختصاصه المكاني دون أن يؤثر ذلك على صحة ما قد يباشره من اجراءات ، كما لو تعقب المتهم أثناء تنفيذ أمر القبض عليه ، وتابعه أثناء محاولته الفرار إلى خارج دائرة اختصاصه المكاني ، أو صادف الشخص المطلوب القبض عليه في محل يقع خارج دائرة اختصاصه ، في واقع الأمر نعتقد ان اجراء مأمور الضبط القضائي في مثل هذه الفروض ، على الرغم من وقوعه خارج دائرة اختصاصه المكاني ، إلا أنه يعد صحيحاً استناداً إلى فكرة الضرورة الاجرائية ، وهي فكرة تجد صدى لها في العديد من نصوص قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي إلى جانب المبادئ المستمرة من أحكام القضاء.
فعلى سبيل المثال المادة (105) من قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي تنص على أنه " .... إذا قبض على المتهم خارج دائرة المحكمة التي يجري التحقيق فيها ، يرسل إلى النيابة العامة بالجهة التي قبض عليه فيها فوراً وعليها أن تتحقق من جميع البيانات الخاصة بشخصه ، ثم تحيله إلى النيابة العامة بدائرة المحكمة التي يجري التحقيق بها عن طريق السلطات العامة التي يتعين عليها ايصاله بأسرع وقت ...."
ومن تطبيقات القضاء بصدد امتداد اختصاص مأمور الضبط القضائي استناداً إلى فكرة الضرورة الإجرائية ، ما قضى به من أنه " إذا صادف مأمور الضبط القضائي المأذون له قانوناً تفتيش المتهم في دائرة اختصاصه ، ذلك المتهم – في أثناء توجهه لتنفيذ إذن التفتيش على شخصه – في مكان يقع خارج دائرة الاختصاص المكاني له وبدا له من المتهم المذكور من المظاهر والأفعال ما ينم على إحرازه جوهراً مخدراً ومحاولته التخلص منه ، فإن هذا الظرف الاضطراري المفاجئ هو الذي أوجد حالة الضرورة ودعا (الضابط) إلى ضبط المتهم  في غير دائرة اختصاصه المكاني للقيام بواجبه المكلف به ، ولم تكن لديه وسيلة أخرى لتنفيذ الأمر غير ذلك فيكون هذا الاجراء منه صحيحأً موافقاً للقانون ...."
ويضيف نفس الحكم تبريراً لامتداد الاختصاص بقوله " بأنه لا يسوغ في هذه الحالة أن يقف الضابط مغلول اليدين إزاء المتهم المنوط به تفتيشه إذا صادفه في غير دائرة اختصاصه وفي ظروف تؤكد إحرازه الجواهر المخدرة ".
كذلك قضى بأن " البحث عن متهم هارب من تنفيذ حكم يقتضي تعقبه لتنفيذ العقوبة عليه ، ولو تجاوز رجل الضبط القضائي في سبيل ذلك حدود اختصاصه الإقليمي" ، وأنه متى بدأت الواقعة في دائرة اختصاص مأمور الضبط القضائي وجب أن يمتد هذا الاختصاص بداهة إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها وإن اختلفت الجهات التي يقيمون فيها، مما يجعل له الحق عند الضرورة في تتبع الأشياء المتحصلة من الجريمة التي بدأ تحقيقها وأن يجرى كل ما خول القانون إياه من أعمال التحقيق.
ثانياً : النطاق الزماني لعمل مأمور الضبط القضائي :
القاعدة في هذا الشأن ، أن مأمور الضبط القضائي لا يتجرد من صفته في غير أوقات العمل الرسمية ، بل تظل هذه الصفة " الضبطية القضائية " ملازمة له حتى في أوقات راحته ، أي أن أهليته لمباشرة الأعمال التي أناطه بها القانون تظل قائمة ، حتى وإن كان في اجازة أو عطلة رسمية ، ما لم يوقف عن عمله أو يمنح أجازة إجبارية.
وهذه القاعدة لا تعني عدم تقيد مأمور الضبط – بحسب الاصل- بقواعد الاختصاص على اختلافها ، اللهم إلا في حالات الضرورة الإجرائية التي في ظلها يبقى نشاطه الاجرائي صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية.


سلطات مأمور الضبط القضائي
المتعلقة بالإستدلالات

تتمثل أعمال جمع الاستدلالات ، في مجموعة من الإجراءات غير الماسة بحرمة الفرد أو المسكن يباشرها مأمور الضبط القضائي في المرحلة السابقة على تحريك الدعوى الجنائية أمام سلطة  التحقيق المختصة ، والهدف من هذه الإجراءات هو الكشف عن الجرائم وضبط المتهمين فيها ، وجمع عناصر الإثبات اللازمة لمباشرة التحقيق الابتدائي والمحاكمة في شأنها، والقاعدة أن جمع الاستدلالات لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية ، بل هي من الإجراءات الأولية السابقة على تحريكها ، فهي من الإجراءات الممهدة لنشوء الدعوى الجنائية ومن ثم فهي لا تعد من مراحل الدعوى الجنائية ، على أن ذلك لا يعني توقف الحدود الزمنية لجمع الاستدلالات بمجرد تحريك الدعوى الجنائية ، فقيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأمور الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها بواجباته في الوقت ذاته الذي تباشر فيه عملها ، لذلك قضى بأنه " من الواجبات المفروضة قانوناً على مأمورى الضبط القضائي وعلى مرؤسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات ويجروا جمع التحريات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع الجنائية التي تبلغ إليهم أو التي يعلنون بها بأية كيفية  كانت وأن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية للتمكن من ثبوت تلك الوقائع وأن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضى توقف هؤلاء عن القيام – إلى جانبها – بهذه الواجبات ، وكل ما في الأمر أن المحاضر الواجب على مأموري الضبط القضائي تحريرها بما وصل إليه بحثهم ترسل إلى النيابة العامة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى ، تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها ".
وتتمثل سلطات مأمور الضبط القضائي في مرحلة الاستدلالات في النقاط التالية :
1 – تلقي البلاغات والشكاوي
2 – جمع المعلومات والحصول على الإيضاحات
3- سماع أقوال الشهود والمشتبه فيهم
4- المعاينة
5- الإستعانة بالخبراء
6- تحرير محضر بإجرءات الإستدلال.
ونرى بحث هذه الموضوعات بشئ من التفصيل:
(1)          تلقى البلاغات والشكاوي:
يجب على مأمور الضبط القضائي قبول الشكاوي والبلاغات التي ترد إليه بشأن الجرائم وأن يثبتها في محضر ثم يبعث بها فوراً إلى النيابة العامة وذلك حتى يتسنى لهذه الأخيرة أن تراقب مأمور الضبط القضائي، وتوجهه عند مباشرته عمله المتعلق بالاستدلال ، وأن تشرع في التحقيق – إذا رأت له محلاً – في وقت مناسب ، والشكوى كالبلاغ ، فهي إخطار بالجريمة يقدم إلى مأمور الضبط القضائي ، أو، كانت الشكوى تختلف عن الابلاغ في أنها حق للمجني عليه يباشره وفقاً لتقديره الشخصي بصدد جرائم معينه ، في حين ان الإبلاغ هو واجب وليس حق على كل من علم بوقوع جريمة كما عبرت عن ذلك المادة (37) من قانون الإجرءات الجزائية الاتحادي بقولها " على كل من علم بوقوع جريمة مما يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها ".
(2) جمع المعلومات والحصول على الإيضاحات.
يجب على مأمور الضبط القضائي متى علم بالجريمة أن يحصل على جميع الإيضاحات بشأنها ، بمعني أن يجمع كل ما يمكن جمعه من المعلومات عن الجريمة ومرتكبيها ، ويملك مأمور الضبط القضائي الإستعانة بكافة الوسائل المشروعة لإجراء تحرياته طالما أنها لا تنطوي على مساس بحرية الأفراد أو حرمة مساكنهم وطالما أن رجل الضبط لم يخلق فكرة الجريمة في ذهن الجاني بطريقة الخداع أو الغش أو التحريض ، فلا تثريب على رجل الشرطة أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلسل لمقصوده في الكشف عن الجريمة ، ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة ، من ذلك التخفي وانتحال الصفات واصطناع المرشدين ولو بقى أمرهم سراً مجهولاً ، فلا يصح أن يعاب على رجل الشرطة عندما نسب إلى علمه من أحد المرشدين أن المتهم – وهو رجل كفيف البصر – يتجر بالأفيون ويقوم بتوزيعه على العملاء في مكان عينه ، فاتصل به متظاهراً برغبته في الشراء فأخرج المتهم ما معه من المخدر للتأكد من جودة صنعه فألقى رجل الشرطة عندئذ القبض عليه ، فان ما فعله يكون اجراء مشروعاً (8).
(3) سماع أقوال الشهود والمشتبه فيهم :
تنص المادة (40) من قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي على أنه " لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الأدلة ان يسمعوا أقوال من تكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك " والقاعدة أن الشاهد في مرحلة الاستدلال من حقه الحضور للإدلاء بمعلوماته عن الواقعة ، ومن حقه عدم الامتثال لطلب الحضور وفي هذه الحالة لا يجوز لمأمور الضبط اللجوء إلى القوة الجبرية لإجباره على الحضور، فاذا كانت شهادته ضرورية للكشف عن الجريمة ومرتكبها ، جاز لمأموري الضبط اللجوء إلى النيابة العامة لاستصدار أمر بالقبض عليه واحضاره ، ولا يجوز لمأموري الضبط القضائي تحليف الشاهد اليمين إلا أذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع شهادته ، على أنه اذا حلف الشاهد اليمين فلا بطلان ، والقاعدة أيضاً أن المشتبه فيه لا يجبر على الحضور لسماع أقواله حول الجريمة المشتبه انه ارتكبها ، فلا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بالقبض عليه أو ضبطه وإحضاره ذلك أن هذه الأوامر من إجراءا ت التحقيق التي لا يملكها مأمور الضبط إلا في حالات معينة ، وكل ما يملكه هنا هو أن يطلب من سلطة التحقيق اصدار أمرها بالقبض على الشخص المطلوب حضوره .
وسؤال المشتبه فيه يعني توجيه التهمة إليه وإثبات أقواله بشأنها دون مناقشته فيها تفصيلاً أو مواجهته بالأدلة القائمة ضده ، وهو بهذا المعنى يختلف عن الاستجواب الذي يهدف إلى مناقشة المتهم تفصيلاً في الجريمة المسندة إليه وهو إجراء لا يملكه مأمور الضبط القضائي بحسب الأصل.
(4) المعاينة :
يقصد بالمعاينة إثبات حالة الأماكن والاشخاص وكل ما يفيد في الكشف عن الحقيقة ، فبالنسبة للمكان ينبغي وصف المكان والظروف التي كانت سائدة وقت ارتكاب الجريمة كباب غرفة مكسور أو أثاث مبعثر أو خزانة مفتوحة ، وبالنسبة للجانب ينبغي على مأمور الضبط البحث عن أي آثار يكون قد تركها كالبصمات أو جزء من الملابس أو شعر ، وبالنسبة للمجني عليه معاينة ملابسه وكذلك شكل الإصابة والتلوثات التي بها.
وتجوز المعينة في جميع أنواع الجرائم  التي من الممكن أن يتخلف عنها آثار مادية في محل الواقعة ، وقد تكون المعاينة في مكان عام كالشوارع والمقاهي والمحال العامة ، أو في مكان خاص كالمنازل وفي الحالة الأولى تعد من إجراءات الاستدلال ، أما في الحالة الثانية فتعد من إجراءات التحقيق ومن ثم لا يجوز لمأمور الضبط القضائي  مباشرتها إلا في حالة التلبس أو الندب من النيابة العامة أو رضاء صاحب المكان.
(5) الاستعانة بالخبراء :
اجازات المادة (40) من قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي لمأموري الضبط القضائي أن يستعينوا بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة ، وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة في المسألة المراد الاستفسار عنها وتسري على الخبراء نفس القواعد الخاصة بالشهود من حيث عدم جواز تحليفهم اليمين إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع أقوالهم، وتجدر الإشارة إلى أنه لا تعتبر كما لايكون لتقاريرهم صفة تقارير الخبراء ، وانما ترفق بمحاضر جمع الاستدلالات باعتبارها من قبيل الشهادة المكتوبة ولا يجوز أن يؤسس الحكم الصادر بالإدانة على ما جاء في هذه التقارير فقط .
(6) تحرير محضر بإجراءات الاستدلال
تنص المادة (36) من قانون الاجراءات الجزائية الاتحادي والمعدلة بالقانون رقم (29) لسنة 2005 على أنه " يجب أن تثبت جميع الاجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الاجراءات ومكان حصولها ، ويجب أن تشتمل تلك المحاضر زيادة على ما تقدم تواقيع المتهمين والشهود والخبراء الذين سئلوا . وفي حالة الاستعانة بمترجم يتعين توقيعه على المحاضر المذكورة . وترسل المحاضر إلى النيابة العامة مع الأوراق والأشياء المضبوطة"، ولم يستلزم القانون ان يصطحب مأمور الضبط معه كاتباً وقت مباشرته لهذا الاجراء اللهم إلا في الأحوال التي يباشر فيها مأمور الضبط إجراء بوصفه سلطة تحقيق وليس بوصفه سلطة استدلال ، وإن كان استعانة مأمور الضبط بكاتب في مرحلة الاستدلال لا يرتب البطلان ما دام تحرير محضر الاستدلال قد تم تحت إشرافه وذيل بتوقيعه .
والتساؤل عن الأثر المترتب على مخالفة وجوب تحرير المحضر:
أعتبر القضاء أن تحرير هذا المحضر يعد من قبيل تنظيم العمل وضمان حسن سيره ولا يترتب على مخالفة وجوب تحرير البطلان .
ومن جانبنا نعتقد ان القانون قد رسم بل أوجب طريقاً واحداً للإثبات في هذه الحالة وهو تحرير محضر الإستدلالات ، فإذا أغفل مأمور الضبط تدوين ما اتخذه من اجراءات مكتفياً بأقواله في محضر تحقيق النيابة فان الامر لا يعدو أن يكون مجرد إدلاء بشهادة.
مدى جواز اصطحاب محام للمتهم في مرحلة جمع الاستدلالال:
ان جمع الاستدلالات ليس اجراء من اجراءات التحقيق . يترتب على ذلك أن المشتبه فيه في مرحلة جمع الاستدلالات لا تثبت له صفة المتهم باعتبار أنها تثبت بأول اجراء من اجراءات التحقيق ، فطالما أن مأمور الضبط القضائي يباشر إجراءات التحقيق ، فطالما أن مأمور الضبط القضائي يباشر إجراء من اجراءات الاستدلال وليس إجراء من إجراءات التحقيق المخولة له استثناء فلا تثبت صفة المتهم للمشتبه فيه ، ومن ثم لا يجوز له التمسك باصطخاب محاميه في هذه المرحلة ، والأمر متروك لمأمور الضبط القضائي الذي له أن يسمح بذلك أو أن يتغاضى عنه ، على حين أنه لو كان ما يقوم بها مأمور الضبط القضائي هو اجراء من اجراءات التحقيق فيحق للمتهم التمسك بحضور محاميه أثناء التحقيق . يؤكد على صحة ذلك أن النص على الاستعانة بمحام لم يرد ذكره في القانون الاماراتي في مرحلة جمع الأدلة بمعرفة مأمور الضبط القضائي ، وإنما جاء في تحقيق النيابة العامة أثناء الاستجواب والمواجهة " المادة 100 من قانون الإجراءات الجزائية الإتحادي".

Post a Comment

Previous Post Next Post