ما هي مركِّبات البيئة
وكيف تؤثّر على شروط البيئة؟
الماء
الماء هو مركِّب ضروريّ
في كلّ بيئة حياتية، وبدونه لا يمكن وجود الحياة. يشكّل الماء بين %70 وَ %80 من حجم
جسم معظم المخلوقات الحيّة، وهو الوسط (المادّة) الذي يذيب الموادّ المختلفة في خلايا
الجسم. بدون الماء لا يمكن أن تحدث العمليات الحياتية (التفاعلات البيوكيميائية في
جسم المخلوقات الحيّة). تستوعب جميع المخلوقات الحيّة الماء من البيئة (عن طريق الشرب
أو الأكل أو عن طريق استيعاب مباشر من البيئة)، وتفقد ماءً (عن طريق إفراز العرق، بالإفرازات،
بالتبخير إلى البيئة)، ومن المهمّ أن تكون موازنة الماء في الجسم سليمة. الماء هو أيضًا
بيئة حياتية لجميع المخلوقات التي تعيش في المجمّعات المائية المختلفة. لذلك كمّية
الماء- رطوبة الهواء، رطوبة التربة- هي شروط هامّة في كلّ بيئة حياتية. في البيئة التي
كمّية الماء فيها قليلة، كالصحراء مثلاً، تستطيع العيش فقط مخلوقات صفاتها ملاءمة للحياة
في شروط قلّة الماء.
الهواء
هواء الكرة الأرضية هو
مركِّب بيئي ضروريّ، في الأساس بسبب غازين موجودين فيه: الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون.
معظم المخلوقات الحيّة تحتاج إلى الأوكسجين، في عملية التنفّس. يساعد الأوكسجين في
تحليل السكّر داخل خلايا الجسم (وأحيانًا في تحليل موادّ عضوية أخرى أيضًا)، وفي إطلاق
الطاقة (الكيميائية) الضرورية للعمليات الحياتية. تستوعب المخلوقات اليابسية (البرّية)
الأوكسجين مباشرةً من الهواء، والمخلوقات
التي تعيش في الماء تستوعب الأوكسجين المذاب
في الماء. يحتلّ الأوكسجين حوالي %20 من حجم الهواء، لذلك في معظم البيئات الحياتية
اليابسية لا يعتبر عاملاً محدّدًا (في علم البيئة، العامل المحدّد هو مركِّب أو شرط
كمّيته قليلة بالنسبة للحاجة إليه، ولذلك يحدّ من تطوّر المخلوقات الحيّة في البيئة).
في الارتفاعات العالية فقط، في الأماكن التي كمّية الهواء فيها قليلة، يمكن أن يشكّل
الأوكسجين عاملاً محدّدًا. ذائبية الأوكسجين في الماء منخفضة، وتنخفض أكثر في الماء
الساخن (في درجة حرارة الغرفة، تركيزه في الماء أقلّ بثلاثين ضعفًا من تركيزه في الهواء).
لذلك في البيئات الحياتية داخل الماء، تركيز الأوكسجين يمكن أن يكون عاملاً محدّدًا
بالنسبة للمخلوقات التي تعيش هناك.
ثاني أكسيد الكربون الذي
في الهواء أو المذاب في الماء، ضروري لجميع المخلوقات التي تقوم بالتركيب الضوئي، لأنّه
أحد الموادّ المتفاعِلة في عملية إنتاج السكّر. تركيز CO2 في الهواء هو حوالي %0.04 ولأنّه يذوب جيّدًا في الماء، يشبه تركيزه في الماء
في درجة حرارة الغرفة تركيزه في الهواء (عمليًا يذوب CO2 في الماء ويُنتِج هناك
حامضًا كربونيًا ضعيفًا- H2CO3
). نباتات اليابسة
تستوعب CO2 مباشرةً من الهواء، الطحالب
والنباتات المائية تستوعب CO2 المذاب في الماء، وفي معظم
الحالات لا يوجد نقص في هذا الغاز، الذي تركيزه آخذ في الازدياد بتأثير الإنسان.
لبخار الماء ولثاني أكسيد
الكربون ولموادّ أخرى موجودة في الهواء أهمّية إضافية: تؤدّي إلى ظاهرة طبيعية هامّة
وهي الاحتباس الحراري، التي تحافظ على حرارة الكرة الأرضية وتمنع هروبها إلى الفضاء.
بفضل الاحتباس الحراري، معدّل درجات الحرارة على الكرة الأرضية هو Co17. يقدّر العلماء أنّه لولا وجود الاحتباس الحراري
لانخفضت درجة الحرارة على الكرة الأرضية بـِ Co35،
ووصلت إلى معدّل Co18- ( 18 درجة مئوية تحت الصفر!).
في هذه الشروط ستتجمّد المحيطات والوديان، والكرة الأرضية تتحوّل إلى صحراء من الجليد.
الضوء
الضوء هو مصدر الطاقة في
عملية التركيب الضوئي عند النباتات. لذلك تؤثّر شروط الإضاءة (شدّة الضوء ومدّة التعرّض
للضوء) على تطوّر النباتات. طول النهار (عدد ساعات الضوء في اليوم) يتغيّر خلال السنة
تدريجيًا وبصورة ثابتة. تشعر مخلوقات كثيرة بهذه التغيّرات، وتستجيب لها بسلوكها وبفسيولوجيتها.
يؤثّر طول النهار، مثلاً، على عمليات تساقط أوراق الأشجار وإنتاش وإزهار نباتات كثيرة،
وعلى تبدّل ريش وفروة الطيور والثدييات، وعلى أوقات هجرة الطيور أو تكاثر حيوانات كثيرة.
في الأماكن التي تنخفض فيها شدّة الضوء، في أعماق البحر مثلاً، أو في ظلّ الأشجار الكثيفة،
يقلّ عدد المخلوقات التي تقوم بالتركيب الضوئي.
الحرارة
الطاقة التي على شكل حرارة
هي أحد مركِّبات البيئة. مصدر الحرارة هو من أشعّة الشمس أو من العمليات التي تحدث
في أعماق الأرض. درجة الحرارة هي المقياس لمستوى الحرارة وأحد الشروط الحياتية الهامّة
في البيئة. تستطيع معظم المخلوقات العيش في مجال درجات حرارة ضيّق، لا يتعدّى Co40. مع ذلك، توجد على الكرة الأرضية مخلوقات يمكنها
أن تعيش في درجات حرارة متطرّفة، من
Co50- (خمسين درجة مئوية تحت الصفر،
في المناطق الجليدية) وحتّى Co50 وأكثر (في الصحاري وفي
المداخن التي تطلق حرارة في أعماق المحيطات وفي الينابيع الحارّة وغيرها).
التربة
التربة هي ناتج تبلية للصخور
التي تركِّب الكرة الأرضية، وتشكّل وسط تنمية للنباتات، مكانًا تتماسك الجذور فيه،
وتستوعب منها الماء والأملاح المعدنية. التربة هي أيضًا بيئة حياتية للمخلوقات التي
تعيش داخلها، كالخلد والدودة الحمراء والنمل مثلاً. التربة مبنية من حبيبات حجمها وتركيبها
الكيميائي وتنظّمها (كثافتها) تؤثّر على صفاتها. يوجد بين الفراغات التي بين حبيبات
التربة هواء يشكّل مصدر الأوكسجين الضروري لتنفّس جذور النباتات والحيوانات التي تعيش
في التربة. حبيبات التربة تمتزّ الماء بكمّية تتعلّق بصفاتها. كلّما كانت في التربة
كمّية أكبر من المادّة العضوية، استطاعت امتزاز كمّية أكبر من الماء.
المخلوقات الحيّة
المركِّبات الأحيائية في
البيئة الحياتية تشمل جميع تنوّع المخلوقات التي تعيش فيها. تحدّد هذه المركِّبات بمدى
كبير، الشروط المعيشية في كلّ بيئة حياتية. تؤثّر المخلوقات الحيّة على الشروط اللاأحيائية
في البيئة. على سبيل المثال، الحيوانات التي تحفر وتختبئ في التربة تتيح دخول الهواء
والماء إلى التربة بسهولة. تستوعب النباتات ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتُطلق كمّيات
كبيرة من الأوكسجين إلى الهواء، في عملية التركيب الضوئي.
توجد بين المخلوقات التي
تعيش في البيئة علاقات متبادلة مركّبة، ولهذه العلاقات أيضًا تأثير جوهري على الشروط
المعيشية. أحيانًا تحتاج المخلوقات لبعضها البعض، كما في حالة الصنوبر وفطر الأورنيا.
أحيانًا تتنافس فيما بينها للحصول على مورد كمّيته محدودة، كالتنافس على الضوء بين
الأشجار والنباتات التي تتسلّق عليها. وهناك مخلوقات تأكل مخلوقات أخرى، كالعصافير
التي تتغذّى من ثمار نباتات الحرش أو النسناس الذي يفترس الثعابين.
إجمال
كلّ بيئة حياتية هي منظومة
بيئية مركّبة، يمكن أن نرى فيها المركِّبات المختلفة والعلاقات والتأثيرات المتبادلة
بينها. لكن من المهمّ التنويه إلى انّه في الواقع يصعب عزل تأثير أحد المركِّبات، لأنّ
المركِّبات المختلفة تعمل معًا وتؤثّر وتتأثّر ببعضها البعض.
أ. وصف العملية التدريسية
الاعتبارات: المصطلحان
"منظومة بيئية" وَ "بيئة حياتية" هما مصطلحان معقّدان، يحتاج فهمهما
إلى قدرة على التفكير المعمّم وإدراك منظوماتي. من المهمّ أن يتمّ الفهم الجيّد للبيئة
الحياتية ومركِّباتها، بواسطة جولة ومشاهدة لتنوّع الشروط الموجودة في البيئة، حتّى
وإن كانت بيئة مساحتها صغيرة. يجب منح أولوية لجولة خارج ساحة المدرسة، لكن إذا لم
يكن الأمر ممكنًا، يمكن التجوّل في ساحة المدرسة. من المهمّ تحضير إرشادات مفصّلة للجولة،
توجّه الطلاّب لكشف وتشخيص مركِّبات في البيئة، والتحدّث عن أسباب عدم توزّع النباتات
والحيوانات في مساحة عشوائية. على سبيل المثال، بالقرب من حنفيات المياه، التي التربة
بالقرب منها رطبة، يُرجَّح أن تنمو نباتات مثل: عرق النجيل وَ "أعشاب ضارّة"
أخرى، التي تختلف عن أنواع النباتات المزروعة "كجدار حيّ" في الساحة. إجمال
الجولة والحديث عن النتائج التي اكتُشفت فيها، يُبرِز المصطلحات الأساسية التي ترتبط
بالبيئة وبمركِّباتها الأحيائية واللاأحيائية، ويؤدّي إلى بناء التعميمات اللازمة في
نهاية العملية التعليمية
.
لتوضيح أنّ جميع المخلوقات
التي تعرّف عليها الطلاّب في القسم السابق ليست موجودة في كلّ مكان على الكرة الأرضية،
نوصي بالتحدّث عن المصطلح بيوسفيرا، وإجراء نقاش قصير في الأسئلة المتعلّقة بالبيوسفيرا،
مثل: هل البيوسفيرا متجانسة من ناحية الشروط التي تسود فيها؟ هل كلّ تنوّع المخلوقات
موجود في كلّ مكان فيها؟ ما الذي يمكنه أن يؤثّر على توزيع المخلوقات في المنطقة؟ نوصي
في وقت لاحق بالانتقال إلى تحليل حالة لبيئة حياتية عينية، مثل: القيام بالفعالية
"البيئة الحياتية في حرش الكرمل" (في هذه الوحدة). يقرأ الطلاّب وصف بيئة
الحرش، والمعلّمون يوجّهون الحديث عن المركِّبات البيئية المذكورة في النصّ، وعن تصنيف
المركِّبات اللاأحيائية والأحيائية. فقط بعد القيام بفعالية الحرش، من الجدير التعرّف
على أمثلة لبيئات حياتية أخرى، تتميّز عن بعضها البعض في كِبَرها وفي الشروط التي تسود
فيها.
معرفة أنّ المركِّبات اللاأحيائية
للبيئة تؤثّر على ظواهر وعمليات كثيرة في المخلوقات الحيّة، يمكن تجسيدها من خلال تحليل
أمثلة مختارة. لهذا الغرض، نوصي بتقسيم الصفّ إلى مجموعات، تركّز كلّ واحدة منها وتبحث
ظاهرة معيّنة. الفعالية "ما هي العلاقة؟" (في هذه الوحدة)، يمكنها الإجابة
عن هذه الحاجة، لكن بإمكان المعلّمين اقتراح ظواهر أخرى لها صلة وإتاحة الفرصة للطلاّب
لاختيار ظواهر أخرى لها صلة، كما يشاءون، وبحثها. تجمع كلّ مجموعة معلومات عن الظاهرة
أو عن العملية المختارة، وعن المركِّب أو الشرط اللاأحيائي الذي يؤثّر عليها، وتنظّم
المعلومات تمهيدًا لعرضها أمام الصفّ. من المهمّ التأكّد بأن تشمل الظواهر التي ستبحثها
المجموعات المختلفة في الصفّ تنوّعًا من البيئات الحياتية وكذلك مركِّبات لاأحيائية
مختارة.
هناك طريقة أخرى لتدريس
الموضوع وهي إتمام فعالية الموضوع السابق، التي حصل فيها كلّ طالب على اسم مخلوق وحضّر
له "بطاقة هوية". في هذه المرحلة يستطيع الطلاّب إضافة وصف للبيئة الحياتية
للمخلوق الذي حصلوا على اسمه، وتصنيف الوصف إلى مركِّبات حيّة وجامدة.
بهذه الطريقة يمكن أن نضمن
أنّ الطلاّب في إجمال الموضوع، سيتعرّفون على مخلوقات حيّة مختارة، تعيش في بيئات متنوّعة،
ويكون بإمكانهم كتابة حجاجات وتعليلها وتفسيرها من خلال أمثلة كثيرة قدر الإمكان. تدريس
الموضوع بهذه الطريقة يمكّن إكساب المهارات التالية: جمع معطيات من مشاهدة، من نصّ،
من صورة، من فيلم، تنظيم وعرض المعلومات بطرق مختلفة (في جدول، في رسم بياني، في مخطّط
وما شابه)، استنتاج استنتاجات وتقديم تقرير.
ب. الصعوبات المميّزة
المصطلحات "المركِّبات
البيئية"، "الشروط البيئية"، "العوامل البيئية" تتعلّق ببعضها
البعض، لكن لكلّ واحد منها دلالة مغايرة. من شأن ذلك أن يؤدّي إلى بلبلة لدى الطلاّب،
وتصعيب فهم البيئة كمنظومة معقّدة بقدر أكبر.
ج. اقتراحات لمواجهة الصعوبات
معالجة التمييز بين
"المركِّبات البيئية" (اللاأحيائية والأحيائية) وبين "الشروط البيئية"
(التي يمكن قياسها)، من خلال تحليل بيئات حياتية مختلفة تشتمل على مركِّبات بيئية متشابهة،
لكنّ شروطها البيئية مختلفة. نوصي بعدم استعمال المصطلح "العوامل البيئية"،
إلاّ في سياق التجارب، التي نعزل فيها عوامل ونتطرّق إلى تأثيرها.
إرسال تعليق