الأردن

        ينفرد شهر الصوم في الأردن بتلك الخيام التي ينصبها الأهالي في الأحياء الشعبية لاستخدامها في الجلسات الرمضانية ويشهد السوق الأردني حركة شراء واسعة لتأمين احتياجات الناس من المؤن مثل الأرز والتمر هندي والحلويات وأنواع العصير. ويتم تبادل الأطعمة بين الجيران، علاوة على تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب وتفطيرهم في البيوت حيث ينتظر الجميع إعلان أذان المغرب ومدفع الإفطار، ليبدأوا فطورهم الجماعي، بعدما يؤدي الرجال والنساء صلاتي العشاء والتراويح في مساجد الأحياء القريبة.
  وكان المسحراتي يتم أخياره في الماضي بالأردن من قبل وجهاء المناطق والحارات وأئمة المساجد، واغلب المسحراتية اليوم هم من ورثوا هذه المهنة عن آبائهم، وكان المسحراتية سابقاً يستخدمون الفناجين النحاسية عن طريق طرقها ببعضها البعض لتنبيه النائمين للسحور مع استخدام الصوت للمناداة عليهم عبر العبارة التالية:
يانايم وحّد الدايم
تسحروا فإنّ في السحور بركة
  ثم استبدلت الفناجين بالطبل حتى يصل صوته إلى أبعد مكان، أو الطرق على الأبواب لينادي على صاحب البيت باسمه، أو استخدام مكبر صوت أيام فصل الشتاء الماطر للنداء من فوق المآذن. 
   ويودع الناس في الليلة السابعة والعشرين شهر الصيام، ويتهيأون لاستقبال عيد الفطر المبارك في الأردن، ويقوم الرجال بإحياء ليلة القدر المباركة في المساجد، بينما كان المسحرون منذ هذه الليلة يقومون بالتوحيش لوداع رمضان بأطرف المدائح قائلين: 
لا أوحش الله منك يا رمضان
يا شهر الكرم والإحسان
يا شهر الخير والغفران
    أما في الأيام الثلاثة الأخيرة التي يسمونها بـ ليالي الجبر، أي جَبْر خواطر الناس الفقراء والأيتام، فيقومون بإخراج زكاة الفطر. وتنهمك النسوة في ليلة العيد في تنظيف البيوت، ويعكفن على صنع الحلويات مثل المعمول والغريبة وأقراص العيد التي تقدم للضيوف مع القهوة السادة. 
    ويذهب الناس للترحم على الموتى في المقابر والعودة إلى البيوت وتقسم الزيارات على عدد أيام العيد، فأول يوم العيد تتم الزيارات المكثفة للوالدين والأخوات والأخوة والجيران والأصدقاء، وتقدم العيدية للأطفال، وتعقد الاجتماعات العائلية في ثاني يوم من أيام العيد، وتتم معايدة الأصدقاء الآخرين في أخر أيام العيد، مع اصطحاب الأولاد للتنزه في الحدائق العامة ومدن الألعاب وهم في أبهى زينة. وينشد الأطفال بعض الأغاني الخاصة بهم وهم يلهون في المراجيح ومنها أغنيتهم التي تقول  
اليوم عيــدي يا لالا 
والبيت جديـدي يا لالا 
فستان مكشكش يا لالا
ع عالصدر مرشرش يا لالا 
اليوم العيد وبنعيِّـد 
نذبح بقرة السيِّــد 
والسيِّد مالو بقـرة
نذبح بنته هالشقرة
  ولأهل المناطق الريفية تقليد يحرصون عليه في أول أيام عيد الفطر، فبعد صلاة العيد يتناول أهالي القرية طعام الفطور بالديوان- أو البيت الكبير. وتكون مائدة الغذاء مخصصة لطبق المنسف الذي يتألف من الأرز ولحم الغنم أو الدجاج واللبن ويُسمى الجميد - اللبن المُجفف- ويتم تحليله بالماء، ويسخن على النار حتى يختلط بماء اللحم المسلوق وليتم وضع الأرز في الصينية ثم اللحم  المسلوق بعدها  يُصبُّ المرق الذي يميل لونه إلى اللون الأبيض وهو ذاته لون الجميد. وللبدو نوع  من الحلوى خاص بالعيد يُسمى لزّاجيات ويصنع من الطحين والعسل الأبيض.



فلسطين

    يلاحظ على ليالي الشهر المبارك في المدن والقرى الفلسطينية السّهر والبهجة والترفيه البريء، فعقب غروب الشمس تُضاء الطرقات والشوارع والمآذن والمحلات التجارية في الأسواق، التي تعرض أنواعاً من الحلويات والبذورات والأشربة الخاصة بصائمي رمضان. 
 ومن أصناف الأطعمة الرمضانية التي تحرص النسوة في المدن الفلسطينية على تقديمها ضمن مائدة الفطور المقلوية وتتكون من الأرز ومقلي الباذنجان أو الزهرة أو البطاطا، وكذلك البصل المقلي والثوم، ويوضع اللحم بعد النضج أسفل الوعاء–الحلة- وتضاف إلى الثوم المقلي والأرز التوابل ويسكب المرق ليوضع على نار هادئة حتى النضج، ثم تضاف إليه ملعقة سمن على الأرز، وبعد ذلك تقلب في صينية وتقدم كما هي مع اللبن "الزبادي" أو سلطة خضار.
   ولليالي الشهر الكريم في الأرض المحتلة طعمها الخاص للتواصل مع العادات المتوارثة بين الأجيال، ومن تلك العادات التي تقدم في ليالي رمضان المبارك تشكيل فرقة جوالة تعرف بـ الحوّاية، أو المدّاحة التي تجوب الأحياء والأزقة بعد تناول الفطور. ويقف أفرادها في زاوية مظلمة من دهاليز أحد البيوت ويشرعون منشدين بصوت واحد:
لولا فلان ما جينا( يسمون صاحب البيت)،
حلُّو الكيس وأعطونا،
أعطونا حلاوانا، صحنين بقلاوة،
جاي علينا جاي،
بأيدنا العصاي نضرب الحواية،
وإرغيفين شلبيات،
وارغيفين حلبيات،
حي الله يا بلاد الشام،
فيها الخوخ والرمان،
دولابي يا دولابي،
يا سكر حلابي
وعندما يسمع نداء الأولاد يتجمع الأطفال الآخرون معهم، وسرعان ما ينفرد أحد الأولاد ليصبح رئيسا عليهم ويصعد على كتف أقواهم، وينادي بصوت عال مخاطباً صاحب الدار وعائلته:
        الله يخلي له أمه
       الله يخلي له أبوه
        الله يخلي له ابنه
   وتردد الجماعة بعده آمين. وما إنْ يسمع أهل الدار هذا الدعاء، حتى يخرج عليهم أحدهم ليوزع لكل واحد ما يحمل من حلوى كالزلابية والقطائف، بينما يتسلم رئيس الأولاد قطعا نقدية، فيغادرون هذا البيت، ليزوروا بيتا آخر يقيمون أمامه الحوايّة من جديد.
  ولعلّ أهم أحداث ليالي رمضان في فلسطين المحتلة تقديم فصول القرقوز- الكراكوز-ويعني باللغة التركية العيون السُود، وتهدف من خلال سردها لحكايات فكهة إلى توجيه النقد اللاذع لعدد من الظواهر الاجتماعية المحليّة، علاوة على تقديم السلوى البريئة والترفيه الذي لا يخلو للمشاهدين من فائدة، بقضاء ليالي رمضان في سهرات جماعية تضم الأهل والأصدقاء. 
   وغالباً ما تكون صلاة العيد عند الفلسطينيين في المسجد الأقصى الشريف على الرغم من منع المحتلين لهؤلاء من أداء شعائرهم الدينية وتستعد النسوة بعمل الحلويات الشعبية مثل المعمول، وحلي سنونك، واليحميك، وسحلب كينور، وهو نبات يغلى ويحلى ويضاف إليه الزنجبيل ويقدم ساخنا للضيوف. ومما تقدمه العوائل في فلسطين المحتلة البرازق والنقوع، وهي بذور لها رائحتها الزكية، والقضاعة-  الحمص المطحون والممزوج بالملح- ويقدمون أيضا المدلوقة وتصنع بطريقة عمل الكنافة نفسها، ولكنها تؤكل نيئة من غير وضعها في النار. 
   وهناك أغانٍ يؤديها الأطفال في اليوم الأخير من شهر رمضان، وأغانٍ أخرى تغنى أيام عيد الفطر السعيد. ومن الأغاني التي تغنى في العيد أغنية قديمة جداً مصدرها من شمال فلسطين، يعتمد الأطفال فيها على اللحن والقافية تقول كلماتها:
والعيد رَوّح ع حيفا              جاب الخُرج مليانّـه
فرّق على بَنَاتُـه                وخلّى العروس زعلانَه
لاتزعلي يا عروس                 بَعْدَه الخُرج مليانّه
وإحنا بنات العيد                والعيد أبــــونــا
أجو شباب البلد                  تـَ يخطبُوهـــــا

Post a Comment

Previous Post Next Post