تشكل
البيانات المالية الأساس لمعظم العمليات التحليلية المتعلقة بالانضباط الاقتصادي
ولذلك من استعراض طبيعة هذه البيانات ، ومحدداتها من أجل فهم مدى المنفعة والدور
الذي يمكن أن تؤديه في التحليل المالي، وتعتبر الميزانية المحاسبية، وحسابات
النتائج مخرجات نظام المحاسبة المالية ، أهم البيانات المالية ولكن نتيجة للتطورات
الاقتصادية لم تعد النتائج التي تظهرها تلك القوائم كافية لأغراض الاستثمار
والتمويل وصناعة القرارات المختلفة ولذلك كان لابد من خضوع تلك البيانات للتحليل
بهدف الوقوف على حقيقة الوضع المالي للمؤسسة ودراسة أسباب نجاحها وفشلها ويعد
التحليل المالي أداة فعالة في هذا المجال فهو يساعد في تقييم الأداء وفي التخطيط
المستقبلي لكافة النشاطات حتى أنه يعمل على إخضاع ظروف عدم التأكد للرقابة
والسيطرة.
طبيعة
التحليل المالي:
تعتبر قائمة المركز المالي (الميزانية)
والحسابات الختامية مخرجات نظام المحاسبة المالية، والتي تظهر نتيجة أعمال الوحدة
من ربح أو خسارة ، وتوضح كذلك المركز المالي للوحدة، وحقوق أصحاب الوحدة ، ونتيجة
للتطورات الاقتصادية، لم تعد النتائج التي تظهرها تلك القوائم كافية لأغراض
الاستثمار والتمويل وصناعة القرارات المختلفة، ولذلك كان لابد من خضوع تلك
البيانات للفحص والتدقيق والتحليل بهدف الوقوف على حقيقة وضع الوحدة ودراسة أسباب
نجاحها، وفشلها، خاصة وأن النجاح والتقدم يجب أن يكون وليد الصدفة ، أو نتيجة
مؤثرات خارجية ليس للوحدة عليها أية تأثير، كالأحوال الاقتصادية، وتغيرات مستويات
الأسعار، ولذلك لابد للوحدة الاقتصادية من تخطيط نشاطاتها للفترة المقبلة ، ويحتاج
التخطيط إلى رقابة التنفيذ وتقييم الأداء ، وتحديد الانحرافات باللجوء إلى أدوات
التحليل المالي، الذي أصبح يساعد في تقييم الأداء ، ويساعد في التقييم المستقبلي
لكافة النشاطات، حتى يعمل على إخضاع ظروف
عدم التأكد للرقابة والسيطرة.
سنحاول من خلال هذا المبحث ، تقديم نظرة شاملة
وواضحة عن التحليل المالي، بالطرق إلى نشأته والعوامل التي ساهمت في زيادة أهميته
، إضافة إلى أهدافه ومقوماته ، وخطواته وأيضا طبيعة البيانات اللازمة للتحليل
المالي ، ومصادرها وأخيرا ، نواحي القصور في البيانات المالية المنشورة باعتبارها
المادة الأساسية للتحليل المالي،
ودور التحليل المالي في اتخاذ القرارات الإدارية.
تطورات
التحليل المالي، والعوامل التي ساهمت في زيادة أهميته:
بدء الاهتمام بالتحليل مع بدايات هذا القرن
وخاصة مع زيادة انتشار الشركات المساهمة بما فرضته من فصل بين الإدارة والملكية ،
وفي البداية انصب الاهتمام على قائمة المركز المالي (الميزانية ) باعتبارها
القائمة الهم وكان جل الاهتمام في التحليل ينصب على مصادر التمويل الطويل الأجل.
ومع اتساع الدور المصرفي ، وخاصة في مجال
تقديم التسهيلات الائتمانية أصبح للميزانية
دورا أساسيا في الموافقة على تقديم التسهيلات الائتمانية المطلوبة من
المنشآت ويعود ذلك إلى تاريخ 9/2/1895 وذلك عندما أقر المجلس التنفيذي لجمعية
مصرفيين ولاية نيويورك « التوصية إلى أعضاء هذه الجمعية بأن يطلبوا ممن يقترضون
المال من المؤسسات التي يتبعون لها أن يزودونهم ببيانات مكتوبة حول الأصول
والالتزامات الخاصة بهم، وذلك بالصيغة التي توصي بها لجنة البيانات الموحدة
والالتزامات الخاصة بهم، وذلك بالصيغة التي توصي بها لجنة البيانات الموحدة
للمجموعات المختلفة».
ومنذ تلك الفترة تم بحث هذا الموضوع باستفاضة
، وقد أوصى كبار المصرفيين المعروفين باستعمال البيانات لأغراض منح التسهيلات
الائتمانية ، ولقد تمت التوصية ولأول مرة على ضرورة تحليل هذه البيانات في عام
1906 وكان الرأي حينئذ بضرورة إجراء تحليل شامل للبيانات من قبل المسؤولين عن منح
التسهيلات الائتمانية وذلك عن طريق الدراسة ، والمقارنة حيث يسمح ذلك بمعرفة نقاط
الضعف والقوة في تلك البيانات ، ولقد لاقت فكرة المقارنة قبولا جيدا ، وبدأوا
يفكرون في أي البيانات ينبغي مقارنتها، وفي عام 1908 تم اعتماد القياس الكمي
بواسطة النسب.
ولقد فرضت أزمة الكساد العالمية (1929-1933)
بما أفرزته من إفلاس لشركات كثيرة في العالم إلى توجه الاهتمام في التحليل المالي
إلى قضيتين أساسيتين في المنشآت الأولى وهي دراسة سيولة المنشآت وخاصة أن غالبية
الشركات التي أعلنت إفلاسها كان بسبب وضع السيولة لديها حيث أنها لم تستطع تسديد
التزاماتها المالية عند استحقاقها .
والقضية الثانية هي الربحية والمقدرة على
المنافسة ، وهكذا تنامى الاهتمام وبشكل متزايد بقائمة الدخل وفاقت في أهميتها
قائمة المركز المالي (الميزانية).
والجدير بالذكر هنا أن عمليات الاستثمار كانت
من عوامل تطور التحليل المالي أيضا، حيث أن التفكير بالاستثمار يتطلب بالضرورة
تكوين رأي عن الوضع المالي للمنشأة بناء على تحليل بياناته المالية، ولقد استخدم
لورنس تشيمبر لين في كتابه «مبادئ
الاستثمار في السندات» المنشور لأول مرة في عام 1911 عدة نسب.
وبعد الحرب العالمية الثانية وانتشار ظاهرة
التضخم المالي وارتفاع الأسعار ، وتأثير ذلك على بنود قائمة المركز المالي بشكل
كبير ازداد الاهتمام ثانية بقائمة المركز المالي إلى جانب الاهتمام بقائمة الدخل ،
وينظر الآن إلى التحليل المالي نظرة شاملة، وخاصة مع استخدام الأساليب الكمية
الحديثة ، واستخدام الحاسوب حيث أصبح التحليل المالي يتم بمستوى عال من الكفاءة،
ولم يعد هناك اهتماما بقائمة أكثر من قائمة، بل أصبح الهدف من التحليل ،
والمعلومات المرغوب الحصول عليها هي التي تحدد القائمة التي يجب الاعتماد عليها من
أجل الوصول إلى المطلوب من المعلومات، ولم يعد الأمر أيضا مقتصرا على قائمة المركز
المالي ، أو قائمة الدخل بل تعدى ذلك إلى كل البيانات المحاسبية ، فالتحليل المالي
حاليا يستخدم كل البيانات المحاسبية كما يستخدم أيضا بيانات خارجية تتعلق بالوحدة.
فالتحليل المالي أصبح يساعد في تقييم الأداء ،
ويساعد في التخطيط المستقبلي لكافة النشاطات.
2-
العوامل التي ساهمت في زيادة أهمية التحليل المالي ([2]):
يرجع تغير
النظرة إلى القوائم المالية بالشكل المجرد لما تحتويه من معلومات ، إلى ضرورة
تحليلها ودراستها إلى عدة أسباب، يمكن تلخيصها فيما يلي:
2-1
التطور الصناعي الكبير :
لقد أدى التطور الصناعي الكبير إلى ظهور
الحاجة إلى رأس مال ضخم من أجل إنشاء الصناعة، وتجهيزها وهذا يتطلب توفير مبالغ
كبيرة من الأموال عجزت المنشآت الفردية ، وشركات الأشخاص على توفيرها وكان لابد من
ظهور الشركات المساهمة للتغلب على مشكلة توفير الأموال، وبالتالي تم الفصل بين
الإدارة، والملكية أي أصبح من الضروري الاعتماد على طبقة مهنية من المديرين، تدير
الوحدات نيابة عن المساهمين وقد أدى هذا إلى ضرورة تقييم أداء المديرين، وبالتالي
زاد اهتمام المساهمين، بالقوائم المالية، التي توفر الفرصة والأساس في تقييم
الأداء المالي لهؤلاء المديرين .
2-2
الائتمان :
الائتمان هو عصب الحياة الاقتصادية ،
والائتمان سلسلة من الحلقات المتصلة بشكل يؤدي فيه انقطاع أو تأخر أية حلقة إلى
التأثير على بقية الحلقات فتأخر بعض المدينين عن السداد ، سيؤثر على الأطراف
الأخرى ، ويؤدي إلى خلق مشكلة مالية ، ولذلك تهتم بيوت المال، والإقراض المتخصصة
كالبنوك اهتماما خاصا بدراسة المركز المالي للجهات الطالبة للاقتراض قبل منحها،
ولذا نرى أن الاهتمام ينصب على دراسة وتحليل القوائم المالية.
2-3
أسواق الأوراق المالية (الأسهم والسندات):
يمثل الشركات
المساهمة في الدول الرأسمالية الشكل القانوني السائد لتكوين واستثمار الأموال على
نطاق واسع ، ولقد تدخلت الهيئات المسيطرة على أسواق الأوراق المالية في هذه الدول،
وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية بوضح اللوائح التي تهدف إلى ضمان نشر القوائم
المالية للشركات بأسلوب واضح ، وأمكنها أن تفرض هذه المستويات على الشركات التي
ترغب في الحصول على ترخيص
بتداول أسهمها في البورصة ، ويعتبر هذا التدخل
اعترافا من هذه الهيئات في أحقية المستثمر في المفاضلة بين الشركات بشكل موضوعي من
واقع قوائم مالية معبرة، وقادرة على أن توضح له كفاءة أداء الشركات التي يرغب
الاستثمار فيها.
2-4
تدخل الحكومات في طريقة عرض البيانات بالقوائم المالية:
إن نجاح الشركات المساهمة كوسيلة لاستثمار
المدخرات يتوقف على حماية المستثمر من تلاعب المديرين والمؤسسين ، لذا فقد اهتمت
الحكومات بإصدار القوانين لضمان الحماية، سواء بالنص على ضرورة تعيين مراجعين
للحسابات ، أو نشر القوائم المالية على الجمهور اعترافا منها بأحقية إطلاع الأطراف
الخارجية (المساهمين، وغيرهم) عليها.
[1] -
منير شاكر محمد وآخرون، التحليل المالي مدخل صناعة القرارات ، الطبعة الثانية ،
دار وائل للنشر ، عممان 2005 ، ص10-11.
إرسال تعليق