دور السلطات العمومية في تطوير سوق القروض الرهنية:
تبعاً للوضع الراهن، و
ما نجم عنه من نقص فادح في الموارد المالية طويلة الأجل، أقدمت السلطات الجزائرية
على القيام بجملة من الإجراءات الإصلاحية الرامية إلى تطوير السوق الرهنية في
الجزائر، حيث تمثلت هذه الإجراءات في اتخاذ قرار بمتابعة عمل تحديث و تسهيل الحصول
على القرض الرهني بالمصادقة، تحت تمويل للبنك الدولي، على مشروع مساعدة تقنية من
أجل تطوير القرض الرهني في الجزائر، إضافة إلى سن قوانين فيما يتعلق بتطهير العقار
و تحرير مهنة التوثيق في الجزائر، و كذا إصدار مراسيم في إطار قانون المالية لسنة
2005، تعمل على خلق جو ملائم يسمح بتطوير السوق الرهنية. كما تم في هذه السنة
(2006) المصادقة من طرف البرلمان على مشروع قانون توريق القروض الرهنية الذي يعتبر
بمثابة الآلية المنظمة للسوق الرهنية الثانوية و بمثابة الأداة التي تسمح بتوفير
السيولة طويلة الأجل.
ثر ظهور ش.إ.ت.ر
على التحكم في المخاطر:
كنا قد تطرقنا في ما
سبق إلى أن عملية إعادة التمويل الرهني تتم بطريقتين: "إعادة التمويل مع حق
الرجوع" و "إعادة التمويل بدون حق الرجوع"، إلا أن عمليات إعادة
التمويل الرهني التي تمت منذ ظهور الشركة إلى يومنا هذا كانت على وفق الطريقة
الثانية، أي مع حق الرجوع، ومن ثمَّ فإن
مخاطرة العجز عن السداد من قبل العملاء تتحملها البنوك المقرضة فقط. و تطلب
ش.إ.ت.ر مقابل المبلغ المعاد تمويله ضمان من البنك في شكل أوراق مالية و ليس
ضمانات حقيقة (رهون)، لأنه وفق هذه الطريقة تكون الرهون من الدرجة الأولى مسجلة
باسم البنك المقرض. كما تجدر الإشارة إلى أن عمليات إعادة التمويل الرهني تتم
حالياً مع بنك واحد فقط هو بنك التنمية المحلية، هذه الوضعية يمكن أن تفسر بالظروف
الغالبة على مستوى البنوك و التي تتميز باليسر المالي المتنامي. هذه الأخيرة قامت
باستعمال مواردها الخاصة عوض أن تلجأ إلى إعادة التمويل لدى ش.إ.ت.ر. فضلا عن ذلك،
فإن صعوبات التوظيف و ضعف معدلات المردودية المقترحة على سندات الدولة بالمقارنة
مع آجال الاستحقاق التي تحملها منعت من توظيف فائض الخزينة. أضف إلى ذلك غياب آلية
قانونية تتماشى مع التحولات التي تعرفها السوق و الإصلاحات التي أدخلت على القطاع
المالي، و هذه الآلية تتمثل في توريق القروض الرهنية.

ستسجل باسم ش.إ.ت.ر، و
سيتم بموجب هذه الطريقة كذلك تخلص البنوك من تحمل مخاطر القروض التي ستقوم بمنحها.
تجدر الإشارة كذلك،
إلى أنه في إطار عملية إعادة التمويل فإن كل القروض العقارية المؤشر عليها حالياً
هي مضمونة من طرف شركة ضمان القرض العقاري (SGCI)،
أي أنه بالرغم من استعمال الطريقة الأولى في عملية إعادة التمويل (مع حق الرجوع)
إلا أن مخاطرة العجز عن السداد لا يتم تحملها من قبل البنك لوحده بل يتم اقتسامها
في السوق من خلال وجود مؤسسات مالية متخصصة في ضمان القروض مثل (SGCI) [1]. كما تعمل سندات ش.إ.ت.ر على
تدعيم المراكز المالية للبنوك المرخصة و تساهم في رفع نسبة كفاية رأس المال
المطلوبة (Ratio Cooke - Ratio McDonough) من البنك المركزي حيث أن الوزن الترجيحي لدرجة
مخاطر سندات الشركة قد لا تتجاوز 20 %
[2].
أثر ظهور ش.إ.ت.ر
على المردودية:

السنة
|
مبلغ إعادة التمويل د.ج
|
معدل إعادة التمويل
|
1999
|
77.000.000
|
8 %
|
2000
|
91.130.371
|
7.5 %
|
2001
|
162.031.044
|
7 %
|
2002
|
658.473.390
|
5 إلى 6 %
|
2003
|
3.564.990.394
|
5 إلى 6 %
|
2004
|
1.862.265.658
|
5 إلى 5,5 %
|
رقم 01:
عمليات إعادة التمويل المنجزة من طرف ش.إ.ت.ر منذ 1999
إلى 2004
المصدر: SRH - Bilan et perspectives 1997-2003, P19
إن ظهور شركة إعادة
التمويل الرهني، منذ بداية النشاط إلى يومنا هذا، كان له أثر نسبي على مردودية
الائتمان، على الرغم من كون إصدار القرض السندي في السوق المالية سنة 2003 في إطار
عملية تجريبية كان لها عظيم الأثر في السوق المالية من حيث أنها تعد أول عملية من
نوعها في الجزائر لتمويل قطاع السكن عن طريق حشد أموال من السوق المالية بدلاً على
الاعتماد المطلق على موارد الميزانية، و هذا راجع بطبيعة الحال إلى عزوف البنوك عن
هذه العملية للأسباب التي عرفناها من جهة و إلى حداثة العملية من جهة أخرى.

لقد
سمحت عمليات إعادة تمويل محافظ القروض الرهنية بتوفير السيولة لبنك التنمية
المحلية (BDL)، في كل مرة كان يحتاج إلى ذلك،
حيث تمكنت ش.إ.ت.ر من تمويل قروض بمبلغ 7 مليار د.ج لفائدة هذا البنك في الفترة
الممتدة ما بين 2001 و 2005، حيث تتم عملية إعادة التمويل على فترة 5 سنوات قابلة
للتجديد إلى غاية الاهتلاك النهائي الذي يتوافق مع فترة القروض الممنوحة من قبل
البنك للعملاء. و يوضح الرسم البياني
المبين أسفله (الشكل رقم: 04) تطور عمليات إعادة تمويل محافظ القروض الرهنية
المنجزة من طرف ش.إ.ت.ر، حيث أن عمليات إعادة التمويل هذه عرفت نهجا متصاعدا
مرتبطا بمستوى تطوري لعمليات إعادة التمويل خصوصاً في سنة 2003.
أما
عن سنة 2004، فقد عرفت عمليات إعادة التمويل تراجعاً مقارنةً مع 2003، و هذا راجع
على وجه الخصوص إلى تحقق فائض في السيولة على مستوى السوق النقدية.

إن
عرض القرض السكني من طرف البنوك يشكل أحد أدوات تنمية القروض الرهنية الموجهة
للأسر، في الأثناء التي تبرز فيها زيادة عرض السكنات كعنصر مهيمن من أجل تطوير
السوق الرهنية، كما أن الجانب العقاري و الجوانب القانونية المرتبطة بسندات
الملكية تظل هي الأخرى مهمة.
يقدر
حجم القروض الموزعة من قبل المؤسسات المالية بـ 7,2
مليار د.ج مع نهاية سنة 2004 مقابل 8,7 مليار د.ج في نهاية 2003. و يقدر
نصيب شركة إعادة التمويل الرهني من حجم القروض الموزعة بـ 1,8
مليار د.ج مع نهاية سنة 2004 مقابل 3,5 مليار د.ج في نهاية سنة 2003. و
على الرغم من بقاء الظروف النقدية ملائمة و مواتية لتوزيع قروض سليمة، إلا أن
ارتفاع وتيرة توزيع القروض الرهنية بقيت بطيئة جداً، و يرجع هذا بطبيعة الحال إلى
المستوى الضعيف للجوء البنوك
إلى
إعادة التمويل لدى ش.إ.ت.ر و هذا لسبب الظرفية الاقتصادية التي تتسم بيسر مالي أدى
إلى فائض في وفرة السيولة، حيث يبقى التمويل الذاتي نمط التمويل المهيمن للسكنات،
على الرغم من الآليات المالية التي تم وضعها ابتداءً من سنة 1997 (SGCI – SRH).
في
الواقع إن حجم التمويل البنكي للسكن لا يتجاوز حالياً 1,65
% من الناتج الداخلي الخام، في حين
نجد أن إعانات الدولة للسكن تقارب 3 %
من الناتج الداخلي الخام، مما يوحي بأن حجم التمويل البنكي للسكن يبقى ضعيفاً
جداً، لا سيما و أن الادخار المالي للأسر يشهد نمواً قوياً منذ سنة 2000 و أكثر،
فهو ذو طبيعة جد مستقرة (أنظر الشكل رقم 05). في هذا الجانب، لا يوجد إذن مشكل
التحويل المالي بالنسبة للبنوك، لذلك فإنه لمن الجلي إرساء تطوير الوساطة البنكية،
جزئياً، على تطوير مدعوم للتمويل البنكي للسكن (القروض الرهنية). إن الهدف المنشود
خلال السنوات 2005-2009 هو توجيه أهمية الادخار المالي للأسر، ذو الطبيعة
المستقرة، نحو التمويل طويل الأجل للسكن. فضلاً عن ذلك، فإن التطور المنتظر من
نظام التوريق سيترجم بالنسبة للبنوك، من خلال انخفاض تكاليف القروض، بخلق سلوكات
جديدة لتعبئة الموارد و سهولة عظمى
المصدر:
Évolution économique et monétaire en
Algérie, Banque d’Algérie,
Rapport 2004, P104.
Post a Comment