التنمية
والبيئة
1/الاهتمام
بموضوع البيئة والتنمية.
اهتمت
الدراسات التي تناولت قضايا السكان بموضوع البيئة،لما يزيد على قرن ونصف،غير أن
بروز مصطلح البيئة بشكل واضح ومحدد لم يتبلور إلا مع عقد المؤتمر الأول للأمم
المتحدة حول البيئة في ستوكهولم في السويد سنة 1972.
واعتبر
تعرض الاقتصادي الانجليزي توماس مالتوس (1766- 1834)من خلال عملين فكريين احدهم عن
تأثير السكان على تحسن أوضاع المجتمع،والثاني عن العنوان نفسه ولكن بشكل موسع
وبمعلومات إحصائية اشمل،اعتبر أول
الاهتمامات بربط موضوع البيئة بالتنمية،وهي
مقالتان كانت تناقض آراء الفيلسوف الانجليزي الراديكالي ويليام جودوين الذي كان قد
طرح في كتابه"العدالة السياسية"رؤية متفائلة عن مستقبل الجنس البشري،حيث
رأى مالتوس أن مستقبل البشرية يبعث على التشاؤم مع الزيادة العددية للسكان مع ما
يشكله ذلك من ضغط على الموارد الطبيعية.
وجاء
الكتاب الشهير الذي أصدره نادي روما (قيود على النمو)لثلاثة مؤلفين،ليدعم التأملات
التشاؤمية لمالتوس،حيث خلصوا إلى أن العالم مقبل على كارثة بسبب تجاوز أعداد
السكان وحاجاتهم قدرة الأرض على التحمل.
وقد
فصل مؤلفو (قيود على النمو)رؤيتهم وأضافوا إلى زيادة السكان زيادة الإنتاج الصناعي
وآثار التلوث، وعدم تجدد الكثير من الموارد الطبيعية،ويعبر هذا التحليل عنصر مهم
في الفكر البيئي.
مثل
هذه الدراسات وغيرها،دعمت النظرة الغربية الداعية لوقف النمو للحد من تدهور
البيئة،وظهور البيئة كموضوع للحوار في المحافل الدولية،إقران المساعدات التنموية
بحماية البيئة،الحديث الذي لم يكن محل ترحيب من الجميع،إذ اعتبرته بعض الدول
النامية انه مجرد حجة لتقليل الدعم أو التأثير على حركة النمو فيها،سيما مع
استخدام الدول المتقدمة لثلاثة أرباع الموارد الطبيعية والطاقة في العالم،وهي التي
تتركز فيها الأنشطة الصناعية المنتجة للتلوث في المياه والهواء.
لكن
ثبت أن شعوب الدول النامية تعاني ربما أكثر من غيرها من الدول مخاطر تدهور
البيئة،ليس في صورة ارتفاع تلوث الهواء في المدن فحسب ،أو تقلص المساحات الخضراء
في المدن،ولكن في صورة انحسار المساحات المزروعة فيها نتيجة للتصحر،أو موت مئات
الآلاف من البشر وهلاك أعداد تفوقهم من الحيوانات وانحسار كل صور الحياة النباتية
عن ألاف الأفدنة نتيجة الجفاف.
وهي
مخاطر لم تعد مجرد تكهنات من جانب العلماء،بل هي مآس إنسانية تكررت خلال العقود
الماضية خصوصا في القارة الإفريقية،في إقليم الساحل في غربها وفي أقاليم القرن
الإفريقي في الصومال وإثيوبيا وأيضا في
السودان في شرقها،بل إن أخطار التلوث قد امتدت إلى عدد من الدول النامية بسبب لجوء
الشركات الدولية إلى استخدام التكنولوجيات الملوثة في هذه البلدان أو تقاعس هذه
البلدان في الوقاية من أخطار تلوث الهواء الناجم عن الأنشطة الصناعية.
Post a Comment