تنمية رأس المال الفكري
بلا شك ان جميع المنظمات لم تعّ بفهم كامل أهمية راس المال الفكري ولا بالابعاد المعرفيه الناتجه عنه. وان كان الاهتمام في جوانب معينه كرأس المال مثلاً باعتبارها مصدر من مصادر التنافس بدا واضحاً في الفكر الاداري ، الا ان الاهتمام بالفرد على انه ميزة تنافسية لم يظهر الا في اوقات متأخره نسبياً. ولم يعد اليوم في ظل عالم المعرفة وأنظمة الاتصالات المجال مفتوح لكافة المنظمات لان تخوض التنافس والبقاء بفاعليه في سوق العمل مالم تمتلك معرفة حقيقية بأهمية التنافس والياته اضافةً الى مقدرتها على استثمار رأس المال البشري والفكري داخل التنظيم باعتباره مصدر مهم للتنافس لايمكن تقليده.
وتعتمد هذه المعرفة على مجموعة عوامل منها ادارة عليا تهتم بالموارد البشرية وتعي دورها ووجود ادارة موارد بشرية استراتيجية قادرة على القيام بمهامها بفاعلية اضافة لوجود قيادات ادارية تعمل وفق اسس علمية لاستظهار القدرات والطاقات الكامنة لدى العاملين وتحويلها لمعارف وعلوم جديدة، تعتبر خزين علمي للمنظمة يمكن ان يساهم في تكوين رأس مال (معرفي/مادي) يضعها في مصاف المنظمات المنافسة والبقاء لفترة اطول ولان القائد الاداري مسؤول عن استظهار الكفاءات واكتشاف القدرات وتعهدها بالرعاية، واعدادها لتولي الدور القيادي في مستقبل حياتهم الوظيفية فأن امكانية استظهار تلك القدرات تتم من خلال: -
1- تشجيع مديري الادارات لاصطحاب معاونيهم في اجتماعات الرؤساء.
2- تشجيع المدراء على الاشاده بالاكفاء من معاونيهم وتشجيع واظهار الافكار والاراء القيمة.
3- اعتماد انظمة رقابية تساهم في نقل صورة حقيقية عن مستوى الاداء وعن مواطن الابداع والمعرفه لدى العاملين ويتم ذلك عن طريق الملاحظة الشخصية او رفع التقارير او المشوره.
4- * تفويض قائد المجموعة لمعاونيه البعض من سلطاته ليساهم في تنمية قدراتهم الادارية ورفع الروح المعنوية من خلال نظام اللامركزية الاداري ([1]).
وقد زاد النظر لرأس المال الفكري كمصدر لتحقيق الميزة التنافسية بسبب معدل الاسراع للتعلم التنظيمي والذي يفوق معدل التعليم في المنظمات المنافسة ولان تقدير قيمة الافراد الذين يمتلكون رأس المال الفكري يعتبر من الامور الحاسمة في تحقيق التمايز.
اضافه الى ذلك من ضمن انواع القيمة التي يمكن للمنظمة تحقيقها هي تراكم الارباح وتحديد الوضع الستراتيجي والاستحواذ على ابتكارات الاخرين مع كسب ولاء العملاء  وتحسين الانتاج مع تخفيض التكاليف ([2]).
ويحقق ذلك دورة حياة أفضل للمنظمة ويساهم في تنمية الافراد مع الاستخدام الامثل للموارد البشرية والمادية مع تعظيم الربحية وتنمية كوادر أدارية متميزه (3).
هذه الاهمية الكبيرة لرأس المال البشري ( الفكري ) وما يترتب عليه من نتائج دفع بعض المنظمات للتوجه اليه وأعتباره مورداً استثمارياً يمكن أن يحقق للمنظمة عوائد لاتقل قيمه عن عوائد باقي عوامل الانتاج الاخرى ورغم أن تكلفة الاستثمار في رأس المال البشري هي بالتاكيد أقل بكثير من الاستثمار في غيره قياساً للعوائد.
لذلك وجب على ادارات المنظمات وخصوصاً ادارة الموارد البشرية لآن تخطو خطوة أكثر ايجابيه من خلال التحول الى *ادارة الامكانيات المحتمله للافراد.
لقد كان لظهور مفهوم المنظمة دائمة التعلم (Learming Organization) حافز لتوجيه معظم المنظمات على مستوى العالم لزيادة مهارات ومعارف العاملين من أجل مصلحة الفرد والمنظمة معاً ولأضافة قيمة لرأس المال الفكري الذي تمتلكه.
لذلك فقد تبنت الكثير من المنظمات شعار ( البشر هم أكثر الاستثمارات أهمية ) ([3]) وتلعب ثقافة المنظمة دور مهم والتي هي عبارة عن مجموعة من القيم والسلوكيات والمعايير التي توضح للافراد ماذا يفعلون وكيف؟ ماهو المقبول؟ ماهو الصحيح؟ فالتغيير في البعد الثقافي والقيمي في عالم اليوم أضحى ضرورة ملحه ([4]).
ويمكن أن تعطيّ ثقافة المنظمة المظهر الخاص بها فيتحدد القيم والتوقعات والطقوس والمحرمات ونظم المكافأت والعقوبات والسلوكيات المرغوبة والمرفوضة مما يجعلها قوه جاذبة لافضل العناصر والعقول المتاحة في سوق العمل.
ولقد اقترح ادفينسون التقييم اللاحق لرأس المال الفكري: ‏
 1- رأس المال البشري ويضم: الكفاءات والمعارف والمهارات والخبرات لدى الموظفين وأصحاب القرار في المنظمة. ‏
 2- رأس المال البنيوي ويضم: قدرة البنية على تحريك تطوير المبادرات من خلال
الأخذ بالاعتبار التوقعات الجديدة والاعتراف بالأفكارالجديدة والمفاهيم والأدوات المتكيفة مع التغيير. ‏
3- رأس مال الزبائن ويضم: مجموع المعلومات حول الزبائن وعلاقاتهم مع المؤسسة أصحاب القرار والعناوين والهياكل التنظيمية والشبكات. ‏
4- رأس المال التنظيمي ويضم: مجموع الأدوات وتقنيات مجموعات العمل المعروفة
والمستخدمة للاسهام في تقاسم المعلومات والمعارف في المؤسسة والموجهة قياسا الى رأس المال البنوي. ‏
5- رأس مال التجديد ويضم: مجموع العناصر التي تسمح للمؤسسة بالتجديد مثل براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق الاستثمار والمواهب الخاصة بالنشر
 والمؤتمرات. ‏
6- رأس مال اجراءات العمل ويضم: مجموع الاجراءات المطبقة وسط المنظمة التي تزيد جودة عملها وانتاجيتها والمرتبطة بالمعلومات البنيوية أو غير البنوية مثل شهادة المطابقة الأيزو وملاءمة المعايير التطبيقية التي تزيد رأس مال اجراءات العمل التطبيقية في المنظمه ([5]). ‏
أما سهيلة محمد عباس ( 2004 ) فقد ركزت في مقالتها على إدارة رأس المال الفكري وربط إدارة المعرفة برأس المال الفكري من أجل تحقيق التميز، كما تم التأكيد على أن كفاءة رأس المال الفكري تزداد بتوفير برامج تدريبية متنوعة وأساليب تحفيزية جماعية، مستندة إلى المهارات وتطبيق أنظمة التقويم المعتمدة على الأساليب الكمية للوصول إلى جودة المخرجات ([6]).
وقد دفع ذلك الكثير للدعوة في *استثمار رأس المال البشري وفي مقدمتهم الاقتصادي المعروف (الفريد مارشال A.Marshall) أن يعّدوا البشر رأس مال يجب أن يُستثمر وأطلقوا على ذلك رأس المال البشري للاستفادة من إمكاناته وطاقاته للبناء والاكتشاف والتحليل وإعادة التركيب والابتكار والإبداع في استثمار باقي رؤوس الأموال ... ومما يؤكد صحة ما سبق مقولة مارشال في كتابه ( أصول الاقتصاد ) (إن أثمن ضروب رأس المال هو ما يستثمر في البشر ) لان رأس المال البشري يتميز بسمة لا تتوافر في غيره لان منحنى إنتاجيته يتصاعد بنفس اتجاه منحنى خبراته ومهاراته وأن عمره المعنوي يتجدد مع تغيرات العصر ولم يندثر إلا بتوقف عمره الزمني ومعنى ذلك أنه لا يخضع لقانون المنفعة المتناقص ([7]).
لذلك يُعد الاستثمار في رأس المال ( البشري / الفكري ) مهم في خلق ميزة تنافسية للتنظيم يصعب على الآخرين تقليده.


(1) زكي محمود هاشم، إدارة الموارد البشرية، مصدر سابق، ص 474.
(2) راويه حسن، مدخل استراتيجي لتخطيط وتنمية الموارد البشرية، الإسكندرية، الدار الجامعية للنشر، سنه 2002، ص 372-373.
(3) محمد إسماعيل بلال، أدارة الموارد البشرية، الازريطه، دار ألجامعة الجديدة للنشر، سنه 2004، ص 321-322.
 * التفويض هو عملية بموجبها يثق الرئيس بمرؤوسه  المفوض إليه السلطة لأداء عمل معين يعتبر مسئولاً عنه في ذات الوقت أمام الرئيس المفوض للسلطة.


  (1) اتحاد الخبراء والاستشاريون الدوليون، عائد الاستثمار في رأس المال البشري، القاهرة، أيترك للنشر والتوزيع، سنه 2004، ص 176-178.
  (2) على عبد الله، أثر البيئة على أداء المؤسسات العمومية، أطروحة دكتورا، كلية العلوم ألاقتصادية وعلوم التيسير، جامعة الجزائر، سنه 1999، ص 125.
 * أدارة الإمكانيات المحتملة للإفراد: هي الإدارة المسؤلة عن المجالات والطاقات الفكرية والابداعية للأفراد والتي لم تستغل ويمكن استغلالها وتنميتها لتحقيق ميزة تنافسية بالنسبة للمنظمات .


(1) محمد مرعي مرعي، إدارة رأس المال الفكري في المؤسسات وكيفية تقييمه، سنة 2007، الانترنيت groups.google.com .  
(2) سهيلة محمد عباس، علاقة رأس المال الفكري وإدارة الجودة الشاملة : دراسة تحليلية ونموذج مقترح الإداري، السنة 2004 (26) ، العدد (97) ، ص 125-148.


(1) عادل المفرجي، أحمد صالح، رأس المال الفكري طرق قياسه وأساليب والمحافظة عليه، مصدر سابق ، ص 8-9

Post a Comment

أحدث أقدم