التكامل الاقتصادي
1 - تعريف التكامل: integration
يعرؼ التكامل لغة " تكوين كل من خلاؿ ضم أو جمع الأجزاء بعضها مع بعض، أو العمل لاكتماؿ
الشيء غير التا أو غير الكامل من خلاؿ جمع الأجزاء". و من الناحية الاصطلاحية، يعرؼ بيلا بالاسا التكامل
بأنو :"عملية تشمل الإجراءات الرامية لإنهاء التمييز بين الوحدات الاقتصادية التابعة لبلداف مختلفة، و ىو ثانيا
وضع محدد أو حالة يمكن إف يتمثل في انتفاء مختلف صور التمييز و التفرقة بين الاقتصاديات القومية". بذلك
يكوف التكامل عبارة عن عملية يتم من خلالها إلغاء أي تدخل حكومي في عمليات تحرير التجارة بين الدوؿ
المتكاملة.
كما يعرؼ التكامل الاقتصادي أيضا بكونو :"عملية إلغاء كافة الحواجز الجمركية و غير الجمركية بين
مجموعة من الدوؿ المتكاملة، مع تنسيق السياسات الاقتصادي ة و النقدية و المالية مما يؤدي إلى خلق تكتل
اقتصادي جديد يحل محل الاقتصاديات الوطنية في المنطقة التكاملية". و انطلاقا من ىذا التعريف فاف بناء
التكتل الاقتصادي يعد آخر مراحل التكامل، حيث انو بعد عملية تكثيف علاقات التعاوف الاقتصادي و التجاري
بين الدوؿ المتجانسة ينشأ في الأخير ما يسمى بالتكتل الاقتصادي الجديد.
و يعبر التكتل الاقتصاد ي عن درجة معينة من درجات التكامل الذي يقو بين الدوؿ المتجانسة اقتصاديا،
جغرافيا، تاريخيا، و اجتماعيا و التي تجمعها مجوعة من المصالح الاقتصادية المشتركة، بهدؼ تعظيم تلك
المصالح و زيادة التجارة الدولية البينية لتحقيق اكبر عائد ممكن، ثم الوصوؿ إلى أقصى درجة من الرفاىية
الاقتصادية لشعوب تلك الدوؿ. 18
كما تعرؼ التكتلات الاقتصادية بأنها:" تجمع عديد من الدوؿ التي تجمعها روابط خاصة بالجوار الجغرافي أو
التماثل في الظروؼ الاقتصادية أو الانتماء الحضاري المشترؾ، ىذا التجمع يكوف في إطار معين قد يكوف اتحادا
جمركيا او منطقة تجارة حرة...فالتكتل الإقليمي كمفهو يعكس الجانب التطبيقي لعملية التكامل الاقتصادي، فهو
يعبر عن درجة من درجات التكامل الاقتصادي فيما بين الدوؿ الأعضاء." 19
18 عبد المطمب عبد الحميد، "السوؽ العربية المشتركة، الواقع والمستقبؿ في الألفية الثالثة"، القاىرة: مجموعة النيؿ العربية، 2002 ،
لعل التعريفات السابقة تميل في تحديدىا لمفهو التكامل للتوجهات الغربية القائمة على تحير التجارة واقتصاد
السوؽ، و من اجل الإحاطة أكثر بمفهو التكامل لابد من الإشارة لوجهة النظر الفكر الاشتراكي لمفهو التكامل،
حيث يعرؼ بكونو:"عملية موضوعية تخضع لتخطيط منظم و صار تهدؼ إلى تقريب مستويات التطور
الاقتصادي بصفة متساوية للدوؿ الاشتراكية عن طريق إنشاء مؤسسات اقتصادية قوية على المستوى الوطني و
إقامة علاقات اقتصادية متينة بين الدوؿ المعنية توخيا لتوسيع أىدافها." 20 من ىنا يركز الاشتراكيوف على شرط
التوزيع المتكافئ للمنفعة المرجوة من التكامل و الذي يهدؼ بالأساس إلى تقريب مستويات التطور الاقتصادي
بين الدوؿ المتكاملة. و التكامل الاقتصادي حسب الاشتراكيين يعتمد المرحلية في تنسيق اقتصاديات الدوؿ و
ذلك بهدؼ حل المشاكل الاقتصادية العالقة و التي من شانها إعاقة التنمية في ىذه الدوؿ، و ذلك عن طريق
تعميق تقسيم العمل بين الدوؿ المعنية حسب إمكانيات كل دولة.و انطلاقا من ىنا فاف التكامل الاقتصادي لا
يعبر عن توحيد اقتصاديات الدوؿ المتكاملة ) توحيد الأسواؽ(، و إنما يعتمد على إعادة ىيكلة الآليات
الاقتصادية على مستوى كل دولة و تعميق العلاقات التبادلية بين الدوؿ المعنية.و يمكن حصر أىم أركاف التكامل
وفق وجهة النظر الاشتراكية –التي تميزه عن التكامل في الفكر اللبرالي- في النقاط التالية: 21
- التنمية المتكافئة.
- التأكيد على احترا سيادة الدولة قيد التكامل و عد التوجو لإقامة دولة موحدة مقا الدوؿ الأعضاء.
- تقسيم العمل و التخصص كبديل لتوحيد السوؽ القائم في الفكر الليبرالي.
و كمرحلة متقدمة نحو توسع علاقات التعاوف و الاعتماد المتبادؿ بين الدوؿ المتكاملة، يبرز مفهو
التكامل السياسي، و الذي يعد المرحلة الأسمى و النهائية لعملية التكامل. و الملاحظ انو لم تكتب لأي تكتل
اقتصادي اليو أف وصل إلى ىذا الحد من التكامل حتى الاتحاد الأوربي الذي يعد من التجارب الرائدة في ىذا
الميداف و ذلك نظرا للعديد من الأسباب التي تحاوؿ نظرية التكامل أف تعالجها. فيعرؼ كارؿ دويتش التكامل
السياسي بأنو :" الحالة التي تمتلك فيها جماع ة معينة تعيش في منطقة معينة شعورا كافيا بالجماعة و تماثلا في
20 خميفة م ا رد،"التكامؿ الاقتصادي العربي عمى ضوء الطروحات النظرية و المرجعيات القانونية: تجارب و تحديات"، مذكرة
ماجستير،)جامعة الحاج لخضر باتنة،كمية الحقوؽ،قس العمو القانونية، 2005 / 2006 (.ص: 44 .
مؤسساتها الاجتماعية و سلوكها الاجتماعي إلى درجة تتمكن فيها ىذه الجماعة من التطور بشكل سلمي." 22 و
يركز دويتش ىنا على قدرة الأفراد داخل المجتمع الواحد على التلاحم لدرجة حل خلافاتهم بطريقة سلمية دوف
اللجوء للعنف.
و بشكل أكثر تحديد يعرؼ ارنست ىاس التكامل بكونو:" العملية التي تتضمن تحوؿ الولاءات و النشاطات
السياسية لقوى سياسية في دوؿ متعددة و مختلفة نحو مركز جديد تكوف لمؤسساتو صلاحيات تتجاوز صلاحيات
الدوؿ القومية القائمة". 23 انطلاقا من ىذا التعريف يضيف ىاس بعد جديد لدراسة التكامل سواءا الدولي أو
الإقليمي، و المتعلق بمسالة نقل الولاءات من إطارىا المحلي )الدولة القومية( إلى إطارىا الواسع )التكتل بين
الدوؿ المتكاملة(. و استنادا لتعريف ىاس للتكامل عرؼ ليوف ليندبورغ في دراستو عن السوؽ الأوربية المشتركة
التكامل ب: 24
- العملية التي تتجاوز من خلالها الدوؿ القومية الرغبة و القدرة في إدارة شؤونها المحلية و الدولية
الهامة)سياستها الداخلية و الخارجية( باستقلاؿ عن بعضها البعض، و تسعى بدلا من ذلك للوصوؿ لقرارات
مشتركة أو تفويض عملية اتخاذ القرار لهيئة مركزية جديدة.
- العملية التي تجد من خلالها القوى السياسية)الفاعلوف السياسيوف( ضرورة لنقل طموحاتهم و نشاطاتهم
السياسية لمركز جديد.
انطلاقا من ىذا التعريف نجد أف التكامل في شقو السياسي يؤدي لتشكيل تكتل دولي جديد، كما يؤدي
بالمقابل إلى زواؿ الصفة الرسمية للدوؿ المتكاملة لأنها ستتنازؿ –انطلاقا من دخولها في عملية التكامل – عن
كامل سيادتها للمؤسسات السياسية المركزية الجديدة.
و من اجل الإحاطة بجميع النواحي المفاىيمية لمصطلح التكامل تجدر الإشارة إلى الفرؽ بينو و بين بعض
المفاىيم المشابهة من اجل إزالة اللبس بين ىذه المفاىيم:
22 جيمس دورتي، روبرت بالتسغ ا رؼ.النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية ،)تر :. وليد عبد الحي(. بيروت : كاظمة لمنشر
التكامل و التعاوف: يعرؼ التعاوف على انو العمليات التي تتم بين دولتين أو أكثر في مجاؿ اقتصادي
معين، بهدؼ تحقيق منفعة مشتركة و لمدة زمنية محددة على أساس المعاملة بالمثل. 25 بذلك يكوف
التعاوف قاعدة أو أساس التكامل و الخطوة الأولى المؤدية إليو، حيث انو في ظل التعاوف تحتفظ
الوحدات الاقتصادية المتعاونة بخصائصها المتميزة من دوف أف ينشأ عنو مؤسسات جديدة . أما في ظل
التكامل فتنشا عنو مؤسسات جديدة مع وجود نية توسع العلاقات التعاونية إلى ابعد من النشاط المحدد
في بادئ الأمر. يمكن حصر أىم الاختلافات في:
- التعاوف ذو طابع مؤقت إلى أف تتحقق الأىداؼ المرجوة منو.
- يكوف التعاوف في مجاؿ محدد دوف أف يتوسع إلى مجلات أخرى.
التكامل و الاندماج: بالنسبة لمصطلح الاندماج، ىناؾ من يوازي بين المصطلحين من الناحية
المفاىيمية،لكن ىناؾ اتجاه آخر بالمقابل يرى أف مفهو اونندماج ىو مفهو أوسع و أعمق من مفهو
التكامل. حيث أف الاندماج يعبر عن المرحلة التي يتم فيها التنازؿ كليا عن السيادة الوطنية للدوؿ
المتكاملة لصالح مؤسسات التكامل، ليصبح بذلك الاندماج السياسي آخر مراحل العملية التكاملية.
التكامل و التحالف: يعرؼ التحاؿؼ بكونو: عبارة عن اتفاؽ بين دولتين أو أكثر لمواجهة خطر أو أخطار
مشتركة لتحقيق أغراض معينة، فالتحالف يمكن أف يكوف سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا موجو ضد وحدة
أو وحدات دولية معينة أو ضد كل عمل يشكل خطرا على دوؿ التحالف. وانطلاقا من ىذا التعريف
يمكن استخلاص أىم الفرو قا ت بين المصطلحين في أف التحاؿ ؼ مرتبط في تأسيسو و استمراريتو
بالخطر الذي يتهدد امن الدوؿ المتحالفة حيث يزوؿ بزواؿ ىذا الخطر، بينما يتميز التكامل بالاستمرارية
و الديمومة من اجل تحقيق الأىداؼ المسطرة.
2 - أنواع التكاملات الإقليمية: تتعدد أنواع و أشكاؿ التكامل سواءا الإقليم ي أو الدولي حسب
المجاؿ الذي تنطلق منو العملية التكاملي و التي تؤدي في الأخير إلى تحديد شكلو النهائي.
التكامل الاقتصادي:ويعتبر من أسهل أنواع التكامل و أكثرىا ملاءمة حيث يتمثل أساسا في تشكيل
الأسواؽ الاقتصادية المشتركة التي تتم عن طريق مجموعة من الإجراءا ت أىمها: توحيد التشريعات
الضريبية و الجمركية، إزالة كل العوائق التي تحوؿ دوف التدفق الحر للسلع و الخدمات ورؤوس الأمواؿ
بين مختلف مناطق السوؽ.
التكامل الاجتماعي: يعني عملية نقل الو لاءات القومية لشعوب المنطقة التكاملية من مستوى الدولة إلى
مستوى يتعدى حدودىا، أو ما يسمى بالوعي الفوؽ قومي.
التكامل الأمني: يتجلى في مختلف الترتيبات الأمنية المشتركة، بحيث تتفق الدوؿ المشاركة في ىذه
الترتيبات على اتخاذ القرارات المتعلقة بأمنها المشترؾ بطريقة مشتركة من حيث التخطيط، التنفيذ و
القيادة.و يتفق الكثيروف في ىذا الإطار أف ىذا النوع من التكامل لا يحدث عادة إلا في ظروؼ الأزمات
و تفاقم التهديدات و الأخطار المشتركة.
التكامل السياسي: يقصد بالتكامل السياسي إدماج المؤسسات السياسية القومية و نقل السيادة على
السياسة الخارجية و الأمنية إلى أجهزة دولية مشتركة. و التكامل السياسي لا يتطلب دائما إلغاء
الحكومات الوطنية- مثلما ىو الحاؿ في نموذج الوحدة الفدرالية-، و لكنو قد يقتصر على نقل سلطاتها
في بعض الاختصاصات إلى ىذه المؤسسات وفق نمط التكامل الكنفدرالي الذي لا يتطلب تخلي الدولة
عن سيادتها الكاملة خصوصا في سياستها الداخلية.
و مما لاشك فيو أف التكامل السياسي يعد من أصعب أنواع التكامل تحقيقا و ذلك أف ىذا النمط من
التكامل يؤدي إلى تقييد سياسة الدولة و سلطتها في عملية اتخاذ القرارات المناسبة لمواطنيها. كما
يصطد ىذا النوع من التكامل بالنزعات و الاعتبارات القومية مما دفع بالبعض لاشتراط التكامل
الاقتصادي كخطوة أولى سابقة لو.
3 / شروط التكامل الإقليمي: من اجل تحقيق التكامل الناجح بين الدوؿ و ضماف فعاليتو لابد من توافر مجموعة
من الشروط الأساسية من اجل تجنب فشل المحاولات التكاملية ومن أىم ىذه الشروط نذكر ما يلي: 27
27 عبد الوىاب رميدي،مرجع سابؽ.ص ص: 08 - 09 .
LMD
التقارب الجغرافي:يعتبر التقارب الجغرافي من أىم الشروط الأساسية لنجاح التكامل خاصة الاقتصادي
منها،ىذا نظرا لسهولة انتقاؿ السلع والخدمات والعمالة داخل المنطقة التكاملية، كما يخفض من
تكاليف النقل التي قد تكوف متباعدة أو متناثرة جغرافيا، لذا فإف التقارب الجغرافي يعد من دعامات
التكامل بين الدوؿ لسهولة الاتصاؿ بينها واتساع نطاؽ تبادلها التجاري وتسيير انتقاؿ عناصر الإنتاج،
وبالرغم من توفر وتقد وسائل النقل والمواصلات بين الدوؿ المتكاملة في الوقت الراىن، إلا أف التقارب
الجغرافي يبقى لو أىمية كبيرة في التكامل وليس شرطا ضروريا لو.
الإرادة السياسية: إف غياب الإرادة السياسية بين مجموعة الدوؿ التي أرادت التكامل فيما بينها تعتبر من
أىم أسباب فشل التكامل الاقتصادي، لذا يجب على الحكومات التي تتفاوض للارتباط بالتزامات
ستؤدي في نهاية الأمر إلى خلق مؤسسات للاندماج الإقليمي أف تدرؾ منذ البداية أف ىذه الالتزامات
تنطوي على وضع حدود متفق عليها لحرية العمل الوطني، وىذه الحدود لا يقبلها بلد ما، إلا إذا أيقن انو
من الضروري أو على الأقل من المفيد اقتصاديا الانضما إلى تكتل اقتصادي إقليمي من أجل الإسراع
في عملية التنمية الاقتصادية. كما يجب أف يقنع الرأي العا في كل بلد بأف كل واحد من الأعضاء في
التكتل الاقتصادي سيحافظ على التزاماتو بأمانة، ويقو ببذؿ الجهد المطلوب لإنجاح التكتل كما يقبل
كل التضحيات المؤقتة التي يتطلبها العمل المشترؾ.
تجانس الاقتصاديات القابلة للتكامل: يجب أف يكوف التكامل بين اقتصاديات ذات ىياكل متجانسة
ومتماثلة وقابلة للتكامل، وتكاملها يعني خلق فضاء حقيقي متضامن من حيث لا وجود للاختلافات
الاقتصادية بين الدوؿ الأعضاء، وإلا سيسيطر اقتصاد بلد ما على اقتصاديات الدوؿ الأخرى. وفي ىذه
الحالة تتشكل وحدة اقتصادية مسيطرة، كما كاف الحاؿ مع مجلس التعاوف الاقتصادي المتبادؿ )
الكوميكوف ( حيث سيطر الاتحاد السوفياتي في المجاؿ الاقتصادي والسياسي على الدوؿ الأعضاء.
تنسيق السياسات الاقتصادية القومية :حرية انتقاؿ السلع بين مختلف الدوؿ التي تنظم في تكامل
اقتصادي لا تكفي لضماف تنسيق السياسات الاقتصادية، فلا بد من توفر جميع الشروط التي تسمح
للمنتج بالعمل والمنافسة في ظروؼ طبيعية وىذا التنسيق ينبغي أف يتناوؿ شؤوف التعريفة الجمركية،
والسياسة التجارية تجاه الدوؿ الواقعة خارج المنطقة، وشؤوف الأوضاع الاجتماعية وسياسة الاستثمار، ولا
بد من مفاوضات طويلة يتطلبها تنسيق التشريعات والسياسات الاقتصادية، ووضع أجهزة متخصصة
ومؤسسات تتمتع بالصلاحيات المطلوبة لمتابعة ىذا العمل على ضوء التغييرات التي تطرأ على السياسات
الاقتصادية ومقتضيات الظروؼ الاقتصادية.
تجانس القيم الاجتماعية والثقافية:الاقتصاديات التي تكوف متناسبة ومتجانسة في القيم والنظم الاجتماعية
والسياسية والثقافية ىي قادرة على تحقيق تكامل اقتصادي بسهولة، على عكس الاقتصاديات المتعارضة
في القيم والنظم، فكلما كانت المجتمعات متقاربة ومتماثلة كلما كانت نسبة النجاح في التكامل مرتفعة.
ىناؾ من يضيف، و في نفس السياؽ، أف التجانس بين الوحدات الدولية المتكاملة من حيث وحدة اللغة،
التاريخ، الترا ث، و الدين يساعد ىذه الوحدات على ترسيخ نظرة فوؽ وطنية حيث يشمل وحدة في
القومية. 28
تشابو القيم: و يعني تشابو و تقارب المعتقدات و النظم القيمية لصناع القرار في الدوؿ المتكاملة في
العديد من الميادين،خصوصا تلك المتعلقة بالديمقراطية،التداوؿ على السلطة، حقوؽ الإنساف، القضايا و
التوجهات الاقتصادية...
تحقيق المصلحة المشتركة:حيث يهدؼ التكامل إلى تحقيق المصالح المشتركة بين الدوؿ المتكاملة و
التي تتمحور أساسا حوؿ تحسين و تطوير مستوياتها الاقتصادية. و يشترط ىنا ضرورة تنظيم العلاقات
بصورة تكفل توزيع المكاسب بشكل عادؿ و متوازف حيث يضمن عد استحواذ احد الأطراؼ على
شهد المجتمع الدولي تأسيس العديد من التكتلات الاقتصادية الإقليمية بنمطيها الكلاسيكي و الجديد،
حيث شهدت فترة الخمسينات و الستينات من القرف الماضي ظهور تنظيمات إقليمية توافق في خصائصها مفهو
الإقليمية الكلاسيكية، في حين شهدت نهاية الثمانينات و مطلع التسعينات تأسيس تكتلات إقليمية وفق خصائص
الإقليمية الجديدة المواكبة للتطورات التي طرأت على الحياة الاقتصادية الدولية في ظل عولمة الاقتصاد.
ففي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تأسست العديد من التنظيمات الإقليمية انخرطت فيها عديد
الدوؿ بغض النظر عن مستواىا الاقتصادي سواءا كانت دولا نامية أو متقدمة، أو مذىبها الاقتصادي رأسمالية أو
اشتراكية. و ذلك من اجل مواجهة تحديات ىذه الفترة، فظهرت التكتلات الاقتصادية في صورة مشروعات فردية
قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للدوؿ الأوربية و دوؿ الشرؽ الأوسط، مثل مشروع "مارشاؿ" الذي ىدؼ
إلى تقديم المساعدات الاقتصادية المصحوبة بشروط سياسية و عسكرية.
وقد كانت الدوؿ الأوربية أوؿ من ساىم في نشأة ىذه التكتلات وذلك بحكم ما تعرضت إليو من أزمات
اقتصادية نتيجة للحرب العالمية الثانية، فذاقت ويلات الهزيمة وأصبحت ىذه دوؿ منهارة اقتصاديا وعاجزة عن
النمو فأدركت بأنو لابد من تكتلها ومن جميع النواحي لإعادة بناء اقتصادياتوا ومواجهة السيطرة المفروضة من
طرؼ الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ومواكبة مختلف التطورات الكبيرة في العلم والتكنولوجيا.
من ىنا تكتلت دوؿ أوروبا الغربية في شكل سوؽ مشتركة سنة 1957 ، وكانت ىذه الأخيرة صورة مثلى للعديد من
الاقتصاديين والسياسيين الذين اعتبروىا نموذجا يحتذي بو بين مجموعات دولية أخرى. 30
ثم انتقلت ظاىرة التكتلات إلى مجموعة أخرى من الدوؿ، فنشأت منطقة التجارة الحرة لأمريكا اللاتينية،
والسوؽ المشتركة لدوؿ أمريكا الوسطى، وعمدت دوؿ أوربا الشرقية على إنشاء منظمة "الكوميكوف" أما في
استغؿ لإدارة قطاع الفح و الصمب مف خلاؿ توقيع معاىدة إنشاء الجماعة الأوربية لمفح و الصمب و التي ضمت كؿ
مف:بمجيكا،فرنسا،ألمانيا،ايطاليا،ىولندا و لكسمبورغ في افريؿ 1951 ، كؿ ذلؾ بيدؼ التوصؿ إلى سوؽ أوربية مشتركة في ىاتيف
القطاعيف الإست ا رتيجييف.
30 عبد الوىاب رميدي،مرجع سابؽ.ص: 32 .
الكوميكون: منطقة التعاوف الاقتصادي لأقطار أوربا الشرقية، تأسست كرد عمى التكتلات الأوربية في 25 ديسمبر 1949 .
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
المنطقة العربية تم إنشاء السوؽ العربية المشتركة، كما نشأت أيضا اتفاقات إقليمية في المنطقة الإفريقية والمنطقة
الآسيوية .
و نظرا للتقد الكبير الذي شهده التكامل الأوربي بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في التفكير في إقامة تجمع
إقليمي خاص بها و يعزز قدرتها التنافسية المتآكلة فبدأت بتشكيل منطقة التجارة الحرة بينها و بين كندا سنة
1989 و الذي توسع فيما بعد ليصبح منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "النافتا" 31 .
و على العمو أصبحت التكتلات الاقتصادية تشكل خريطة العالم، و يمكن تحديدىا فيما يلي:
في القارة الأمريكية: تم التوقيع على إنشاء منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية )النافتا( وذلك
سنة 1992 ، وتمهد لقيا تكتل الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، كما تم إنشاء الكثير من الترتيبات
الإقليمية بين العديد من دوؿ أمريكا اللاتينية.
في أوربا: كانت التطورات أسرع فقا الاتحاد الأوربي، الذي يعتبر من أجدر التكتلات الاقتصادية
القائمة حاليا، وزاد عدد الدوؿ في عضويتو حيث يضم 25 دولة، إضافة إلى تكاملو النقدي واستخدا
العملة الموحدة )الأورو( مع مطلع سنة 1999 ، ودخولو في اتفاقيات تجارة حرة وفي اتحاد جمركي
مع تركيا، واتفاقيات شراكة مع دوؿ جنوب البحر المتوسط.
في شرؽ آسيا : حيث وقعت دوؿ جنوب شرؽ آسيا اتفاؽ للتجارة الحرة عرؼ باسم )الإفتا(، كما
أنشئ في منطقة آسيا منتدى التعاوف الاقتصادي لدوؿ شرؽ آسيا والمحيط الهادي )الأبيك
APEC .)
في المنطقة العربية والتي بدأت بمشروع السوؽ العربية المشتركة سنة 1964 ، ثم محاولة إقامة
تجمعات إقليمية كمجلس التعاوف الخليجي واتحاد المغرب العربي.
أما في إفريقيا قامت ترتيبات وتكتلات إقليمية لعل أبرزىا إقامة السوؽ المشتركة لشرؽ وجنوب إفريقيا
)الكويسا(، التي تسعى إلى تنسيق الجهود لمواجهة ما يحدث في البيئة الاقتصادية العالم ة ي.
31 أسامة مجذوب،مرجع سابؽ.ص: 50 .
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
سنة ثالثة علو سياسية
27
و الشكل التالي يوضح أىم التكتلات الاقتصاد ة ي الإقليمية في العالم:
المحاضرة امسادسة: امتفسيرات امنظرية نلتكامل الدولي )ا إ لقليمي(.
حاوؿ العديد من المنظرين و الدارسين للعلاقات السياسية و الاقتصادية الدولية تقديم اطر نظرية و
منهاجيو لدراسة التكامل الدولي في شقيو العالمي و الإقليمي. و من أبرزىا:
النظرية الدستورية:تنطلق النظرية الدستورية في دراسة التكامل الدولي من التركيز على الجانب
السياسي للتكامل، حيث يرى منظروىا أف الخطوة الأولى لبناء التكامل تتم بتكوين الوحدة
السياسية ىذه الوحدة التي تشترط في تأسيسها توفر الإرادة السياسية لدى النخب و القيادات
السياسية للدوؿ الأعضاء للتنازؿ عن سلطاتها في وحدتها القومية لصالح مؤسسات الاتحاد. و
قد ظهر اتجاىين أساسيين ضمن ىذه النظرية:
1 . الكنفدرالية: و تعني اتفاقا بين مجموعة من الدوؿ بهدؼ تكوين مؤسسات و أجهزة
مشتركة تعمل على الإشراؼ على مجالات محددة يتم الاتفاؽ عليها في بداية الاتحاد.
و تتنازؿ الدوؿ المتحدة لهذه الأجهزة عن جزئ من سيادتها بالقدر الذي يسمح لها
بالقيا بمهامها. و من أىم ما يتميز بو ىذا النوع من الاتحاد:
- ينشأ الاتحاد الكنفدرالي بموجب اتفاؽ تعاىدي بين مجموعة من الدوؿ يتم بوضع معاىدة منشأة.
- ليس بالضرورة أف يشمل كل نواحي الاتحاد السياسي، فقد ينشأ لإدارة مجاؿ محدد مثل المجاؿ
الأمني.
- تبقي الدوؿ ضمن ىذا الاتحاد على جزئ من سيادتها خصوصا ذلك المتعلق بإدارة سياستها
الخارجية.
- يمكن للدولة المنخرطة ضمن ىذا الاتحاد الانسحاب منو إذا ما أيقنت أف ىذا الاتحاد لا يخد
مصالحها.
2 . الفدرالية: تعرؼ الفدرالية على أنها المنهج أو الطريقة التي يتم بمقتضاىا عملية تقسيم
سلطات الحكومة و التي في إطارىا يتم تحديد مجاؿ التعاوف بين الحكومة المركزية و
الحكومات الجهوية. فيشمل الاتحاد الفدرالي تشكيل حكومة مركزية تضم الدوؿ
المنخرطة في الاتحاد و التي تصبح –بمجرد انخراطها حكومات فرعية- و يتم توزيع
الصلاحيات بينها و بين حكومة الفدرالية عن طريق دستور مكتوب يحمي و يضمن
حقوؽ و حريات كل الولايات أو المقاطعات. و أىم ما يتميز بو الاتحاد الفدرالي:
- أوؿ خطوة لقيا الاتحاد تتم بوضع الدستور الفدرالي الذي يضمن التوزيع العادؿ للصلاحيات و
المنافع بين الحكومة المركزية و الحكومات الفرعية.
- تتنازؿ الدولة بانخراطها في الاتحاد الفدرالي عن كامل سيادتها )الداخلية و الخارجية( لدولة
الاتحاد.
- يؤدي قيا الاتحاد الفدرالي إلى قيا كائن دولي جديد يتعامل باسم الدوؿ المنخرطة فيو.
- تتمتع الدوؿ المتحدة بالاستقلالية في تسيير شؤونها الداخلية ووضع النظا الداخلي المناسب لها
بشرط أف لا يتعارض مع القانوف العا للاتحاد.
- يتمتع كل المواطنين داخل كل الولايات بحق ممارسة السلطة و المشاركة السياسية في إدارة
الحكومة المركزية وؼؽ مبدأ التعددية ) من خلاؿ الجهازين التنفيذي و التشريعي (.
و من أشهر الأمثلة على الاتحاد الفدرالي و الذي أثبتت نجاحها الاتحاد الفدرالي الأمريكي و الاتحاد السويسري.
و إذا ما أردنا حصر أىم الاختلافات بين النموذجين للاتحاد السياسي وفق المنظور الدستوري في الجدوؿ التالي:
الاتحاد الكنفدرالي
الاتحاد الفدرالي
- تنشأ عن طريق معاىدة منشأة تهتم بتكوين أجهزة
مشتركة لإدارة قطاع معين.
-تحافظ الدولة ضمن الاتحاد الكنفدرالي علي كيانها
السياسي على المستوى الدولي. و بالتالي لا تؤدي إلى
ولادة شخص قانوني جديد.
- تنشأ في الاتحاد الكنفدرالي أجهزة مشتركة يكوف
التمثيل فيهل للحكومات و ليس للأشخاص.
- يقو الاتحاد الفدرالي عن طريق وضع دستور ملز
لجميع الأطراؼ، و يحدد شكل الحكومة و كيفية توزيع
الصلاحيات.
- تفقد الدولة في الاتحاد الفدرالي شخصيتها السياسية
الدولية لصالح دولة الاتحاد. و بالتالي تؤدي إلى ولادة
شخص قانوني جديد.
- يقتضي الاتحاد الفدرالي تأسيس برلماف يضمن
المشاركة السياسية للأفراد.
تسمى بالولاية أو المقاطعة لأنو بمجرد انضماميا تفقد صفة الدولة.
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
سنة ثالثة علو سياسية
30
- باحتفاظ الدولة بشخصيتها القانونية و السياسية
ضمن ىذا الاتحاد فاف أي نزاعات بينها و بين باقي
الأطراؼ تخضع لإرادتها الخاصة و قد تؤدي إلى
انسحابها من الاتحاد.
- يحتفظ مواطنو الدوؿ المتحدة بمواطنتهم الأصلية.
- يحتوي النظا الفدرالي على محكمة فدرالية قراراتها
ملزمة و مهمتها فض النزاعات بين دوؿ الاتحاد.
- يكتسب مواطنو الدوؿ المتحدة مواطنة دولة
الاتحاد.
و ضمن نفس السياؽ التنظيري للمدرسة الدستورية القائم على دراسة التكامل السياسي بين الدوؿ، يمكن الإشارة
ىنا إلى إسهامات الباحث "أميتاي اتزيوني" –رغم انتمائو أساسا للمدرسة الوظيفية- حيث حاوؿ من خلاؿ مقاربتو
للتكامل التركيز على الوحدة السياسية التي تهدؼ إليها العملية التكاملية و التي تتم حسبو وفقا لأربع مراحل
أساسية 32 :
1 . حالة الدولة ما قبل الاتحاد:يشترط بناء علاقات اعتماد متبادؿ بين الدوؿ الأطراؼ في بعض القطاعات.و
يركز اتزيوني ىنا على دور النخب السياسية في تفعيل التكامل سواءا الداخلية أ الخارجية) الدعم الدولي
مثل الدعم الأمريكي أثناء بدايات الاتحاد الأوربي(.
2 . عملية التوحيد )من خلاؿ القوى الفاعلة(: بعد قيا الوحدة السياسية يأتي دور النخب خاصة الداخلية
منها في تفعيل عملية التوحيد عن طريق استخدا الوسائل القسرية)وسائل الإكراه: الشرطة، الجيش...( و
الوسائل النفعية)الوسائل و المنافع الاقتصادية و المالية...(، كما دعى اتزيوني ضمن ىذه المرحلة إلى
الاىتما بتشكيل ىوية اجتماعية موحدة من خلاؿ نشر قيم و شعارات التوحيد.
3 . عملية التوحيد من خلاؿ القطاعات: حيث تتعمق عملية التوحيد السياسي مع تزايد تدفق السلع و الأفراد
بين الدوؿ المتكاملة، خصوصا في ظل ما يسمى بمبدأ الانتشار spilover و الذي سيضمن انتشار و
توسع التكامل من قطاع إلى قطاعات أخرى.
4 . نضوج عملية التوحيد )مرحلة الانتهاء(: و تعتمد ىذه المرحلة على مدى نجاح المراحل السابقة و
تحقيقها للأىداؼ المتوخاة منها.
32 جيمس دورتي، روبرت بالتسغ ا رؼ، مرجع سابؽ،ص ص: 279 - 280 .
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
سنة ثالثة علو سياسية
31
لقد بنى اتزيوني نموذجو للتكامل على مجموعة من الفرضيات الأساسية نذكر منها 33 :
- إف عدد الدوؿ المشاركة في الاتحاد يؤثر على نجاح أو فشل عملية التوحيد، حيث أثبتت
التجارب المختلفة أف التكاملات التي تشارؾ فيها نخب قليلة لاقت نجاحا أكثر من تلك
التي تشهد مشاركة العديد من النخب، وذلك أف تعدد النخب يعني تعدد وجهات النظر و
بالتالي تعدد المشكلات. و يقترح اتزيوني ىنا شرط المساواة بين أطراؼ الوحدة كحل
للتعامل مع مشكلة التعدد.
- جهود التوحيد بين الدوؿ النامية اقل احتمالا للنجاح منها بالنسبة للدوؿ المتقدمة، و ذلك
راجع لما تتميز من انتشار للامية و نقص في المهارات السياسية و التنظيمية الضرورية لمعالجة
مشاكل التوحيد و التكامل الإقليمي.
و أىم ما يمكن قولو في الأخير، ىو أف طموحات منظري المدرسة الدستورية و الهادفين للتأسيس للوحدة
السياسية كخطوة أولى نحو الاندماج الدولي اثبت الواقع أنها أفكار مثالية أكثر منها واقعية و قد اثبت فشلها عد
قدرة العديد من التجارب الوحدوية خصوصا بين الدوؿ ذات السيادة من الوصوؿ إلى مرحلة الاندماج السياسي و
الاستمرارية في التوحد.
النظرية الوظيفية الأصلية:
تجد النظرية الوظيفية جذورىا في أفكار "دافيد ميتراني"- باحث سياسي بريطاني- مؤسس الوظيفية الأصلية، و
التي حاوؿ من خلالها إيجاد نظرية تؤسس لما سماه السلم و الأمن الدوليين خصوصا بعد الآثار السلبية التي
خلفتها الحربين العالميتين الأولى و الثانية. حيث يرى ميتراني باف:"تزايد التعقيد في النظم الحكومية أدى إلى
تزايد كبير في الوظائف الفنية و غير السياسية التي تواجو الحكومات، و مثل ىذه الوظائف لم تؤدي فقط إلى
زيادة الطلب على الاختصاصيين المدربين على المستوى الوطني و لكنها لعبت دورا في المشكلات الفنية على
المستوى الدولي. و إذا أصبح من الممكن ايلاء مثل ىذه المشكلات للمتخصصين و فصل نشاطهم إلى حد ما
عن القطاع السياسي فانو من الممكن و الحالة ىذه انجاز التكامل الدولي." 34
33 نفس المرجع، ص: 281 .
34 جيمس دورتي، روبرت بالتسغ ا رؼ، مرجع سابؽ،ص: 270 .
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
سنة ثالثة علو سياسية
32
يعتمد ميتراني في تحليلو للتكامل الدولي على "مبدأ الانتشار" و الذي يعني أف تطور التعاوف الدولي في مجاؿ
معين سيؤدي إلى خلق تعاوف في مجالات أخرى الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تحقيق التعاوف الدولي و من ثم
السلم العالمي.ذلك أف التعاوف خصوصا في مجالو الاقتصادي سيؤدي إلى نقل الاىتما من القضايا السياسية
الحادة إلى المشكلات الفنية و الاقتصادية.
و ابرز ما يمكن ملاحظتو على ىذا الاتجاه ىو:
- التركيز على الجانب الاقتصادي و الفني على حساب الجانب السياسي المثير للصراعات.
- الدعوة لإنشاء منظمات دولية ترعى الشؤوف الدولية المشتركة.
- ضرورة تسيير ىذه المؤسسات من طرؼ فنيين متخصصين و منفصلين عن النشاطات السياسية.
لكن و نظرا لتركيز ميتراني على التكامل في إطاره الدولي العالمي إضافة لعد توفر نموذج واقعي يستند إليو في
تفسيره للتكامل، حاوؿ منظروف آخروف الاستفادة من الأخطاء و الانتقادات التي وجهت للوظيفية الأصلية و
أسسوا لما يسمى بالوظيفية الجديدة حيث ابتعدوا عن مفهو التكامل الدولي ليبحثوا حوؿ مقومات التكامل
الإقليمي.
الوظيفية الجديدة ) (neo-functionalism :
انطلق منظروا الوظيفية الجديدة من الانتقادات التي وجهت للوظيفية الأصلية و التي تمحورت أساسا
استحالة الجمع بين مصالح جميع الدوؿ من جهة، و استحالة الفصل بين القضايا السياسية و القضايا الاقتصادية
و التقنية من جهة ثانية.
و من جهة عملية، فقد اثبت الواقع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية و الذي أنشأت بموجبو العديد من
المنظمات الدولية عد قدرة ىذه المنظمات على تقليص الفوارؽ و حل المشاكل العالقة بين الدوؿ و من ثم لم
تستطع تحويل الولاء الوطني نحو الولاء العالمي مثلما طمح الوظيفيوف.
انطلاقا من ىذه الانتقادات حاوؿ الوظيفيوف الجدد تقليص البعد العالمي للتكامل و محاولة التركيز على مقومات
التكامل في مستواه الإقليمي. و من أىم الافتراضات التي انطلق منها الوظيفيوف الجدد:
التركيز على التكامل الإقليمي بين الدوؿ المنسجمة و المتقاربة في الظروؼ السياسية، الاقتصادية و
الاجتماعية، و ذلك نظرا لصعوبة تحقيق مثل ىذا الانسجا على المستوى العالمي.
33
تركز الوظيفية الجديدة على مفهو "التكامل القطاعي" و الذي يتطلب وضع قطاع معين أو مجموعة من
القطاعات تحت المراقبة و التسيير المشترؾ لهذه الدوؿ في إطار التكامل. مع التشديد على ضرورة
الانطلاؽ بما يسمى"بالقطاع الحيوي" الذي يحتل مكانة إستراتيجية بالنسبة للدوؿ المتكاملة.
الانطلاؽ من القطاع الحيوي –حسب الوظيفيين الجدد- سيضمن تأييد و حركية النخب اا ياس ة ي و غير
السياسية من جماعات المصالح التي سترى في ىذا النوع من التكامل تحقيقا لمصالحها. و تأييد
النخب سيؤدي بدوره إلى الدفع بمسار التكامل إلى الأما. 35
و في نفس السياؽ فاف نجاح التجربة التكاملية يكوف مضمونا أكثر بين الدوؿ الديمقراطية و المتطورة
صناعيا حيث أف أىم أسباب فشل التجارب التكاملية في دوؿ العالم الثالث ىو غياب العامل
الديمقراطي و العلاقات المفتوحة في المجتمع.و ذلك راجع إلى أف الدوؿ الديمقراطية تفتح قنوات
الحوار و الاتصاؿ بين السلطة السياسية من جهة و جماعات المصالح و الأحزاب السياسية من جهة
ثانية، ىذه الأخيرة تلعب دورا كبيرا في تفعيل التكامل من خلاؿ الدفاع على مصالحوا التي تحققها
العملية التكاملية في قطاعات مشتركة و حيوية بين الدوؿ المتكاملة. 36
فالوظيفيوف الجدد ىنا حاولوا الاستفادة من أخطاء الوظيفيين الأصليين الذين حاولوا الفصل بين السياسة و
الاقتصاد و التقليل من دور الجوانب السياسية من خلاؿ فرضية أف المنفعة التي تحققها المنظمات الدولية
ستتكفل بنقل و تحويل الولاء من الدولة القومية إلى المنظمات الدولية.
إلى جانب الدور الحيوي للنخب في تفعيل عملية التكامل، تحدث الوظيفيوف على ما سموه ب"مبدأ
الانتشار" الذي يعني انتشار و توسع العملية التكاملية من قطاع إلى آخر و ذلك نظرا للنجاحات و
المنفعة التي يحققها التكامل في القطاع الحيوي.
يعد "ارنست ىاس"من بين أىم مؤسسي النظرية و يسمى بأب الوظيفية الجديدة، لذلك يجدر التطرؽ إلى أىم
إسهاماتو في موضوع التكامل قصد التعمق أكثر في حيثيات النظرية.
و قد ركز ىاس دراستو على التجربة الأوربية من خلاؿ "ىيئة الفحم و الصلب" حيث ركز على ضرورة حساب
احتمالات الربح و الخسارة من طرؼ الدوؿ المتكاملة و المتعلق أساسا في قدر المصالح التي تحققها للنخب
35 عامر مصباح،نظريات تحميؿ التكامؿ الدولي.بف عكنوف: ديواف المطبوعات الجامعية، 2008 .ص: 106 .
36 خميفة م ا رد،مرجع سابؽ.ص: 10 .
المعنية في القطاع العا و الخاص، وذلك نظرا لدورىا الها في تطوير التكامل فيما بعد. بذلك يكوف ىاس قد
احل مفهو الرفاه )المكاسب التي يحققها التكامل( محل وسائل الإكراه التي دعى اتزيوني لاستخدامها لتفعيل
التكامل. 37
و في موضوع الانتشار ، يرى ىاس أف إدراؾ النخب المختلفة لأىمية التكامل من خلاؿ مكاسبها من تكامل
القطاعات يدفعهم للمطالبة و السعي لتوسيع التكامل لقطاعات و مجالات أخرى:" إف الذين يحققوف منافع من
المنظمات فوؽ القومية في قطاع محدد يميلوف بشكل ملحوظ إلى تأييد التكامل في قطاعات أخرى." 38
يرى ىاس أف التكامل السياسي ىو آخر مراحل العملية التكاملية بكونو:" العملية التي تتضمن تحوؿ الولاءات و
النشاطات السياسية لقوى سياسية في دوؿ متعددة و مختلفة نحو مركز جديد تكوف لمؤسساتو صلاحيات تتجاوز
صلاحيات الدوؿ القومية القائمة" لكن الوصوؿ لهذه المرحلة يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط التي قسمها إلى
ثلاث مجموعات أساسية: 39
المجموعة الأولى: تتعلق بالشروط الأولية للتكامل و يحددىا ىاس في:
- التوافق في حجم الوحدات السياسية) لكي لا تهيمن دولة على دولة أخرى(.
- التعددية السياسية و الاجتماعية.
- الاتساؽ النخبوي) من حيث القيم و المصالح(.
- زيادة وتيرة التبادؿ بين الوحدات.
المجموعة الثانية: تتعلق أساسا بمرحلة التكامل:
- حجم السلطة المفوضة لمؤسسات الاتحاد.
- مستوى مشاركة الاتحاد في أعماؿ الحكومات و أىدافها
37 جيمس دورتي، روبرت بالتسغ ا رؼ، مرجع سابؽ،ص: 286 .
38 نفس المرجع،ص: 287 .
39 نفس المرجع،ص: 288 .
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
سنة ثالثة علو سياسية
35
المجموعة الثالثة: : يسميها ىاس بالمتغيرات الحركية بمعنى تلك التي تتعلق بتواصل
المسار التكاملي:
- نسبة المبادلات التجارية بين الوحدات بعد الوحدة الاقتصادية.)زيادة في الوتيرة(
- مستوى قدرة الأطراؼ على التكيف لمواجهة الأزمات.
*من بين أىم الانتقادات التي وجهت لوجهة نظر ىاس حوؿ التكامل ىو الانتقاد الذي وجهو ستانلي
ىوفماف ، و الذي يرى أف التكامل السياسي سيعيق التكامل الاقتصادي أكثر من خدمتو ذلك أف تجاوز المشاكل
و الحساسيات السياسية يعد أمرا صعبا إف لم نقل مستحيلا. و بالمقابل يقترح ىوفماف أف يتم التكامل فيما سماه
بقضايا السياسة الدنيا) المسائل الاقتصادية و الاجتماعية( و الذي سيتيح للدولة تحقيق الرفاه الاقتصادي، و ترؾ
المسائل العليا)القضايا الأمنية،السياسة الخارجية...( من اختصاص الدولة وحدىا.
احد مؤسسي الوظيفية الجديدة.
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
سنة ثالثة علو سياسية
36
المحاضرة امسابعة: مراحل) أ أهواع( امتكاملت ا إ لقليمية :
اختلف الدارسوف و المتخصصوف في شؤوف التكاملات الدولية حوؿ تحديد أنواع-التي تعد في نفس الوقت
الخطوات التي تنشأ و تتطور وفقها التكاملات الدولية الاقتصادية منها- وعموما يمكن إجماؿ أىم أنواع
التكاملات الاقتصادية في 40 :
1 . منطقة التجارة التفضيلية )اتفاقية ا ت ؿفضيلات ا ت ؿجارية(: تهدؼ الدوؿ من خلاؿ إنشاء
منطقة التجارة التفضيلية إلى تنشيط التبادؿ التجاري بين ىذه الدوؿ حيث تعني تلك الا تفاقيات ا ت ؿجارية التي
تتم بين مجموعة من الدوؿ و تهدؼ إلى تخفيض العوائق التجارية سواء كانت جمركية أو غير جمركية على
الواردات التي تتم بينهما دوف إلغائها كلية، مع الحفاظ أو الزيادة من العوائق على السلع المستوردة من الدوؿ
غير الأعضاء في منطقة ال ف تضيل. ومن أمثلة ىذا النوع من الاتفاقيات التجارية التفضيلية العوائق التي تفرضها
الدوؿ الأوربية على وارداتها من الدوؿ النامية، واىم ما تتميز بو ىذه الاتفاقيات:
قت تصر ىذه الدرجة التكاملية على مجرد تخفيض العقبات الجمركية وغير الجمركية دوف إلغائها كلية.
تنصب ىذه المعاملة التفضيلية الجمركية على الشق السلعي للتجارة الإ تيمية بين مجموعة اؿدوؿ
الأعضاء في منطقة التفضيل ولكنها لا تمتد إلى الشق النقدي للتجارة الإقليمية بين ىذه الدوؿ.
يلاحظ أف الدوؿ الأعضاء في منطقة التفضيل الجمركية تحتفظ بحق صياغة وتحديد نمط سياساتها
القطرية في المجالات الجمركية وغير الجمركية دوف الدخوؿ في ترتيبات مشتركة مع باقي الدوؿ
الأعضاء في ىذا الخصوص.
2 . منطقة التجارة الحرة  : تعتبر ثاني درجة من درجات التكامل الاقتصادي ، و تهدؼ إلى إزالة القيود
الجمركية وغير الجمركية على حركة السلع والخدمات بين الدوؿ قيد التكامل مع احتفاظ كل بلد عضو
بتعريفة جمركية تجاه بقية دوؿ العالم )الدوؿ غير الأعضاء(،بمعنى أف كل دولة مشتركة لها الحق في فرض
الرسو الجمركية على ما تستورده من الدوؿ الأخرى غير الأعضاء في المنطقة التكاملية، وتعتبر منطقة
التجارة الحرة المدخل التجاري للتكامل الاقتصادي تهدؼ إلى زيادة حجم التبادؿ التجاري ورفع معدلات
40 عبد الوىاب رميدي،مرجع سابؽ.ص ص: 10 - 16 .
Preferential Trade Agreement  Free Trade Area
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
النمو الاقتصادي وتنوع التجارة ، وعادة ما يتم تحديد فترة زمنية لتنفيذ منطقة التجارة الحرة يتم خلالها
إزالة العوائق التجارية بين الدوؿ الأعضاء في المنطقة التكاملية )إزالة القيود الجمركية بصفة تدريجية( . و
أىم ما يتميز بو ىذا النوع من التكامل:
لا تمنع منطقة التجارة الحرة قيا أي دولة عضو فيها بعقد اتفاقيات جديدة مع دوؿ أخرى.
قد تقتصر منطقة التجارة الحرة )في عملية تحريرىا للتجارة( على بعض المنتجات دوف
البعض الآخر، لذا يمكن اعتبارىا أبسط الصيغ في أي مشروع تكاملي فهي تمهد للانطلاؽ
إلى مراحل أكثر تقدما في درجات التكامل الاقتصادي.
كما أنها لا تثير بين دولتين أو أكثر على مستوى الإقليم أي تعقيدات فنية أو قانونية في
التطبيق. ولهذا شهدت كثير من دوؿ العالم خلاؿ العقدين الأخيرين تحركات وجهود واسعة
نحو إقامة مناطق للتجارة الحرة انسجاما مع توجهات تحرير التجارة العالمية. ومن أبرز صور
مناطق التجارة الحرة في العصر الحديث، منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ) النافتا ( ،
وىناؾ بعض مناطق التجارة الحرة الأحادية التي تقتصر على نوع معين من السلع
والخدمات وعادة ما يطلق عليها اسم اتفاقية تنمية وتيسير التبادؿ التجاري و من أمثلتها
الاتفاقية الموقعة بين الدوؿ العربية عا 1981 والتي تضمنت التحرير الفوري والمباشر
لتبادؿ المنتجات الزراعية.
3 . الاتحاد الجمركي : يعتبر مرحلة أكثر تقدما و عمقا من المرحلة السابقة، يتم فيها إلغاء مختلف
الحواجز الجمركية المفروضة على التجارة البينية للدوؿ الأعضاء في المنطقة التكاملية، حيث
لا تقتصر على مجموعة من السلع مثل المراحل السابقة ، و الأىم من ذلك يتم توحيد الرسو
أو التعريفة الجمركية لكل الدوؿ الأعضاء تجاه العالم الخارجي فتصبح الأقاليم الجمركية للدوؿ
الأعضاء المشتركة إقليما جمركيا واحدا، كما أف الدوؿ الأعضاء في الاتحاد الجمركي ليس لها
الحرية في عقد اتفاقيات تجارية مع الدوؿ الخارجية عن الاتحاد أو حتى تجديد الاتفاقيات
المعقودة مع ىذه الدوؿ)على عكس منطقة التجارة الحرة(، والهدؼ من ذلك ىو الحرص على
Customs Union
LMD
محاضرات الإقليمية و العولمة نظم الحكم والإدارة الإقليمية
سنة ثالثة علو سياسية
38
فعالية التعريفة الجمركية الموحدة وزيادة المركز التنافسي للدوؿ السابقة، وفي غالب الأحواؿ
تكوف الاتحادات الجمركية أكثر كفاءة من درجات التكامل الاقتصادي وتسمح بالتكامل بين
الأسواؽ بدرجة أكبر ولكنها أيضا تحتاج إلى تنظيم أكثر ووضع قيود أوثق على سياسات الدوؿ
الأعضاء . و أىم ما يتميز بو ىذا النوع من التكامل:
وحدة القانوف الجمركي بين الدوؿ الأعضاء ووحدة التعريفة الجمركية.
وحدة تداوؿ السلع بين الدوؿ الأعضاء.
وحدة التعريفة الجمركية بالنسبة لبقية دوؿ العالم غير الأعضاء في الاتحاد.
توزيع حصيلة الرسو الجمركية المفروضة على واردات الدوؿ الأعضاء من العالم الخارجي حسب معادلة
يتفق عليها، وتتولى توزيع الأنصبة بين الدوؿ الأعضاء صندوؽ مستقل و متخصص في ىذا الشأف.
ويتضح من ىذا أف الاتحاد الجمركي يتميز على منطقة التجارة الحرة في توحيد مستوى الرسو الجمركية
في كل الدوؿ الأعضاء في مواجهة العالم الخارجي وىو بذلك لا يواجو المشكلة التي تواجهها منطقة
التجارة الحرة عادة والخاصة بإعادة التصدير وما ينجم عنها من احتمالات انحراؼ التجارة عن طرقها
الطبيعية داخل نطاؽ المنطقة.
ويعد الاتحاد الجمركي أكثر درجات التكامل الاقتصادي تعقيدا، لاحتوائو على ترتيبات تنطوي على الكثير من
التنسيق في صنع القرارات، وإدارة معقدة بغية إنشاء الاتحاد والإشراؼ عليو، وكثيرا ما يعتبر الاتحاد الجمركي
مؤشرا، على أف الدوؿ الأعضاء تنوي إتباع سياسة تكامل بدلا من مجرد تعاوف. ومن الأمثلة البارزة للاتحادات
الجمركية نذكر الاتحاد الجمركي الذي قا بين لكسمبورغ وبلجيكا لسنة 1922 مع انضما ىولندا إلى ىذا
الاتحاد سنة 1947 ودخل حيز التنفيذ سنة 1948 ، ويسمى باتحاد "ال ني بلوكس" الذي يعتبر أوؿ تجربة رائدة
في مشروع التكامل الاقتصادي.
4 . السوؽ المشتركة : يتم في ىذه المرحلة من مراحل التكامل الاقتصادي إلغاء الرسو الجمركية
وتوحيد التعريفة الجمركية إزاء العالم، لخارجي )اتحاد جمركي( كما يتم إلغاء القيود على حركة
انتقاؿ عناصر الإنتاج)رؤوس الأمواؿ، السلع،الخدمات، العمالة أو الأفراد...( فيما بين الدوؿ
الأعضاء. فيتم دمج أسواؽ السلع والخدمات ودمج أسواؽ عناصر الإنتاج وبالتالي تصبح
المنطقة التكاملية عبارة عن سوؽ واحدة، مما يؤدي إلى مضاعفة فرص الاستثمار وزيادة كفاءة
استخدا عناصر الإنتاج، من شأنو أف يجذب كلا من رأس الماؿ والعمل الماىر تحو الأقاليم
المتقدمة في الاتحاد، كذلك فإف حرية انتقاؿ المنتجات تقيد الصناعات القوية على حساب
الصناعات الناشئة خاصة إذا كانت ىذه الأخيرة في الأقاليم الفقيرة وما يترتب عنها من زيادة
مدى التفاوت في مستويات المعيشية بين ىذه الأقاليم، وتعتبر الأسواؽ المشتركة خطوة ىامة
للوصوؿ إلى وحدة اقتصادية وسياسية كاملة. ومن الأمثلة البارزة للسوؽ المشتركة نجد السوؽ
الأوربية المشتركة التي أنشئت بمقتضى معاىدة رومػا التي تم التوقيع عليها سنة 1957 ، وفي
المنطقة العربية تم الاتفاؽ على إنشاء سوؽ عربية مشتركة وىذا سنة 1964 .
5 . الوحدة الاقتصادية )الاتحاد الاقتصادي(  :في ىذه الدرجة التكاملية لا يقتصر الأمر على إلغاء
القيود المفروضة على تبادؿ السلع والخدمات و انتقاؿ عناصر الإنتاج، و توحيد التعريفة
الجمركية للدوؿ الأعضاء تجاه العالم الخارجي. إنما يشمل الاتحاد الاقتصادي توحيد
السياسات الاقتصادية و المالية للدوؿ الأعضاء وذلك بغرض إقامة ىيكل متكامل ، ولإزالة
التباين في تلك السياسات بين الدوؿ المتكاملة.
6 . الاتحاد النقدي  : يختلف الكثير من الباحثين حوؿ الاتحاد النقدي كأحد مراحل التكامل
الاقتصادي، حيث يعتبره البعض إجراءا من إجراءات توحيد السياسات الاقتصادية و المالية
التي تتم على مستوى المرحلة السابقة-الاتحاد الاقتصادي- و يتم ضمن ىذه المرحلة تنسيق
السياسات النقدية والمصرفية فيما بين الدوؿ الأعضاء حيث يتم:
تأسيس عملة موحدة بين الدوؿ الأعضاء في الإتحاد .
تبني سياسة نقدية موحدة داخل الاتحاد .
تأسيس بنك مركزي يشرؼ على تنفيذ السياسة النقدية.
ق ؼيا التجارة وتحويل رؤوس الأمواؿ بين الدوؿ المتكاملة ضمن ىذه المرحلة يتوقف على إمكانية تحويل العملات
للدوؿ المشتركة، فتقو ىذه الدوؿ بتوحيد سياساتها النقدية ، أي بالإضافة إلى انتقاؿ عناصر الإنتاج بدوف قيود
بين الدوؿ الأعضاء وتحرير تجارتها السلعية فإف الاختلاؼ في العملات الوطنية لهذه الدوؿ قد يؤدي إلى عد
تحقيق أىداؼ الدرجات السالفة الذكر.و من الأمثلة البارزة لهذه الدرجة من التكامل ىو الاتحاد النقدي الأوربي
والذي قا بين) 11 ( دولة أوربية.
7 . الاتحاد الاقتصادي الكامل : كما يسمى بالاندماج الاقتصادي ، و يعت ر ب التكامل الاقتصادي
التا آخر درجات التكامل الاقتصادي وبمقتضاه تصبح اقتصاديات الدوؿ الأعضاء كاقتصاد
واحد، وفيو يتم توحيد السياسات الاقتصادية بحيث يتبع الأعضاء نفس السياسات الاقتصادية
و المالية و الاجتماعية ، ويقو الاتحاد بإنشاء سلطة فوؽ قومية تراقب تنفيذ تلك السياسات
الموحدة، فإنو يمكن في ظل ىذا الاتحاد تحقيق كافة المزايا المترتبة على قيا التكامل
الاقتصادي من تحقيق الكفاءة في استغلاؿ الموارد الاقتصادية وما يترتب عليها من زيادة
الدخوؿ الحقيقية وتحقيق العدؿ في توزيع الدخل بين المواطنين مما يؤدي إلى زيادة الرفاىية
الاقتصادية وغالبا ما يجمع ىذا النوع من الاتحاد بين الوحدة الاقتصادية والوحدة السياسية
للبلداف المشتركة فيو حيث يعتبره منظرو التكامل اللبنة الأساسية الممهدة لإنشاء التكامل
السياسي. كما يمكن القوؿ أنو في الاتحاد الاقتصادي التا يتم توحيد كافة السياسات
الإنتاجية والنقدية والضريبية والتجارية والاجتماعية وغيرىا ، وإيجاد سلطة إقليمية وجهاز إداري
لتنفيذ ىذه السياسات تعمل كل دولة عضو على تقليص سلطاتها الذاتية في ىذه المجالات
لصالح السلطة الإقليمية المخولة بذلك.
ولتوضيح أنواع و من ثم مراحل التكامل الاقتصادي و توضيح المرحلية ضمن ىذا الإطار يمكن تلخيصها في
الشكل التالي:
الشكل رقم) 03 ( : مراحل و أنواع التكامػل الاقتصػادي
منطقة التجارة التفضيلية ) تعريفة منخفضة (
منطقة التجارة الحرة ) .ت.ح ( حرية انتقاؿ السلع
.ت.ح + تعريفة جمركية موحدة = اتحاد جمركي ) إ.ج (
.ت.ح + إ.ج + حرية انتقاؿ عناصر الإنتاج = سوؽ مشتركة ) س. (
.ت.ح + إ.ج + س. + سياسة اقتصادية مشتركة – اتحاد اقتصادي ) إ.إ (
.ت.ح + إ.ج + س. + إ.إ + سياسة نقدية موحدة = سوؽ موحد
المصدر: عبد الوىاب رميدي،" التكتلات الاقتصادية الإقليمية في عصر العولمة و تفعيل
التكامل الاقتصادي في الدوؿ الناميػة:- دراسة تجارب مختلفة".ص: 16 .

Post a Comment

Previous Post Next Post