الإشتراك الغير مباشر أو المساهمة الجنائية غير المباشرة
المطلب الأول : الشريك
كما بينا سابقا أن المساهمة الجنائية تقتضي في حالات
عديدة التمييز بين المساهمة الأصلية التي بقوم بها الشركاء والتي يتضح منها بأن
الشريك هو كل من ساهم بطريقة غير مباشرة في الجريمة بالوسائل المنصوص عليها في
المادة 402 قانون العقوبات
" تعتبر
شريكا في الجريمة من لم يشترك إشتراكا مباشرا فيها "

مثل : شخص يعير مسدسه لشخص أخر لقتل شخص
هنا إعارة
المسدس لقتل شخص لا يعني مساهمة مباشرة في الجريمة ، وفي هذه الحالة لايعتبر فاعلا
وإنما يعتبر مساهما في الجريمة .

وعلى الرغم من ان الشريك يتعرض شرعيا لنفس العقوبة
التي يتعرض اليها الفاعل الرئيسي الا ان التفرقة بين الفاعل الاصلي والشريك في
الجريمة امر ضروري على اعتبار ان الشريك يقتصر دوره على القيام بنشاط لمساعدة
الفاعل على ارتكاب الجريمة , اين يعد مجرد عمل تحضيري, وانما اكتسب صفته الاجرامية
لصلة بالفعل الاجرامي الذي ارتكبه الفاعل , وبما ان الاعمال التحضيرية التي تسبق
الافعال المادية لتحقيق الجريمة , اين عرفت لنا المداة 42 .
- فمن
خلال هذه المادة نستنج ان الشريك هو من لم يشترك اشتراكا مباشرا في الجريمة وكل من
ارتكب فعل من الافعال التحضيرية للجريمة أي لا يعتبر شروعا فيها هو شريك , وعلى حد
تعبير نص المادة 42 . وما نستوضحه ايضا وما
يتجلى لنا من هذه المادة انه لنا معيار الشروع للتفرقة بين فعل المساهم وفعل
الشريك , وطبقا لهذا المعيار فان كل من قام بارتكاب فعل من الافعال التي تعتبر
فعلا او شروعا فيها هوشريك فالاشتراك هو نشاط يرتبط بالفعل الإجرامي وهو نتيجة
سببية دون ان يتضمن التنفيذ للجريمة او قيام بدور رئيسي في ارتكابها , فهذا النشاط
يسبق علدة عمل الفاعل او يعاصره ويكون لاحقا لتنفيذ الجريمة.
وهذا ما نصت عليه المادة 43 ق.ع.ج. لان الجريمة هي الفعل الذي يجرم بنص قانوني فاما ان تكون فعلا ينهي
عليه المشرع او امتناعا عن فعل يامر به القانون .
كما نصت المادة نفسها على ان الفعل المرتكب من قبل
الشريك يقوم على المساعدة على ارتكاب الافعال التحضيرية او الكلمة المنفذة مع
العلم بذلك بمعنى ان عمل الشريك يسبق عادة عمل الفاعل او يعاصره لكي لا يكون في
مكان الحادث والا اعتبر فاعلا شريكا .
واعتبر المشرع ايضا شريكا في الجريمة كل من يقوم
بالافعال التي تكون لاحقة للتنفيذ , وهذا ان دل فانه يدل على الركن الشرعي المادي
المعنوي لجريمة الاشتراك .
وسنتناول
فيما ياتي اركان المساهمة الغير مباشرة وتطرقا الى شرؤوطها
المطلب الثاني : اركان الاشتراك الغير المباشر او المساهمة الغير مباشرة :
سنتكلم فيما ياتي عن اركان المساهمة الغير مباشرة
الثلاث من ركنها الشرعي الى ركنيها المادي والمعنوي :
الفرع
الاول : الركن الشرعي :
افعال الشريك
اعمال تحضيرية غير مجرمة بطبيعتها وانما تنجذب في دائرة التجريم بوصفها حلقة من
حلقات المساهمة التبعية في ارتكاب الجريمة , والمشرع الجزائري قد اقام تجريما
مستقلا للشريك
![]() |
(1)- رضا فرج مرجع سابق صفحة 310 *
بالعقاب على الافعال التي يقوم بها و التي تعتبر
من قبل المساهمة الغير مباشرة , ومعنى هذا ان افعال الشريك لا تدخل في دائرة
التجريم ولا يعاقب عليها الا اذا ارتكب الفاعل الجريمة او شرع فيها , ويجب ان يكون
فعل رئيسي معاقب عليه هذا شرط اولي ليكون ركن شرعي للاشتراك وليس من الضروري ان يكون
الفاعل الرئيسي نفسه ومجرد كون الفاعل
الرئيسي :
-
لم يكتشف ميتا , هاربا .
-
لاربما استفاد بسبب ذاتي لعدم اتهامه مثل الجنون , القصور او الاكراه .
-
او اعفي عليه او استفاد منعذر مبرىء من العقوبة بدون محو الجريمة فانه
لاتمس العقوبة الشريك
وليس من الضروري ان تكون الجناية او الجنحة تامة فان
الاشتراك او المساهمة في المحاولة المعاقب عليه الا اذا كان مرتكب المحاولة التي
يعاقب عليه الفاعل او تعرضه للعقوبة و على العكس فان محاولة المشاركة في الجريمة
غير معاقب عليه ومهما كان فان القانون تدخل من اجل الجزر على الفعل حتى ولو لم يكن
تاما او محاولا فيه , وعلى هذا فان المادة 46 ق.ع. تنص على : * اذا لم يرتكب
الجريمة المزعم لارتكابها لمجرد امتناع من كان ينوي ارتكابها بارادته شخصيا فان
المحرض يعاقب بالعقوبة المقررة للجريمة * .
مثال : ان يامر رجل لكي يقتل شخصا آخر واذا لم
ينفذ الفاعل الرئيسي الجريمة لسبب ما ولم يرتكب احد الافعال المكونة للمحاولة
المعاقب عليها فان المحرض يتعرض على
ارتكاب الجريمة ويعاقب بالعقوبة المقررة للجريمة المادة 45 ق.ع. وكذلك من المعلوم ان الشريك في سرقة مرتكب من شخص يستفيد من الحصانة
حسب المادة 386
من ق.ع. "لا يعاقب على السرقات التي ترتكب من الاشخاص المبينين فيما بعد ولا
تخول الا حق التعويض المدني :
-
الاصول اضرارا باولادهم او غيرهم من الفروع .
-
الفروع باضرار اصولهم .
-
احد الزوجين اضرارا بالزوج الآخر .
اين لا يتعرض للعقاب اذا لم يكن هو الفاعل الرئيسي او
محرض على ذلك واذا ثبت العكس بانه هو
المحرض لها او هو الفاعل الرئيسي وانه لايستفيد من العفو الذي يستفيد به الفاعل
الرئيسي ولو كان في وضع يستحيل ان يقترف هو بنفسه الجريمة او الجنحة .
مثال : اذا
اعفي الفاعل بسبب كون ان فعله لم يكن جناية او جنحة فان المشترك في العمل لا يعاقب
عليه وذلك لغياب الفاعل الرئيسي .
كذلك لاتقوم
جريمة الاشتراك في الشروع في الجنح من طرف الفاعل التي لا عقاب على الشروع فيها ,
اذ يجب الاشتراك في هذه الحالة ان تنفذ الجريمة وان تستوفي اركانها .
-
وكما
سبق الذكر فان المشرع الجزائري قد جرم افعال المشترك تجريما مستقلا عن الاعمال
التي يقوم بها الفاعل الرئيسي اين تنص المادة 42 ق.ع.ج " من لم يشترك اشتراكا
مباشرا في الجريمة ولكنه قام بالافعال الاتية ........".
ومن فحوى هذه
المادة يتضح ان المشرع الجزائري قد انتهج طريقا
جديدا في تجريم فعل الشريك مستقلا بذلك عن اعمال الفاعل الاصلي ان يعاقب
الفاعل الاصلي او الفاعلين الاصليين على نشاطهم الاجرامي الذي يحرمه في حالة
اعتداءه على الحقوق التي يحميها للقانون ولكن لايعاقب الشريك لذات السبب فهو
يعاقبه لافعال معينة جاءت على سبيل الحصر بنصوص المادتين 42, 42 ق.ع
وهنا باستطاعتنا
القول ان المشرع الجزائري قد اخذ بنضرية ( استقلالية الصفة الاجرامية ) لفعل
الشريك عن الصفة الاجرامية لفعل الفاعل الاصلي ومن هذه الصفة المستقلة لفعل الشريك
عن فعل الفاعل الاصلي تصبح للمساهمة الغير المباشرة ركن شرعي مستقل عن الركن
الشرعي للمساهمة المباشرة .
![]() |
(1)- رضا فرج مينا , مرجع سابق صفحة : 310 *
- وبهذا الصدد
هناك تطبيقات مختلفة للتجريم المستقل لفعل الشريك :
تنص المادة 261/2 على عقاب الام سواء كانت فاعلة اصلية
او شريكة في قتل ابنها حديث العهد للولادة وذلك بالسجن الؤقت من 10 الى 20 سنة ,
بينما يعاقب كل من اشترك معها في جريمتها بعقوبة الاعدام
( 261/1).
ان وضع العقاب
المستقل للشريك في هذا النص يتفق تماما مع النضرية التي اخذ بها المشرع الجزائري
بتجريمه لفعل الشريك بصفة مستقلة عن فعل
الفاعل الاصلي .
كذلك تنص المادة 10 من الامر رقم 66-182 الصادر في 21
جوان 1966 الذي يتضمن انشاء مجالس قضائية خاصة لقمع الجرائم الاقتصادية على عقاب
الشريك بعقوبة اشد من عقوبة الفاعل الاصلي اذا كان هذا الاخير قد سمحت له صفته او
مهامه بتقديم او الحماية للفاعل الاصلي .
وبهذا فلا يشترط
قيام مسؤولية الفاعل الاصلي لتتولد عنها مسؤولية الشريك لان هذا الاخير ياخذ عقاب
الافعال المجرمة قانونا , وقانون العقوبات الجزائري , قد توسع في هذه النقطة اين
يعاقب الشريك ولو لم يرتكب الجريمة نفسها وتنص المادة 66 ق.ع. * اذا لم تنفذ
الجريمة المزعم تنفيذها لامتناع من طرف الفاعل الاصلي فان المحرض يعاقب بالعقوبات
المقررة المعاقب عليها قانونا .*
وهناك حالات
يعاقب فيها الشريك بعقوبة تختلف تختلف عن عقوبة الفاعل الاصلي , ليست لاستقلالية
تجريم فعل الشريك ولكن ايضا لانه – الشريك – قد انشا جريمة مستقلة وتختلف في تكييفها القانوني وفي ارتكابها عن الجريمة
الاصلية , كحالة اخفاء الاشياء المسروقة او المبددة او المحصلة من جناية او جنحة
المادة 387 ق.ع. وهي جريمة متميزة ومستقلة عن جرائم السرقة والتبديد التي سبقتها .
وكذلك ما تقرر في المداة 273 ق.ع. في عقاب الشريك في
الانتحار وقد وضع هذا النص حكما لا تجده لدى التشريعات التي تاخذ بمبدا استعارة
التجريم , اذ ان الانتحار فعل غير معاقب عليه اصلا وبالتالي لا يمكن طبقا لمبدا
استعارة التجريم عقاب الشريك الذي يساعد المنتحر على الانتحار ولذلك فان القانون
الفرنسي يعاقب من يساعد المنتحر .
فالمادة 273 ق.ج
تنص على : "كل من ساعد عمدا شخصا في الافعال التي تساعده على الانتحار او تسهله له او تزوده بالاسلحة او
السم او بالالات المعدة للانتحار مع علمه
بانها سوف تستعمل في هذا الغرض يعاقب بالحبس من سنة الى خمس سنوات اذا نفذ
الانتحار "
وهو حكم يتفق
مع المبدا الذي اخذ به المشرع الجزائري في تجريم فعل الشريك مستقلا عن فعل الفاعل
الاصلي .
واخيرا يمكن القول انه يكفي ان يكون الفعل معاقبا عليه
لذاته للقول بمسؤولية الشريك ولو كان فاعله لايعاقب لضرف خاص به عملا بمبدا
استقلالية المساهمين , فمن ساعد شخصا على سرقة المال لابيه يعد مسؤولا بالاشتراك
ولو سامح الاب ولم يرفع الدعوى ضد ابنه .

![]() |
(1)- رضا فرج مينا , مرجع سابق صفحة 311-310
(2)- محمود نجيب حسني , مرجع سابق صفحة 431 *
الفرع الثاني : الركن المادي
ان الاشتراك
يطبق شرعيا سواء باظهار فعل منصوص عليه في المادة 42 ق.ع
والقصد هو الركن المادي للاشتراك ولكن المساهمة في
الاشتراك ما كان قبل الفعل الرئيسي او اثناءه , ولكن ليس بعده وفيما يلي سنفصل هذه
النقاط الافعال التي يعتد بها في المساهمة التبعية التي يمكن ان ياتيها الشريك
1)- التحريض : المحرض هو من حمل او حاول ان
يحمل لشخص آخر باية وسيلة كانت على ارتكاب الجريمة , فهو اذن من يوحي الى الفاعل باقتراف
الجريمة فهو دفع الجاني لارتكاب جريمته وذلك بتوجيه ارادته الى الفعل المجرم , ومن
هذا التعريف فنشاط المحرض نشاط مادي مؤثر على ارادة الفاعل .
-
والقانون
الفرنسي قد صنف التحريض من بين صور الاشتراك وليست جريمة قائمة بذاتها , ولهذا
يشترط لقيام التحريض ان تكون هناك فكرة أو إيحاء من طرف المحرض إلى الشخص من الأشخاص
بإفتراف الجريمة معينة ،بصورة تؤثر على إرادته ،وقد حصر المشرع الفرنسي وسائل
التحريض الأشخاص بإقتراف جريمة معينة 60/1 من قانون .ع.الفرنسي وسائل التحريض في
الهبة والوعد والتهديد وسوء إستغلال السلطة والتحايل والتدليس .
أما المشرع الجزائري فقد أخذ إتجاها
مستقلا في الأخذ بنظرية التجريم المستقل للشريك والمحرض معا ونفس الأمر بالنسبة
للتشريعات الحديثة التي أخذت بإستقلالية تجريم أفعال المحرض ، وقد توسع القانون
الجزائري في تعريف التحريض فنص في المادة 42/2 على مايلي :
-يعتبر شريكا في الجريمة من لم
يشترك إشتراكا مباشرا ولكنه قام بالأفعال التالية :
-حرض على إرتكاب الفعل بالهبة
أو الوعد أو التهديد أو إساءة إستغلال السلطة أو الولاية أو التحايل أو التدليس
الإجرامي أو أعطى تعليمات لارتكابه
والمشرع الجزائري قد توسع في
تحديد وسائل التحريض لتشمل إساءة الولاية تحريض من له ولاية على الناس أو على من
تحت ولايته ، وكذلك أدخل فيها وسيلة
إعطاء تعليمات لارتكاب
الجريمة ، بالإضافة إلى هذا فقد
توسع في إعطاء تعريف للمحرض على عقاب على كل توحيه صادر من شخص لإرتكاب جريمة سواء
إستعمال نفوذ معنوي أو أدبي أو إعطاء تعليمات بإستعمال التحايل أو تدليس إجرامي .
وثاني عنصر لتوفيرالتحريض أن
يكون هذا الأخير مقصودا أين يستنتج هذا القصد من طبيعة التحريض أي إنصراف نية
المحرض إلى دفع المحرض إلى إرتكاب جريمة معينة ، مثلا : إذا حرض شخصا على لإقتراف
سرقة فاقترف قتلا ، فهنا لايسأل المحرض إلآ عن تحريض على السرقة .
وثالث عنصر لتوفر التحريض هو
وحود رابطة بين التحريض ونتيجة فلا تحريض متى كان المحرض عالما بتصميم من يحرضه
على إقتراف الجريمة وإن أمكن إعتبار التحريض تشديد عزيمة المحرض .
![]() |
-1- سليمان عبد المنعم : النظرية العامة لقانون العقوبات
، كلية الحقوق جامعة الإسكندرية طبعة لسنة 2000 /صفحة : 652
وأخر عنصر أن يتلاقى التحريض بالقبول إذا كان فعل المحرض
عليه مخالفة ، وإن كان المحرض كان يعتبر حسب التشريع الفرنسي متدخلا في الجريمة
التي حرض عليها ، لو لم يكن تحريضه هذا معاقب عليه إلا في حالة ما إذا هذه الصورة
عينها القانون للتجريم ، وبذلك هناك مفاعيل إستقلال لتبعة المحرض إذ أن هذه الإستقلالية تؤدي بنا إلى
النتائج التالية :
1- أن المحرض لايستفيد من أسباب الإعفاء الممنوحة للفاعل
المحرض فإذا عمل الفاعل مختارا عن إرتكاب الجريمة بعد أن حاولها فلا عقاب عليه
،على عكس المحرض فإنه في هذه الحالة يعاقب على جريمة أراد أن تقترف بالرغم من عدول
الفاعل .
-
وهناك
حالات يصعب تحديد الركن المادي لجريمة التحريض
فهل يقوم الركن المادي لجريمة التحريض بمجرد قيام فعل التحريض ؟ وهل يمكن
عقاب المحرض على تحريض شخص لاتيان فعل مجرم ورفض هذا الأخير طلب الأول في الحال ؟
وهل تقوم جريمة التحريض بمجرد وقوع فعل التحريض ؟
للإجابة عن هذه التساؤلات
وغيرها التي ترد الأذهان ، يجب التطرق أولا إلى العقاب الوارد على الشروع في
التحريض رغم الإشتراك في التحريض .
-العقاب على الاشروع في التحريض
: بالرجوع الى موقف المشرع الجزائري واخذه بنظرية استقلال تجريم فعل الشريك بعيدا
في ذلك عن تجريمه للفاعل الاصلي وانشائه لجريمة مستقلة وهي جريمة التحريض , يدفعنا
هنا الامر الى القول بان مجرد الشروع في التحريض معاقب عليه , وهذا ما لم ياخذ به
قانون العقوبات الفرنسي الذي لا ياخذ بفكرة عقاب الرشوع في التحريض .
ولذلك فهناك امكانية عقاب
المحرض الذي يطلب من الفاعل ارتكاب جريمة اين يعتبر فعل المحرض شروعا معاقبا عليه
اذا حاول ارتكاب جريمة التحريض بالشروع في تنفيذها او قام بافعال لا لبس فيها تؤدي
مباشرة الى ارتكابها .
اما في حالة جريمة التحريض
التامة فانها لاتتم ويعتبر المحرض مجرد شارع في الجريمة شروعا معاقبا عليه طبقا
للاحكام العامة التي تحكم الشروع .
واذا اعتبرنا ان الجريمة التامة لاتقوم الا
بموافقة الفاعل (المحرض) وارتكابه للجريمة المحرض لها , فان ذلك يفسر نص المادة 46
ق.ع. الذي يقضي بعقاب المحرض حتى ول تخلى
الفاعل الاصلي عن الجريمة المزمع ارتكابها بارادته وهذا يعني ان جريمة التحريض قد
قامت بموافقة الفاعل.
- الاشتراك في التحريض : فقيام
جريمة التحريض مستقلة عن الجريمة الاصلية معناها امكانية حصول فكرة اشتراك في
الاشتراء , وفي صدد النقطة قد قد ثارت مجموعة آراء وجدال بين فقهاء القانون
بامكانية ان يحمل شخص شخص آخر على ان ياتي نشاطا تقوم به المساهمة الغير مباشرة في
الجريمة . مثل : ان نفترض ان شخصا سلم آخر نقود ليشتري بها سلاحا ليعطيه لشخص ثالث
بنية ارتكاب جريمة , او ان المتهم الاول حرض المتهم الثاني على ضرب شخص ما ولكن
المتهم بدلا من تنفيذ الجريمة لجا الى المتهم الثالث ليقوم بالتنفيذ فقام المتهم
الثالث بارتكاب الجريمة دون ان يلجا الى المتهم الاول وبدون علم بانه هو المحرض
الاول .
![]() |
(1)- رضا فرج مينا , مرجع سابق صفحة 31 *
ومن هذا المثال نلاحظ ان المحرض هو المتهم الثاني الذي
قام بتحريض الفاعل الاصلي على القيام بالجريمة ولكن ماهو مركز المتهم الاول ؟ وهل
يمكن اعتباره شريكا للمتهم الثاني في التحريض على ارتكاب الجريمة ؟ وضرر في عرض
بعض المواقف
وبالنسبة للقضاء الفرنسي فقد رفض لعتبار المتهم الاول
شريكا للمحرض في جريمة التحريض لانه لم يرد في قانون العقوبات الفرنسي فكرة
الاشتراك في المساهمة .
-
وبالنسبة
للقضاء المصري فقد عاقب على جريمة الاشتراك على اساس ان القانو لم يشترط قيام
علاقة مباشرة بين الشريك والفاعل .
-
- اما
القضاء الجزائري فلم يعبء بهذا الجدل المطروح في قضية الاشتراك ذلك ان القانون
الجزائري قد اخذ بالتحريض كجريمة مستقلة بذاتها وعاقب المحرض في غياب الجريمة الاصلية
المساعدة او المعاونة : هي
طريقة من طرق الاشتراك وبمعنى آخر هي تقديم المعونة لتسهيل تنفيذ الجريمة
وتهيا بكل سهولة تنفيذ الجريمة , وهذه
الاخيرة من بين الاعمال التبعية او التحضيرية للجريمة . ونرى ان كل التشريعات
الدولية قد اخذت بهذه النقطة اذ لا يوجد قانون عقوبات تخلو احكامه من صياغة
قانونية تحكم فعل المساعد او المعاونة وتصنيفها من بين الاعمال التي يقوم عليها
الاشتراك , وكما جاء في توصيات المؤتمر الدولي السبع في قانون العقوبات الذي عقد
في أثينا عام 1957 , لان المعنى الصحيح للشريك هو كل من يقدم المساعدة او المعاونة
السابقة او المعاصرة لتنفيذ الجريمة او حتى اللاحقة على ارتكاب الجريمة اذا تم
الاتفاق عليها قبل ارتكاب الجريمة .
ونلاحظ ان القانون لم يحدد طرق
المساعدة ولم يحصرها في اشكال معينة يمكن ان تتخذها , كاعطاء الفاعل اسلحة او آلات
او ارشادات او تزويده بنصائح او ملابس او تدريبه على السلاح .... الخ.
ولكنه حدد لنا مراحل الجريمة
التي يمكن قيام المساعدة فيها من اعمال المساعدة في الافعال التحضيرية وهي كل
الافعال السابقة التي تسبق مرحلة التنفيذ وهي متعددة في صورها يصعب علينا حصرها او
تحديدها مثال ذلك : قيام شخص بتسليم
الفاعل الاصلي سلاحا لاستعماله في ارتكاب الجريمة او تدريبه على استعماله او
تزويده بملابس تنكر بها لتسهيل ارتكاب الجريمة او تسهيل فراره او تقديم النصائح .
اما المساعدة في الاعمال
المنفذة للجريمة وهي الاعمال المعاصرة بتنفيذ الجريمة وبذلك يعتبر فاعلا كل من
ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة او حرض على ارتكاب الفعل بالوسائل المنصوص
عليها في المادة 41 ق.ع.
مثال : - مسك امراة اثناء خنقها
من طرف شخص آخر .
-
اعطاء
مبلغ من النقود من اجل ارتكاب جريمة (الهبة – الوعد )
-
اب
يضرب ابنه ليسرق (اساءة استعمال السلطة الابوية )
مهما يكن فان المادة 41 من ق.ع
الجزائري قد وضحت بكل صراحة طرق الاشتراك المباشر والحالات المباشرة , ومثال ذلك
كمن يعمل كمراقب اثناء عملية السرقة المرتكبة من طرف شخص آخر او الشخص الذي يعزف
مقطوعة موسيقية اثناء ارتكاب الجريمة ليمنع سماع صراخ المجني عليه , يعتبر بمثابة
الشريك في الجرم بالمساعدة او المعاونة .
ولا يعتبر من امتنع عن فعل
كشريك في الجرم , فالشخص الذي شاهد جريمة ولم يحاول منعها قد يكون ارتكب جريمة
خاصة المنصوص عليها في المادة 182 ق.ع. والجرائم التي تعتبر مماثلة للاشتراك او
المساعدة بالنسبة للقمع في الاغتيال او الضرب او الجرح ومن الاحكام القضائية الحكم
على الشريك في الاجرام التي اجريت على العشيقة فالعاشق الذي قدم استنادا معنويا
لمرتكب الجريمة وذلك بالمساعدة فقط لانقاض عشيقته وفي نفس الوقت حكمت على رجل
الشرطة الذي لا يمنع احد اصدقائه اثناء القيام بعملية الدورية والتفتيش لسرقة
الاشياء التي كان من المفروض عليه بحكم مهنته مراقبتها كشريك في الجرم .
![]() |
(1) - عبد الله سليمان المرجع السابق , صفحة 357 *
واعمال المساعدة المعاصرة
لتنفيذ الجريمة قد تكون اعمالا مسهلة وهي التي تقع مع بداية التنفيذ
والاعمال المنفذة أي تلك
الاعمال التي تصاحب الخطوات الاخيرة في ارتكاب الواقعة الاجرامية .
ومن هنا نستنج ان الاعمال
المساعدة المعاصرة تجعل صاحبها فاعلا هي المساعدة التي تحدث اثناء ارتكاب الجريمة
في مكان وقوعها اما اعمال المساعدة المعاصرة للجريمة التي تجعل من فاعلها شريكا لا
فاعلا هي تلك الاعمال التي تعاصر وقت تنفيذ الجريمة ولكن في غير مكان وقوع الجريمة
مثل : كان يقوم احدهم بتعطيل المجني عليه عن العودة الى منزله حتى تتم السرقة فيه
, وعلى أي حال فان حالات المساعدة المعاصرة التي تعد مشاركة هي قليلة لان معظم
حالات المساعدة المعاصرة تتم في مكان وقوع الجريمة , مما يجعلها تكتسب صفة
المساهمة الاصلية لا المساهمة التبعية .
ويتفق الفقه المعاصر على حصر
اعمال المساعدة التي تجعل من صاحبها شريكا في الاعمال التي تسبق او تعاصر ارتكاب
الجريمة .
- الايواء للاشرار ومساعدتهم : لقد اعتبر
المشرع الجزائري هذه الصورة من بين صور المساعدة التي تجعل من صاحبها شريكا في
الجريمة ولا يوجد نص خاص حول اخفاء وايواء الاشرار اذ لا يقتضي بالضرورة وقوع هذه
الجريمة في وقت معاصر لارتكاب جريمة اصلية .
وقد فرق المشرع بين نوعين من
الجرائم : الاخفاء التي تقع بعد ارتكاب
الجريمة الاصلية , فاعتبر بعضها جرائم مستقلة ليس صورة من صور الاشتراك واعتبر
بعضها الاخر كصورة من صور الاشتراك وفاعل جريمة ايواء الاشرار في معظم الاحيان
يكون غريب عن الجريمة التي قام بها الاشرار , كالاعمال اللصوصية او العنف ضد
الدولة او الامن العام وباعتبار جريمة الاخفاء هي نشاط اجرامي يقدم عليه صاحبه بعد
ارتكاب الجدريمة الاصلية لذك يجب التمييز
بين صورتين من صور الاخفاء :
الصورة الاولى : اخفاء الاشياء
المتحصلة من جناية او جنحة وهي جريمة
مستقلة
الصورة الثانية : اخفاء وايواء
الاشرار وهي صورة من صور الاشتراك .
وقد افرد المشرع للصورة الاولى نص تجريم خاص
بالمادة 387 ق.ع. فخرجت هذه الجريمة من دائرة الاشتراك في الجريمة الاصلية ولم يعد
مخفي الاشياء المتحصلة من جناية او جنحة شريكا في الجناية او الجنحة وانما مقترفا
لجريمة مستقلة مثال : ابن الضحية يخفي الاشياء المسروقة لدى شخص آخر من الحصانة
العائلية بينما المخفي للاشياء يلاحق و لا
يطبق عليه الاعفاءات وتباشر الدعو العمومية .
اما الصورة الثانية اخفاء
وايواء الاشرار : الذي يعتبر شريكا بمقتضى المادة 43 ق.ع والتي تنص على ان ياخذ
حكم الشريك من اعتاد ان يقدم مسكنا او ملجأ او مكان للاجتماع لواحد او اكثر من
الاشرار الذين يمارسون اللصوصية او العنف ضذ امن الدولة او الامن العام او ضذ
الاشخاص او الاموال مع علمه بسلوكهم الاجرامي ولهذا فهي صورة من صور الاشتراك .
ولكن هناك تمييز بين جريمة
الاخفاء وايواء الاشرار المنصوص عليها بالمادة 91 ق.ع علاوة على المادة 42 للافعال
التالية (1) :
-
تزويد
مرتكبي الجنايات والجنح ضد امن الدولة بالمؤن او وسائل المعيشة وتهيئة اماكن لهم
-
حمل
مراسلات مرتكبي هذه الجنايات وتلك الجنح وتسهيل الوصول الى موضوع الجناية والجنحة
او اخفائه او نقله او توصيله وذلك باي طريقة كانت مع علمه بذلك , المادة 180 ق.ع.
* كل من اخفى عمدا شخصا يعلم انه ارتكب جناية او ان العدالة تبحث عنه بسبب هذا
الفعل وكل من حال عمدا دون القبض على الجاني او الهارب او البحث عنه او شرع في ذلك
وكل من ساعده على الهرب او الاخفاء ولا شك ان جريمة اخفاء الاشياء متحصلة من جريمة
تقع بعد ارتكاب جرائم السرقة او الاختلاس او التبديد لذلك فهي جريمة مستقلة وليست
صورة من صور الاشتراك
![]() |
(1 )-
د/عبد الله سليمان , مرجع سابق صفحة 358
الفرع
الثاني : الركن المعنوي
باعتبار ان جريمة
من بين الجرائم العمدية فهو بذلك ياتي بفعله المجرم من علم ودراية كافيين
لسلسة الاعمال الاخرى التي تهدف
الى تحقيق الواقعة الاجرامية فاجرام الشريك هو
اجرام عمدي ولا يتصور قيام الشراكة باعمال غير عمدية كالاهمال مثلا اين تكتسب
اعمالها صفتها الاجرامية على اعتبارها انها مساهمة غير مباشرة في تنفيذ الجريمة فقد
تتجه ارادة الشريك الى ارتكاب جريمة اصلية يريدها فهو بذلك يرغب في تحقيق النتيجة
الاجرامية باتحاد نية الشريك والفاعل الاصلي هذا بالاضافة اللى وجوب توافر القصد
لديه من علم وارادة اين يظهر عليها الركن المعنوي لديه . فاذا انتفيا او انتفى احد
هذين العنصرين العلم و الارادة انتفى القصد الجنائي ولم تقع جريمة
الشريك .
(1)- العلم
: العلم هو علم الشريك بطبيعة نشاطه اومساعدته او مساهمته من شانها تسهيل تنفيذ
الجريمة وعلم الشريك يجب ان يمتد ليشكل العناصر والمحطات التي يتخذها للقيام
بالجريمة ولهذا يجب عليه ان يعلم ان مساهمته تعد حلقة من حلقات التسلسل الاجرامي
الذي بدونه تنتفى الجريمة او تاخذ صفة اخرى وفي حالة غلطه في الوقائع الجوهرية
تسقط شراكته فمن سلم غيره سلاحا للصيد لا يكون شريكا للمستعير الذي استعمل السلاح
في جريمة القتل فالقصد الجنائي لدى الشريك يتطلب علم هذا الاخير بنتيجة مساهمته
وهذه النتيجة هي الجريمة التي يرتكبها الفاعل .
- ومثلا اذا
انتزع الجاني سلاحا من شخص آخر ليستعمله في جريمة القتل لا ينتسب الى هذا الشخص
قصد الاشتراك في جريمة القتل حتى ولو كان يعلم وقت انتزاع السلاح منه انه سيقدم
بانه سيستخدم في هذه الجريمة .
مادامت ارادته لم تتجه الى ارتكاب او حتى المساهمة في
هذه الجريمة وكذلك نفس الشىء اذا اعطى شخص للجاني مفتاح مقلد مع انه يدرك ان الشخص
قد يقوم بسرقة المنزل ولكن لم تتجه نيته وقصده الى المساهمة فهنا لا يعد شريكا في
جريمة السرقة لانتفاء القصد الجنائي .

(2)- الارادة
: ان عنصر العلم ليس كافي لوحده لقيام جريمة الاشتراك اذ زيادة على علمه بالافعال
التي اداها والنتائج المترتبة عن هذا العلم ان يكون مريدا لها أي ان تكون الجريمة
بالنسبة له كغاية ومطلب يهدف الى الوصول اليه وعليه اذا اقتصر الجانب المعنوي لديه
على مجرد العلم دون العلم ان تنصرف ارادته الى وقوعها فلا يعد شريكا .
- فلا يعد
صانع المفاتيح المقلدة شريكا لمن اشتراها واستعملها في السرقة ولو كان على علم
بانه لص فاي بائع لا يريد الا الحصول على
ثمنها ولا يهمه بعد ذلط اقام اللص بالسرقة ام لا (2)
- كما ان
اشتراط الارادة كعنصر من عناصر القصد الجنائي يقودنا الى رجل الشرطة الذي يعلم
بعزم الشخص ما على ارتكاب جريمة وحتى يتمكن من القبض عليه متلبسا فانه يشجعه على
ذلك ويساهم معه في بعض الافعال حتى اذا ما ارتكب الجاني الفعل المادي المكون
للجريمة يكشف عن شخصيته ويقبض
(1)- د/ عبد الله سليمان , مرجع سابق – صفحة 225
(2)- د/ عبد الله , نفس المرجع والصفحة
على الجاني متلبسا فهذا الشرطي لا يعد مشتركا في الجريمة
بمجرد علمه بها ولكن انتفاء ارادته الى
الجريمة يسقط عنه هذا الوصف .
- وارادة
الشريك تخضع للاحكام العامة اذ ان القانون لا عتد الا بالارادة الواعية المميزة
المدركة وحرة الاختيار للقول بتوافر المسؤولية وهذا لا يعني انه لا قيام لجريمة
الاشتراك عند المجنون او الصبي غير المميز او المكره .
Post a Comment