مساوئ منافع النظام الاقتصادي الرأسمالي
تعريفه:
هو النظام الاقتصادي الذي يمتلك فيه الأفراد آحاداً أو جماعات الموارد الإنتاجية ملكية خاصة، كما أن لهم الحق في استخدم مواردهم بأية طريقة يرونها مناسبة .
وفي هذا التعريف نجد الباحث استخدم تعبير " الموارد الإنتاجية " بدلاً من رأس المال وذلك لشموليته ، فالموارد الإنتاجية تشمل كل ما ينتجه الإنسان من أدوات ومعدات ومبان استثمارية، كما تشمل كل ما هو موجود في الطبيعة من أراض ومعادن وغيرها . كما أنه من خلال هذا التعريف نستشف أن الملكية الخاصة والحرية في النشاط الاقتصادي من أهم أسس النظام الرأسمالي .
نشأته :
يكشف التطور التاريخي للنظام الرأسمالي بأنه من أقدم النظم الاقتصادية الوضعية ، وقد مر بمراحل متعددة ، أبرزها :
مرحلة الرأسمالية التجارية :
يعتبر المذهب التجاري أو الرأسمالي التجاري البداية المبكرة للرأسمالية في المجتمع الأوربي وقد ظهرت في القرن السادس عشر وامتدت حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي ، وقد ساعد على ظهورها عدة عوامل داخلية وخارجية يمكن أن نجملها في النقاط التالية :
1 _ انهيار النظام الإقطاعي ، بسبب هروب رقيق الأرض من الريف الزراعي إلى المدن ة، لأنهم لم يستطيعوا تحمل الطلبات المتزايدة من قبل أسياد الإقطاع ، والتي كانت تستنفذ كل منتجاتهم ومجهوداتهم .
2 _ الاكتشافات الجغرافية الكبرى والمتمثلة في :
( أ ) اكتشاف القارة الأمريكية سنة ( 1493م ) وما أسفر عن ذلك من اكتشاف مناجم الذهب الغنية هناك ، حتى أصبح تدفق المعدن النفيس منها إلى المجتمع الأوربي عاملاً مهماً في اتساع دائرة التبادل النقدي في المجتمعات الإقطاعية في أوربا ، الأمر الذي أثر سلباً على الاقتصاد الإقطاعي .
( ب ) اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح([1]) إلى الهند والشرق الأقصى ( 1498م ) وما أسفر عن ذلك من فتح الطريق بحراً نحو تلك الدول ، ومن ثم فتح آفاق جديدة للتجارة الخارجية التي كانت كاسدة منذ قرون ، الأمر الذي زاد من ثراء طبقة التجار الرأسماليين .
3 _ الاحتكاك بالحضارة الإسلامية أثناء الحملات الصليبية ، حيث يكاد يجمع المؤرخون على أن الحروب الصلبية كان لها أكبر الأثر في التطور الأوربي . 
مرحلة الرأسمالية الصناعية :
كما اتضح من الصفحات السابقة فقد تطور الاقتصاد الأوربي من مرحلة الاقتصاد الإقطاعي إلى مرحلة الرأسمالية التجارية ، ولكن الرأسمالية لم تقف عند هذا الحد ، بل تطورت ونمت ، حتى وصلت في القرن الثامن عشر إلى الرأسمالية الصناعية نتيجة الثورة الصناعية .
وقد اعتمد النظام الرأسمالي الصناعي على الحرية الاقتصادية المفتوحة حيث دعي إلى إلغاء كافة القيود التي كانت تفرض على التجارة الداخلية والخارجية ، وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية .
ثم كان هناك تدخل من قبل الدولة الرأسمالية وأنهت مرحلة الحرية التجارية المطلقة ، ودخل النظام الرأسمالي في مرحلة أصبح فيها التدخل الاقتصادي أمراً مقبولاً في الدول الرأسمالية ، بالرغم من أنه كان مرفوضاً في الأصل من قبل المنظرين لهذا النظام .
أسس وخصائص النظام الاقتصادي الرأسمالي:
تعتبر الحرية الاقتصادية والملكية الفردية وحافز الربح من أبرز أسس وخصائص الرأسمالية ، وفيما يلي بيانها :
1.  الحرية الاقتصادية :  يكفل النظام الرأسمالي الحرية الاقتصادية للفرد ، سواء من حيث النشاط الاقتصادي الذي يزاوله أو من حيث الاستهلاك الذي يرغبه ، أو من حيث الإنفاق أو الاستثمار الذي يناسبه .
2.  الملكية الخاصة : تعتبر الملكية الخاصة حجر الزاوي في النظام الرأسمالي ، الذي يعطي الفرد الحق في تملك أموال الاستهلاك والإنتاج ، وأي شيء ذي أهمية اقتصادية ، وبالطرق القانونية ، حتى أضحت المشروعات الغالبة في النظام الرأسمالي هي المشروعات الخاصة .
3.  حافز الربح : يعتبر البحث عن أكبر ربح ممكن غاية النظام الرأسمالي، إذ أنه هو المحرك الرئيس لأي نشاط اقتصادي ، إلى درجة أن أصبح الفرد في ظل النظام الرأسمالي يتجه إلى الإنتاج مسترشداً باعتبارات أكبر ربح ممكن ، لا باعتبارات إشباع الحاجات الأساسية أو الضرورية للبشر .
مساوئ النظام الاقتصادي  الرأسمالي:
على الرغم مما يتضمنه النظام الرأسمالي من مجموعة من الأسس والخصائص التي تبدو في ظاهرها صالحة ومغرية للفطرة البشرية ، كالملكية الفردية والحرية الاقتصادية وحافز الربح فإن له مساوئ عديدة أهمها ما يلي :
1.  إهمال الجوانب الأخلاقية والدينية والإنسانية في النظام الرأسمالي، إلى درجة أنه يؤثر الكسب الاقتصادي ولو على حساب الأخلاق ومقتضيات الإيمان وحياة الإنسان.
2.  يؤدي إلى التفاوت الكبير في الدخل والثروة وتركزها في يد فئة قليلة.
3.  يؤدي إلى فرض السيطرة الاحتكارية في السوق، إلى درجة أن الإنتاج في المجتمعات الرأسمالية يسيطر عليه عدد محدود من الشركات الاحتكارية الكبرى، مما يعطيها القدرة على فرض الأسعار والهيمنة على الاقتصاد.
4.  من الانتقادات الرئيسة لهذا النظام أنه دائم التعرض للتقلبات الاقتصادية الحادة وظهور مشكلات البطالة والتضخم والمديونية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على العديد من أفراد المجتمع خاصة أولئك الذين لا يملكون إلا خدمة العمل.








[1] )  ) هو رأس من اليابسة في القارة الأفريقية بالقرب من كيب تاون يمتد في المحيط الأطلسي، ويشبه في شكله الرأس المحدب. كانت تمر منها السفن التجارية المتوجهة من وإلى آسيا. وهناك أعتقاد خاطئ بأن رأس الرجاء الصالح يقع في أقصى جنوب القارة الأفريقية وأنه يفصل بين المحيط الأطلسي والمحيط الهندي، ولكنه في الحقيقة يقع على بعد 150 كم (90 ميل) شرق عن هذه النقطة والتي تسمى برأس أقولاس.

Post a Comment

Previous Post Next Post