مميزات ميزات الازمات
مفهوم الأزمة وخصائصها :
تعد الأزمة (Crisis) مفهوما" قديما" اصطلاحا" واستخداما" وتعني في اللغة العربية: الشدة والقحط ، وأزم عن الشئ أي أمسك عنه ، والأزمة الحمية ، والمأزم هو المضيق (الرازي ، 1979 :15) ، فيما يقصد بها في اللغة الإنكليزية تغير مفاجئ نحو الأفضل أو الأسوأ (البعلبكي ،1980:  105) .
     يرتبط مصطلح الأزمة تاريخيا" بالطب لكونها لحظة تحول مصيرية بين الحياة والموت تحمل تغييرا" جوهريا" ومفاجئا" وتستدعي قرارا" حاسما" يؤثر في مجرى الأحداث ، ويكون عنصر الوقت أساسيا" في فاعلية القرار. لذا تسبب الأمراض التي تؤثر في القلب أزمة قلبية ، في حين لا يطلق مصطلح أزمة على أمراض اشد خطورة.
    والأزمة سياسيا" وعسكريا" هي اللحظة الفاصلة والحرجة بين السلم والحرب عند تأزم العلاقات بين الدول. إذ تنشأ الأزمة في ظل حالة من التوتر وضعف الثقة وعدم الاستقرار ، وتتراكم وتستمد أسبابها من صراعات الماضي التي تنسحب إلى نزاعات في الحاضر وزرعا" لبذور الانتقام في المستقبل بعد أن تنحل وتستبدل بعد انتهاء الأزمة، التحالفات القديمة بأخرى جديدة قائمة على كيفية التعامل قبل وإثناء الأزمة .
    والأزمة إداريا" هي " موقف يواجه متخذ القرار يفقد فيه القدرة على السيطرة عليه أوعلى اتجاهاته المستقبلية ، تتلاحق فيه الأحداث وتتشابك الأسباب بالنتائج" (الخضيري ، 1993 : 53) . وتغذي بعضها الأخر" أنها موقف غير اعتيادي جدا" يهدد أعمال وسمعة وصورة وعلاقات المنظمة ويضر بجمهورها "
(
Falkheimer&Heide,2006:181).
     وهكذا تمثل الأزمة موقفا" غير اعتياديا" وغير متوقعا" شديد الخطورة والسرعة ذو أحداث متلاحقة، تتداعى فيه النتائج وتختلط أسبابها، يهدد قدرة الفرد أو المنظمة أو المجتمع على البقاء. وتمثل محنة ووقتا" عصيبا" لصعوبة اتخاذ قرار غير مألوف في ظل حالة من غياب المعلومات وعدم التأكد والمستقبل الغامض. الأ أن الأزمة لا تشمل التهديد (Threat) فقط أنما الفرصة (Opportunity) للتغيير كذلك . مما يجعلها مفهوما" معقدا" وغنيا" وجدليا" ذو متلازمة لفظية وطرفين متضادين ينبغي التوفيق بينهما وهذا ماذهب إليه (Morin,1976) ، في وصفه للأزمة اعتمادا" على المفهوم الجدلي الذي يجمع الفرصة والتهديد . إذ توصف الأزمة في نفس الوقت - جدول رقم (1)- بتأثيرات سلبية (التشويش، وعدم التنظيم، والصراع ، والإرباك ، والإجهاد المفرط الذي يقود إلى تصرفات طائشة )، وتأثيرات ايجابية
( تعبئة وتماسك ، وتعاون ، وتكيف إلى البيئة ، والتعلم بالتجربة ). وهكذا تحول مفهوم الأزمة من وجهة النظر التقليدية التي تصفها كحدث يدمر أو يؤثر في المنظمة ككل ، إلى وجهة النظر الإستراتيجية ، بكونها لحظة حاسمة ونقطة تحول نحو الأفضل أو الأسوأ 
-A decisive moment, a turning point for better or worse-(Diermeier 2004:2).  
- " يتوجه المنظور الإسلامي بقوة نحو البعد الايجابي للأزمة عادا" إياها منحة ربانية وفرصة للإصلاح وتقية النفس, وقد أخبرنا (الله سبحانه وتعالى) عبر آيات خالدة في القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأعظم (ص) ومنها :
-  " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " (البقرة: 216). وهكذا تربط الرؤية الإسلامية النتائج النهائية للأزمة بالنفع الذي يعود على الإنسان وفق ضوابط وشروط معروفة .
- " ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون" (الأنبياء:53) ، أي الأختبار بالمصائب وبالنعم فننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط .                            
- " عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" حديث شريف . ذلك أن المؤمن يؤجر على استرجاعه وحمده وصبره على المصائب .                                     


    وتختلف الأزمة عن الكارثة (Disaster) بكونها تنشأ منها كما قد تسببها . وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى الطوارئ (Emergencies) بأنها أحداث غير متوقعة ومحدودة تحدث بشكل نظامي لذا يمكن التنبؤ بها وكذلك التدريب عليها. فيما تكون الأزمة ذات طبيعة وحجم مختلفين ، إذ تمثل انهيارا" للهياكل المألوفة التي تمنح النظام السياسي والاجتماعي القائم شرعيته ، وتهدد القيم الجوهرية التي يرتكز عليها ، وكذلك وظيفة الأنظمة التي تديم الحياة ، مما يحتم التعامل الطارئ معها تحت ظروف من عدم التأكد العميق . بينما تنطوي الكارثة على فقدان الحياة  والمعاناة  والضرر الكبير والطويل الأمد للممتلكات والبنى التحتية ، أنها الأزمة ذات النهاية التعيسة  (It's a Crisis With a Bad Ending). في حين يتأثر الفرق بين الكارثة والنكبة (Catastrophe) بالميول الثقافية، فالكارثة في بلد قد تدرك على أنها نكبة في أخر. ومع ذلك توضع النكبة في النهاية الأبعد على مقياس يصف مستوى تهديد الأحداث وحجم نتائجها المحتملة .  
     تعرف النكبة على أنها الحدث الذي يمتلك الأحتمالية الأوطئ للتحقق ، ولكن متى مايحدث فأنه سيخلف أذى" مفاجئا" وكبيرا" جدا" ،ويبدو وكأنه منفصل عن دفق الأحداث السابقة له
(
Boin & McConnell, 2007:51-52) .
     تمتاز الأزمة بعدة خصائص أهمها كل من الأتي :
-      المفاجأة العنيفة والمعقدة عند حدوث الأزمة، لما تحمله من تهديد خطير للوضع القائم.
-      السرعة في تتابع الأحداث ونتائجها ، مما يولد ضغطا" كبيرا" فيما يتصل بالوقت المتاح للتعامل مع الأزمة ، وعواقب وخيمة تصل إلى حد التدمير.
-      أهمية اتخاذ قرار سريع وحاسم ومبدع.
-      التشابك بين الأسباب والنتائج وبين مختلف قوى الأزمة المؤيدة والمعارضة ، مما يزيد من تعقيد الموقف الأزموي .
-      حالة من عدم التأكد نتيجة نقص المعلومات ، وقلة المعرفة ، ومن ثم ضعف القدرة على التنبؤ باتجاه حركة الأزمة ، مما يولد تشويشا" وغموضا" عاليا" وصعوبة بالغة في اتخاذ القرار واختيار البديل الأفضل.
-      سيادة حالة من التوتر والقلق والتشكك والإرباك والخوف من فقدان السيطرة.
-      نقطة تحول مصيرية تحمل جانبي التهديد والفرصة معا" .

Post a Comment

Previous Post Next Post