دوافع تطوير نظم قياس الأداء في المنظمات العامة:
تقوم الحكومات على تقديم الخدمات المتنوعة  للجمهور ، خاصة فيما لا يمكن لسواها من قطاعات تقديمه، كخدمات الدفاع والأمن الداخلي  والقضاء وذلك إضافة إلى  الخدمات الأخرى. وعادة ما يكتنف  الغموض  التحديد الوصفي للأهداف وهو من الأسباب الرئيسية لضياع الموارد المتاحة حيث أن الأهداف المطلوب تحقيقها غير مقاسه بصورة كمية محددة وذلك فيما يمكن قياسه كمياً. لذا فالتخطيط  يجب أن يبني أساسا على القياس الكمي الموضوعي مع الأخذ في الحسبان اثر العوامل الوصفية التي يصعب إخضاعها للقياس الكمي.
 أيضا من أهم المتغيرات الداعية لتفعيل القياس والأداء الحكومي -إضافة إلى ندرة الموارد ومحدوديتها-  ما تم استحداثه من سياسات اقتصادية في كثير من الدول كسياسة الخصخصة (Privatization)، وانتهاج منهج اقتصاديات السوق، وذلك مصاحبا لتنفيــذ ما تمليه الاتفاقية العامـة للتجارة والتعريفات (GATT) ومنظمة التجارة العالمية (WTO) في ظل النظام العالمي الجديد (Globalization) مصاحبا لتقنيات وثورة المعلومات والاتصالات ومفهوم إدارة الجودة الكلية (TQM) بكافة القطاعات.(20)
كما أن هناك قطاعات آخري تأثرت بالتطورات الحالية، منها على سبيل المثال قطاع الصحة حيث بدأ التفكير في تطبيق نظم جديدة للقياس، لأن نظم قياس الأداء التي إعتمد عليها  في خلال الثلاثين سنة الأخيرة لم تتغير و كانت تركز على ثلاثة مكونات فقط في القياس،  وهى الهيكل والعمليات والنتائج، فمؤشرات القياس التي كانت تستخدم في دراسة الهيكل كانت تركز على القواعد واللوائح والتنظيمات، ومؤشرات قياس العمليات كانت تركز على مدى قدرة العاملين على تحقيق أهدافهم. أما قياس النتائج فكان التركيز على قياس  النتائج قصيرة الأجل وطويلة الأجل للعمليات في ظل البيئة التي تعمل بها المنظمة.(21)
أيضا هناك  عاملان أساسيان وراء التطوير في نظم قياس الأداء وهما: (22)
العامل الأول: تزايد الاتجاه نحو استخدام المقاييس غير المالية لتتكامل مع المقاييس المالية التقليدية، فعلى الرغم من الاهتمام باستخدام المقاييس غير المالية إلا أن هذا الاهتمام  لا يعتبر حديثا، فقد تم التفكير فيه منذ السبعينيات، إلا أن التطور الكبير والتوصية باستخدامها كان في التسعينيات.
العامل الثاني: العلاقة بين عملية التخطيط الإستراتيجي وقياس الأداء أصبحت عملية مهمة في كل مستويات المنظمة. فالمنظمات بدأت في تطوير نظم الأداء  وأصبحت الرؤية والإستراتيجية تعكس المقاييس المالية وغير المالية في كل مستويات المنظمة.
        يتبين من العاملين السابقين أن هناك اتجاها متزايدا  يركز على  خلق تكامل بين المقاييس المالية وغير المالية،  والعمل على خلق علاقة قوية بين قياس الأداء وخصائص الإستراتيجية والتي غالبا ما يعبر عنها نظام قياس الأداء الإستراتيجي. وحاليا يعتبر قياس الأداء المتوازن من أشهر نظم قياس الأداء الإستراتيجي.
        أيضا تتجه المنظمات إلى تطوير نظم قياس الأداء بها بسبب تعدد وتداخل الأهداف والتي تعتبر من أهم المشكلات التي تواجه المنظمات العامة، هذا بالإضافة إلى تعقد الوظائف في الحكومات الحديثة وتعدد المهام التي تقوم بها.(23)
وعموما يمكن القول أن عملية قياس الأداء الكمي من القضايا المهمة والملحة التي اهتمت بها المنظمات، وخاصة في ظل عدم الاستقرار في البيئة التي تعمل بها المنظمات العامة هذه الأيام. كما ترجع أهمية قياس الأداء الكمي  إلى التغير في دور الدولة والاتجاه إلى توسيع قاعدة المشاركة والتمكين والتوجه نحو تطبيق المفاهيم الإدارية الحديثة مثل الشفافية والمساءلة، فهذه المفاهيم من الصعب تطبيقها في ظل النظم التقليدية التي تعتمد في عملية القياس على عدد الخدمات التي تقدمها المنظمات للجمهور.

Post a Comment

Previous Post Next Post