دراسة ظاهرة النينيو 

دراسة ظاهرة النينو .اسبابها وتآثيراتها البيئيه والحياتيه العامه ,حيث ان هذه الظاهره قديمه ,فبعض الدراسات دلت على انها موجوده منذ الاف السنين ,الا ان اول تسجيل موثق لها كان في القرن الخامس عشر ويصادف حدوث النينو مع الفصل الذي تكون فيه الرياح التجاريه ضعيفه وتقل التيارات البحريه الصاعده في صيف النصف الجنوبي ,وكان يعتقد في بداية الامر ان النينو تيار محلي دافئ ناتج من استبدال تيار همبلت او بيرو البارد الذي يجري جنوبا على طول سواحل الاكوادور وبيرو ,في شرق المحيط الهادي خلال اعياد الميلاد من كانون الثاني وحتى نيسان ,ويصل تآثير هذا التيار الى خط الاستواء حيث تعمل المياه الدافئه له على قطع تصاعد الماء البارد  من الاسفل ,ويحل محل شريط المياه الساحليه البارده الناتجه من تصاعد الماء البارد من الاعماق والغنيه بالمواد العضويه, ويساعد هذا التغير الى سقوط امطار غزيره على سواحل الاكوادور وبيرو وشمال شيلي الجاف نتيجه تحرك الجبهه الاستوائيه الى الجنوب ,اما الان فآن النينو يستعمل لوصف ظاهره اكبر تعمل على تسخين شرق المحيط الهادي الاستوائي بعد خط طول 180 ْ ليصل الى دائره عرض15 جنوبا اي يغطي ربع الكره الارضيه .
      تعددت الاراء حول اسباب حدوث هذه الظاهره الا ان اغلب الاراء ترجح علاقة حدوث النينو بهبوب الرياح التجاريه الجنوبيه الشرقيه حيث ان هبوبها بقوه لاكثر من سنه يسبب تكدس الماء في غرب المحيط الهادي الاستوائي ,لذلك سيبدو هنالك انحدار في مستوى الماء من الغرب الى الشرق ,وحالما تضعف هذه الرياح فآن الماء المتكدس في غرب المحيط الهادي ,سيبدآ بالحركه شرقا مما يؤدي الى وصول كميات كبيره من الماء الدافئ الى سواحل الاكوادور وبيرو , وبذلك يبدآ النينو .وقد يرجح البعض من ان ضعف الرياح التجاريه الجنوبيه الشرقيه سببه ازاحة موقع الضغط العالي في النصف الشمالي جنوب موقعه خلال الصيف الجنوبي ,اما فيما يتعلق بتآثيرات النينو فآن لهذه الظاهره تآثيرات مناخيه كبيره ربما نتعدى الحدود الاقليميه الى التآثيرات على المناخ العالمي برمته .حيث يمكن اجمال التآثيرات المناخيه لهذه الظاهره بما يلي ,التغير في درجة الحراره والضغط الجوي والرياح ,التفاوت الكبير في كميات التساقط ,تغير نسبة غاز co2 وغاز الاوزون ,التغير في تكرار ومسارات العواصف المداريه (الهيريكين), التآثير على امتدادات وحركات الامواج العليا للغلاف الغازي ,اما التآثيرات الماديه والبشريه فآنها كبيره ايضا فمثلا قتل حوالي 2000 شخص في نينو 1982-1983 وقدرت خسائره بــــ13مليون دولار ,وتآتي هذه الخسائرمن خلال الحرائق والفيضانات والامطار الغزيره التي تدمرالزراعه والطرق والمنازل والبنى التحتيه ,كما يؤدي النينو الى اضرار صحيه نتيجة تغير المناخ فقد تنتشر العديد من الفطريات والبكتريا والفايروسات  وتنتعش الامراض المعديه. كما يعتقد البعض ان هذه الظاهره احد اسباب القضاء على الحضارات القديمه في بعض دول امريكا الجنوبيه كحضارة (الموسن) في بيرو القديمة من خلال تدمير نظام الري الناجح في هذه الحضاره في احدى مرات حدوث هذه الظاهره.




يعد المناخ من الظواهر المهمة التي لها دور كبير في تشكيل معالم الحياة على سطح الأرض,ومن ثم أختلافها من منطقة إلى أخرى,وينشأ هذا الاختلاف نتيجة للتباين الحاصل في كمية الرطوبة وبأشكالها المختلفة بين أقاليم الأرض والذي يكون الغلاف الجوي هوالمسؤول عن توزيعها وبنسب مختلفة,حيث يعطي بعض الأقاليم وبسخاء,ويحرم الأخرى إلى الحد الذي لا تنشأ معها أي صورة من صور الحياة, ويعتقد البعض أن ظاهرة النينو هي محاولة من الغلاف الغازي لإعادة التوازن والذي لم يحدث لحد الآن من خلال توزيع كميات المياه على سطح الأرض , حيث ستعم الأمطار وبغزارة على بعض الأقاليم الجافة وتنقطع الأمطار الموسمية في إقاليم أخرى ,خاصة في المناطق الآسيوية,وتحدث الفيضانات في أمريكا اللاتينية في شيلي وبيرو والأكوادور,وعلى الرغم من قدم هذه الظاهرة ألا آن الأهتمام بها كظاهرة لها تأثيرات مناخية وحياتية عامه ظهر في القرن الماضي, حيث تطورت البحوث التي تحاول الربط بينها وبين مظاهر مناخية أخرى في أماكن قريبة أولا وبعيده ثانياً, وبحوث أخرى درست أسبابها وأوقات حدوثها وتكراراتها ومحاولة التنبؤ بها . ومن ثم تأثيراتها المختلفة ,ألا أنه لا يوجد إلى الآن أجماع حول أسباب حدوث هذه الظاهرة وتأثيراتها البعيدة عن موقع حدوثها , وعليه فأن البحوث العلمية لا زالت تتواصل للبحث فيها ,محاولة سبر أغوارها لتعم ألمعرفه العلمية بها خاصة في الأوساط الأكاديمية العلمية , وقد جاء هذا البحث كمحاولة بسيطة  لتحقيق هذا الهدف . لذا فقد قسم البحث إلى ثلاثة مباحث  , تناول المبحث الأول توضيح مفهوم الظاهرة وكيفية حدوثها , وأختص الثاني بالنظريات الني تفسر أسباب حدوثها, أما الثالث فقد ركز على التأثيرات البيئية والحياتية ألعامه لظاهرة النينو.






تعني كلمة النينو (EL-Nino) بالأسبانيه أبن المسيح وهو الاسم البيروني لظاهرة مائيه مألوفه لدى صيادي السمك على طول سواحل الأكوادور وبيرو, وسمي بهذا الأسم من قبل سكان هذه المناطق لتزامن حدوثه مع أعياد الميلاد , (7ص71) كما يسميها بعضهم بأسم الطفل المسيح (Chris Child) لنفس السبب أعلاه ويطلق عليها ايضاً أسم الطفل المذكر تميزاً لها عن الوجه الآخر للنينو الذي يدعى الطفل المؤنث  (النينا)(El-Nina) كما يطلق عليها أيضاً أسم الولد الشقي لكثرة ما يسببهُ من كوارث وتدمير في أنحاء العالم (5ص4).
تعد ظاهرة النينو ظاهره قديمه قدم الارض بيابسها ومائها وحركات هوائها , ومنهم من يذكر بان الدراسات قد دلت على انها موجوده منذ آلآف السنين حيث أمكن التأكد من ان احداث النينو تعود في تأريخها ألى أكثر من 1500سنة مضت من ملاحظة الغطاءآت الجليدية وطبقاتها فوق جبال الانديز ومن اتساع المستعمرات ونمو المرجان في البحار الدافئه,وأن اول تسجيل موثق لها تم في القرن الخامس عشر في بداية أكتشاف المستعمرين الاسبان لأمريكا الجنوبية من قبل المستكشف (جيرونيموبنزوتي)خلال المده الواقعه بين سنة(1547-1550) وكذلك في بحث عنوانه ( ثلاثة عناصر) كتبهُ توماس لوييز ميديل سنة 1559.(,4ص6), ويصادف حدوث النينو مع الفصل الذي تكون فيه الرياح التجاريه ضعيفه وتقل التيارات البحريه الصاعده في صيف النصف الجنوبي , ويقل السمك في مدة الدفء ,لذا يأخذ صيادوا السمك أجازه يستغلونها لتصليح المعدات والبقاء مع عوائلهم , وفي بعض الأحيان يستمر الدفء حتى آيار أو حزيران لذا عُرف النينو في بداية الامر على انهُ (تيار محلي دافئ ناتج من أستبدال تيار همبلت او بيرو البارد الذي يجري جنوباً على طول سواحل الإكوادور وبيرو في شرق المحيط الهادي خلال أعياد الميلاد من كانون الثاني وحتى نيسان ) (6ص251). ويصل تأثير هذا التيار الى خط الاستواء حيث تعمل المياه الدافئه له على قطع تصاعد الماء البارد  من الاسفل(Up Welling) ويحل محل شريط المياه البارده الساحليه الناتجه من تصاعد الماء البارد من الاعماق والغنيه بالمواد الغذائيه والعوالق (البلاتكتون) مياه دافئه متحركه من الشمال والغرب ذات محتوى قليل من المواد الغذائيه , تؤثر سلباً على الحياة السمكيه وعلى الطيور التي تعيش عليها (71ص45) ويساعد هذا التغير في مياه المحيط الى سقوط أمطار غزيره على سواحل الاكوادور وبيرو وشمال شيلي الجاف نتيجة تحرك الجهة الاستوائيه الى الجنوب لتجعل الصحراء أرض تزهو بالأزهار(2ص46) أما الآن فأن هذه التسميه لم تعد تستخدم للتعبير عن هذه التغيرات الموسميه الطفيفه فقط بل تستعمل لوصف ظاهره أكبر تعمل على تسخين شرق المحيط الهادي الأستوائي بعد خط طول 180 ليصل إلى دائرة عرض 15 جنوباً أي تغطي ربع محيط الكرة الارضيه ويستعمل للتعبير عن التغير المتواصل في جو المحيط الهادي وذلك بأقترانه بما يدعى التذبذب الجنوبي (Southern Osillation) (SO) ,فأصبح يطلق عليه النينو\ التذبذب الجنوبي(   El-Nino Southern Osillation) (ENSO)                                            
     كان أول من توصل الى طرف الخيط في تفسير هذه الظاهرة (ENSO) التي طالما حيرت العلماء هو العالم الانكليزي جيلبرت ووكر (Gilbert Walker) عندما كان في الهند في الوقت الذي كان العلماء مشغولين بتسجيل آثار النينو , حيث لاحظ أن هناك ارتباطاً بين قراءة البارومتر (جهاز قياس الضغط الجوي) في بعض المناطق في الشرق ومثيلاتها في الغرب , فعندما يرتفع الضغط في الشرق ينخفض في الغرب والعكس صحيح وأطلق عليها التذبذب الجنوبي (Southern Osillation)  وقد لاحظ أيضاً وجود علاقه ثلاثيه الأطراف تربط بين هبوب الرياح الموسميه (Monsoon) في آسيا وحدوث جفاف بكل من أستراليا , أندنوسيا , الهند , وبعض المناطق في أفريقيا , ودفء الشتاء نسبياً في غرب كندا .(5ص2-3) وقد هوجم (Walker) كثيراً لربطه بين هذه الظواهر التي تحدث في شتى بقاع الارض, وعلى مسافات شاسعه من بعضها البعض , وفي عام 1966 جاء العالم النرويجي (جاكوب بيركنز ( Jacob Bjerknes) ليثبت وجود هذه العلاقه بتلك التغيرات الجويه وأطلق عليها جملة (ENSO) ومن خلال دراسة وولكر لظروف الضغط في عدد من المحطات غرب امريكا الجنوبيه, شمال أستراليا , وأندونسيا وعبر المحيط الهندي الى شرق أفريقيا وجنوباً الى دوربان , وجد ان أختلاف الضغط ينتج عنه دوره عرضيه للرياح في المنطقه الاستوائيه ذات أتجاه شرقي غربي على آثرها وضع فرضيته التي تقول (أن الاختلاف في الضغط عبر خط الأستواء في منطقة المحيط الهادي تُنتج دوره ذات أتجاه شرقي غربي , تتحرك فيها الرياح من الضغط شبه المداري لشرق الهادي ألى الضغط الواطئ الأندنوسي على شكل تيارات من الهواء الصاعد فوق المياه الدافئه في غرب المحيط الهادي (شرق آسيا) ليهبط فوق المياه الباردة غرب أمريكا وتتجمع الرياح فوق شرق الهادي شمال خط الاستواء مباشرةً على طول منطقة التجمع الأستوائيه (ITCZ) لتستقر بسبب الماء البارد عند هذه السواحل فلا يستطيع الهواء الأرتفاع ومشاركة دوران هادلي الأعتيادي , لذا سينساب غرباً مشكلاً رياح تجاريه جنوبيه شرقيه تهب من الشرق في أمريكا الجنوبيه عبر جنوب الهادي بأتجاه أتدونسيا فتدفع المياه السطحيه الدافئه بأتجاه الغرب دافعة مستوى المياه قرب اندونسيا بزياده حوالي 40 سم , وبأستمرار هبوب الرياح التجاريه ستعمل على تراكم المياه الدافئه عند سواحل غرب (أستراليا وأندونسيا ) مسببه تكون تيار داخلي من المياه البارده متجهاً الى الشرق ورافعاً الى السطح بتيار مندفع من الاعماق الى الأعلى مسبب ظهور حاله تفرق(divergance) عند سواحل امريكا الجنوبيه فتسبب ظهور التيارات الصاعده (Upwelling) تساعدها الرياح  الساحليه في  أزاحة الماء قرب السواحل لتسمح لها بالصعود من الأعماق كما في سواحل أفريقيا الغربيه وكاليفورنيا وبيرو.( 2ص48) حيث أن هبوب الرياح مع خط الساحل يولد حالة تفرق نتيجة أختلاف الأحتكاك , فالهواء الجنوبي الموازي للساحل في هبوبه سيهب قسم منه فوق الماء , والقسم الاخر فوق اليابس أبطأ من الرياح فوق الماء , ولوجود قوه الانحراف فأن الرياح فوق الماء سوف سوف تنحرف غرباً (ألى يسار أتجاهها) في نصف الكره الجنوبي, مما يساعد على أزاحة الطبقه السطحيه للماء بواسطة الهواء ليرتفع مكانه ماء بارد من الاعماق يعمل على خفض درجة حرارة المياه عند هذه السواحل بحوالي (10م) عن المياه الاستوائيه , فمثلاً في شهر آب تكون درجة حرارة المحيط الهادي قرب بيرو (17م) بينما تصل الى (27م) قرب اندونيسيا , وتفصل بين المياه الساحليه الدافئه والمياه العميقه البارده طبقه حراريه حديه (Thermocline) يصل عمقها عند سواحل أندونيسا (200متر) نتيجة لتراكم المياه عندها في حين يكون عمقها (50متر) عند سواحل أمريكا الجنوبيه نتيجة لدفع الرياح التجاريه للمياه الدافئه غرباً فيسمح ضحالة عمقه للتيارات البارده بالصعود من الاعماق حاملة معها المواد الغذائيه التي تتغذى عليها الاسماك في المياه الضحله لذا يظهر مستوى الطبقه الحديه مائلاً (2ص48).
       يحدث النينو نتيجة استمرار هبوب الرياح التجاريه الجنوبيه الشرقيه وتراكم المياه قرب أندونيسيا والأمساك بهذه المياه الزائده وأبقائها في مكانها , لذا فان تجمع المياه بكثره يجعل اي تغير بسيط في الدوره المناخيه يؤدي الى أضعاف الرياح لمدة كافيه تسبب أندفاع المياه شرقاً عبر المحيط  الهادي فترتفع بذلك حرارة سطح المحيط قرب أمريكا الجنوبيه ويؤدي ذلك أضعاف نظام الضغط العالي فتقل سرعة الرياح التجاريه ثم تختفي أخيراً لينعكس أتجاهها وتبدأ بالأندفاع من الغرب لتنعكس مناسيبها في الغرب بالميلان بأتجاه الشرق , عاكسه بذلك اتجاه التيارات السطحيه , ورافعه مستوى المياه ودرجة الحراره السطحيه عند سواحل امريكا الجنوبيه قرب ساحل بيرو على بعد (4كم) دافعه الطبقه الحديه الى الاسفل وقاطعه امتدادات المياه بالغذاء من قاع المحيط الى السطح مسببه عودة سطح البحر نحو أتجاه افقي مولدة موجة كلفن التي تتكون في الغرب , وسط الهادي لتتحرك شرقا على طول خط الاستواء بسرعة عدة أمتار بالثانيه فتصل ساحل امريكا الجنوبيه بعد عدة اسابيع مرتبطه بركود الطبقه الحديه وأختفاء التيارات الصاعده في شرق الهادي مؤديه لظهور النينو.



Post a Comment

Previous Post Next Post