العوامل المؤثرة على الإنتاجية لفرق الدفاع المدنى

التقسيم العام للعوامل المؤثرة على الإنتاجية

تتأثر الكفاءة الإنتاجية للعمل بعدة عوامل منها درجة المكننة، أساليب ومستوى المعرفة الفنية والتطبيق التكنولوجي، حجم الوحدة الإنتاجية، كفاءة تخطيط المصانع ونوعية الإنتاج، الخامات المستعملة، برامج التدريب، حجم السوق، درجة المنافسة، نظم الأجور والحوافز، قدرة العامل ومهارته وخبرته ورغبته في الأداء، العوامل التي تندرج تحت سيكولوجية العمل والعلاقات الإنسانية والظروف المحيطة بجو العمل، وإلى غير ذلك من العوامل. وتتضمن دراسات الإنتاجية الكثير من الآراء حول تقسيم العوامل المؤثرة فيها، فيقسم Cheryl Zobal العوامل المؤثرة على الإنتاجية الي 23 عاملا، وفي بحث علمي آخر قسمت هذه العوامل إلى 44 عاملا. كما يرى Kukolic من كبار الاقتصاديين في دول أوروبا الشرقية أن عوامل الإنتاجية تقسم إلى مجموعتين أساسيتين، المجموعة الأولى وتشمل العوامل الفنية المتعلقة بمباشرة أعمال الإنتاج ودرجة التكنولوجيا المستخدمة والآلات والمعدات، وعوامل اجتماعية وتشمل المستوى الثقافي لقوى العمل والتقاليد والعرف ودرجة تقدم قوى العمل في الدولة والمنافسة الخارجية، أما المجموعة الثانية فتشمل العوامل التنظيمية وهي العوامل الشخصية المتعلقة بالعامل نفسه وجهوده وكفاءته في الأداء.

كذلك قسمت العوامل التي تؤثر على الإنتاجية إلى أربعة مجموعات، عوامل إيجابية وسلبية واجتماعية واقتصادية، والعاملان الأوّلان يتعلقان بالنواحي المادية الخاصة بالإنتاج والشخصية المتعلقة بالعامل نفسه، بينما المجموعة الثالثة والرابعة تمثل الإطار العام المحيط بعمليات الإنتاج المادية. كما يرى  Eutton أنه يمكن تقسيم هذه العوامل إلى مجموعتين رئيسيتين، عوامل داخلية وهي التي تخضع لسيطرة الوحدة الإنتاجية وتتعلق بها، وعوامل خارجية لا تخضع لسيطرة هذه الوحدة الإنتاجية وهي أكبر مدى وأوسع نطاقًا من الأولى كالسياسية الاقتصادية العامة وسياسة الائتمان والسياسة الضرائبية وسعر الفائدة ومرونة الطلب ومستوى الدخل القومي للفرد وتوافر الخامات .

ومما سبق يتضح أنه لا يوجد تقسيم أمثل للعوامل التي تؤثر على الإنتاجية حيث أن هذا التقسيم يختلف من دولة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى، ويتوقف ذلك على الأهمية النسبية لهذه العوامل، وعلى تعريفات الكفاءة الإنتاجية، وأهداف القياس وطبيعة الوحدات الإنتاجية، والظروف المحيطة بها ونوعية الإنتاج والعمليات الإنتاجية فكل حالة يجب أن تبحث في حد ذاتها مع الأخذ في الاعتبار العوامل المحيطة بها.

ويمكن تقسيم العوامل التي تؤثر على الإنتاجيةلفرق الدفاع المدنى إلى العوامل الآتية: عوامل فنية، عوامل إدارية وتنظيمية، عوامل إنسانية، وإن كان من المعروف أن هذه العوامل التي تؤثر على كفاءة الأداء في المؤسسات المختلفة دائمًا تكون متداخلة ويؤثر كل منها على الآخر.

6-2 العوامل الفنية

أدت الثورة العلمية إلى رفع إنتاجية المعدات والتجهيزات الفنية وكذلك المواد المستخدمة لأعمال الدفاع المدنى فى كافة مجالات السلامة والإنقاذ مما أدّى كذلك إلى خفض الخسائر الناجمة عن الحوادث والكوارث بصفة عامة.
كذلك أدّت هذه الثورة العلمية إلى تحقيق خدمات على نطاق أوسع وبجودة أعلى ولاشك أن نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إلى الدول النامية هو الملاذ لتقديم الخدمات الضرورية فى القطاعات الخدمية وللدفاع المدنى على وجه الخصوص.

إن اختيار التكنولوجيا الحديثة في المنشآت يحقق مستويات مرتفعة من الإنتاجية ويتطلب ذلك إجراء البحوث التطبيقية لتطويعها بما يوفر لها أسباب النجاح بالظروف السائدة، كذلك يتطلب ذلك توفير حد أدنى من الانضباط حتى يتوافر المناخ الملائم الذي يؤدّى إلى حسن استخدام هذه التكنولوجيا المتقدمة، كذلك يجب توافر رأس المال اللازم لاستيراد هذه التكنولوجيا وزيادة الأموال المخصصة للبحوث والتطوير.

6-3 العوامل الإدارية

للإدارة أهمية كبرى في تحديد معدلات الإنتاجية بالمنشآت، وتتمثل أعمالها في دقة تحديد الأهداف ووضوح العمل الإنتاجي والقدرة على اختيار أنسب الوسائل لتحقيق هذه الأهداف واستخدام العناصر المتاحة بأقصى كفاءة. وتتوقف كفاءة العوامل التنظيمية والإدارية على قدرتها على مسايرة التغيير والتطوير والإعداد له والقدرة على الابتكار والتجديد، ومراقبة استخدام الموارد البشرية والمادية وإحداث التفاعل المطلوب والتنسيق الملائم بينهما بطريقة تحقق أقصى إنتاجية. كذلك تتوقف كفاءة العوامل التنظيمية والإدارية على قدرتها في اكتساب تعاون العاملين وعلى تحسين ظروف العمل، وعلى تطبيق نظم جيدة للاختبار والتعيين والتدريب والترقية، وتحديد المسئولية وتسلسلها.

ونستطيع الاستدلال على أهمية وحيوية الوظيفة الإدارية من خلال استقراء حالة نفترض فيها غياب الإدارة وعدم وجود من يمارس وظائفها ففي تلك الحالة الافتراضية سوف تتضارب الأهداف وتتناقض مع عدم القدرة على ترتيبها في إطار أولويات محددة، كما تتناقض القرارات وتتشابك الاهتمامات لانعدام التخطيط والتنسيق، ومن ثم تنخفض كفاءة التنفيذ ومستوى الإنجاز وترتفع التكاليف ويتدنى مستوى الجودة وتتكرر الأخطاء وتتراكم آثارها السلبية نتيجة لغياب رقابة الإدارة وإشرافها الفعال مما يؤدي إلى نقص كفاءة استخدام الموارد البشرية والمادية وبالتالي انخفاض الإنتاجية.

ويلاحظ أن كثيراً من الدول النامية تلجأ في عمليات التنمية بها إلى التركيز على العوامل الفنية أي اقتناء المعدات الحديثة مسايرة في ذلك التطورات الحديثة، وتحاول تطبيق أحدث التطبيقات التكنولوجية الحديثة التي يتم استخدامها في الدول المتقدمة، ولا توجه هذه الدول نفس القدر من الاهتمام إلى العوامل التنظيمية والإدارية أي تنمية وخلق الكوادر الإدارية والتنظيمية الأمر الذي يؤدي إلى الافتقار بدرجة كبيرة إلى هذه الكوادر أو الكفاءات، وهي التي تحمل على عاتقها أعباء الإدارة والتنظيم والابتكار والتجديد والحركة والنشاط وبالتالي رفع معدلات الإنتاجية. وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن العوامل التنظيمية تؤدي إلى تحسين كبير في الكفاءة الإنتاجية للعمل بشكل أكبر من مجرد الالتجاء إلى اقتناء الماكينات والمعدات الحديثة.

ويقول Hutton أن تحقيق معجزات الإنتاج ومعدلات الإنتاجية العالية في الصناعة الأمريكية لا يرجع إلى ذكاء الأمريكيين الخارق، ولا ترجع إلى توافر أسرارًا أمريكية خاصة لكن نتيجة لتطبيق قواعد عامة معروفة وإدارة جيدة، وأن السبب الحقيقي في تحقيق المعدلات المرتفعة للإنتاجية هو التدريب والمعدات والآلات والتنظيم.

ومن ثم نخلص إلى أن الاستثمارات الكبيرة في القطاعات الاقتصادية أو الخدمية لا يمكن أن تأتي ثمارها ما لم يكن هناك استثمار مواز لها في الموارد البشرية، خاصة بالنسبة لأفراد الدفاع المدنى الذين يعرّضون أنفسهم للموت فى كل لحظة لحماية الممتلكات والأفراد، وكذلك لحماية أمن الوطن.


  6-4 العوامل الإنسانية

لقد ركز الباحثون في مجال الإدارة قبل الثلاثينات من القرن الماضي بصفة عامة على رفع الإنتاجية لأفراد القوى العاملة بأقصى درجة ممكنة عن طريق أفضل الوسائل والأساليب المادية، وأنحصر ذلك في إطار تنظيمات الهياكل الرسمية ودراسات الهندسة الصناعية، ولم يعط الباحثون العناية الكافية للاعتبارات الإنسانية في الإدارة كعامل مؤثر على الإنتاجية، ولكن لم يلبث أن انتشرت العلوم السلوكية بسرعة متزايدة حتى أصبحت موضوعًا يجتمع الناس من أجله في المعاهد والمصانع ليتدارسوا أسسه ومناهجه . وقد ساعد على ذلك ضخامة حجم المشروعات الصناعية وتشريعات العمل حيث جعلت الفكر البشري يهتم بالعوامل الإنسانية وآثارها الكبيرة على الإنتاجية التي تتأثر بوضوح وبدرجة كبيرة بعناصر أخرى كأحوال العمل المادية والأجور وطبيعة الحوافز واتجاهات الإدارة في معاملتها للعاملين والحواجز الأدبية والمعنوية وغيرها وهي أمور تؤثر على معنويات العاملين تأثيرًا بالغًا.

ويعني ذلك أن معنويات العاملين هي المحدد الأساسي للإنتاجية المحققة وأن نجاح الوحدة الإنتاجية يتوقف بالدرجة الأولى على عنصرين:
 قدرة وكفاءة العاملين وهو ما يرتبط بدرجة كفاءتهم وتدريبهم.
 رغبتهم وإرادتهم في عملهم وتحسين الأداء، وهو ما يرتبط بالعلاقات الإنسانية وظروف العمل التي تحيط بهم.

وتتطلب الأدارة الفعالة للأفراد دراستهم كبشر ودراسة وتحليل سلوكهم ومعنوياتهم سواء أكان سلوكًا ظاهريًا أو خفيًا بغرض فهم هذا السلوك ودراسة آثاره على الإنتاجية، ومن هنا تبرز أهمية الجانب الإنساني لدرجة أن هناك من الباحثين من يرى أن المشروع الحديث يتكون من:  85% أفراد،  10 % مواد، 5 % أموال. وبمعنى آخر فإن 85 % من الأصول الإنتاجية عبارة عن أصول بشرية. وفي هذا المجال يقول John Hutton أن المشكلة الأولى في تحسين الإنتاجية تتمثل في النواحي السيكولوجية أكثر منها في النواحي الفنية حيث أننا نتعامل أوّلا ً مع الناس قبل أن نتعامل مع الآلات والمعدات.

نخلص مما تقدم بأن العوامل التي تؤثر على الكفاءة الإنتاجية هي كما سبق أن وضحنا عوامل فنية، وعوامل إدارية تنظيمية، وعوامل مرتبطة بالعامل الإنساني وهذه لها أهميتها الخاصة وكل هذه العوامل تؤثر كل منها على الآخر وتتداخل مع بعضها ومن ثم فزيادة الإنتاجية في أي وحدة على أي مستوى من مستويات الأنشطة المختلفة هي محصلة هذه العوامل المتشابكة.

Post a Comment

أحدث أقدم