العولمــة
ظهرت العولمة فى
العصر الحديث مستندة على أسس اقتصادية تمثلت فى الشركات الاقتصادية العملاقة عبر
القارات، والتى لم يعد لها وطن محدد، بل صار العالم كله وطناً وميداناً لنشاطها،
وصار العالم كله يدور فى نظام اقتصادى عالمى واحد، غير أن العولمة لم تعد تقوم على
أبعاد اقتصادية فقط، بل أصبحت سمة للحياة كلها فى هذا العصر (32)،
واختلف حولها المفكرون اختلافاً كبيراً فى المعانى التى شملتها هذه الكلمة، وبناء على رأيهم فسروا العالم تفسيراً ينطلق من
وجهة النظر التى امنوا بها (33)0
فهناك من ذكر "أن العولمة يمكن
تعريفها ببساطة على أنها تشمل عدداً من العمليات المعقدة والمتداخلة، بحيث تشمل
النواحى الاقتصادية والتكنولوجية والزراعية والثقافية والبيئية والسياسية، كما
أنها تشمل حرية حركة البضائع بين مختلف العواصم والمعلومات والأفكار والتخيلات
والمخاطرات عبر الحدود الوطنية" (34)0 ، أما العولمة فى بعدها
الثقافى والاجتماعى وهو أخطر أبعادها فتعنى إشاعة قيم ومبادئ ومعايير ثقافة واحدة
وإحلالها محل الثقافات الأخرى (35))وهذا معناه تلاشى القيم والثقافات
القومية وإحلال محلها القيم الثقافية
للبلاد الأكثر تقدماً تكنولوجياً واقتصادياً وخاصة أمريكا وأوربا,أما فى بعدها
السياسى فتعنى العولمة سقوط السلطوية والشمولية, والاتجاه إلى الديمقراطية,
والتعددية السياسية, واحترام حقوق الإنسان ,واستخدام الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان فى العالم, وغيرها من آليات لنظام
العالمى الجديد (36)0
وأشار"زقزوق اٍلي" أن العولمة تشير
إلى أن هناك حضارة غربية قائمة لها قيم ومعايير معينة، وعلى الجميع أن يتواءم معها
,وأن يعتنق مبادئها ونظمها إذا أراد لنفسه مكاناً فى مسيرة العالم، وهذا يعنى أن
تسود حضارة واحدة بقيمها ومثلها، وأن يترسخ مفهوم العولمة بالمنطق الأمريكى أو
القطب الواحد فى الأذهان"(37)، وبالتالى يتضح أن البعد الاقتصادى
ليس هو المحور الأساسى للعولمة ولكن هناك مجموعة من العوامل التى تضافرت لتكوين
هذا النظام العالمى، كالتدفق المعلوماتى والبعد الثقافى والموقع الجغرافى
والتكتلات الدولية (38)0
اٍذن يمكن أن نذكر تعريفا مناسبا للعولمة يتمثل فى
كونها نظرية اقتصادية فى المنطلق، سياسية، اجتماعية، ثقافية فى النتائج، هدفها فتح
الأسواق الاقتصادية, وتطبيق سياسة السوق فيها بإلغاء الرسوم الجمركية، وإقرار حرية
تنقل رأس المال والبضائع والخدمات بين الدول دون أية قيود، وفتح الحدود الوطنية فى
المجال السياسى والترويج لثقافة نمطية عالمية واحدة هى ثقافة القوة المهيمنة على
العالم (39)0
إرسال تعليق