حالة العراق:
شهد العراق مخاطر وازمات كثيرة ومتنوعة ولفترات طويلة وبشكل خاص الازمات السياسية نتيجة الحروب التي خاضها لأكثر من ثلاث عقود مضت وكانت آثارها كبيرة على المجتمع والاقتصاد العراقي عموماً وعلى السياحة العراقية بشكل خاص ومن أهم الاحداث:-
1-  الحرب مع ايران 1979-1988.
2-  دخول الكويت وتسمى بحرب الخليج عام 1990 وتداعياتها السلبية من دمار وخراب وأضطرابات أمنية في كل محافظات العراق تقريباً من الشمال الى الجنوب.
3-  فرض الحصار الاقتصادي كعقوبة دولية على العراق عام 1991.
4-  احداث رافقت سقوط النظام الحاكم في نيسان 2003 من عمليات عسكرية وأحتلال وصراعات وانفلات أمني خلقت أعمال عنف وأرهاب أكمل على ما تبقى من جسد العراق الجريح وليومنا هذا.

لو ندقق في الاحداث أعلاه البعض منها كانت سبباً لحدوث أزمات أخرى والبعض منها نتائج لسوء اتخاذ القرار مع كافة المستويات السياسية والادارية والتنظيمية ولذلك كانت تداعيات هذه الازمات سلبية وعميقة يعاني منها المجتمع العراقي (افراداً ومؤسسات ودولة) لغاية يومنا هذا وشملت كافة قطاعات الاقتصاد العراقي ومن ضمنها السياحة التي هي أكثر القطاعات تأثراً بعدم الاستقرار السياسي والامني لأنه (لا سياحة بدون أمن وأمان) .
لو تناولنا (الحصار الاقتصادي) لوجدناه هو أحد نتائج ازمة حرب الخليج 1990 مما ادى الى عزل العراق عن العالم الخارجي بعد فرض العقوبات الاقتصادية عليه وما رافق ذلك من عزله على كافة المستويات الدولية الاقتصادية والثقافية والسياسية والاعلامية والسياحية خاصة بعد اغلاق حركة الملاحة الجوية والبحرية في العراق وكان ذلك له الأثر السلبي على عناصر الطلب والعرض السياحي في العراق وكالآتي:- ([1])
1-  توقف نشاط وفاعليات اغلب المؤسسات والمنظمات السياحية (فنادق ومنشآت ايواء أخرى وشركات سفر وسياحة وشركة الخطوط الجوية العراقية) حيث توقف عمل وكالات السفر والسياحة بنسبة (80%-90%) وكذلك باقي المنشآت السياحية الاخرى كالمقاهي والمطاعم والكازينوهات وأماكن الترفيه الاخرى.
2-  انخفاض العرض السياحي (الفندقي) نتيجة التدمير وحرق العديد من الفنادق ومنشآت الايواء الأخرى خلال الحرب واغلاق العديد منها وتوقف العمل منها وتحوير البعض منها الى اغراض غير سياحية حيث انخفض اعداد الفنادق في العراق خلال الفترة (1989- 1995) من (1906) فندق عام 1989 الى (851) فندق عام 1995 أي بنسبة تغيير مقدارها بحدود (-55,35%) وانخفاض اعداد الاسرة المعروضة ولنفس الفترة من (123406) سرير عام 1989 الى (53069) سرير عام 1995 اي بنسبة تغيير بلغ (-56,99%).
3-  الاثر السلبي على الطلب السياحي المحلي والخارجي كان واضحاً في احصائيات الخاصة بأعداد النزلاء العراقيين( الطلب المحلي) بلغ عام 1989 (2885434) نزيلاً وانخفض الى (2823189) نزيلاً عام 1995 أي بنسبة تغيير بلغ  بحدود (-2,16%) وتناقص اعداد النزلاء العرب والاجانب (الطلب الخارجي) حيث بلغ اعداد النزلاء العرب عام (1989) (1757430) نزيل والاجانب (23825) نزيل اجنبي وانخفض في 1995 الى (6034) و (51223) على التوالي أي بنسبة تغير بلغ (-96,53%) و (-78,48%) على التوالي وكذلك انخفاض واضح في نسبة الاسرة المباعة للعراقيين وغير العراقيين والتي ايضاً تمثل الطب السياحي المحلي والخارجي وكما في الجدول رقم (2) .

المصدر: هيئة التخطيط الاقتصادي، الجهاز المركزي للأحصاء، مديرية احصاء التجارة، احصاء الفنادق والايواء السياحي للسنوات (1989-1995).
4- انخفاض المدخولات السياحية مع ارتفاع في تكاليف تشغيل وادارة المرافق السياحية ادى الى انخفاض في القيمة المضافة المتحققة للنشاط السياحي وانخفاض مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي، العراق، وكما في الجدول رقم (3).

جدول رقم (3)
نسبة مساهمة النشاط الفندقي والناتج المحلي الاجمالي في العراق للفترة 1989-1994 وبالاسعار الثابتة لعام 1988

المصدر: هيئة التخطيط الاقتصادي، الجهاز المركزي للأحصاء، مديرية الحسابات القومية، ارقام ومؤشرات لسنة 1992.

5-  تشويه صورة وسمعة العراق دولياً كونه مقصد سياحي غير آمن مما أثر على الطلب السياحي الخارجي وحتى الطلب المحلي مما ادى الى مسح العراق من الخريطة السياحية العالمية وتجاوزته اقلام وأفكار منظمي الرحلات في العالم كونه مقصد غير آمن ولأكثر من ثلاث عقود ومضت وبسبب ضعف الاعلام السياحي العراقي وضعف القيادات السياحية ادارياً وأعلامياً وتسويقياً في ادارة هذه الازمة أصبحت صورة العراق أكثر تشويهاً.
6-  تلوث البيئة نتيجة العمليات العسكرية واستخدام الاسلحة المسموح بها وغير المسموح دولياً ويكفي ان نعرف حجم الكارثة ان وزن المقذوفات التي اسقطت على العراق منذ عام 1991 تقدر (141921) طن من المتفجرات أي ما يعادل سبع قنابل كالتي القيت على (هيروشيما)([2]) كل ذلك يؤدي الى تلوث الماء والهواء والتربة والحيوان والنبات وتدهور الصحة العامة لسكان العراق و انتشار الاوبئة والامراض وخاصة بين الاطفال والنساء كأمراض سرطان الجلد والاسهال الحاد والجفاف.. وغيرها والنتيجة تدهور الموارد الطبيعية والبشرية المكون الاساسي للبيئة السياحية في العراق.
اضافة الى الملاحظات السابقة هناك عوامل ساهمت بشكل أو بآخر الى انهيار القطاع السياحي العراقي هي:-
1.    غياب السياسة الوطنية الواضحة اتجاه القطاع السياحي وأهداف الدولة السياحية حيث كانت ذات ابعاد سياسية بحتة.
2.    التخبط الواضح في الحفاظ على استقرار الهيكل الاداري والتنظيمي للقطاع السياحي نتيجة التغيرات المتتالية والسريعة والغير مدروسة مما ادى الى انهيار الهيكل السياحي وتضاءله بما لا يتناسب مع مكانة العراق حضارياً وتأريخياً.
3.    أغلب التشريعات السياحية آنية الفائدة  وتخدم بعض القضايا وتحل بعض المشاكل الوقتية ولا تخدم مصلحة القطاع السياحي المستقبلية.
4.    يفتقد القطاع السياحي العراقي وبشكل دائمي ولازال الى قيادات ادارية ذات خبرة وخاصة في المستويات العليا والتي ينقصها الوعي في ادارة المنظمات السياحية بكفائه وتزداد المشكلة مضاعفة في اوقات الازمات السياحية فهي (ادارة غير آمنة) مما انعكس سلباً على مستوى الجودة في نوعية الخدمات السياحية المقدمة في العراق.
5.    ضعف التعاون والتنسيق بين كل فروع النشاط السياحي العراقي وعلى كافة المجالات (التخطيط والتسويق والترويج والتوزيع) سواء بين ادارات الفنادق أو بين شركات السفر والسياحة وحتى مع الجهات المهنية المتمثلة برابطة الفنادق والمطاعم ورابطة شركات السفر والسياحة والكل يعمل بمفرده والنتيجة مبعثرة تخدم جهة على حساب اخرى والمتضرر الاول والاخير السياحة العراقية.
6.     تناست القيادات السياحية العراقية الى وضع خطة لأدارة الازمات وتوفير الموارد اللازمة لتطبيقها بالرغم من كثرة المخاطر والازمات التي تفرض لها القطاع السياحي العراقي وتكرارها على مدى ثلاث عقود نصت ولحد الآن وافتقدت الى التعامل الجيد مع هذه الازمات وبالتالي سوء القرارات الادارية لحل بعض مشاكل العمل السياحي خلقت ازمات اخرى ادت الى انهيار كافة المؤسسات والمنظمات المكونة للسياحة العراقية.


[1] - عبد المطلب محمود الخوام، دراسة في الاستثمار السياحي وابعاده الاقتصادية مع اشارة خاصة للعراق، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد ، جامعة بغداد، 1996، ص.
[2] - جبار ربيع الجبوري، حجم القوات والاسلحة التي استخدمت خلال الحرب على العراق، الندوة العلمية الدولية حول بيئة العراق ما بعد الحرب، جمعية تحسين البيئة العراقية، بغداد، 1994، ص9.

Post a Comment

أحدث أقدم