أنواع المخاطر والازمات :
       السياحة كأي نشاط من أنشطة الحياة، تتعرض لمخاطر وأزمات تختلف بشدتها وأسبابها ونتائجها مما يؤثر في السياحة على كافة المستويات عالمياً وأقليمياً وكلياً، وان السياحة تتسم بالحساسية ورعة التأثر بالمخاطر الخارجية والازمات التي يتعرض لها عناصر الطلب أو العرض السياحي للدولة، مما يعني أن على المنظمة السياحية والفندقية ان تواجه مخاطر وازمات سياسية واجتماعية وأقتصادية وبيئية معقدة بالاضافة الى سعيها الدائم الى خدمة العملاء واشباع رغباتهم وتحقيق الربحية في آوان واحد.
وهذا يتطلب من المنظمات السياحية المختلفة ان تضع خطة متكاملة لأدارة هذه المخاطر والازمات وان تعمل جاهدة ان تجد الحلول المناسبة للتخفيف من حدة آثار هذه المخاطر والازمات بعد دراسة أسبابها ونتائجها ووضع البدائل المناسبة لأحتواء ما تركته هذه المخاطر من مشكلات اجتماعية وبيئية واقتصادية، ولأن السائح هو المحور الذي تدور حوله العملية السياحية ولانه يبحث بالاساس عن الامن والطمأنينة اضافة الى بحثه عن المتعة والراحة واذا أفتقد عامل عدم الاستقرار السياسي أو الامني أو الاقتصادي وحتى الصحي تبرز مشكلة عدم الثقة بكل الجهود التي تبذل لجذبه الى المنطقة أو الدولة السياحية، وقد أظهرت دراسة قامت بها مجلة (Corporate Travel) في عام 1993 حول المشكلات التي يتعرض لها السائح تتمثل في:([1])
1-  سرقات الامتعة في الفنادق حيث ذكر 64,7% من شملتهم الدراسة انهم تعرضوا للسرقة في أماكن أقامتهم على الاقل مرة واحدة أثناء سفرهم بغرض العمل.
2-  السرقة في المطارات حيث ذكر 37,3% من العينة ان المسافرين من العاملين قد تعرضوا للسرقة أو عمليات النصب في المطار.
3-  التسمم الغذائي حيث ذكر 43,1% من المسافرين لغرض العمل قد مرضوا على الاقل مرة واحدة لتناولهم طعام الفنادق.
ومن المخاطر والازمات التي من الممكن ان تتعرض لها صناعة السياحة والفنادق:
1- الحرائق والفيضانات والاعاصير والزلازل.
2- الكوارث الصناعية، تسرب الغاز أو التلوث الكيميائي.
3- جرائم القتل والأغتصاب والجرائم التي ترتكب ضد النزلاء أو السياح أو العاملين على حد سواء.
4- التلوث البكتيري أو الجرثومي للغذاء.
5- الحروب والحوادث الارهابية والاتلاف المتعمد.
6- مخاطر الاعلام وتدهور وتشويه سمعة البلد أو المنظمة السياحية.

ولأن النظام السياحي جزء من نظام كبير يؤثر ويتأثر به مباشرة أو بشكل غير مباشر لذلك نرى أن كثير من القضايا الرئيسية التي تشغل بال وأهتمام النظام العالمي وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعلمية يتأثر بها النظام السياحي والذي يتطلب مواجهة المخاطر والازمات التي تفرزها كل قضية من هذه القضايا وأهمها:-
1.   قضايا مخاطر البيئة واختلال التوازن البيئي.
2.   قضايا الفروق بين الدول المتقدمة والدول النامية وخاصة في مجال الانتاج والتكنولوجيا.
3.   قضايا الاستثمار الاجنبي وفق شروط مجحفة بحق الدول النامية.
4.   قضايا التنمية الشاملة والتنمية المستدامة.
5.   قضايا المنافسة ومفهوم الجودة الشاملة.
6.   قضايا الصراعات الاقليمية وكيفية أنهائها.
7.   قضايا الصراعات العرقية والدينية.
8.   قضايا الارهاب والتطرف.
9.   الحروب.
10.     مخاطر انتشار الاوبئة والامراض وآثارها على مستوى الصحة العامة والتي تهدد الافراد والمؤسسات والدول.

ولكل قضية من هذه القضايا يمكن ان تنجم عنها مخاطر وأزمات يواجهها القطاع السياحي والتي يتطلب الدراسة الدقيقة لمعرفة الاسباب والنتائج وسبل معالجة الآثار الناجمة عنها على المستوى العالمي والاقليمي وعلى المستوى العربي .. لأنها تشكل خطراً رهيباً ينذر السياحة بالدمار ان لم تتخذ الاجراءات المناسبة والخطط السليمة لأدارة هذه المخاطر والازمات.

تطبيقات على المستوى العربي
       مر العالم العربي بأحداث، وخاصة خلال العقود الثلاثة الاخيرة، تُعَد مخاطر وأزمات خطيرة اختلفت اسبابها ونتائجها وهددت استقرار بعض الدول العربية سياسياً وأقتصادياً وأجتماعياً وحتى سياحياً، فالحرب اللبنانية وأزمة العنف والاضطرابات في الجزائر والازمة العراقية والهجمات الارهابية على السياح والتفجيرات في مصر وتفجيرات فنادق عمان وغيرها من الازمات وآثارها الاقتصادية والصحية والبيئية كما في حالة انتشار مرض انفلونز الطيور اضافة الى ما ترتب من ازمات نتيجة تفجير المركز التجاري العالمي في أمريكا سبتمبر 2001 حيث تضاعفت الازمات والمشاكل في العالم وكذلك على المستوى العربي، ولما له الاثر الكبير على أداء المنظمات السياحية العربية وللتعرف على كيفية ادارة هذه الازمات سنحاول في تغطية هذا الجانب من خلال تطبيقات على حالة مصر والعراق واللتان تختلفان بنوع الازمة واسبابها ونتائجها واسلوب معالجة هذه الازمات من قبل القيادات السياحية وأثر ذلك على بعض المتغيرات الاقتصادية وعلى عناصر الطلب والعرض السياحي في كليهما.


‌أ-   حالة مصر:
شهدت مصر أحداثاً وتعرضت لأزمات مختلفة أثرت في صناعة السياحة لديها وأهم هذه الاحداث والازمات هي:
·       أختطاف طائرة مصر للطيران عام 1985 والسفينة اكيللي لاورو.
·       ثورة قوات الامن المركزي في القاهرة عام 1986 وقيامهم بحرق وتدمير المنشآت الفندقية والمطاعم في منطقة الهرم السياحية.
·       اندلاع حرب الخليج عام 1990 وآثارها على الاقتصاد المصري وعلى الحركة السياحية فيها.
·       الهجمات الارهابية على السياح والمناطق السياحية منذ اكتوبر 1992 وحتى منتصف 1994.
·       استمرار الهجمات الارهابية على منتجعات شرم الشيخ ومنتجع ذهب 2004- 2006.
الملاحظ ان السمة الغالبة على كل أزمات السياحة المصرية هي أنخفاض نسبة الاشغال في جميع المرافق السياحية بما في ذلك خطوط الطيران مما يتطلب ضرورة تحليل اسباب انخفاض الطلب والتصرف على اسس غير مهنية واقتصادية سليمة لما يمكن ان يلحق ضرراً بهذه المنشآت بالاضافة الى الضرر الذي يحقق في تعجيل بدورة حياة المناطق السياحية وتسيير السياحة اليها من شرائح متدنية نوعاً ما من السياح مما قد يصرف الشرائح التي تعتبر أفضل للسياحة المصرية... وهذه بداية تمثل أزمة يجب تتظافر الجهود لمواجهتها بصورة حاسمة.
نلاحظ احداث الحرب على العراق عام 1990 (حرب الخليج) اثرت على دول مختلفة سياسياً واقتصادياً وسياحياً ومنها مصر حيث انخفض اعداد السياح اثناء حرب الخليج بنسبة 14,8% كما انخفض الدخل السياحي من 2,07مليون دولار عام 1989 الى 1,99 مليون دولار عام 1990 أي أنه أنخفض بنسبة 3,1% نتيجة لتحذير الحكومات الغربية لرعاياها من السفر الى منطقة الشرق الاوسط.
وكذلك أزمة الهجمات الارهابية وأحداث العنف السياسي في سبتمبر عام 1992 انخفض أعداد السياح في عام 1993 بنسبة 22% وانخفض عدد الليالي السياحية بنسبة 30% وكان الانخفاض الاكبر في الدخل بنسبة 2% حيث اصبح 1,380 مليون دولار وكان لهذا تأثيراً مباشراً وكبيراً على الاقتصاد القومي المصري، وخلال فترة الاحداث (22) شهراً ما بين عامي 1992، 1994 والتي تعد ضربة قاصمة خاص دون غيرها من الدول وقد اعلنت الحكومة الاجنبية ان مصر اصبحت مقصداً سياحياً غير آمن وغير مستقر.
والجدول رقم (1) يوضح انخفاض الحركة السياحية ما بين عامي 1992و 1994 نتيجة للأرهاب في مصر.
جــدول رقم (1)
السنة
عدد السائحين
نسبة التغير
عدد الليالي السياحية
نسبة التغير
1992
3,202,940
44,8%
21,836,705
34,5%
1993
2,507,762
-21,8%
15,089,170
-30,90%
1994
2,81,988
2,98%
15,432,753
2,28%
1992 - 1994

19,48%

22,09%
 
المصدر: د.منى عمر بركات، اداء القطاع السياحي المصري، في ظل الازمات للفترة 1992-1994، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1998، ص125.

بالرغم من الاجراءات التي أتخذتها وزارة السياحةالمصرية ومعها قطاع الاعمال فمثلاً الاتحاد المصري للغرف السياحية حاول شرح ابعاد الموقف في مصر من خلال التوجه الى الاسواق الخارجية واستضافة عنصر كبير من الاعلاميين والعاملين في قطاع السياحة بالبلدان المصدرة كأسلوب سريع للتعامل مع الازمات... تظل ردود افعال المنظمة السياحية المصرية بأختلاف مستوياتها لا تناسب مع مستوى المخاطر والازمات التي تتعرض لها ولذلك وجهت لها مجموعة انتقادات لأداء المنظمات السياحية خلال احداث 1992- 1994 من قبل المتخصصين والخبراء السياحيين المصريين في ادارة الازمات وأهم هذه الانتقادات:- ([2])
1-  عدم وجود أي تنسيق على المستوى الاقليمي أو على المستوى القومي في مجال التسويق السياحي وضعف الاساليب الترويجية التي تتبعها المنظمة السياحية كونها تقليدية لا تتناسب مع المتغيرات الدولية.
2-  ابتعاد الاعلام الرسمي عن الحقائق الكاملة في بداية الازمة مما يخلق نوع من فقدان الثقة بالشركات السياحية والمنشآت الفندقية المصرية مما ادى الى رفع زيادة مصر من مطبوعات منظمي الرحلات السياحية الشاملة في أوروبا وأمريكا.
3-  ضعف التعاون والتنسيق بين شركات السياحة المصرية بعضها البعض وبين الفنادق المصرية بعضها البعض وبين الشركات والفنادق ذاتها مما يؤثر سلباً على اسعار الرحلات المنظمة واسعار الاقامة حيث كانت سياسات التسويق والتوزيع فردية ومباشرة مع الاسواق الخارجية والطرف الاجنبي (الشركة) وليس السائح هو الطرف الوحيد المستفيد.
4-  ردود افعال ادارات الفنادق المصرية لا تناسب مع مستوى المشاكل والازمات التي حدثت ولم تتمكن من اتخاذ القرارات الصائبة في اسرع وقت اثناء الازمة وأنما اهتمام غالبية ادارات الفنادق بالازمات والكوارث ذات التأثير المباشر على اصول الفنادق والنزلاء مثل الحرائق والامن والصحة والمشاكل الغذائية . ولم تكن مستعدة للأزمات الاخرى مثل التلوث البيئي والاعاصير والزلازل والازمات السياحية والحروب والعنف والارهاب وفساد المديرين والعاملين والاشاعات المغرضة وغيرها ذات التأثير العميق على السياحة المصرية.
5-  افتقدت الفنادق المصرية لخطة ادارة الازمات في احسن الاحوال نستعين بشركة العلاقات العامة التي حدود مساعدتها لا يتعدى الاقلال من الاضرار التي قد تلحق بسمعة الفندق بسبب كارثة أو اشاعة ما، كما يكون تأثيرها وقتياً وفردياً في آن واحد.
6-  افتقادها لفريق عمل متدرب ومتخصص للتعامل بواقعية مع الازمة.


[1] - د. منى عمر بركات، اداء القطاع السياحي المصري في ظل الازمات في الفترة من 1990 الى 1994، الكتاب السنوي للسياحة والفنادق، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1998، ص122.
[2] - د. منى عمر بركات، مصدر سابق، ص125-ص130.

Post a Comment

أحدث أقدم