دورة الكربون في الطبيعة والأسس الجوّية

إنّ نظام الأرض مكون من تفاعل  الأنظمة الأربعة الرئيسية وهي الهواء والماء والأرض والمحيط الحيوي (الكائنات الحية). أن دورة المادة والطاقة خلال هذه الأنظمة الفرعية متوازنة على المدى القصير والبعيد. فعلا سبيل المثال، إن المواد الضرورية لاستمرار الحياة مثل الكربون والنتروجين والكبريت، والفسفور تمر في دورة طبيعية في الأرض والجو والمحيطات والمحيط الحيوي من خلال عمليات طبيعية مثل عملية التركيب الضوئي والتنفس والتحلل للمواد العضوية وغيرها.

يعتبر الكربون المادة الأساسية في عملية البناء الحيوي لجميع الكائنات الحية. ان كميات كبيرة من الكربون مخزونة في الوقود الاحفوري والذي هو بقايا نباتات وكائنات حية مدفونة تحت الأرض في طبقة الصخور الرسوبية. إن عملية استخدام هذا الوقود أدت إلى إضافة ثاني أكسيد الكربون إلى الجو بكميات كبيرة في فترة زمنية اقصر بكثير من التي تحدث نتيجة العمليات الطبيعية مثل البراكين والحرائق  وعمليات التنفس والتحلل البيولوجي للكائنات الحية. وكما ذكر سابقا، فان غاز ثاني  أكسيد الكربون يلعب دور أساسي في تنظيم درجة حرارة سطح الأرض. من المعروف أن جميع غاز ثاني أكسيد الكربون لا يبقى في الهواء، فهناك كميات كبيرة يتم استهلاكها في عملية التمثيل الضوئي في النبات كما أن جزء كبير أيضا تمتصه مياه الأمطار والبحار والمحيطات. فعلى سبيل المثال أدت عمليات إزالة الغابات إلى حدوث خلل في دورة ثاني أكسيد الكربون في الجو.


ظاهرة الدفيئات
إن ظاهرة الدفيئات هي ظاهرة طبيعية وتساهم في وجود بيئة طبيعية مناسبة للحياة على الأرض. وكان أول من لاحظ وجود هذه الظاهرة هو عالم الرياضيات جوزف فوريير في 1824. وفي أواخر القرن التاسع عشر أوضح العالم سفانتي آريهينيوس بأن ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الوقود الاحفوري يساهم في تطور ظاهرة الدفيئات. وكما أشرنا سابقا فإن وجود غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو مع بعض الغازات الأخرى مثل بخار الماء وغاز الميثان يعمل على رفع درجة حرارة الأرض عن طريق امتصاصه لأشعة الشمس المنعكسة عن الأرض (حوالي 47 بالمائة من مجموع الأشعة الساقطة على الأرض) ذات التردد العالي ثم تقوم بإعادتها إلى الأرض مما يساهم في زيادة درجة حرارة الأرض. وقد سميت هذه الظاهرة بظاهرة الدفيئات لأنها تشبه في عملها عمل الدفيئات الزراعية.

يتكون الهواء المحيط بالأرض بشكل أساسي من غاز النتروجين (78 بالمائة) والأوكسجين (21 بالمائة)، و غاز الأرجون (تقريبا 1 بالمائة) حيث تشكل في مجموعها ما نسبته 99.9 بالمائة من الجو. يحتوي الجو أيضا على بخار الماء، الذي يتفاوت في تركيزه حول الأرض طبقا للأحوال الجوية اليومية. كذلك يوجد غازات أخرى مثل ثاني أكسيد الكربون، الميثان، الأوزون، ثاني أكسيد النتروجين، وثاني أكسيد الكبريت لكن نسبتها قليلة بالنسبة للغازات الأخرى حيث تشكل في مجموعها أقل من 0.1 بالمائة من الجو، لكن بعكس الأوكسجين والنيتروجين فإن هذه الغازات قادرة على امتصاص الأشعة تحت الحمراء.

على الرغم من أن ثاني أكسيد الكربون من أكثر غازات الدفيئات شيوعا إلا أن بخار الماء يعتبر الأكثر أهمية من ناحية قدرته على امتصاص الأشعة تحت الحمراء، لهذا فإن إي تغيير بسيط في نسبة بخار الماء في الجو يمكن أن تعوض تغيير كبير في نسبة ثاني أكسيد الكربون. من غازات الدفيئات الأخرى يأتي غاز الميثان، وأكاسيد النيتروجين والكلوروفلوروكربون (CFCs) ولهذه الغازات قدرة كبيرة على امتصاص الأشعة تحت الحمراء وكذلك فترة بقائهن في الجو طويلة.

المناخ والطقس
الطقس هو عبارة عن الأحوال الجوية "درجة الحرارة، الرطوبة، الأمطار أو الرياح" التي تسود منطقة ما خلال فترة زمنية قد تمتد لأيام أو أسابيع أو أشهرا.  أما المناخ فهو معدل الطقس لمدة طويلة لا تقل عن ثلاثين عاما. المناخ العالمي هو النظام الذي يوزّع الطاقة الشمسية على سطح الأرض. إن التسخين الغير متساوي لسطح الأرض يسبب الرياح التي تنقل الحرارة من خط الاستواء الحار إلى القطبين الباردين. تقوم المحيطات بخرن الطاقة الشمسية ونقلها حول العالم على طريق التيارات المائية العميقة الضخمة المعروفة بـ "حزام النقل العظيم للمحيط". أن نظام نقل الحرارة عن طريق المحيط والرياح وتفاعلاتهم مع بعضهم البعض غير واضح علميا حتى الآن.

أل نينو ولا نينا El Nino And La Nina:
إنّ التفاعل بين تيارات المحيط والطقس العالمي يتمثل بالظاهرة المعروفة بـ أل نينو ولا نينا. وبشكل دوري، فإن تيار المحيط الغربي الخارج من ساحل البيرو يتوقّف مسببا طاقة حرارية في مياه جنوب المحيط الهادي التي تؤثّر على أنماط الطقس ومعدل درجات الحرارة  العالمية وهذه الظاهرة تعرف بـ أل نينو. في  أحيان أخرى يكون التيار الغربي أقوى من معدلة مما يؤدي إلى تبديد الطاقة الحرارية في المحيط الهادي. وعندما تصبح درجة حرارة المحيط الهادئ أبرد من المعدل فإنها تؤدي إلى اخفض درجات الحرارة عالميا، وهذه الظاهرة تعرف بـ لا نينو.

المناخ في الماضي
إن تقييم التأثير البشري على  التغير في المناخ معقّد لأنه يصعب التمييز بين التغيرات المناخية الناتجة  عن التأثيرات الإنسانية وتلك الموجودة أصلا نتيجة التأثيرات الطبيعية. يمكن الاستدلال على أنماط المناخ السائدة في الماضي عن طريق فحص بعض البقايا الرسوبية المتحجرة أو الكتل الجليدية، ويتم دراسة بيانات المناخ السابقة في محاولة  لفهم أسباب تغير المناخ ولمعرفة نتائجه وذلك للاستفادة منها في تخمين تغيرات المناخ المستقبلية.

توقّع المناخ المستقبلي
أن برامج الكمبيوتر التي تنمذج المناخ (تعمل عمل نظام المناخ) إنما هي نماذج رياضية مستندة على تلك التي تستعمل للتنبؤ بأنماط الطقس المحلية، ولمعالجة العديد من المتغيرات والمعادلات  الرياضية في هذه النماذج فلا بد وجود كمبيوترات سريعة في معالجة النظم حتى نتمكن من التنبؤ بتغيرات المناخ المستقبلية (نمذجة التغيرات المستقبلية للمناخ). إن نظام المناخ العالمي معقد، وأن العلاقة والتفاعلات القائمة بين المحيطات والغيوم ما زالت غير واضحة، ,وأن نماذج الكمبيوتر تعالج هذه العوامل بشكل منفصل. أن درجات الحرارة العالمية لم ترتفع كما تنبأت بها نماذج الكمبيوتر، وهذا ما قاد العلماء للبحث عن عوامل أخرى، مثل رذاذ الكبريتات الذي يعتقد أن له قدرة على التبريد ويعمل على موازنة الارتفاع في الحرارة العالمية.

Post a Comment

أحدث أقدم