الإخصاب عند الإنسان
كما هو الحال عند جميع الحيوانات، عند الإنسان أيضًا تنتج الخلايا التكاثرية في جهاز التكاثر. تنتج الخلايا المنوية عند الذكر في الخصيتين ابتداءً من مرحلة البلوغ وحتّى آخر الحياة. خلال هذه الفترة تنتج ملايين الخلايا المنوية في جسم الرجل كلّ يوم.خلايا البويضة عند المرأة، التي تسمّى بويضات، تنتج في المبيض عند المرأة منذ كونها جنينًا في رحم أمّها. عندما تولد الطفلة، يكون في أعضائها التكاثرية حوالي نصف مليون خلية بويضة، لكنّها غير ناضجة وإنّما تتواجد في "سبات". يحدث النضوج في جيل البلوغ فقط، وخلال كلّ فترة الخصوبة عند المرأة (حتّى سنّ 45-50 سنة تقريبًا). في هذه الفترة تنضج إحدى البويضات كلّ شهر، وتتحرّر من المبيض وتصل إلى أنبوب البويضات الذي يسمّى قناة فالوب.
كما أسلفنا، الإخصاب عند الإنسان داخلي. يُطلِق الذكر خلاياه المنوية داخل مهبل المرأة، ومن هناك تتحرّك عن طريق الرحم إلى قناة فالوب.
إذا التقت الخلايا المنوية داخل قناة فالوب مع بويضة ناضجة، يحدث إخصاب، وعندها تواصل البويضة المخصبة طريقها إلى الرحم.
الإخصاب عند النباتات
النباتات أيضًا تُنتِج خلايا تكاثرية- خلايا بويضة وخلايا منوية- واللقاء بينها يكوّن لاقحة. فيما يلي بعض الحقائق والتعريفات التي يجب معرفتها قبل التعلّم عن  الإخصاب في النباتات:
-     تحوي الزهرة الأعضاء التناسلية في النباتات. الأعضاء التناسلية الذكرية في الزهرة هي الأسدية، والعضو التكاثري الأنثوي في الزهرة هو المدقّة.
-     تنتج الخلايا المنوية في حبيبات اللقاح التي في الأسدية. كلّ سداة مبنية من  خيط ، الذي هو عبارة عن سويق صغير، ومن المتك ، الذي هو عضو سميك يحوي حبيبات اللقاح. داخل حبيبات اللقاح تتواجد الخلايا المنوية. الخلايا المنوية محفوظة في البيئة الرطبة التي داخل حبيبات اللقاح. تُنتِج الأزهار عددًا كبيرًا جدًّا من حبيبات اللقاح.
-     تتكوّن خلايا البويضة في المتاع . المتاع مبني من ثلاثة أجزاء : المبيض والقلم والميسم. تتكوّن البويضات في مبيض الزهرة وتكون محمية هناك إلى أن يتمّ اللقاء بينها وبين الخلايا المنوية. يربط القلم بين المبيض المستتر في قاعدة الزهرة وبين الميسم الذي في رأسها. عندما تكون الزهرة جاهزة  للإخصاب، يُفرِز الميسم سائلاً لاصقًا، وحبيبات اللقاح التي تصل إلى الميسم "تَعْلَق" فيه.
-     في نباتات من أنواع كثيرة، تحوي الزهرة الأسدية وكذلك المتوع ، أي أنّ الزهرة ثنائية الجنس. على سبيل المثال: شقائق النعمان والركفة.
-     في نباتات من أنواع أخرى، تحوي الأزهار أسدية فقط (الأزهار الذكرية) أو متوع فقط (الأزهار الأنثوية). هذه الأزهار هي أزهار أحادية الجنس. على سبيل المثال: البلّوط والنخيل والبطم.
-    كي يحدث الإخصاب في النباتات، يجب على حبيبات اللقاح أن تنتقل من الأسدية إلى مياسم الأزهار. تحدث هذه المرحلة قبل الإخصاب، وتسمّى التلقيح. لاحظوا أماكن عمليّتَي التلقيح والإخصاب في دورة حياة النباتات.       
طرق التلقيح
هناك نباتات تنتقل فيها حبيبات اللقاح من الأسدية إلى الميسم داخل نفس الزهرة أو من زهرة إلى أخرى تنبت على نفس النبتة. يسمّى هذا التلقيح تلقيحًا ذاتيًا. مثال لمثل هذه النبتة: البازيلاء العطرة.
في نباتات أخرى تنتقل حبيبات اللقاح من زهرة نبتة معيّنة إلى زهرة نبتة أخرى من نفس النوع. يسمّى هذا التلقيح تلقيحًا غريبًا. أمثلة لمثل هذه النباتات: المريمية والخشخاش والعنصل.
مبنى الأزهار وصفاتها ملاءمة لطريقة تلقيحها: في النباتات التي تُلقَّح بالتلقيح الذاتي، أسدية ومياسم النباتات قريبة جدًّا من بعضها البعض، وفي الكثير من الحالات تتلامس. بهذه الطريقة تنتقل حبيبات اللقاح بسهولة من الأسدية إلى المياسم.
مقابل ذلك، في النباتات التي تُلقَّح بالتلقيح الغريب، يجب أن تقطع حبيبات اللقاح مسافة أكبر، تصل أحيانًا إلى كيلومترات كثيرة. لأنّ النباتات لا تستطيع التحرّك من مكانها، فإنّها تحتاج إلى عامل معيّن، "رسول" ينقل حبيبات اللقاح من نبتة إلى أخرى. هذا الرسول يمكن أن يكون حيوانًا (الحشرات مثلاً) أو الرياح أو الماء. في التلقيح الغريب أيضًا، هناك ملاءمة بين صفات الأزهار "والرسول" الذي ينقل حبيبات اللقاح.
في البلاد، معظم ملقّحات النباتات البرّية هي الحشرات: النحل والخنافس والفراش والذباب. هذه الأزهار هي أزهار ملوّنة أو تنبعث منها رائحة، وبهذه الطريقة تجذب الحشرات إليها.
من المهمّ التنويه: الملقّحات لا تصل إلى الأزهار بقصد تلقيحها، وإنّما تنجذب إليها بسبب ألوانها أو شكلها أو رائحتها، وفي أغلب الأحيان تجد الملقّحات في الأزهار مقابلاً وهو الغذاء: الرحيق و/ أو مسحوق تغذية. أثناء جمعها للغذاء، تلتصق حبيبات اللقاح بجسمها، وبهذه الطريقة تنقلها من زهرة إلى أخرى. عادةً تكون حبيبات اللقاح خشنة (ويمكنها الالتصاق بجسم الحشرات) والمياسم لاصقة (يمكنها الإمساك بحبيبات اللقاح، التي وصلت ملتصقة بجسم الملقّح).
الأزهار التي تُلقّح بواسطة الرياح تكون عادةً صغيرة ولونها يميل إلى الخضرة وجميعها عديمة الرحيق والرائحة. لكونها غير ملاءمة لجذب الحشرات وتلقّح بواسطة الريح، فإنّ أسديتها ومياسمها بارزة جدًّا خارج الزهرة، وتكون المياسم كبيرة ومتفرّعة جدًّا. حبيبات اللقاح خفيفة وملساء، ولهذا تكون احتمالات طيرانها في الهواء كبيرة، ويمكن للمياسم الإمساك بها. النباتات التي تُلقّح بواسطة الرياح تُنتِج كمّيات هائلة من حبيبات اللقاح، لأنّ الرياح تنشر الحبيبات في كلّ الاتّجاهات، وليس  فقط باتّجاه الزهرة . لذلك تصل كمّية قليلة من حبيبات اللقاح إلى مياسم الأزهار والتي يمكنها المشاركة في الإخصاب.
مرحلة الإخصاب
الإخصاب في النباتات داخلي: يحدث داخل الأعضاء التناسلية الأنثوية- داخل مبيض الزهرة. كيف يحدث الإخصاب؟
عندما تهبط حبيبات اللقاح على الميسم، يجب على الخلايا المنوية التي داخلها أن تتحرّك نحو البويضات التي داخل المبيض. رأينا أنّ الخلايا المنوية عند الحيوانات تتحرّك بواسطة أسواط، لكنّ الخلايا المنوية عند النباتات ذات الأزهار عديمة الأسواط. إذًا، كيف تصل إلى البويضات؟ تتحرّك الخلايا المنوية في الجهاز التكاثري الأنثوي للزهرة بطريقة مغايرة: حبيبات اللقاح التي على ميسم الزهرة تُنبِت فرعًا دقيقًا يسمّى أنبوب اللقاح. يكبر أنبوب اللقاح ويستطيل عن طريق القلم باتّجاه المبيض، والخلايا المنوية تتحرّك داخله. عندما يصل طرف أنبوب اللقاح إلى المبيض، تخرج الخلايا المنوية منه وتتحرّك نحو البويضات وعندها يحدث الإخصاب. كما يحدث في الحيوانات، كذلك في النباتات تتكوّن لاقحة يتطوّر منها الجنين.
من المهمّ ذكره أنّه يمكن أن تصل إلى زهرة معيّنة حبيبات لقاح من أزهار من أنواع مختلفة، لكنّ نبت أنبوب اللقاح باتّجاه مبيض الزهرة يحدث فقط بين نباتات من نفس النوع (species). سائل الميسم يثير نبت أنبوب اللقاح فقط في حبيبات اللقاح التي مصدرها من نفس النوع.

تدخّل الإنسان في الإخصاب
الوسائل التكنولوجية المتطوّرة تمكّن الإنسان من التدخّل في عمليات الإخصاب وحلّ المشاكل التي تظهر في إخصاب الحيوانات والنباتات والإنسان نفسه.
الإخصاب في الأنابيب (أطفال الأنابيب)
هناك أزواج يعانون من العقم، لا يستطيعون إنجاب أطفال لأسباب مختلفة. بعض مشاكل الخصوبة تتعلّق بالرجل، والبعض الآخر- بالمرأة. أحيانًا يمكن إعطاء المرأة أدوية تحوي هورمونات تشجّع نضج البويضات، وبذلك تُحلّ المشكلة.
في الحالات الأكثر شدّة، يستعينون بالإخصاب خارج الجسم، الذي يسمّى أيضًا الإخصاب في الأنابيب أو الإخصاب الاصطناعي. في هذه الطريقة، يضخّون بويضات من المرأة ويؤدّون بها إلى اللقاء مع خلايا منوية في أنبوب اختباري، في شروط ملائمة. بعد الإخصاب ينمّون الجنين في المختبر لوقت قصير، ومن ثمّ يزرعونه في جسم المرأة ويتيحون له مواصلة التطوّر بشكل طبيعي داخل رحم المرأة.
من المعتاد زرع عدّة أجنّة في رحم المرأة، لأنّ الرحم لا ينجح في استيعابها جميعًا لمواصلة التطوّر. لكن في الكثير من الحالات، ينجح الرحم في استيعاب أكثر من جنين واحد، والنتيجة: حمل لتوأمين أو أكثر. في الحالات التي يُنتِج فيها الرجل كمّية قليلة من الحيوانات المنوية أو جودة الخلايا المنوية منخفضة جدًّا (على سبيل المثال، قدرتها على الحركة مصابة) يمكن الاكتفاء بخلية منوية واحدة وحقنها مباشرةً داخل البويضة، للحصول على اللاقحة.
إحدى أفضليات الإخصاب خارج الجسم هي أنّها تمكّن القيام بتشخيص وراثي قبل التجذير: يمكن فحص المادّة الوراثية للجنين قبل زرعه في رحم المرأة. بهذه الطريقة يمكن الكشف إذا كانت الأجنّة تحمل جينات مصابة والتي من الممكن أن تؤدّي إلى أمراض وراثية صعبة واختيار الأجنّة التي لا تحمل جين المرض.
تكنولوجية الإخصاب خارج الجسم تحمل في طيّاتها أيضًا مشاكل أخلاقية. على سبيل المثال، يمكن إنتاج "أطفال حسب الطلب"، يتحلّون بصفات مرغوب فيها كالمظهر الخارجي أو الجنس المطلوب (ولد أو بنت). يمكن أن تكون لهذه الإمكانيات أبعاد كبيرة على تركيبة المجتمع البشري وعلى أدائه الوظيفي.
الإخصاب خارج الجسمي عند الأبقار
عندما يرغبون في تحسين قطعان الأبقار (للحصول على الحليب أو اللحم)، يختار مربّو الأبقار في البلاد ثيرانًا وبقرات "متميّزة" للإخصاب: يُخصبون البقرات المختارة في القطيع بخلايا منوية من الثيران المختارة، أو يضخّون البويضات من البقرات ويخصبونها (في إخصاب خارج الجسم ) في شروط مختبرية بالخلايا المنوية التي تمّ جمعها من الثيران المختارة. ثمّ يزرعون الأجنّة التي يحصلون عليها في رحم بقرات متبنّية. توجد في البلاد عدّة إناث وذكور "متميّزة"، والتي هي أباء جميع قطعان الأبقار في البلاد تقريبًا!
التلقيح الاصطناعي في النباتات
يتمّ التلقيح الاصطناعي بواسطة الإنسان (وليس بواسطة الحشرات أو الرياح). ينقل الإنسان حبيبات لقاح من زهرة إلى أخرى، لزيادة نجاعة الإخصاب أو لإتاحة لقاء بين حبيبات لقاح من مصدر معيّن مع مياسم أزهار أخرى. يقومون بهذا الإخصاب كثيرًا في زراعة النخيل والفستق، ويتمّ بحثه أيضًا في أشجار اللوز.         

Post a Comment

Previous Post Next Post