المنظومة البيئية والزراعية والاقتصادية
في الوطن العربي : نظرة شاملة
يمتد الوطن العربي من الخليج العربي شرقاً إلى
المحيط الأطلسي غرباً وذلك بين خطي العرض 12 درجـة جنوب خط الاستـواء و
37 درجة شمال خط الاستواء ، وبين خطي طول 60 درجة شرقاً و 17 درجة غربا. يقع
الوطن العربي في جنوب غرب آسيا وشمال و شرق افريقيا ويمتد فوق مساحة 14.1 مليون
كم2 وهي تمثل حوالي
10.8% من مساحة العالم . وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية نحو 675 مليون هكتار تمثل
حوالي 4.5% من جملة مساحة الأراضي الزراعية في العالم . وبالإضافة
لموقعة الاستراتيجي ومساحته الواسعة وانتشاره الممتد ، فإن الوطن العربي مليء
بالمناخات المتنوعة التي انعكست على التنوع الوراثي النباتي وعلى النشاط الزراعي
من محصولات متعددة وأنظمة زراعية مختلفة . ويتوزع نمط استغلال المساحة المزروعة
إلى مساحة للزراعات الموسمية المطرية وأخرى للزراعات الموسمية المروية وثالثة
للزراعات المستديمة . هذا و في عام 2000
بلغت هذه المساحات 7.2 مليون هكتار للمحاصيل المستديمة و 33.0 مليون هكتار
للمحاصيل الموسمية المطرية و 9.5 مليون هكتار للمحاصيل الموسمية المروية و 15.2
مليون هكتار جملة المساحة المتروكة في ذلك العام (شكل رقم 1-1) .
1-1 الاقاليم البيئية :
يقسم الوطن العربي من الناحية البيئية إلى عدة أقاليم
بيئية وذلك بناء على كمية الأمطار وطبيعة النباتات الموجودة فيها إلى الأقسام
التالية :
1-
منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط :
توجد هذه المنطقة في أجزاء من عدد من الأقطار العربية وتتميز بارتفاع
يتفاوت بين 175 و 500 م فوق سطح البحر بمعدل حرارة تتراوح بين 15 ْ و 25 ْم ، وتهطل الأمطار بوحدات تتراوح بين
400 و 1000 ملم سنوياً .
2-
منطقة شبة الصحراء العربية : تشمل هذة المنطقة عدة مناطق في حوض البحر الأبيض
المتوسط ، وتمتد حتى مناطق الصحاري العربية ويتراوح الارتفاع فيها بين 500 و 700م وتبلـغ درجات الحـرارة فيها بين 5 ْ و 25 ْ
م ومعـدل الأمطـار السنـوي مابين ْ50 و
150ملم.
3- منطقة الصحاري العربية : تغطي هذه المنطقة أكثر
من 75% من مساحة الوطن العربي وتتميز بأنها منبسطة وبها جبال صغيرة على شكل نتوءات
وتصل أحياناً إلى ارتفاعات عالية نتيجة لثوران براكين في العصور الجيولوجية
القديمة. ويتراوح الارتفاغ فيها ما بين 500 و 1800 م عن سطح البحر ويتراوح معدل الأمطار
في هـذه المنطقة ما بين 0 و 150 ملم سنوياً بينما تتراوح درجات الحرارة ما بين 5 ْ
و 15م° كحد أدنى و 15-50 م° كحد أعلى .
4- المنطقة الاستوائية (السوداني الديكاني ،
ألسافانا) : تتألف نباتات هذه المنطقة من بيئات متنوعة وهي غنية جداً في مجموعاتها
النباتية. مناخ هذة المنطقة يمتاز بالحرارة المرتفعة طوال العام وبأمطارها الصيفية
الغزيرة ويمكن تقسيمها الى قسمين هما :
ا-
منطقة السفانا الغنية : ويتراوح مـعدل الأمطار فـي هـذه المنطقة ما بين
600-1500ملم لكل سنة. ويقع معظم هذه المنطقة في أجزاء من السودان والصومال .
ب- منطقة السفانا الفقيرة : ويتراوح معـدل الأمطار
في هذه المنطقة ما بين 300-600 ملم لكل سنة. ويقع معظم هذة المنطقة في أجزاء من
السودان والصومال .
1-2 الأقاليم الجغرافية والمساحات الزراعية :
يقع
الوطن العربي بين أقاليم بيولوجية متعددة ساعد ذلك على أن يضم بكثير من الكائنات
الحية ويزيد من مخزونها الكبير من الموارد الوراثية ، ونتيجة للتفاعل والتمازج بين
الكائنات في المناطق الطرفية فقد نشأت أنواع جديدة واختلافات لم تكن موجودة ،
وكذلك فإن الاختلافات المناخية في داخل الوطن العربي ساعدت أيضاُ على كثرة هذه
التباينات الوراثية الحيوية ، ومما لا شك فيه ان الموارد الوراثية النباتية تأثرت
بإضطراد نتيجة لهذا التباين في المناخ بين الأقاليم المختلفة في الوطن العربي كما
تأثر النشاط الزراعي من حيث المساحات المزروعة والمحاصيل المستخدمة . هـذا وتنقسم
الأراضي الزراعية في الوطن العربي إلى عدة أقاليم هي الإقليم الأوسط وإقليـم
المغـرب العربي وإقليم المشرق العربي وإقليم شبه الجزيرة العربية (جدول رقم 1-1) .
يعتبر الإقليم الأوسط هو أهم أقاليم الوطن
العربي من حيث المساحة المزروعة والتي بلغت خلال التسعينات من القرن المنصرم 19.1
مليون هكتار تمثل حوالي 37.9% من جملة هذه المساحات على مستوى الوطن العربي . ويضم
إقليم المغرب العربي نحو 36.6% من جملة المساحة المزروعة في الوطن العربي تعادل
نحو 18.4 مليون هكتار في المتوسط خلال التسعينات من القرن الماضي . أما في إقليم
المشرق العربي فقد بلغت المساحة المزروعة حوالي 9.9 مليون هكتار في المتوسط سنوياً
ممثلة حوالي 19.7% من نظيرتها على مستوى الوطن العربي ، في حين تمثل المساحات
المزروعة في إقليم شبه الجزيرة العربية أهمية نسبية تقدر بحوالي 5.8% من جملة
المساحة المزروعة على مستوى الوطن العربي وقد بلغت ما يقرب من 2.9 مليون هكتار في
المتوسط خلال عقد التسعينات الماضي . ومما
يجدر ذكره ان هذه الأقاليم غنية بمواردها
الوراثية النباتية نظراً لتنوعات العوامل المناخية بين هذه الأقاليم وفي داخل
الإقليم الواحد .
المصدر : المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، 1997 ،
مشروع تعزيز استخدام الرصد الجوي الزراعي في إدارة مياه الري (بتصرف) .
1-3 السكان والزراعة :
بلغت تقديرات جملة سكان الوطن العربي في عام
2000 نحو 282.4
مليون نسمة منهم 140.08 مليون يشكلون سكان الأرياف في الوطن العربي ، إلا أن نسبة سكان
الريف شديدة التباين في الأقطار العربية ، وتعكس إلى حد كبير الأهمية النسبية
للقطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني لكل دولة . ففي أواخر التسعينات من القرن
الماضي (97-1999) وصلت هذه النسبة إلى أعلى مستوياتها (حوالي 85%) في الصومال
وتدرجت في الانخفاض لتصل إلى حوالي 50% في سوريا ووصلت أدنى مستوياتها في الكويت
حيث لم تتجاوز 1% .
1-4 الوضع الاقتصادي الزراعي :
يعتبر القطاع الزراعي المرتكز الرئيسي لاقتصاد
العديد من الدول العربية ، إلا أنه يعتبر القطاع الأقل نمواً ، إذ أن متوسط نصيب
الفرد من الناتج الزراعي على المستوى العام للوطن العربي تراجع في السنوات الأخيرة
بنسبة بلغت 4% حيث تناقص من حوالي 306.90 دولار عام 1999 إلى حوالي 294.70 دولار
عام 2000 ، مقارنة بمتوسط نصيب الفرد في الوطن العربي من الناتج المحلي الإجمالي
سنوياً والذي ارتفع من حوالي 2214 دولار في عام 1998 إلى حوالي 2613 دولار في عام
2000 . هذا وقد
بلغ الناتج المحلي الإجمالي العربي خلال عام 2000 حوالي 705.34 مليار دولار في
حين بلغ الناتج المحلي الزراعي ما يعادل
79.5 مليار دولار وهو ما يعادل فقط حوالي 11% من الناتج المحلي الإجمالي .
يعزى ضعف مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي
إلى تدهور الموارد الطبيعية وانتشار ظاهرة التصحر وتخلف الأساليب الإنتاجية
وانخفاض إنتاج الوحدة المزروعة وإلى غيرها من الأسباب، وهو ما أدى من ضمن ما أدى
إليه إلى زيادة ملحوظة في حجم الفجوة الغذائية في الوطن العربي نتيجة التدني في
إنتاج المحاصيل الزراعية . لقد أخذت قيمة الفجوة الغذائية للوطن العربي اتجاهاً
عاماً متزايداً خلال الفترة 1990-1999 ، إذ بلغ حجم تلك الفجوة نحو 13.32 مليار
دولار سنة 2001 مقارنة بحجمها خلال أوائل عقد التسعينات من القرن الماضي
(1990-1992) حيث بلغ حوالي 10.03 مليار دولار ، وهو ما يعكس معدل نمو سنوي في حجم
الفجوة الغذائية يقدر بنحو 3.3% خلال تلك الفترة وهي نسبة تربو على معدل نمو
السكان . ولعل أبرز الأمثلة على مظاهر تلك الفجوة هو حجم العجز الغذائي في محاصيل
الحبوب والتي تتصدر قائمة مجموعات العجز الغذائي العربي بأهمية نسبية بلغت نحو
48.4% في أواخر التسعينات ، وكذلك تتفاوت الأهمية النسبية لباقي المجموعات
المحصولية في العجـز الغذائي العربـي والتي تشمل ضمن ما تشمـل المحاصيل السكرية
ومحاصيل الخضر والفاكهة.
ان الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة
يمكن أن تلعب دوراً بارزاً في سد هذه الفجوة والنهوض بالقطاع الزراعي عموماً إذا
أحسنت صيانتها وتم تقييمها والاستفادة منها .
1-5 الناتج الزراعي مقارنة بالناتج الإجمالي للوطن
العربي :
بلغ الناتج الزراعي العربي 79.55 مليار دولار
في عام 2000 من جملة الناتج الإجمالي للوطن العربي من نفس السنة (705.34 مليار
دولار) . هذا وتتفاوت مساهمة الأقاليم العربية المختلفة في جملة الناتج الزراعي
العربي ، إذ بلغت في إقليم المشرق العربي (32.5 مليار دولار) ، يليه الإقليم
الأوسط (19.5 مليار دولار) ، ثم إقليم المغرب العربي (16.0 مليار دولار) وأخيراً إقليم
شبه الجزيرة العربية (11.5 مليار دولار) .
1-6
الإنتاج النباتي في الوطن العربي :
بلغ إنتاج الوطن العربي من الحبوب في عام 2000
حوالي 38.5 مليون طن أي ما نسبته (1.9%) من الإنتاج العالمي والذي بلغ 2064.2
مليون طن . وتشكل هذه الكمية من الإنتاج من نسب مختلفة لإنتاج أنواع مختلفة من
الحبوب ، وتراوحت هذه النسب في المتوسط خلال الفترة 1997 إلى 2000 ما بين 45%
للقمح و 17% للذرة الشامية و 14% للأرز و 13% للدخن والذرة الرفيعة و 11% للشعير .
هذا وتتباين المساحات المزروعة لكل من هذه المحاصيل حسب الأقاليم المختلفة (جدول
رقم 1-2) .
المصدر :
المنظمة العربية للتنمية الزراعية (2001) ، الكتاب السنوي للإحصاءات الزراعية
العربية .
بلغت المساحة المزروعة بالحبوب الزيتية في
الوطن العربي 3.0 مليون هكتار في عام 2000 وتتوزع بين محاصيل مختلفة تشمل السمسم
والفول السوداني وزهرة الشمس وفول الصويا . أما المحاصيل البقولية فقد بلغت
مساحتها على نطاق الوطن العربي 1.2 مليون هكتار تتوزع اساساً مابين محاصيل الفول
الجاف والحمص والعدس والفاصوليا الجافة .
أما المحاصيل السكرية على نطاق الوطن العربي
فأهمها قصب السكر وبنجر السكر وبلغت جملة مساحتها حوالي 374.8 ألف هكتار في العام
2000 . تتوزع ما بين 228.09 ألف هكتار لقصب السكر و 146.7 ألف هكتار لبنجر السكر . هذا وتتركز
مساحة قصب السكر في عدد محدود من الأقطار العربية في مقدمتها مصر والسودان ، وكذلك
يزرع بنجر السكر في عدد محدود نسبياً من الأقطار العربية تتوزع في أقاليم المغرب
العربي والمشرق العربي والإقليم الأوسط ولا يزرع في شبه الجزيرة العربية.
وتزرع المحاصيل البستانية من خضر وفاكهة على
نطاق كبير في الوطن العربي . وتتعدد محاصيل الخضر إلا أن أكثرها أهمية من حيث
الإنتاج والاستهلاك تتمثل في كل من الطماطم ، والبطيخ والشمام ، البصل ، الخيار ،
الباذنجان ، الكرنب والبازلاء . هذا وقد بلغت المساحة الكلية للخضر في الوطن
العربي 2.0 مليون هكتار لعام 2000 .
كذلك تتعدد أنواع الفاكهة التي يجري إنتاجها في
الوطن العربي نظراً لتنوع الظروف والعوامل البيئية والمناخية ، غير أن الأنواع
الأكثر أهمية من حيث كمية الإنتاج هى كل من الموالح والتمور والعنب والزيتون
والموز والتفاح والمانجو والرمان والتين .
من بين المحاصيل الصناعية في الوطن العربي يمثل
القطن محصول الألياف الرئيسي ، وقد بلغت مساحته الكلية 702.3 ألف هكتار في عام
2000 كان أغلبها في الإقليم الأوسط (58%)، يليه اقليم المشرق العربي (39%) ثم
مساحات محدودة في كل من إقليم شبه الجزيرة العربية وإقليم المغرب العربي (3%) .
كذلك يعتبر التبغ من المحاصيل الصناعية الثانوية التي تزرع في مساحات محدودة
نسبياً في بعض الدول العربية ، فقد بلغت المساحة الكلية له في الوطن العربي 51.2
ألف هكتار في العام 2000 .
تتعدد أنواع حاصلات الأعلاف الخضراء التي يجري
زراعتها في الوطن العربي ، الا أن غالبية مساحتها توجد في إقليم المغرب العربي
والأوسط ، اذ بلغت المساحة الكلية للأعلاف الخضراء في عام 2000 في الوطن العربي
حوالي 2.6 مليون هكتار توزعت ما بين الإقليم الأوسط (حوالي 1.3 مليون هكتار) يليه إقليم
المغرب العربي حوالي (0.8 مليون هكتار) ، ثم إقليم شبه الجزيرة العربية حوالي (0.4
مليون هكتار) وأخيراً إقليم المشرق العربي حوالي (0.2 مليون هكتار) .
تقدر مساحة المراعي والغابات في الوطن العربي
في عام 2000 بحوالي 405.4 مليون هكتار وهي تتوزع بشكل تقريبي بين ما يقرب من 76.8%
للمراعي ونحو 23.2% للغابات . وبينما تتركز النسبة الأكبر من الغابات (حوالي 78%)
في الإقليم الأوسط وخاصة في السودان والصومال فإن ما يقرب من نصف مساحة المراعي
تكاد تتركز في إقليم شبه الجزيرة العربية .
Post a Comment