التكيف بحسب المناطق المختلفة من العالم
يختلف التعرض للتغير المناخي بحسب المناطق، وبالنسبة للسكان
في كل منطقة. ويؤدي الاختلاف في مناخ كل منطقة، والتغير المناخي المتوقع إلى تعرض
متباين للتحريض المناخي. وتتفاوت النظم الطبيعية والاجتماعية في خصائصها ومصادرها
ومنظماتها من منطقة لأخرى. ولذا فإن تعرضها للضغوط يعطي حساسيات وتكيفات مختلفة.
وحتى ضمن المنطقة الواحدة، يوجد تفاوت في تأثرها وتعرضها وقدرتها على التكيف. ومع
ذلك فستتأثر كل المناطق في العالم بالتغير المناخي، ولكن بصورة مختلفة، وبشدة
متفاوتة. ويعطي الجدول (5) لمحة مختصرة عن المشاكل الرئيسة الخاصة بكل منطقة من
العالم. ويتعرض بعض هذه المناطق للتغير المناخي أكثر من بعضها الآخر، بسبب تعرضها
الفيزيائي لعوامل المناخ، أو بسبب قدرتها المحدودة على التعامل معه. إن معظم مناطق
الدول النامية معرضة بشكل خاص، لأن قسطاً كبيراً من اقتصادياتها يقع في قطاعات
حساسة للمناخ، ولأن قدرتها على التكيف منخفضة، نتيجة قلة مصادرها التقنية والمالية
والطبيعية. وعلى سبيل المثال، فإن دول الجزر الصغيرة، والمناطق الساحلية المنخفضة،
معرضة بشكل خاص للعواصف البحرية، وارتفاع مستوى سطح البحر، ولديها قدرات محدودة
على التكيف مع ذلك. وكذلك فإن تأثير تغير المناخ على المناطق القطبية كبير وسريع،
بما في ذلك انحسار الغطاء الجليدي، وانخفاض ثخنه وتفككه. ومن المخاطر في آسيا
وأفريقيا وأمريكا اللاتينية حدوث الفيضانات، والجفاف، وتدهور الأمن الغذائي،
والتهديد الصحي، وفقدان التنوع الحيوي. وحتى في المناطق ذات القدرة الأعلى على
التكيف، كأمريكا الشمالية واستراليا ونيوزيلاندا، توجد مجتمعات مهددة، أقل قدرة
على التكيف، مثل سكان البلاد الأصليين. وفي أوروبا فإن التعرض أكبر في الجزء
الجنوبي منها، وفي المناطق القطبية.
الجدول (5) التعرض للتغيرات المناخية و
قدرة المناطق على التكيف معها (37)
المنطقة التعرض للتغير
المناخي والتكيف معه
أفريقيا - قدرة
الأنظمة البشرية في أفريقيا على التكيف منخفضة لغياب الإمكانات المادية والتقنية.
- مقدار تعرضها للتغير المناخي مرتفع بسبب
اعتماد زراعتها على المطر وبسبب تكرر الفيضان والجفاف والفقر.
- يتوقع انخفاض محصول القمح وكذلك الأمن
الغذائي وخاصة في الدول الصغيرة المستوردة للغذاء.
- الأنهار الرئيسة في أفريقيا حساسة جداً
للتغير المناخي وسيتناقص توفر المياه في دول البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا
الجنوبية.
- التوسع الجغرافي لحوامل الأوبئة سيؤثر
سلباً على الصحة العامة في أفريقيا.
- ستتفاقم مشكلة التصحر بسبب انخفاض الهطول
السنوي والدفق السطحي ورطوبة التربة خاصة في شمال أفريقيا وغربها وجنوبها.
- زيادة الجفاف والفيضان والحوادث العنيفة
سيزيد الضغط على مصادر المياه والأمن الغذائي والصحة العامة والبنى التحتية ويؤثر
على التنمية.
- من المتوقع اختفاء العديد من أصناف
النباتات والحيوانات وسيؤثر ذلك على معيشة سكان الريف والسياحة والتنوع الحيوي.
- سيؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر سلباً على
مناطق في غينيا والسنغال وغامبيا ومصر وعلى الشاطئ الشرقي الجنوبي من أفريقيا.
آسيا - قدرة الأنظمة
البشرية في الدول النامية على التكيف منخفضة وقابليتها للتأثر عالية بينما قدرة
الدول المتقدمة أفضل.
- ازدادت الحوادث العنيفة في المناطق
الاستوائية والمعتدلة من آسيا بما في ذلك الفيضان والجفاف وحرائق الغابات
والأعاصير الاستوائية.
- إن نقص الإنتاجية في الزراعة وتربية
الحيوان بسبب ضغوط الحرارة والماء وارتفاع مستوى البحر والأعاصير والفيضان سيقلل
من الأمن الغذائي في عدد من الدول بينما تتوسع الزراعة في شمال آسيا.
- ربما تتناقص المياه في المناطق الجافة أو
شبه الجافة في آسيا وتزداد في شمال آسيا.
- تزداد الوفيات بسبب التعرض لحوامل الأوبئة
وبسبب موجات الحر.
- ستؤدي الأعاصير وارتفاع مستوى البحر
والفيضانات إلى إزاحة ملايين الناس من المناطق الساحلية المنخفضة في آسيا
الاستوائية وشبه الاستوائية.
- سيؤدي تغير المناخ إلى زيادة الطلب على
الطاقة وخفض السياحة والتأثير على النقل.
- سيتفاقم الخطر على التنوع الحيوي وتغير
استعمال الأراضي وسيؤثر ارتفاع البحر على المانغروف والحيد المرجاني.
استراليا
ونيوزيلاندا - قدرة
النظم البشرية على التكيف عالية مع وجود مجموعات من سكان البلاد الأصليين بتكيف
منخفض في بعض المناطق في استراليا و نيوزيلاندا.
- ربما هناك تأثير ايجابي للتغير المناخي
وثنائي أكسيد الكربون في البداية على بعض المحاصيل ولكنه سيتغير مع ازدياد التغير
المناخي لبعض المحاصيل وفي بعض المناطق.
- سيكون الماء قضية هامة بسبب توقعات الجفاف
فوق معظم المناطق والتغير إلى حالة أشبه بالنينو.
- زيادة في شدة الهطول المطري والعواصف
الاستوائية وتغير تكرارها مما يؤثر على الممتلكات والنظم البيئية والحياة الناجمة
عن الفيضانات والعواصف والرياح.
- تتهدد بعض الأصناف التي تعيش في أماكن خاصة
بها بسبب عدم قدرتها على الهجرة نتيجة تقسيم الأراضي واختلاف التربة أو طبوغرافية
المنطقة وقد تنقرض.
- إن المناطق المهددة في استراليا هي الحيد المرجاني،
والمناطق الجافة أو شبه الجافة داخل استراليا، أو في الغرب الجنوبي منها. وكذلك
فإن الأراضي الرطبة في المناطق الساحلية في استراليا ونيوزيلاندا مهددة، كما أن
بعض النظم البيئية في نيوزيلاندا معرضة لاجتياح سريع للأعشاب.
أوروبا - القدرة على
التكيف في أوروبا مرتفعة عموماً، لكن المناطق الجنوبية والقطبية أكثر عرضة للتأثر.
- من المحتمل حصول نقص في توفر الماء ورطوبة
التربة والدفق السطحي في الصيف في جنوب
أوروبا، وتوسع الفوارق بين شمال أوروبا وجنوبها، ومن المحتمل زيادة الهطول شتاء في
الشمال والجنوب.
- يمكن لنصف الجليد في الألب ومناطق التجمد
أن يختفي، مع نهاية القرن الحادي والعشرين.
- سيزداد خطر فيضانات الأنهار عبر أوروبا،
وسيزداد خطر الفيضانات واهتراء التربة وفقدان الأراضي الرطبة في المناطق الساحلية،
مما يؤثر على السكن والصناعة والسياحة والزراعة فيها.
- ستكون هناك بعض الآثار الإيجابية على
الزراعة في شمال أوروبا، لكن الإنتاجية ستنخفض في جنوب أوروبا وشرقها.
- سيحصل انزياح في مناطق التنوع الحيوي نحو
الشمال، وإلى أعالي المرتفعات. وسوف تنقرض بعض الأنواع التي تعيش في الأراضي
الرطبة والتندرا والمناطق المعزولة.
- قد يغير ارتفاع درجة الحرارة وموجات الحر
من السياحة في الصيف، وقد يؤثر تناقص الغطاء الثلجي على السياحة الشتوية.
أمريكا اللاتينية -
القدرة على التكيف منخفضة، وعلى الأخص تجاه حوادث الطقس العنيف والتعرض لها كبير.
- يؤثر فقدان الغطاء الجليدي على إمدادات
المياه.
- تصبح الفيضانات والجفاف أكثر تكراراً، وترسب الفيضانات الطمي، وتؤثر على نوعية
المياه.
- زيادة شدة الأعاصير الاستوائية تسبب مخاطر
للحياة، والأملاك والنظم البيئية من الهطول القوي والفيضان والأعاصير والرياح.
- ينخفض مردود المحاصيل في مناطق عدة، على
الرغم من زيادة تركيز ثنائي أكسيد الكربون. وهناك خطر على طرق الزراعة القديمة في
أمريكا اللاتينية.
- يزداد خطر انتشار الأمراض باتجاه القطب،
ومع الارتفاع، والتعرض لأمراض محمولة مثل الملاريا والكوليرا وغيرها.
- يؤثر ارتفاع مستوى البحر سلباً على السكان،
وعلى البنى التحتية في المناطق الساحلية وعلى مناطق المانغروف.
- يتسارع معدل فقد التنوع الحيوي.
أمريكا الشمالية -
التعرض للتغير المناخي منخفض في أمريكا الشمالية، والتكيف معه جيد، لكن هناك تعرض
لمجتمعات السكان المحليين، وأولئك الذين يعيشون في مناطق حساسة للتغير المناخي.
- تستفيد بعض المحاصيل من دفء معتدل مع زيادة
CO2. لكن هذا يختلف
حسب المحصول، والمناطق مع نقص المحاصيل بسبب الجفاف في منطقة البراري الأمريكية.
وربما كانت هناك ميزة إيجابية في نمو المحاصيل والغابات في مناطق باردة من كندا.
لكن هذا لن يستمر مع زيادة الاحتباس الحراري المستمرة.
- سيؤدي الذوبان المبكر للجليد في غرب شمال
أمريكا إلى جريان مبكر للينابيع، ونقص في
الدفق الصيفي، وانخفاض مستوى البحيرات.
- ستتهدد الأنظمة البيئية الفريدة مثل
البراري الرطبة، والتندورا الألبية، ونظم المياه الباردة، ومن غير المحتمل التكيف
مع هذه التغيرات.
- سيؤدي ارتفاع مستوى البحر إلى زيادة اهتراء
الشاطئ، والفيضان وفقدان الأراضي الرطبة الساحلية، وزيادة المخاطر من اندفاع
الأعاصير، وخاصة في فلوريدا ومعظم الساحل الأطلسي.
- زيادة نفقات التأمين والمساعدات الحكومية
في حالة الطوارئ.
- قد يتوسع مجال انتشار بعض الأمراض المحمولة
مثل الملاريا والحمى.
القطبان الشمالي
و
الجنوبي -
الأنظمة الطبيعية في القطبين شديدة التعرض للتغير المناخي، ولها قدرة منخفضة على
التكيف معه. ومن المحتمل تكيف المجتمعات المتطورة، أما المجتمعات التقليدية
فقدرتها ضئيلة.
- يتوقع أن يكون التغير المناخي في القطبين
هو الأكبر على سطح الأرض، وسيكون له تأثير فيزيائي وبيئي واقتصادي واجتماعي كبير.
- تجلت تأثيرات التغير المناخي في تناقص
الغطاء الجليدي، وحت الشواطئ، وتغير في ألواح الجليد ورفوفه، وتغير في توزع
الأصناف الحية ووفرتها.
- قد تتكيف بعض النظم البيئية بالاستبدال
النهائي من خلال هجرة الأصناف، وتغير تركيبة الأنواع، وربما بزيادة الإنتاجية
الكلية. وقد تتأثر أطراف الجليد التي توفر المأوى للأنواع الحية.
- تقدم المناطق القطبية محفزات هامة لتغيير
المناخ. وعندما تنطلق فقد تستمر لقرون، حتى بعد ثبات تركيز غازات الدفيئة، وتؤثر
بشكل دائم على صفائح الجليد، ودوران المحيط الأرضي، وارتفاع سطح البحر.
دول الجزر الصغيرة -
قدرة السكان على التكيف منخفضة، وتعرضهم مرتفع، وقد تكون هذه الدول أكثر دول
العالم تعرضاً للتغير المناخي وتأثراً به.
- سيؤدي توقع ارتفاع مستوى البحر بمعدل 5 مم
في العام في الـ100 عاماً القادمة إلى
اهتراء الشاطئ، وضياع جزء من الساحل، وانزياح السكان نحو الداخل، وزيادة الخطر من
الأمواج والعواصف البحرية، وققدان مناعة الأنظمة الساحلية، وانسياب مياه البحر
المالحة على المياه العذبة، والكلفة العالية للتكيف مع هذه التغيرات.
- تتأثر الجزر الفقيرة بالمياه العذبة بشكل
أكبر.
- يؤثر ارتفاع تركيزCO2 على فقد الكالسيوم في الحيد المرجاني، وبالتالي
ابيضاضها. ويؤثر ارتفاع درجة الحرارة ومستوى البحر على المانغروف وحشائش قاع
البحر، وتنوعها الحيوي.
- يؤثر تناقص التنوع الحيوي في الساحل على
مصائد الأسماك والصيادين وعلى توفر الغذاء البحري.
- تتأثر الزراعة سلباً لعدم وفرة الأراضي
القابلة للزراعة، وتملح التربة سواء لتأمين الغذاء محلياً أم لتصدير المحاصيل.
- تتأثر السياحة التي تشكل مصدراً هاماً
للعملة الصعبة في هذه الدول سلباً بهذه التغيرات.
التأمين
والخدمات المصرفية
ازدادت تكاليف التأمين بشكل كبير ضد مخاطر الطقس العادي
والعنيف، خلال العقود القليلة الماضية. وقد تضاعفت الخسائر الاقتصادية
العالمية من الحوادث المناخية الخطرة بـ 10.3 مرة من 3.9 بليون دولار في العام في
الخمسينات، إلى 40 بليون دولار في التسعينات. وكان حوالي ربع هذه الخسائر في الدول
النامية. لقد ارتفعت الحصة المؤمن عليها من هذه الخسائر من مستوى ضئيل، إلى 9.2
بليون دولار خلال الفترة ذاتها. وتتضاعف الخسائر الكلية إذا أخذت الحوادث المناخية
الأقل، وغير الكارثية في الحسبان. ويشكل التكيف للتغير المناخي تحديات معقدة لنظام
التأمين والمصارف، كما أنه في الوقت نفسه يقدم فرصاً جيدة. ويمكن دعم التكيف بتشجيع
خطط الحماية من الكوارث وبرامج منع الهدر، وتحسين أساليب البناء، وتطوير استخدام
الأراضي. وسيكون تأثير التغير المناخي في الدول النامية أكير، وخاصة في تلك الدول
التي تعتمد على إنتاج المحاصيل الزراعية. وقد تفقد بعض هذه الدول حتى نصف دخلها
القومي الإجمالي، نتيجة حالة واحدة. ويمكن تحسين تكيف هذه الدول مع التغير المناخي،
بتوسيع التأمين وتسهيله، وتمويل المشاريع الصغيرة، وإنشاء مصارف لتمويل التنمية.
بلغ عدد هذه
الكوارث عام 2007 حوالي الألف وبالتحديد 950، وهو ما لم تسجله يوماً تقارير
المجموعة الألمانية، التي تعد هذه الأحداث بانتظام منذ عام 1974. لكن الدراسة لفتت
النظر إلى ارتفاع الكلفة المالية للكوارث الطبيعية. وقد جاءت بعد أسبوع على نشر
تقرير الشركة الأولى عالمياً في إعادة التأمين «سويس ري». لقد بلغت الكلفة 75
مليار دولار، بما فيها 30 ملياراً تكبدها قطاع الضمان، مما يشكل ارتفاعاً كبيراً
مقارنة بالعام 2006، حيث بلغ إجمالي قيمة الأضرار 50 ملياراً، بينها 15 ملياراً
على مجموعات الضمان. أما عدد القتلى فقد شهد تراجعاً عام 2007 وبلغ حوالي 15 ألفاً
أي أقل بخمسة آلاف. وكالعادة دفعت الدول الفقيرة والنامية الثمن الأكبر، ولا سيما
في آسيا حيث قتل أكثر من 11 ألف شخص، وشهدت الصين والهند وبنغلادش فيضانات مدمرة.
إرسال تعليق