افكار دراوين
يرى أرنست ماير (Ernest Mayer) أستاذ فخرى لكرسى الكساندر أجاسيز فى جامعة
هارفارد : أن التطور حقيقة لا يشك فى صحتها أى مثقف، ويعتبر النظرية تلك حقيقة
محضة، ويزعم السيد أرنست أن معظم أطروحات دارون الخاصة قد أصبحت مؤكدة ، كتلك التى
تتعلق بالتحدُر المشترك ، وتدرج التطور ، وبنظريته التوضيحية للانتقاء الطبيعى .
وسوف أوضح بعون من الله كذب إدعاء أرنست ماير فى ضوء دراسة شجرة الحياة المتخيلة
حديثا والتى تنفى بصورة قاطعة سخافة السلف المشترك(Common Ancestor), وأيضا فى ضوء أرشيف الحياة القديمة- الأحافير- التى
تنفى وجود حلقات وسطى ، الأمر الذى يذهب بفرضية التطور أدراج الرياح، بالإضافة إلى
عبثية ما يسمى بالانتقاء الطبيعى. وفى وضوح لا لبث فيه يظهر الهدف الأول والأخير
من وراء نظرية التطور ألا وهو انكار حقيقة الخلق، نجد ذلك فى قول ماير : (ربما كان أعظم اسهامات دارون
إيجاده مجموعة من خلال التطور من دون اللجوء إلى ما فوق الطبيعة(Supernaturalism . كما
أن أرنست ماير وهو من علماء تاريخ البيولوجيا التطورية, يرى أن التطور غير قائم على قوانين بل
ينبى على مفاهيم. حقا إنه الهوى والظن, ولكن الظن لا يغنى من الحق
شيئاً. وفى دارون وماير وأتباعهما يصدق قول الحق تعالى: ﴿ ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ويتبع
كل شيطان مريد * كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير﴾ (الحج 3-4), وقوله أيضا: ﴿
ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا
كتاب منير * ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله له فى الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة
عذاب الحريق﴾
(الحج: 8-9),
وقوله سبحانه: ﴿
أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا﴾ (الفرقان : 43), وقوله: ﴿ فإن لم يستجيبوا لك فاعلم
أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين﴾ (القصص: 50). وأصدق ما يقال فى
دعاة الإلحاد من العلمانيين والدارونيين هو قول رب العالمين: ﴿
أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون * وقالوا ما هى
إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا
يظنون ﴾ (الجاثية
: 23-24).
ولم يكن دارون سوى
عالما لبس
ثوباً من أثواب كهان معبد أصنام قوم إبراهيم ، وكان مستعدا أن يسخر علم الحياة ليخلع على
الإلحاد ثوب العقلانية. ولا توجد فى تاريخ البشرية نظرية بلا سند تم الترويج لها
مثل نظرية دارون.
وكلمات الجيولوجى داوسون (J.W.
Dawson) أعجب من قول أرنست مايرالسابقة حيث يقول: (التطورية لا تترك أى مجال للخوارق،
فالأرض وسكانها لم يخلقوا كما هم بل تكونوا بالتطور). ومصدر عجبى أنه قال كلماته
القاطعة تلك فى الذكرى المئوية للدارونية دون أن يدرك حالة الشك التى أحاطت بصاحب
الذكرى غير المأسوف
عليه وعلى نظريته حيث يقول دارون ذاته (إذا كانت الأنواع تنحدر من أنواع
أخرى بتدرج بطئ وغير محسوس، فلماذا لا نجد كثيرا من المخلوقات الانتقالية بين
النوعين؟ لماذا لا يوجد شئ فى الطبيعة فى حالة مشوشة؟ لماذا لكلٍ من ألأنواع شكل
ووصف محدد؟ ٍلماذا
لا نجد باستمرار على قشرة الآرض بقايا هذه الأشكال الانتقالية العديدة التى لا
تنفى فرضية التطور وجودها؟).
والجواب على تساؤلات دارون غاية فى
البساطة لسببين : أولا لخطأ فرضية تحدر الأنواع الجديدة من أنواع
أخرى ، وبالتالى لا توجد حلقات وسطى إلا فى عقل الدارونيين؛ سواء القدامى منهم أم الجدد. وثانيا لأن الله خلق
الأنواع كلها خلقا خاصا ، وأحسن خلقها، وهداها لما خلقت له. وهنا تتلألأ كلمات
الحق فى قوله تعالى:
﴿ الذى أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ﴾ (السجدة : 7), وقوله:
﴿ إنا كل شئ خلقناه بقدر﴾ (القمر : 49), وقوله سبحانه: ﴿ الذى خلق فسوى * والذى قدر فهدى﴾ (الأعلى : 2-3).
﴿ إنا كل شئ خلقناه بقدر﴾ (القمر : 49), وقوله سبحانه: ﴿ الذى خلق فسوى * والذى قدر فهدى﴾ (الأعلى : 2-3).
وجميع الصروح التى نسبها أرنست ماير لدارون ليست إلا وهن مثل
وهن بيت
العنكبوت.وما حسبه ماير عن وجوه
اسهامات دارون فى الفكر الحديث ليس الا فكر موغل فى الجهالة والضلالة معا. وتلك هى
النواحى الست التى ذكها ماير:
1- رفض جميع الظواهر والمسببات فوق الطبيعة.
2- ترفض الدارونية فكرة
الثيولوجيا (التنميط).
3- رفض فكرة الكمال المطلق وبالتالى رفض وجود الإله.
4- أعلى دارون من شأن المصادفة والاحتمال ، ونفى مذهب الجبرية.
5- نادى داورن بوجود سلف مشترك (Common descent) .
6- هيأ دارون كما يزعم أرنست ماير أساسا علميا للأخلاق ! (مع العلم بأن فرضية البقاء للأصلح
تقوم على الأنانية).
وفيما يلى نقض لنظرية دارون ، مبتدئا بما يسمى بشجرة الحياة والسلف
المشترك بعد الاشارة الى أصل الحياة.
إرسال تعليق