حقائق الخلق فى الإسلام
الحقيقة الأولى - الله هو الحق وما دونه باطل: الله هو الحق ، ومن ثم فهو أحق أن يعبد، وإن لم يتبع الحق فليس هناك إلا الضلال.
والباطل زاهق والحق باق . تلك المعانى هى آيات محكمات فى كتاب الله
فى قوله تعالى:﴿ ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو
العلى القدير﴾ (الحج : 63) و﴿ما خلق الله ذلك إلا بالحق
يفصل الآيات لقوم يعلمون﴾(يونس : 5) و﴿ فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فانى تصرفون﴾ (يونس : 32) و﴿ أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى ... ﴾ (يونس: 35) و﴿ إن الظن لا يغنى من الحق
شيئا إن الله عليم بما يفعلون﴾ ( يونس : 36) و﴿ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما
تصفون ﴾ (الأنبياء: 18) و ﴿ بل
أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ﴾ ( الأنبياء : 24) و﴿ والله
يقضى بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشئ إن الله هو السميع البصير﴾ (غافر: 20) و﴿ويمحق الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور﴾ (الشورى : 124)
ومن ثم فإن الإدعاء بأن الطبيعة تصطفى إدعاء باطل, لأنه يناقض الحق الذى يخلق ما يشاء ويختار . والإدعاء بحدوث التطور وفق آليات قائمة على الظن باطل يبعد الناس عن
فهم قدرة الله المطلقة. وبناءا عليه, فإن التطور أو الانتقاء الطبيعى باطل من وجهة نظر العلم والشرع.
وأيضا ما سوف يستحدث من تجديد للفكر التطورى القديم سيكون باطلا, طالما أنه بعيد عن الله.
الحقيقة الثانية - الله هو الخالق: الله تعالى هو الخالق ، وغيره عاجزون عن خلق أى حياة . سبحانه وتعالى فاطر يخلق من غير أصل, وغيره يحتاجون إلى أصول لم يأتون بها من عندهم. تلك المعانى تؤكد
عليها بشدة آيات القرآن الكريم فى قوله تعالى: ﴿ ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل ﴾ (الأنعام : 102) و﴿ الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل ﴾ (الزمر : 62) و﴿ هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى... ﴾ (الحشر: 24)
وبما أن كل نوع من الخلائق شئ ، فإذن جميع
الأنواع مخلوقة رغم أنف دعاة التطور ، وعليهم أن يأتوا ببرهانهم إن كانوا صادقين.
والطبيعة لا تخلق ولا تصطفى وليس لها من أمرها شئ ﴿ وربك يخلق ما يشاء ويختار... ﴾ (القصص: 68) . ومشكلة التطوريين أنهم قد تشابه عليهم الخلق: ﴿ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه
الخلق عليهم ... ﴾ (الرعد : 13). ويخبر الحق
تعالى عن عجز البشر عن أن يخلقوا حياة سواء بأنفسهم أو بواسطة ما يتخذونه آلهة من
دون الله. ﴿ يا أيها ضرب مثل فاستمعوا له
إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له.... ﴾ (الحج : 73) و ﴿ والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم
يخلقون ... ﴾ (النحل : 20)
الحقيقة الثالثة- كل شئ خلق بقدر: ظهور الخلائق لا يتم بتجريب ، ولكنه يتم بقدر . وكل شئ خلقه الله بحدود مميزة ، وليس فى خلق الله حلقات وسطى بين الأنواع . يقول الحق تعالى: ﴿
إنا كل شئ خلقناه بقدر﴾ (القمر: 49). و ﴿ الذى أحسن
كل شئ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين﴾ (السجدة : 32).
الحقيقة الرابعة- كل شئ حى من ماء: جميع الأحياء من ماء, هذا ما أخبر به القرآن الكريم فى قوله
تعالى: ﴿ .. وجعلنا من الماء كل شئ حى
أفلا يؤمنون﴾ (الأنبياء : 30). وجميع الدواب مخلوقة من الماء ﴿ والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من
يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على أربع يخلق ما يشاء
ويختار إن الله على كل شئ قدير﴾ (النور : 45)
الحقيقة الخامسة - الزوجية قانون عام: يخبرنا القرآن الكريم أن النباتات والحيوانات ، وكل المخلوقات خلقها
الله أنواعا وكل نوع من زوجين.يقول تعالى: ﴿ سبحان الذى خلق الأزواج كلها مما تنبت
الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون﴾ (يس:36) و﴿ والذى خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون﴾ (الزخرف : 12) و﴿ ومن كل
شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون﴾ (الذاريات : 49)
والحقيقة السادسة- الرزق على الله: رزق جميع الكائنات على الله، وصراع الكائنات سنة ، وليست قوة خلاقة ، والقوى يعيش بجانب الضعيف رغم أنف خدعة :"
البقاء للأصلح".يقول تعالى: ﴿ وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم
مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين﴾( هود : 6). الرازق متكفل بإعاشة وتدبير حياة قرابة 4.5 مليون نوع من الكائن, يتوقع العلماء وجودها على الأرض فى تلك اللحظة ، فكم كان عدد
الأنواع التى تعاقبت على الأرض منذ بدء الخلق. فما بالنا إذن بعدد الأفراد فى تلك الأنواع ، وصدق الله تعالى: ﴿ ما من دابة إلا هو
آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم﴾ (هود:56)
الحقيقة السابعة- تنوع الخلائق: من ينظر إلى التنوع فى البشر ، الذين يعمرون الأرض ، والذين عمروها ،
عليه أن يدرك أن التنوع سمة رئيسيه فى جميع الدواب. وصدق الله حيث يقول: ﴿ وما من دابة فى الأرض ولا
طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى
الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون﴾ (الأنعام : 38).
و﴿ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود * ومن الناس
والدواب والأنعام مختلف ألوانها كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله
عزيز غفور ﴾ (فاطر : 27-28).
الحقيقة الثامنة - والدواب مصنفات: تمكن علماء الأحياء من وضع تصنيف يضم الأحياء والأحافير ، ومن الوارد
أن تضاف مصنفات مستحدثة فى ضوء معرفة ما ليس معلوما اليوم. يقول تعالى: ﴿ والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من
يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شئ قدير﴾ (النور : 45)
الحقيقة التاسعة- الخلق متجدد باستمرار: يشير القرآن إلى تجدد الخلق. يشير الى ذلك قوله تعالى: ﴿ والخيل والحمير والبغال لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون﴾ (النحل : 8) و ﴿ أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرص بقادر
على أن يخلق مثلهم ﴾ (الإسراء: 99) و﴿ وربك يخلق ما يشاء ويختار... ﴾ (القصص : 68) و﴿ ألا له الخلق والأمر تبارك
الله رب العالمين ﴾ (الأعراف : 54) و﴿ إن يشأ
يذهبكم ويأت بخلق جديد... ﴾ (إبراهيم : 19) و﴿ إن ربك هو
الخلاق العليم﴾ (الحجر : 86).
الحقيقة العاشرة - كتاب الخلائق عند الله: سجل العلماء فى أرشيف الحياة الماضية قرابة 000ر250 نوع فقط من
الكائنات ، مع اليقين بأن هذا العدد ليس إلا عينة من السجل الحقيقى للكائنات التى
توالت على الأرض، بالإضافة إلى ما يقرب من قرابة 4.5 مليون نوع من الأحياء
الحالية. وعلمنا عن الماضيين والمحدثين غير مكتمل، والسجل الكامل لا يوجد إلا عند
المحصى المعيد- عند الله تعالى- القائل عز وجل: ﴿ وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا
هو ويعلم ما فى البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين﴾ (الأنعام :59 ) و ﴿ إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا
وآثارهم وكل شئ أحصيناه فى إمام مبين﴾ (يس: 12)
الحقيقة الحادية عشر- تغيير خلق الله
عبث: الله تعالى أحسن خلق كل شئ خلقه، ثم هداه لما خلق. ومحاولة تغيير خلق الله من الظاهر، أو من الباطن
أو منهما معا عبث. وإستخدام تقنيات الهندسة الوراثية فى تغيير جينات الإنسان وغيره
من المخلوقات خسران مبين. ويحذر القرأن من ذلك العبث فى
قوله تعالى: ﴿ إن يدعون من دونه إلا إناثا
وإن يدعون إلا شيطانا مريدا * لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق
الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا* يعدهم ويمنيهم وما
يعدهم الشيطان إلا غرورا﴾ (النساء: 117-120).
الحقيقة الثانية عشر- الخلائق تسجد
لله: كل المخلوقات تسجد لله طائعة أو
كارهة ، والإنسان قد مُيز بالعقل الذى يميز بين البدائل، وحتى المعاندون المنكرون
للخلق تخضع أجهزة أجسامهم للسنن والنواميس التى أودعها الله فيهم ، وصدق الله حيث
يقول لتعالى: ﴿ ولله يسج ما فى السموات وما فى الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون﴾ (النحل:49) و ﴿ ألم تر أن
الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر
والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب﴾ (الحج : 18)
الحقيقة الثالثة عشر- تسخير الكون
للإنسان:
الإنسان من أكرم الخلق على ربه ، خلقه الله وسخر له ما فى الأرض وما فى السموات. وفى هذا الشأن يقول تعالى: ﴿ هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا ثم
استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل خلق عليم﴾ (البقرة : 29) و ﴿ ألم تر أن الله سخر لكم ما فى الأرض والفلك تجرى فى
البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم ﴾ (الحج : 65) و ﴿ وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعا منه إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾ (الجاثية: 13). ويقررالنص القرآنى أن الكون مسخر للإنسان. وإنه لمن إبداعات العلم أن يصل إلى تلك
الحقيقة واحد من أعلم علماء اليوم- وهو الدكتور ستيفن هوكنج مجيبا على سؤال طرحه:
لماذا يكون الكون جد مستو هكذا؟ وتأتى
الإجابة مُصاغة فيما يعرف بالمبدأ الإنسانى (Anthropic
principle" " إننا نرى الكون بما هو عليه لأننا
موجودون" . ودلالة الآيات القرآنية السابقة أشمل
وأعم من الصياغة العلمية لذلك المبدأ ، فكل شئ فى الأرض والسماء قد ضبط ضبطا دقيقا
لنحيى على الأرض.
الحقيقة الرابعة عشر- الحى من الميت
والميت من الحى:إذا كان العلماء منذ زمن بعيد
قد تحدثوا عن انبثاق الأنظمة الحية من جزيئات غير حية كما أشرت من قبل، فإن
الحقيقة أن إخراج الحياة ليس فى مقدور البشر وذلك لسبب وحيد: هو أن الله وحده هو
الذى يهب الحياة . ويتضح هذا بجلاء فى قوله تعالى: ﴿.... وتخرج الحى من الميت
وتخرج الميت من الحى وتزق من تشاء بغير حساب﴾ (آل عمران:27) و﴿ إن الله
فالق الحب والنوى يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ذلكم الله فأنى تؤفكون﴾ (الأنعام: 95) و﴿ يخرج
الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ويحى لأرض بعد موتها وكذلك تخرجون﴾ (الروم : 19)
الحقيقة الخامسة عشر- لكل أمة أجل: الدواب مثل الإنسان تتكون من أمم ، وتتحد كل الأمم (Nations
or varieties) فى صفات النوع، وتتمايز فى الصفات ، مثل اللون
والحجم والمظهر.. الخ ، هذا ما نلحظه من فهم قوله
تعالى: ﴿ وما من دابة فى الأرض ولا طائر
يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون﴾ (الأنعام: 38). والدابة تضم الأفراد . وكل فرد ، وكل أمة الى أجل
محدود. وأجل الفرد فى الدنيا هو فترة بقائه حيا من لحظه مولده حتى تحين وفاته،
وأجل النوع فى الدنيا هى فترة الدوام المحصورة بين أول ظهور له وآخر ظهوره له على
الأرض. وقد تتعد الأسباب والموت واحد، ولكن الأجل محدود. وصدق الله العظيم حيث
يقول: ﴿ ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون﴾ (الأعراف : 34) و﴿ وما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون﴾ (الحجر: 5). والسؤال: هل يستطيع " الإنتقاء الطبيعى"
المزعوم أن يصطفى سلالة ما يُكتب لها الخلود ولا يصيبها الموت؟! لا ولن يحدث ذلك.
والحقيقة السادسة عشر- مآل الحياة إلى الزوال: ينص القرآن الكريم على محدودية الحياة الدنيا، وأن الحياة الدنيا إلى
زوال وفناء، وأن البقاء لله وحده. يقول تعالى:
﴿ كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾ (الرحمن: 26-27)
﴿ لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون﴾ (القصص: 88)
﴿ يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ لمن الملك اليوم لله
الواحد القهار﴾ (غافر :16)
ويوضح القرأن الكريم معالم الاتقلاب الكونى.
﴿ فإذا النجوم طمست * وإذا السماء فرجت﴾ (المرسلات: 8:9)
﴿ وإذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت ﴾: (التكوير: 1-2)
﴿ وإذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت ﴾ (الإنفطار :1-2)
وفى القرأن الكريم وصف لعشرات من
صور الانقلاب الكونى تؤدى إلى نهاية الكون. ويرى العلماء أنه مع ازدياد حجم الكون نتيجة لتمدد الكون ، تقل
الكثافة المتوسطة لمصادر الطاقة العالية، وتستنزف. ويتوقع العلماء أن تصبح المادة
المتاحة مركزة فى تقب أسود، وحينئذ تُطوى السماء وتُقبض الأرض . وصدق الله تعالى
حيث يقول: ﴿ ما قدروا الله حق قدره والأرض والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ (الزمر: 67).
حينئذ ندرك أن الحياة
الدنيا قصيرة جدا يحسبها أهلها يوم القيامة أنها ساعة من نهار. وتمتد حياة البرزخ بعد الموت إلى قيام الساعة. وبعد ذلك تبدأ حياة
الخلود. وعلى من يتمسك بأهداب خيوط الطبيعة الواهنة أن يتذكر أن الطبيعة تلك تفنى
وتزول ، ثم يقف الجميع أمام رب العالمين،
وصدق الله حيث يقول: ﴿ إن كل من السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبداً* لقد أحصاهم
وعدهم عداً* وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً﴾ (مريم : 93-95) و﴿ فأين تذهبون* إن هو ذكر للعالمين﴾ (التكوير : 26-28). وتأتى الحقيقة الأخيرة: ﴿ وإن الدار الآخرة لهى
الحيوان لو كانوا يعلمون﴾ (العنكبوت: 64)
تم بحمد الله ....
Post a Comment