كيف انطلق النشاط البيولوجي
الذي تتمتع به البروتينات ؟؟؟
رأى العلماء بأن بنية البروتينات هي التي أعطت امكانية
انتاج نشاط بيولوجي لهذه البروتينات، بحيث لها الميزات التالية:
1.
أن سلسلة الحموض الأمينية
لم تكن عبارة عن جزيئات متباعدة ،بل على العكس كانت تلتف مشكلة حلزون بحيث تعطي بنية
ثابتة للجزيء أقوى وأقدر على البقاء.
2.
إن هذا الحلزون يمكنه
أن يتكتل على شكل كرية صغيرة بشكل كروي معين يختلف من نمط بروتيني إلى آخر،أي نحن أمام
تخصصية شكلية لكل نوع من البروتينات.
3.
إن هذه الانعطافات في
السلسلة تُجبر المواد المتفاعلة بأن تتجمع في مكان واحد ضمن الكرية أو السلسلة الحلزونية
،وهذا يعني أنه من الممكن اعتبار هذه المنطقة التجميعية سطح منشط بالتماس يتم فيه التفاعلات
بسرعة كبيرة، وتنتج عنه جزيئات لأنماط بروتينية مختلفة عن الأصل.
كيف تشكلت أسلاف الحموض الأمينية ؟؟؟
استطاع العلماء تركيب الحموض الأمينية والأسس الآزوتية
التي تعتبر بغاية الأهمية، وأيضاً قاموا بتركيب الريبوز والريبوز منقوص الأكسجين وهذا
في شروط سابقة للحياة لا تحتوي على أي كائن حي.
كيف استطاع العلماء أن يبرهنوا على تشكيل النيكليوتيد
باللجوء إلى طرق طبيعية دون الكائنات الحية؟؟؟
استطاع العالم بونامبيروما عام 1963 من أن يركب الأدينوزين
بدءاً من مركبات أبسط منه وذلك بوجود الأشعة فوق البنفسجية دائماً.
*المرحلة الأولى: سلّط بونامبيروما الأشعة فوق البنفسجية
على الأدنين مع الريبوز وبوجود سطح منشط (حمض فوسفوري) فحصل على الأدينوزين، ولاحظ
بأن المركب كان يتشكل ببساطة وبسرعة كبيرة.
*في المرحلة الثانية: بدل الحمض الفوسفوري بمركب فوسفوري
جديد و وضعه مع الأدينوزين ومن ثم سلّط على الخليط الأشعة فوق البنفسجية فنتج لديه
الأدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP،
والذي يعد المركب الأهم كمصدر للطاقة في كل التفاعلات الحية.
فيما بعد حصل بونامبيروما تقريباً على جميع النكليوتيدات
التي تصادف في الحموض النووية بدءاً من مركبات موجودة في الوسط وبشروط تشبه الشروط
التي كانت سائدة على الأرض الأولية.
المرحلة التالية كانت تشكيل متعدد النكليوتيد كسلف
للحموض النووية، حيث استطاع العالم أورو عام 1971 تشكيل أو تكثيف النكليوتيدات في محلول
مائي مستخدماً حمض سيان الماء كوسيط للتكثيف، واستخدم أيضاً الصلصال كسطح منشط للتفاعل،
وكانت النتيجة بأنه حصل على على متعدد نكليوتيد بتجمع (5-10) نكليوتيدات، ولكن كان
ترتيب هذه النكليوتيدات بشكل فوضوي غير منتظم ولا يفسر بأي رامزة وراثية.
أي أننا بعيدين عن تحضير أشفاع من النكليوتيدات التي
تشكل قطعة من DNA
مهما
كانت بسيطة حتى أن الجرثومة تشتمل على ما يقارب 5 ملايين من أشفاع النكليوتيدات، أي
أن التجارب كانت هامة بمضمونها ولكنها لم تستطع أن تجعل من هذه المركبات لبنات أساسية
لكائن حي صنعي.
أثبت العلماء بأن المواد التي كانت موجودة بكثرة على
الجو الأولي -والتي اعتبرت أحجار بناء للمادة الحية- كان باستطاعتها أن تتشكل بكميات
كبيرة جداً تحت تأثير الحرارة والاشعاعات وذلك خلال الفترات الأولى من عمر الأرض.
تكاثر الجزيئات... نقلها للطاقة... والميزة التطورية
لبعض هذه الجزيئات :
أثبت العالم كالفن بأننا أمام فكرة معينة للتنشيط الذاتي،
حيث التنشيط الذاتي هو مفهوم حيوي بيولوجي هام جداً لعملية التكاثر، كما نعلم بأن التشيط
الذاتي هي عملية تبدأ ببطء شديد وتنتهي بانفجار فجائي أي تفاعل كيميائي يمكنه أن يسرّع
بالتماس أو المنشطات عن طريق استخدام وسائط أو مواد من الوسط المحيط.
يتم التفاعل وتتشكل الجزيئات الأعقد ولكن هناك تفاعلات
كيميائية تنشط من ذاتها وتنتج جزيئات أعقد من الأصل وتكون قادرة على أن تبقى وتتجزأ
من جديد أو تتعقد.
بحسب رأي العلماء بأن المركبات التي كان عليها أن تبقى
وتستمر على الأرض الأولية لا بد لها من أن تتعقد في البنية وتشكل جزيئات ضخمة أكبر
من الأصل والتي تكون مشتملة على ارتباطات لجزيئات معقدة بعضها مع بعض، أي عليها أن
تشكل جملة مقترنة مترافقة، وهي تلك الجزيئات الضخمة التي تكون قادرة على أن تستمر بتعقيد
بنيتها وارتباطها مع بعضها البعض في مناطق مختلفة من هذه الجزيئات، وهذه الجمل تكون
قادرة على نقل الطاقة من مسافة إلى أخرى دون أن تتبدل بنيتها، وعن طريق هذه الجمل أيضاً
يتم تفاعل مجموعتين وظيفيتين متباعدتين في المكان.
أثبت العلماء بأنه كانت تتعقد بنية المادة سابقة الحياة
دون انقطاع، وهذا الذي جعلها تبقى وتستمر وتستقر مع مرور الزمن، وبسبب استمرارية تعقيد
البنية ظهر للجزيئات صفات جديدة لم تكن موجودة سابقاً، ومن هذه الصفات:
1.
إن الارتباطات بين الجزيئات
تدفع البروتينات على أن تلتف بشكل سلسلة أو نابض أو حلزون ، أو أن تشكل كرية، وهذه
السلسلة عبارة عن بنية ثابتة معقدة قادرة على الاستمرارية وخاصة قادرة على الارتباطات
بين الجزيئات.
2.
إذا كان الجزيء المعقد
قادر على أن ينشط تركيب جزيء آخر مماثل له في الشكل والبنية فإن أعداد الأفراد من نفس
النوع تزداد بسرعة تفوق تخربه، وتتفوق على مجموعات أخرى من الجزيئات.
3.
إن الاقتران أو الترافق
بين الجزيئات يؤدي إلى استقرارها ويجعلها أشد متانة وأكثر قابلية للتفاعل.
إذا الجزيئات الضخمة المقترنة المترافقة –والحاملة
للخواص السابقة- تفرض نفسها بالاصطفاء الذاتي مما يجعلها قابلة للاستقرار والتزايد
وذات قيمة تطورية أكبر.
كيف اجتيز الحد بين العاطل وبين الحي ؟؟؟ كيف يمكن أن نقبل أن
هذه المواد (ولو مقترنة مترافقة) ستأتي بالحياة من اللا حياة ؟؟؟
في المرحلة الأساسية للتطور سابق الحياة كان على هذه
الجزيئات أن تتكامل وتتناسق ضمن قطيرات صغيرة من مادة عضوية وجزيئات كيميائية أساسية
موجودة في الوسط الأولي، كما أنه على هذه الجزيئات أن تستمر بالتفاعل مع مواد كيميائية
وأن تلتحم بعضها مع بعض وتنتج مثيلاً لها بالشكل والبنية .
العالم أوبارين هو الذي درس الحد بين المواد العاطلة
عن الحياة والمواد الحية، حيث فصل بين الجزيئات اللاحية والخلايا الحية عن طريق بندين:
1.
كل كائن حي مهما كان
بسيط البنية فهو فرد مستقل ذاتياً عن الوسط الخارجي بحيث يفصله عنه غشاء أو جلد.
2.
التفاعلات الكيميائية
التي كانت تتم ضمن الحساء الأولي كانت فوضوية غير منتظمة، على عكس الحياة التي تمثل
تتابعات متناسقة متوافقة ومتدرجة من التفاعلات المنظمة بالزمان والمكان.
بحسب أوبارين : إن الحصول على متعدد نكليوتيدات وجمل
مقترنة مترافقة بوجود الحساء الأولي بيّنت أن الصفات التي تخص الحياة ظهرت على الأرض
الأولية بالتدريج بدءاً من جمل دقيقة مفصولة عن العالم الخارجي بغشاء يحميها، وفي نفس
الوقت خضعت هذه الجزيئات للاصطفاء الذاتي وحافظت خلال ملايين السنين على القدرة التفاعلية
وانتاج المثيل والحفاظ على الذات بالذات، حيث تم اصطفاؤها عن بقية الجزيئات التي تخربت
وأُزيلت.
كيف تم تشكيل طلائع الخلايا الحية (البدائية) ؟؟؟
في المرحلة الأولى: إن المواد الموجودة ضمن الحساء
الأولي تشتمل على جزيئات، بعضها قادر على أن يكبر ويتضخم وينتج تجمعات لجزيئات متماثلة
قادرة على التفاعل بسرعة كبيرة و ذلك بتأثير منبع طاقي وبوجود عوامل معدنية بالتماس،
وتتراكم هذه الجزيئات بعد أن تتضخم مع مرور الزمن وتنتج جزيئات ضخمة أكبر بألف مرة
من الجزيئات الأساسية، هذا يعني أنه في المرحلة الأخيرة للتطور سابق الحياة كانت تتشكل
القطيرات الدقيقة أو أكوام فوكس (بحسب فوكس) ، وإن هذه الجزيئات عليها أن تتكون لتشكل
كتلة متجمعة لجزيئات ضخمة كانت مبعثرة ضمن المادة، ثم تتكتل لتشكل جزيئات عملاقة انجرفت
مع الأمطار وتجمعت في البحار.
بالنتيجة (وبحسب فوكس): في مرحلة معينة من حياة الأرض
الأولية تراكمت كميات ضخمة جداً من الأكوام الضخمة بحيث شكلت تجمعات لكرات جوفاء متماثلة
ناتجة عن تجمع كريات من البروتينات التي تماثل في قدّها وشكلها قدّ وشكل الجرثوم.
وأطلق العالم فوكس على هذه المجموعات اسم كرات فوكس
(القطيرات الدقيقة).
استطاع العديد من العلماء أن يحصلوا على تجمعات لكريات
بروتينية مخبرياً، ولوحظ بأن هذه البنى شبيهة ببنية الخلايا الحية وتحمل صفات تشبه
صفات الخلايا الحية، ومن صفاتها:
1.
القطيرات الدقيقة هي
فرديات متميزةعن الوسط الذي يحيط بها إذ أن لكل منها وحدة فردية تميزها شكلاً ومضموناً.
2.
مع مرور الزمن تشكلَ
لهذه القطيرات وسط داخلي، فالتفاعلات الكيميائية المنتشرة في المحيط المائي أصبحت تحدث
داخل القطيرة والوسط الخارجي.
3.
ضمن هذه القطيرات تحدث
مبادلات اصطفائية عبر غشائها البدائي من وإلى القطيرة.
4.
لكل قطيرة بنية كيميائية
داخلية خاصة بها.
5.
مع مرور الزمن سيكون
لكل قطيرة مصير مختلف عن مصير القطيرات التي تقع معها في نفس المحيط، فبعضها يبقى ويستمر
ويزداد عدداً وبعضها الآخر يتخرّب ويزول.
النتيجة: بيّن العلماء بانه بدءاً من مواد كيميائية
على الأرض الأولية حصلنا على القطيرات الدهنية التي تشكل نقطة الانتقال إلى الكائنات
الحية.
ماهي المراحل المتتابعة في تحول القطيرات الدقيقة إلى
متعضيات بدائية :
من خلال نظرية أوبارين تبين أن تحول القطيرات البدائية
من مواد لا حياة فيها إلى متعضيات حية تم من خلال خمسة مراحل مع العلم بأن هذه المراحل
مازالت فرضيات ولكن الكل أجمع على أنها تمت على الأرض البدائية، والمراحل هي:
1.
الاصطفاء الأولي: أي
أن القطيرات ذات البنية الأشد ثباتاً استطاعت أن تبقى مع تفاعل
مستمر مع الوسط، وبالمقابل كانت هناك قطيرات هشّة البنية
وسريعة العطب اختفت وتركت مكانها لقطيرات استمسكت عبر الزمن بمتانة غشائها وثبات تركيبها
الكيميائي وحصولها الدائم على التنشيط الذاتي للذات بالذات.
2.
تتغذى القطيرات الدقيقة
على مركبات تستمدها من الوسط المحيط، حيث كانت تحصل على
الغذاء الأساسي ضمن وجودها في الحساء الساخن الأولي
الغني بالجزيئات العضوية، بحيث كانت تتراكم وتأخذ من هذه المنتجات ما يسهم في حدوث
تفاعلاتها، وبعض هذه الجزيئات الموجودة في الحساء الأولي هي الماء وسكر العنب وكان
من السهل عليها أن تمر عبر غشاء القطيرة لتتفاعل معها وتمدها بالغذاء ،وبالمقابل كانت
توجد أنواع أخرى من الجزيئات ضمن الحساء غير قادرة على دخول القطيرة.
بدءاً من هذه المرحلة أتت مرحلة التفاعل مع الوسط المحيط
والتبادل الكيميائي كلانتشار والحلول، وهذه التفاعلات تخص حكماً الكائنات الحية.
3.
تحول القطيرات الدقيقة
إلى جمل مفتوحة، حيث كان يدخل إلى هذه القطيرات مواد كيميائية
وبالمقابل كانت تحدث تفاعلات ضمن القطيرات تعطي منتجات
لا يمكن لها أن تبقى داخل القطيرات فكانت تُطرح إلى الوسط الخارجي، وبعض هذه التفاعلات
سيحرر جزءاً من الطاقة، وبدءاً من هذه المرحلة تشكل الاستقلاب البدئي الجزئي الناقص
، أي أننا أمام تفاعلات مستمرة لتبادل المادة والطاقة بين القطيرات والوسط المحيط.
حصل ضمن القطيرات استقلاب فأنتجت مواد تطرح إلى الوسط
الخارجي مع جزء من الطاقة، أي هناك تيار مستمر من وإلى القطيرة، وفقط القطيرات ذات
البنية المستقرة والقادرة على القيام بعمليات استقلابية وتبادل المواد مع الوسط هي
التي تستمر، أي أننا أمام جملة مفتوحة أعطت مع مرور الزمن صفة تطورية لما يسمى حياة.
4.
نمو القطيرات الدقيقة
وانقسامها: كانت القطيرات الدقيقة تنمو وتنقسم لتعطي مثيل لها، حيث
ضمن هذه القطيرات كانت تتراكم مواد كيميائية تؤدي بالنتيجة
إلى تضخم بنية القطيرة، بالمقابل ضمن القطيرات- التي هي تجمع لجزيئات- كانت تتفتت وتتخرب
مجموعة من المواد نتيجة عوامل داخلية فتتحول القطيرات من كبيرة إلى صغيرة، وبالنتيجة
نحصل على قطيرات جديدة لا تشبه القطيرة الأم لا في البنية ولا في الشكل.
في مرحلة معينة قد تكون القطيرات الدقيقة ضمن الوسط
الذي تعيش فيه قادرة على الحصول على الطاقة والمواد اللازمة للنمو والاستقرار، وفي
مرحلة أخرى يمكن أن يفقد الوسط المحيط المواد المغذية والطاقة اللازمة وبالتالي هناك
مجموعة من القطيرات عليها أن تفنى وتموت.
5.
التنافس المطاوع غير
الفاعل بين القطيرات الدقيقة: أي أن البقاء للأشد بنية والأكثر قابلية
على الاستقرار والتفاعل والقدرة على الحفاظ على الذات
بالذات، وتبعاً لما يحويه الوسط من مصادر للطاقة ومواد، ونظراً لامكانية افتقار الوسط
للمواد المغذية وتقليل نسبة الطاقة، فإن القطيرات الدقيقة التي ستبقى لتنمو وتنقسم
هي القطيرات المتلائمة مع الوسط الذي فقد الكثير من مواده المغذية، ويكون البقاء لمن
استطاع الاستمرار ومحاكاة الوسط المحيط، وبدءاً من هذه المرحلة نحن أمام قدرة تنافسية
أي بقاء للبنية الأكثر محاكاة للوسط، أما جميع الجمل الهشة البنية تختفي وتكون غير
قابلة للنمو.
إرسال تعليق