تعد السياحة واحدة من أكبر الصناعات نموًا في العالم، فقد أصبحت اليوم من أهم القطاعات في التجارة الدولية، باعتبارها قطاعًا إنتاجيًا يكتسي أهميةً كبيرةً في زيادة الدخل الوطني، وتحسين ميزان المدفوعات، ومصدرًا للعملات الصعبة، وإتاحة فرص التشغيل للأيادي العاملة، وهدفًا لتحقيق برامج التنمية الاقتصادية، إذ بلغت عائداتها مئات المليارات من الدولارات، وعدد السائحين مئات الملايين، بالإضافة إلى ذلك فهي تهم أطرافًا كثيرةً بما فيها مؤسسات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، واتساع نطاق القطاعات والخدمات المعنية بها، وكذا ضخامة البنية الأساسية المطلوبة لدعمها (النقل، المصريف، المؤسسات المالية، مؤسسات الدعاية والتشجيع و الترويج...الخ).

وتطمح الجزائر إلى دخول سوق السياحة وجعلها واحدة من الأولويات القومية، وتحويل الجزائر إلى أحد مراكز الجذب السياحي من الدرجة الأولى، وذلك من خلال تطبيق استراتيجية حكيمة وطموحة وفعالة، ترتكز من جهة على التجارب الناجحة في البلدان المطلة على حوض البحر المتوسط وفي البلدان الأخرى، وترتكز من جهة أخرى على الترتيبات الوجيهة الواردة في ميثاق السياحة المستدامة الصادر سنة 1995 م، والذي يقضي بأنه ينبغي أن تكون السياحة المستدامة على المدى الطويل، غير مؤثرة في المجال البيئي وذات ديمومة من الناحية الاقتصادية.

وعلى الرغم من الأهمية المتزايدة للقطاع السياحي في العديد من دول العالم، إلا أنّ الواقع السياحي في الجزائر لا يبعث على التفاؤل، إذ لم يرق هذا القطاع إلى المستوى المطلوب الذي يكفل الوصول إلى الأهداف المرجوة منه، وبقيت إنجازاته جدٌّ محدودة، إذا ما قورنت ببلدان العالم بصفة عامة والبلدان المجاورة والشقيقة بصفة خاصة، فحجم الاستثمارات التي خصصت لهذا القطاع، تعتبر ضعيفة مقارنةً بكبر مساحة الجزائر. كما أن المجهودات التي بذلت في السبعينات لم تشهد استمرارية، وأن ظاهرة اللاأمن التي عرفتها الجزائر خلال العشرية الماضية، زادت من عزلة الجزائر على المستوى الدولي، وبالتالي القضاء على الآمال التي كانت قائمة لإعادة بناء قطاع السياحة.

      وعليه، تحاول هذه الدراسة تحليل الإشكالية التالية:

- كيف يمكن النهوض بالقطاع السياحي في الجزائر في آفاق 2025 ؟

وتتمثل أهمية هذه الدراسة في تسليط الضوء على موضوع في غاية الأهمية، ألا وهو واقع قطاع السياحة في الجزائر، بينما تهدف الدراسة إلى تحليل الواقع السياحي في الجزائر من خلال عرض مسيرة هذا القطاع منذ الاستقلال إلى غاية يومنا هذا، و بالتالي المراحل التي مر بها هذا القطاع، ثم تسليط الضوء على المرحلة الحالية للسياحة في الجزائر، خاصةً في ظل الالتفاتة الأخيرة لهذا القطاع من قبل الدولة للنهوض به في آفاق 2025.

Post a Comment

Previous Post Next Post