تطوير العمل وإعادة تصميمه

     ومنالأغراض الرئيسية لدراسة الوظائف وتحليلها إضافة لما تقدم هو إتاحة الفرصة للخبراءوالاختصاصيين وبالتعاون مع المهنيين وشاغلي الوظائف أنفسهم بإعادة تصميم وبناءمحتوى الوظيفة العامة لتكون متجاوبة مع طموحات وقدرات العاملين أنفسهم. فدورالمحللين للوظائف العامة هنا يشبه لحد كبير دور المهندسين المعماريين والمدنيينالذين يهندسون خرائط المساكن والمنازل مراعين احتياجات الأسر وأذواقها وطرق معيشتهاالمجتمعية والحضارية. فالوظيفة هنا كالمسكن الذي يخلد فيه الموظف ساعات طويلة منعمره وشبابه ومن ساعات يقظته ونشاطه. ومن الطبيعي أن تسهم الوظيفة المصممة لمطابقةالاحتياجات والقدرات الشخصية لشاغلها في تحقيق الاستقرار والارتياح وتوفر الأمنالوظيفي وتحفز على الإبداع والابتكار وتقوية الولاء والانتماء للمنظمة التي وفرت لههذا العيش المريح نفسياً ومادياً. ومن خلال هذه الخطوة والمرحلة التطويرية يترجمشعار المكان المناسب للفرد المناسب.

     فمعلومأن الفكر الإداري المعاصر يسعى ويحرص على الفلسفة السلوكية الداعية إلى تطويعالوظائف وإعادة تشكيلها وبنائها وجعلها ملائمة لمن يشغلها Fitting the jobs to people كبديل للمقولة التقليدية الداعية إلى تطويع البشر وحشرهم أو الضغط عليهمليوائموا أنفسهم ويكيفوها مع الوظائف التي يكلفون بها حتى لو كانوا غير راغبين فيهاأو غير مؤهلين للنهوض بمهامها، على أساس أنهم موظفون ويتقاضون أجراً مقابل وقتهموجهدهم, ومن ثم عليهم أن يراعوا ظروف المنظمة ويطبقوا قرارات نقلهم المكانيوالزماني، لأن مصالح المنظمات والمجتمعات مقدمة على مصالح الأفراد والجماعات. غيرأن الثمن الباهظ الذي نجم عن تطبيقات الفكر التقليدي هذا وعن مقولته آنفة الذكرتمثل في ترك نسبة من العاملين لأعمالهم، وفي ضعف الولاء والانتماء وضعف معدلاتالأداء للبعض الآخر. ناهيك عن الملل والسأم والكآبة التي يعاني منها من يصمدمكرهاً في وظيفة لا يحس بملاءمتها مع شخصيته ومزاجه وتأهيله وقدراته. أما كيف يسهمدارسو الوظائف العامة ومحللوها ومهندسوها في تحقيق منطلقات الفكر السلوكي المعاصربمواءمة الوظائف مع خصائص العاملين ومع ميولهم فإن ذلك يتحقق بإحدى الوسيلتين (Rabin,etal,1997,p.325):

Post a Comment

أحدث أقدم