ضعف الحكامة والأزمة المالية العالمية
تسببت الأزمة المالية المنتشرة
منذ شتنبر 2008 جراء المضاربة على رأس المال، وتأثيراتها على التدفقات المالية
العالمية، في إضعاف النظام الإنتاجي بشدة في كافة أنحاء المعمور. وتعود دوافعها
المتعددة إلى طريقة اشتغال الرأسمالية الليبرالية الجديدة التي تعطل مختلف آليات
الضبط والمراقبة داخل
مكونات المجتمع وتفرض منطق "اقتصاد الكازينو" مكان
قواعد اليقظة وتنتشر في ظل العثامة غالبا، وسط شبكات استسباق الخبر. كما كشفت
هذه الأزمة عن تصرف مذنب لوكالات التقييم، وعن اعتماد محاسبات مغشوشة، وتلاعب
بالمعلومة المالية، ونتائج مصطنعة لتضخيم "الرجوع على الاستثمارات"،
علاوة على التحالفات غير المشروعة للتلاعب بسعر القيم وإصدارها، حيث تشكل قضية
"مادوف" مثالا نموذجيا لكيفية اشتغال المحيط المالي العالمي.
وهكذا أصبحت تجليات النظام المالي الدولي تشمل الممارسات
المالية غير الشفافة، وجرائم استسباق الخبر، وتعطيل نشاط السلطات النقدية،
وإقرار مناطق معفية من الضريبة، وأخرى لا تحترم القانون. غير أن جميع الفاعلين
يعترفون اليوم بصعوبة الخروج من أزمة من هذا الحجم اعتمادا فقط على السيولة، أي عن
طريق ضخ المال العام
كوسيلة لخلق نوع من التضامن بشأن الخسائر التي أصابت التداول
النقدي بين الخواص. ليطرح بذلك موضوع إعادة ضبط كل ما يتصل بالنظام المالي
العالمي، وهو ما يتطلب شفافية أكبر، ومراقبة أكثر فعالية، كما تلح على ذلك
حركة الشفافية العالمية وتدعو إلى فتح النقاش حوله.
Post a Comment