عملية الإنماء :
        يمكن وصف عملية الإنماء بانها نوع من التعلم العرضي Incidental Learning الذي ينتج عن تراكم التعرض للتليفزيون، حيث يتعرف مشاهد التليفزيون – بدون وعي – على حقائق الواقع الاجتماعي والخصائص السكانية، وتكوّن هذه الحقائق بصفة تدريجية أساساً للصور الذهنية، والقيم التي يكتسبها المشاهد عن العالم الحقيقي. (Gerbner, & .Real world Gross,1976:179)
        ويرى ((هاوكنز )) و (( بنجري )) أن عملية الإنماء تتضمن عنصرين أساسيين هما : التعلم غير المقصود ( العرضي )، ومهارات الاستدلال المعرفي Congnitive Inference . حيث يؤدي اهتمام المشاهد بما يراه على الشاشة إلى تعلم حقائق وقيم التليفزيون، بحيث تصبح برامج التليفزيون مصدراً لمعلومات المشاهد عن الواقع الاجتماعي. وقد تم إجراء اختبارات مكثفة لتدعيم هذه الفرضية، ولكنها لاقت تأييداً محدوداً، حيث إن مكتسبات المشاهد من حقائق التليفزيون لم ترتبط بشكل قوي بخصائص الواقع الاجتماعي. (Signorielli, & Morgan, 1990: 52)
        ووجد (( ويفر )) و (( واكشلاج )) أن الناس يفسرون معلومات التليفزيون بفعالية، وينسبون هذه المعلومات إلى خبراتهم الشخصية كأساس لمعتقداتهم عن الواقع الاجتماعي. ( Weaver, & Wakshlag, 1986: 141-158 )
        ويرى بعض الباحثين مثل: (( تامبوريني وزملاؤه )) أن الإنماء يحدث نتيجة عملية امتصاص المعرفة Cognitive Priming Process، ويتيح التعرض للتليفزيون - وفق هذه النظرية – معلومات بارزة Salient Information عن الحقائق والقيم والصور الذهنية، ويؤدي كثرة التعرض لتلك المعلومات إلى سهولة استرجاعها من الذاكرة، وذلك على أساس أن الناس يبنون أحكامهم وفقاً للمعلومات المتاحة، ويوفر الكحتوى التليفزيوني العديد من المعلومات عن الواقع الاجتماعي. ( Tamborini, et al., 1984: 492-513 )
        ولعل الدليل القوي على صحة هذه النظرية لم يأت من البحوث التي أجراها المنظرون لها، وإنما من بحوث مستقلة عن أثر الإعادة أو التكرار على الاتجاهات والمعتقدات، فقد أشار عدد من البحوث إلى أن التكرار البسيط لأي (( مثير )) – حتى وإن كان بلا معنى – يؤدي إلى قبول وتأييد معظم الناس لهذا المثير. وهذا الدليل على أثر التكرار هو أحد الأسباب التي تجعل بعض الباحثين يشعرون بالقلق من عرض الأفلام السادية والماسوشية التي تكتسب شعبية كبيرة لدى الشباب، حيث إن مثل هذه العروض قد تدفع الشباب إلى تقليدها في الواقع، ويؤدي التعرض المكثف لمثل هذه الأفلام والبرامج إلى جعل الناس أكثر قبولاً للسلوك المعروض، وأقل امتعاضاً من هؤلاء الذين يقترفون الأفعال المشينة. ( Becker, 1987: 462-463 )

Post a Comment

Previous Post Next Post