نظرية التنمية الثقافية
 : Cultivation Theory
        ظهرت نظرية الإنماء الثقافي في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عقد السبعينات كمنظور جديد لدراسة أثر وسائل الإعلام، وتذهب هذه النظرية إلى القول : (( بأن مداومة التعرض للتليفزيون – ولفترات طويلة و منتظمة – تنمي لدى المشاهد اعتقاداً بأن العالم الذي يراه على شاشة التليفزيون، إن هو إلا صورة من العالم الواقعي الذي يحياه )). (Becker, 1987:462)
        وترتبط هذه النظرية بالجهود التي طورها الباحث الأمريكي (( جورج جربنر )) Gerbner من خلال مشروعه الخاص بالمؤشرات الثقافية  Cultural Indicators . ويهدف هذا المشروع إلى إقامة الدليل الإمبيريقي على تأثير وسائل الإعلام على البيئة الثقافية، واهتمت بحوث المؤشرات الثقافية بثلاث قضايا متداخلة هي :
1- دراسة الهياكل والضغوط والعمليات التي تؤثر على إنتاج الرسائل الإعلامية.
2- دراسة الرسائل والقيم والصور الذهنية التي تعكسها وسائل الإعلام.
3- دراسة الإسهام المستقل للرسائل الجماهيرية على إدراك الجمهور للواقع الاجتماعي.
        وتهدف بحوث تحليل الإنماء Cultivation Analysis إلى الإجابة على السؤال الثالث من هذه المنظومية البحثية، حيث تفترض نظرية الإنماء أن الأشخاص الذين يشاهدون كميات ضخمة من البرامج التليفزيونية ( ويشار إليهم عاد بكثيفي المشاهدة Heavy Viewers ) يختلفون في إدراكهم للواقع الاجتماعي عن أولئك الذين يشاهدون كميات قليلة من برامج التليفزيون أو لا يشاهدون ( ويشار إليهم عادة بقليلي المشاهدة Light Viewers )، ذلك أن كثيفي المشاهدة سيكون لديهم قدرة أكبر على إدراك الواقع المعاش بطريقة متسقة مع الصور الذهنية التي ينقلها عالم التليفزيون . (Signorielli, & Morgan, 1990: 9 )

        ويرى واضعوا النظرية أن وسائل الإتصال الجماهيرية تحدث آثاراً قوية على إدراك الناس للعالم الخارجي، وخاصة هؤلاء الذين يتعرضون لتلك الوسائل لفترات طويلة ومنتظمة، وبالتالي فإن الصور الذهنية التي تسود لدى جماعة ما، تكون ناتجة عن تكرار تعرض أفراد هذه الجماعة لأنواع خاصة من الرسائل الجماهيرية. ويؤكد هؤلاء الباحثون على قوة التليفزيون بصفة خاصة، باعتباره وسيلة لتنمية الصور الذهنية Cultivate these Images لكي تلعب دوراً مهمِّا في حياة معظم الناس، كما ينظرون إلى التليفزيون باعتباره (( منمي محتمل )) Potent Cultivator، لأن الرسائل التي يعكسها تتسم بالتكامل والاتساق Consistent، حيث يقوم التليفزيون بتكرار نفس الصور الذهنية – تقريباً – عن الشخصيات والأحداث والقضايا، وبالتالي تساعد المشاهدة المكثفة على تنمية هذه الصور الذهنية المتسقة، والتي تجعل المشاهد يعتقد أن مايراه على الشاشة، إن هو إلا صورة مطابقة للعالم الحقيقي. (Backer, 1987: 462)

Post a Comment

Previous Post Next Post