الإيقاع
والتنغيم وأسراره النفسية
ويتحقق
الإيقاع والتنغيم في تلاوة الكتاب الكريم عندما يستوفي القارئ قواعد التلاوة وأصول
الأداء السليم بما فيه من غنة وإخفاء وإدغام وإقلاب، وما فيه من المد بأنواعه،
المد الطبيعي والمد المنفصل والمتصل والمد اللازم والمد العارض للسكون وما في
التلاوة الصحيحة من آداب الوقف على رؤوس الآيات، وأنواع الوقف الحسن والجائز
والوقف اللازم، والوقف والابتداء من آداب التلاوة التي يتحقق بها حسن الأداء .
هذا
الأداء القرآني بأحكامه الصحيحة هو ما يحقق التنغيم والإيقاع المتعارف عليه وهو الذي
يعطي للقراءة جمال النغم وانسجام الإيقاع، ولابد أن تكون القراءة بقواعدها المتواترة
الصحيحة وهذا هو الفارق الكبير بين الأداء القرآني وبين لحون البشر ومن الغريب
الذي تلاحظه أن الأداء القرآني السليم يحسّن صوت القارئ إذا لم يكن جميل الصوت
وتصل القراءة الصحيحة السليمة إلى الأسماع حسنة مقبولة تؤدي فائدتها دون تفاوت،
وهذا يظهر بصورة أوضح في قراءة الإمام في الصلاة لأن المصلي يستقبل كلام ربه
استقبال عبادة أما في غير الصلاة فيستقبله استقبال طرب، والإيقاع والتنغيم الذي
يستقبله المستمع لكتاب الله تناوله الأستاذ الدكتور سويدان فىكتابه " الصلاة صحة ووقاية وعلاج " نقلاً عن مفاهيم
اليوجا فقال إن الهنود توارثوا فائدة الإيقاع والتنغيم من العبادات القديمة قبل
عصر العلم، وفي عبادة اليوجا بالذات أثناء ترديد المانترات التي تمجد الشمس ولما
انقرضت العبادة جعلوه في رياضة اليوجا في كلمات هرووووم م هر ي ي ي ي م م تقال بالمد
والتنغيم ثم جعلوه بعد ذلك في غنائهم، ولعل هذا ما يتميز به الغناء الهندي إلى اليوم من التنغيم مع رعشة
الصوت وتردده وإطالة المد .
هذا
الأداء يصل عن طريق النطق والكلام، لأن الهواء الذي يخرج مع الزفير يمر على الحنجرة
فيحدث ذبذبة في أحبال الصوت ،هذه الذبذبة تتردد في الهواء بموجات صوتية وتصل إلى
الأذن وإلى عظام الجمجمة وإلى الجهاز العصبي ومنها إلى خلايا الجسم كلها فتثير
النشوة في الخلايا والنشاط في الأعضاء والسعادة في الحس والوجدان، وهذا الذي قال
به الهنود هو ما يتحقق بتلاوة القرن الكريم بأدائه المتميز الذي يكتمل باستيفاء
الغنة في الميم والنون المشددتين ويتحقق كذلك في الإخفاء والإقلاب والإدغام ورحم
الله شيخنا فضيلة الشيخ عامر عثمان عندما كان يصحح للقارئ ولا يسمح له أن يتجاوز
في مخارج الغنة خصوصاً في الإقلاب والإخفاء الشفهي فلا بد أن تخرج من أعلى الأنف
" الخيشوم " وليس من الأنف، وهذا يحقق انتشارها .
ويمكن
للقارئ أن يحقق هذا بنفسه، فالغنة الصحيحة لها أثرها في الانتشار وتصل إلى الأذن إلي
عظام الرأس والى الجهاز العصبي وإلى خلايا الجسم كلها ويستمع المصلي للإمام الذي
يجيد القراءة فلا يمل الاستماع ولا يحس بالإجهاد أو التعب .
Post a Comment