اطمئنان
النفس بتلاوة القرآن
واطمئنان
النفس بتلاوة القرآن الكريم قضية محسومة مؤكدة حسمها قول الحق سبحانه من سورة الرعد:
(الذين
أمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)(الرعد : 28)
هذا
جوهر القرآن
،
وهذه أسرار ه واضحة صريحة.
والقرآن
كلام الله سبحانه وهو صفة من صفاته، وكل صفات الله تصل إلى الكمال وتنتهي بمقاصدها
إلى مطلق الحكمة وكمال الإحاطة والعلم، فإذا انتهى جوهر التلاوة إلى الاطمئنان فإن
مظهر التلاوة وطريقة الأداء والالتزام بآداب القراءة المتواتر يصل إلى اطمئنان النفس
كما يصل إليه جوهر التلاوة لا يختلف ولا ينحرف، فتنتهي بفضل من الله وحكمته إلى
اطمئنان النفس وهدوء المشاعر واستقرار العاطفة وسعادة الوجدان .
هذه
حقيقة ما ينتهي إليه مظهر التلاوة، وطريقة الأداء بأحكامها الصحيحة، وقراءة القرآن
لا تصح إلا ترتيلاً، ولا يجوز لأي قارئ أن يقرأ كلام الله من المصحف كما يقرأ صحيفة
عادية، بل هو صحف مكرمة مرفوعة مطهرة لها طريقة أداء وآداب تلاوة، ولابد للقارئ
الذي يريد أن يقرأ كلام الله أن يشافه بقراءته عالماً صحيح القراءة ممن تلقوا
القراءة بسندها المتواتر عن شيخه ويتواصل سندها حتى يصل إلى نافع شيخ القراء، ثم
تستمر متصلة السند حتى تنتهي إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله
عليهم جميعاً أمثال زيد بن ثابت وأبيّ بن كعب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل
وسالم مولى أبي حذيفة وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وينتهي السند إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم الذي تلقاها عن جبريل عليه السلام عن رب العزة سبحانه.
ولهذا
فليست التلاوة قراءة عادية ولكنها قراءة لها قواعد وضوابط وآداب متبعة وأول ما يبدأ به المتلقي لكتاب الله
أن يتعلم من شيخه مخارج الحروف بالمشافهة وأن ينطق الحرف من مخرجه الطبيعي حتى
تكون القراءة خالية من عيوب النطق أو عيوب الكلام، ثم تأتي القراءة بنظامها المتميز
بما فيه من غنة وإخفاء وإظهار وإدغام وإقلاب وإشمام وروم وبما تحمله من نظام المد
المنفصل والمتصل و ا لمد العارض للسكون، وحركة المد مقننة لها وقت مضبوط لا تزيد
ولا تنقص عنه، وهو بمقدار قبض أو بسط الأصبع ثم هناك آداب الوقف والابتداء وهي من
أهم ما يجب أن يتعلمه القارئ تأدباً مع كلام الله وحفظاً لحقه ومعناه .
ومن
الأمثلة الواضحة لذلك من كلام الحق سبحانه عن لسان الشيطان :
(ما
أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمونِ من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم)(إبراهيم
: 22)
فلا
يصح الوقف على كلمة إني كفرت ولا حتى الابتداء بها، وهذه مجرد إشارة لما يقع من أخطاء
شائعة لا ينتبه إليها القارئ المبتدئ
.
والوقف
له آدابه المتبعة، ومع أن الوقف ليس توقيفاً إلا على رؤوس الآيات إلا أن المصحف قد
حدده، ونظمه باجتهاد علماء الأداء والفقهاء والمفسرين ولهذا كان الالتزام بها اضمن
لسلامة القراءة .
هذا
هو مظهر التلاوة وطريقة الأداء التي يجب أن يلتزم به القارئ وكان رسول الله صلى الله
عليه وسلم هو خير من التزم بأصح الأداء فقد تلقاه صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن
رب العزة سبحانه ولهذا كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس قراءة وأنداهم صوتا،
وكان يقطع قراءته فلم تكن قراءته هذرمة ولا عجلة ولكنها كانت مفسرة حرفاً حرفاً
يقف عند رأس كل آية ويتنفس عندها .
هذا
الأداء القرآني المتميز ليس فيه مشقة على أي مسلم يريد أ ن، يتعلم تلاوة كتاب الله
فبمجرد العزم والإرادة والنية الصادقة يأتي فضل الله سريعاً لا يبطئ فقد يسر الله قراءته
وكلامه على كل من يريد أن يصل إلى تعلمه ومدارسته يقول سبحانه:
(ولقد
يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)(القمر:32)
أما
من يقرؤون من المصحف أو يستمعون إلى المرتل من أجهزة التسجيل دون أن يجلسوا إلى معلم
أجيزت قراءته فلن يصل هذا بهم إلى تعلم القراءة الصحيحة ولو أنفقوا أعمارهم كاملة
.
فلابد
من التلقي والمشافهة، وهذه هي طريقة التعلم الصحيحة لتلاوة القرآن بأصوله
المتواترة .
المتواترة .
وبهذا
الأداء السليم لقراءة القرآن الكريم يجنى المصلي والقارئ والمستمع ثمرة ما يتحقق من
القراءة، وما يصل إلى نفسه من الاطمئنان وما يتحقق له من استقرار العاطفة وسعادة
الحس والوجدان فكيف يتحقق ذلك ؟
Post a Comment