إميل دور كايم ونظرية
العقل الجمعي:
ومن النظريات ذات
الأثر الكبير في انحراف الفكر الغربي في تأصيل مفهوم الأخلاق.
نظرية العقل عند
دور كايم، ومؤسسها يهودي فرنسي تـخصص في علم الاجتماع (1858-1917م) بل ويعتبر المؤسس
الثاني لهذا العلم بعد أستاذه الفرنسي (أوجيست كونت).
من مؤلفاته: (تقسيم
العمل في المجتمع)، و(قواعد المنهج الاجتماعي)، (الانتحار)، و(الأشكال الأولية للحياة
الدينية)([336]).
أراد هدم الدين والأخلاق،
إذ زعم في فلسفته العقل الجمعي أن العقل المشترك للجماعة الواحدة هو مصدر الدين والأخلاق
والموجه لكل فرد والمكون لأفكار الأفراد ومذاهبهم([337])، وبناء على ذلك يتم تفسير
الظواهر الاجتماعية تفسيراً مادياً لا يعترف بالله مع إنكار الغيب، وأن الإنسان يكون
أسيراً لأحكام العقل الجمعي مسلوب الإرادة والحرية الفردية.
وأن العقل الجمعي
دائم التغيير يُحل اليوم ما كان حرمه بالأمس والعكس كذلك دون ضابط ولا منطق ولا معقول؛
فلا يمكن بمقتضى سلطان العقل الجمعي المتغير تصور ثبات شيء من القيم إطلاقاً، فلا الدين
ولا الأخلاق ولا سائر القيم لها ثبات بل هي متغيرات بسلطان العقل الجمعي – كم يزعم
–.
وتدعي هذه النظريات
المادية وغيرها أن الدعوة إلى الفضائل أمراض اجتماعية وأنها من مزاعم رجال الدين.
ولهذا تنكر المادية
على الديانات جميعها هذه المشاعر الإنسانية التي يعمل الدين على غرسها وتنميتها في
نفوس المتدينين من الرحمة والمودة والإيثار والعطـف والإحسان والتكافل وكل ما يشيع
في كيان الإنسان من عواطف إنسانية نحو أهله وقرابته ومجتمعه والإنسانية كلها بل عالم
الحيوان أيضاً.
من الآثار الهدامة
لهذه النظرية:
1- الترويج للإلحاد ومحاربة الدين وقداسته.
2- سلب الإرادة الفردية والمسئولية الفردية مما
يؤدي إلى تبرير التصرفات والسلوكيات الفردية الخاطئة وتحرير الأفراد من تبعية أفعالهم.
3- بدعواه أن المجتمع هو الذي يخلق الأديان والعقائد
والقيم فيه حط من قيمتها ومن مكانتها وأهميتها فبذلك يدعو إلى الزعم بأن الإلحاد والانحلال
الخلقي أمر حتمي في كل مجتمع وقابل للتغيير من مجتمع إلى آخر.
4- انتقال الآثار الهدامة لهذه النظرية إلى طائفة
من علماء الاجتماع المسلمين في تفسيرهم للظواهر الاجتماعية واعتبار الدين أحد هذه الظواهر
الاجتماعية كما يزعمون، لذا تصبح النصوص الإلهية والثوابت الدينية قابلة للنقد والاعتراض.
نقد النظرية:
والقول بسلب الإرادة
الفردية والمسئولية الفردية، زعم يبطله ما جاءت به الشرائع الإلهية من إقرار حرية الإرادة
الإنسانية ومسئولية الفرد عن أعماله،
ومنهج أهل السنة
منهج الوسط والحق في باب أفعال العباد بين المرجئة الذين سلبوا الإنسان حرية الإرادة
وبين المعتزلة الذي زعموا أن الإنسان خالق لأفعاله.
إرسال تعليق