موقف نيتشه من الأخلاق
يدعي الفيلسوف الألماني
(نيتشه) أن الرحمة والتعاون والحب وكافة الفضائل التي تنادي بها الأديان هي مجموعة
من الدجل والخرافات تستهدف رعاية الغوغاء والدهماء والقطعان – وهؤلاء جميعاً هم فقراء
ومرضى وضعفاء يعوقون التطور الإنساني – في حين أنه يجب أن نخلص لنوعنا البشري بأن نبقى
على الأقوياء في الذهن والجسـم والروح ونعمل على إفناء الآخرين([338]).
وبالملاحظ بأن هذه
النظريات الغربية في مجال الأخلاق وتباينها الظاهري إلا أنها تنطلق جميعها من منطلقات
مادية نفعية، فسواء كانت النفعية المكيافيلية التي تحمل شعار الغاية تبرر الوسيلة كما
أشرنا إليها، أو نفعية (جون ديوي)، أو النظرية الفردية عند (هوبز) ومن سلك مسلكه والذي
ادعى أن الطبيعة الإنسانية طبيعة أنانية تعمل لمصلحة الذات وأن الإنسان كما يزعم اخترع
المبادئ الأخلاقية ليتـخذها وسيلة تحقق منفعته الشخصية، أو المذهب (الأبيقوري) وأن
الأخلاق نفعية لتحقيق مبدأ اللذة أو غيرها من النظريات الغربية التي تنحو كل منها منحى
في تفسير منشأ المبادئ الأخلاقية فإن كل هذه النظريات وغيرها من النظريات الغربية تنطلق
من منطلقات مادية تنكر الأصل الديني للأخلاق وتدعو إلى تحقيق المصالح الشخصية بأي وسيلة
كانت وأن السعادة الحقة – على حد زعمهم – هي التي يشعر بها الإنسان نتيجة الإشباع ودوافعه
الطبيعية وغرائزه الحسية دون التقيد بدين أو خلق قويم.
ومع ما نراه من التزام
الغربيين ببعض القيم في بعض الأحوال كالصدق والأمانة، واحترام الأنظمة، والانضباط في
المواعيد، ومع إقرارنا بوجود مثل هذه القيم عند طائفة منهم حتى أصبح يضرب بهم المثل
في الالتزام بها إلا أنها تبقى في الغالب لتحقيق مصالح ومنافع شخصية أو لدفع مضار قد
تلحق بهم إن لم يلتزموا بمثل هذه الآداب في تعاملاتهم فيما بينهم، وقد يكون الالتزام
الظاهري بمثل هذه الآداب لخوف عقوبة القانون والسلطان البشري، وتنعدم بانعدام ذلك الرقيب
البشري، أو لخشية النقد والاستهجان المجتمعي الذي تربى على احترام مثل تلك الآداب،
ومع ما للتربية من دور في التزامهم بهذه الآداب إلا أنها تبقى ظاهرية وباقية ببقاء
الرقيب البشري وتـختفي وتـختل هذه المعايير عند كثير منهم إذا غاب ذلك الرقيب فليست
أصيلة في نفوسهم تنبع من دافع ديني طاعة لله تعالى ورجاء ثوابه وخوفاً من عقابه كأصول
الأخلاق الإسلامية، والتي تـخلى عنها وللأسف الكثير من المسلمين.
إرسال تعليق