ثقافة المؤسسة :
مقدمة :
 ونعني بها مجموعة القيم والمفاهيم التي يؤمن بها العاملين في المؤسسة وتنتقل من جيل لآخر من العاملين ، ولا تخفى أهمية " ثقافة المؤسسة " في إيجاد الإحساس بالذاتية والهوية للعاملين والانتماء للمؤسسة ، و دعم استقرار المؤسسة باعتبار أن العاملين يكون لديهم نفس المبادئ عن أسلوب التعامل وما هو مقبول وما هو مرفوض. كذلك فإن الثقافة القوية تساعد على التفاعل الخارجي حيث إن جميع العاملين يعرفون أسلوب المؤسسة في تحقيق أهدافها و التعامل مع المتغيرات الخارجية ، و عملية التعرف على ثقافة المؤسسة تتم بعدة طرق لعل من أهمها الشعارات والمبادئ المعلنة بصرف النظر عن مدى التزام الممؤسسة بما تطلقه من شعارات ومبادئ . ولا ينبغي أن يفهم أن ثقافة معينة هي الأنسب لجميع المؤسسات وكل الظروف فقد تتبنى مؤسستان الثقافة نفسها فنراها تنجح في الأولى وتخفق في الثانية تبعا ً لاختلاف الظروف كما ذكرنا آنفا ً [1]. من جانب آخر , لا يمكننا دراسة ثقافة المؤسسة بمعزل عن الوسط المحيط ، إنها ليست مجرد ثقافة تنظيمية منعزلة السياق ، فالمؤسسة لا تتكون من عالم مغلق من شأنه أن يفرز ثقافة كاملة الاستقلال ، بل على العكس , فإن المؤسسة الحديثة شديدة الارتباط بمحيطها ، سواء على الصعيد الاقتصادي , أو على الصعيد الاجتماعي والثقافي . ويشير المؤلف في بداية حديثه عن ثقافة المؤسسة إلى تاريخ ظهور المصطلح في الولايات المتحدة الأمريكية ثم في فرنسا ثم يخلص إلى الحقيقة التي قررناها في " الفكرة الرئيسية للفصل " والتي مفادها أن ثقافة المؤسسة ضمن الظروف التي ذكرها ليست ليست مفهوماً تحليلياً  بل تلاعباً  manipulation  بالمفهوم الإيديولوجي للثقافة هدفه إضفاء الشرعية على تنظيم العمل في كنف المؤسسة . 

مناقشة :
س1/ كيف يمكن النظر إلى علاقة ثقافة المؤسسة بالثقافات الصغرى وثقافات الأفراد النتمين إليها ؟
ج1/ فى كل الثقافات تقريبا هناك مجموعات ثقافية "صغرى" أو "فرعية" قد تكون قائمة على التباين السلالى أو العرقى أو الدينى أو الجغرافى أو الجنسى. هذا بالإضافة إلى أن هناك اختلافات فردية داخل المجموعات الثقافية نفسها مبنية على عدة عوامل مثل: نوع ومستوى التعليم ودرجة التعرض لثقافات أو جماعات ثقافية أخرى . و ثقافة المؤسسة لا توجد خارج  الأفراد المنتمين إليها, ولا يمكن أن تسبقهم في الوجود , إذ أنها تتكون من خلال الأفعال المتبادلة فيما بينهم. في نهاية المطاف , تقع " ثقافة المؤسسة " في تقاطع مختلف الثقافات الصغرى الموجودة في كنفها, وهذه الثقافات الصغرى لا تنسجم بالضرورة مع بعضها بعض , واحتكاكها لا يتم حتماً بلا مصادمات .


 س2/وضع " فيليب بيرنو " تحليلاً لسلوكيات الاستملاك ، فما المراد بالاستملاك ، وما علاقته بالثقافة المؤسسية ؟.
ج2/ قبل الإجابة عن ذلك ، لا بد من إلقاء نظرة على بعض الحالات التي يعيشها العامل في المؤسسة والتي تتمثل في حالة من الاغتراب ، العامل والحالة هذه لا يكون في تبعية وارتباط كاملين بهذا التنظيم ، وهذا الاغتراب الذي يعيشه قد ينجم عن أسباب كثيرة ، فإذا أخذنا المنطق التايلوري[2] للعمل كأحد أسباب هذا الاغتراب فإننا نكون أمام سلوك الاستملاك هذا والذي يظهر كرد فعل على المنطق التايلوري ، أي أن العامل - مثلا -ً يستغل أوقات العمل لمنفعته الخاصة مستعملا ًموارد المؤسسة وآلاتها(ممارسات غير شرعية من قبل العامل !) ، وغالبا ً ما يتم هذا الاستغلال تحت مظلة التواطؤ بين مجموعة من العمال .
س3/ كيف لنا أن نفهم أثر الثقافات الوطنية على ثقافة المؤسسة ؟.
ج3/ هناك مجموعة من الأبحاث التي بينت أثر الثقافات الوطنية على ثقافات المؤسسة . وأوضحت البحوث المقارنة أن المؤسسات الثقافية المتماثلة والقائمة في بلدان مختلفة كانت تعمل وفق أنساق ثقافية متباينة ، كان ذلك حين ظن بعض المبهورين بـ " النموذج الياباني " أنهم اكتشفوا نموذجاً عالمياً جديداً للتنظيم الفعال. لكنهم سرعان ما خففوا من مغالاتهم . إذ لم يكن من السهل نقل النموذج الياباني إلى بلدان أخرى بعد أن تنبهوا إلى إنشاء الشركات والمشاريع اليابانية في الولايات المتحدة وأوروبا , أي تلك التي استلهمت بشكل مباشر المظاهر الأساسية للثقافة اليابانية والمنسجمة مع البنى الاجتماعية لليابان[3] .




[1] ومثاله ، المؤسسات التعليمية الحكومية والمؤسسات التعليمية الأهلية ، فمن الصعب أن نفرض على كلتا المؤسستين الثقافة نفسها باعتبار الفارق الكبير في طبقة المتعلمين هنا وهناك ، ناهيك عن اختلاف استراتيجية كل من هاتين المؤسستين الأمر الذي يجعل من تبني ثقافة واحدة أمرا ً مستحيلا ً .
[2] :نظام يهدف إلى الاستغلال الأقصى لجهد العامل بهدف رفع الإنتاجية ، العمل وفق هذه النظرة يكون عملا ً إجباريا يعمل على إذلال الإنسان وإفقاده كرامته حيث أصبح الفرد يشتغل مقابل شيء تافه (الأجرة) لا تربطه به أية علاقة إنسانية .
[3] تضطر بعض المؤسسات إلى أن تخفي ثقافتها الحقيقية وتساير الثقافة الوطنية في البلد الذي تقيم فيه فروعها حفاظا ً على الإنتاجية لا أكثر ، فمثلا ً مؤسسة" ستار بوكس " الشهيرة ، مؤسسة يهودية صرفة تعترف بمناسبة وبدون مناسبة بولائها لإسرائيل – صاحب المؤسسة يهودي !- وبدعمها للجيش الإسرائيلي ، بل إنها تذهب لما هو أبعد من ذلك في دلالته على الولاء فتضع النجمة السداسية على جانبي شعار المؤسسة ، ولكنها حين تفتتح لها فروعا ً في البلدان الإسلامية ومنها المملكة فإنها تستبدل هذه النجمة السداسية بنجمة عادية لا تثير في المسلمين شيئا ً حفاظا ً على الإنتاجية ، وقد ذكرت في بداية حديثي أن شعار المؤسسة من أولى الدلائل على ثقافتها ، فيحسن التنبه لهذا ! .

Post a Comment

Previous Post Next Post